هل تتدخل واشنطن عسكريا في الحرب المستعرة في غزة وعلى حدود جنوب لبنان ؟ هجوم طوفان الاقصى يزحف للتوسع إلى صراع عالمي..

أربعاء, 2024-06-12 06:02

هل تتدخل الولايات المتحدة عسكريا وبشكل مباشر وعلني في الحرب الدائرة في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وفي المواجهة المرشحة للتوسع بين تل أبيب وحزب الله اللبناني؟. 

سؤال يعاد تكراره بعد أن دخلت حرب غزة شهرها التاسع دون أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من تحقيق أهدافه الرئيسية، وبعد أن شاركت واشنطن بشكل تتضارب الأخبار بشأنه في أول عملية ناجحة لإطلاق سراح أربعة من المحتجزين لدى حماس.

وكذلك بعد أن تحركت الحكومة الأمريكية نحو مجلس الأمن الدولي لتبني مخطط لوقف القتال، حيث أعلنت توزيع مشروع قرار في المجلس يدعم مقترح وقف النار في غزة الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم 31 مايو 2024، وحض حماس على الموافقة عليه.

السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد قالت إن "العديد من القادة والحكومات، بما في ذلك في المنطقة، أيدوا هذه الخطة". 

وعرض بايدن الجمعة ما وصفه بأنه خطة إسرائيلية لإنهاء النزاع الدامي في غزة على ثلاث مراحل، غير أنه ظهرت تفسيرات ومضامين مختلفة بشأنها وحذرت بعض الأوساط من أن الخطة أو المشروع ملغم بالفخاخ.

ولهذا اقترحت روسيا تعديلات على النص الأمريكي -اطلعت عليها رويترز- تتضمن دعوة كل من حماس وإسرائيل لقبول الاقتراح والمطالبة بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار تلتزم به جميع الأطراف.

وتريد موسكو أيضا أن تؤكد المسودة على أن المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار ستظل قائمة طالما استمرت المفاوضات بشأن المرحلة الثانية.

وكانت حماس قد أعلنت يوم 6 يونيو أنها لا تزال تدرس المقترح الأمريكي، وأكدت على لسان رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أن الحركة وفصائل المقاومة ستتعامل بجدية وإيجابية مع أي اتفاق على أساس وقف شامل للعدوان، والانسحاب الكامل، وتبادل الأسرى.

ولم يرد يحيى السنوار، زعيم حركة حماس في قطاع غزة، حتى الآن على الاقتراح الإسرائيلي الأمريكي.

عملية مخيم النصيرات والأخبار عن مشاركة أمريكية فيها زادت من تعقيد الموقف خاصة مع ضغوط أطراف يمينية التوجه في التحالف الغربي بشأن ضرورة تدخل واشنطن عسكريا في الصراع لحسمه ليكون ذلك مؤشرا على عدم تراجع واشنطن أمام خصومها خاصة في ظل التقدم العسكري الروسي المتواصل في الحرب وسط شرق أوروبا وإنتكاسة مخططات الناتو.

يوم الأحد 9 يونيو 2024 أكد مسؤول أمريكي لشبكة CNN إن خلية أمريكية في إسرائيل دعمت جهود إنقاذ 4 رهائن إسرائيليين وعملت مع القوات الإسرائيلية، في إشارة إلى فريق يساعد إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 في جمع المعلومات عن الرهائن.

من جانبه قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إن الولايات المتحدة تساعد إسرائيل في البحث عن الرهائن في قطاع غزة وتحريرهم، لكن لم تشارك قواتها في العملية التي تم تنفيذها السبت 8 يونيو والتي أسفرت كذلك عن مقتل 3 أسرى آخرين من بينهم مواطن أمريكي.

وأكد سوليفان في تصريح لشبكة "سي إن إن"، يوم الأحد، أن "الولايات المتحدة تقدم المساعدة لإسرائيل منذ عدة أشهر في تحديد المواقع التي يحتجز فيها الرهائن في غزة وإطلاق سراحهم"، رافضا الخوض في التفاصيل.

القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" نفت تقارير تحدثت عن استخدام الرصيف البحري في عملية "تحرير" الإسرائيليين الأربعة من مخيم النصيرات، في عملية أسفرت عن مقتل أكثر من 274 فلسطيني.

وفي منشور لها على منصة X، قالت القيادة الأمريكية: "استخدم الإسرائيليون المنطقة الواقعة جنوب المرفق البحري لإعادة الرهائن بأمان إلى إسرائيل". 

يذكر أنه وخلال زيارة الرئيس بايدن لإسرائيل في شهر أكتوبر 2023 نشر فريق الرئيس الأمريكي، على وسائل التواصل الاجتماعي صورة للرئيس وهو يصافح القوات الخاصة الأمريكية المنتشرة في إسرائيل، دون تغطية وجوههم أو غيرها من السمات التعريفية.

وذكر المنشور الذي تم حذفه من على حساب البيت الأبيض بعد ساعة من نشره "بايدن التقى بالقوات الخاصة الأمريكية المنتشرة في إسرائيل لشكرهم على شجاعتهم والعمل الذي يقومون به ردا على هجوم حماس".

وأظهرت الصورة الأصلية وجوه أربعة رجال جميعهم يرتدون الزي العسكري الأمريكي.

وسرعان ما تم التعرف عليهم على أنهم أعضاء في المجموعة القتالية النخبوية (CAG) والمعروفة أيضا باسم "قوة دلتا".

عملية يوم السبت في مخيم النصيرات أطلقت عليها تل ابيب اسم "عملية أرنون"، و"أرنون زامورا" هو قائد القوة التي شاركت في العملية وقتل خلالها.

بحسب شهود عيان فلسطينيين، فإن القوة الإسرائيلية التي شاركت في تخليص الأسرى الأربعة تسللت إلى مخيم النصيرات عبر شاحنة تستخدم في نقل المساعدات الإنسانية، وهذا ما أكدته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن "القوة استخدمت في عملية التسلل إلى مخيم النصيرات، شاحنة نقل مغلقة ومركبة مدنية". وأضافت إن القوة واجهت معركة معقدة، أصيب خلالها قائد المجموعة أرنون زامورا بجروح خطيرة، قبل أن يعلن عن مقتله.

وخلال محاولة الإخلاء، تعطلت المركبة التي كانت تستقلها قوة التدخل مع 3 من المحتجزين جراء إطلاق النار من قوات حماس، فيما أطلق مقاتلو اللواء السابع الإسرائيلي عشرات قذائف الدبابات لتشكيل حزام ناري حول القوة المحاصرة، بحسب القناة 13 الإسرائيلية.

كما انضم مقاتلو الأسطول الثالث عشر ودورية مظلية ومقاتلو اللواء السابع بإنشاء ممر ناري لإنقاذ القوة المحاصرة.

صحيفة هآرتس الإسرائيلية ذكرت إن "تحرير" 4 أسرى إسرائيليين من وسط قطاع غزة كان بمثابة "دفعة إيجابية للإسرائيليين الذين أنهكتهم الحرب" بعد أسابيع طويلة من الأخبار السيئة على إسرائيل بسبب الحرب في غزة٬ إلا أنه بعيد كل البعد عن صورة "النصر الكامل" الذي يتحدث عنه نتنياهو ويروج له٬ ولا ينبئ بأي تغيير استراتيجي في الحرب مع حماس٬ بل قد تدفع هذه العملية التي قتلت فيها القوات الإسرائيلية أكثر من 274 فلسطيني في مخيم النصيرات٬ إلى "تشديد حماس لمطالبها في محادثات وقف إطلاق النار".

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية٬ من غير الواقعي أن نتوقع إمكانية إنقاذ الأسرى 120 المتبقين لدى كتائب القسام.

 

أنفاق غزة صندوقها الأسود.. 

 

يتحدث مزيد من الخبراء العسكريين عن المأزق الذي توجد فيه إسرائيل في حرب غزة وتقلص فرص تحقيقها أي نصر ولو صغير مما يفرض على تل ابيب وداعميها البحث عن مخرج ما.

نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية تقريرا خلال الثلث الأول من شهر يونيو جاء فيه: 

هكذا أعادت حماس اختراع “الحرب السرية” 

عندما هاجمت حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر، جرت إسرائيل إلى واحدة من أسوأ الحروب السرية على الإطلاق. والآن أصبح من الواضح تماما أن حجم مدينة حماس تحت الأرض لم يسبق لها مثيل، والأمر الأكثر أهمية هو أن حماس، من خلال استمرارها في العمليات السرية على مدى أشهر، تسببت في إفشال "النصر الإسرائيلي"، الأمر الذي أدى إلى تكاليف دبلوماسية وسياسية لا يمكن تصورها على طول الطريق بالنسبة لإسرائيل.  

هذا ما قالته دافني باراك، الأستاذة المساعدة في جامعة رايخمان الإسرائيلية، وهي تابعة لمعهد الحرب الحديثة ومعهد ليبر للقانون والحرب البرية في "ويست بوينت" في الولايات المتحدة، في مقال لها بمجلة foreign affairs الأمريكية، والذي تحدثت فيه عن إعادة تعريف حركة حماس للصراعات الحديثة وطبيعة الحروب، من خلال حرب الأنفاق السرية.

إن استخدام حماس للأنفاق متقدم للغاية، لدرجة أنه يشبه إلى حد كبير الطريقة التي تستخدم بها الدول الهياكل الخرسانية تحت الأرض لحماية مراكز القيادة والسيطرة. وأدى تعزيز حماس لقدراتها تحت الأرض إلى زعزعة تقييم إسرائيل للتهديدات الأرضية في الحروب. ولم تتخيل إسرائيل قط أن تتورط في حرب سرية بهذا الحجم في يوم ما. وإذا كان هناك أي شيء، فهو أن إسرائيل كانت تركز على إزالة أنفاق حماس التي تعبر الحدود إلى المستوطنات والبلدات الإسرائيلية. 

وتقول باراك إنه من المرجح أن تحفز الحرب في قطاع غزة تطوير عقيدة قتالية جديدة وأساليب جديدة للتعامل مع هذا النوع الفريد من الحروب السرية. ولا شك أن نظام الأنفاق التابع لحماس قد لفت انتباه الجيوش الأخرى والجهات الفاعلة غير النظامية، وجميعها تشير إلى مدى فعالية الأنفاق في بقاء وصمود حركة حماس في غزة. 

والآن بعد أن تغلبت حماس على أغلب العقبات المتأصلة في الحرب تحت الأرض ــ مثل الاتصالات، والملاحة، وانخفاض مستويات الأوكسجين، ورهاب الأماكن المغلقة، والعديد من المشاكل الأخرى، هناك كل الأسباب التي تجعلنا نعتقد أن هذا التكتيك سوف يستمر في الإلهام والانتشار. لقد أدى استخدام حماس المبتكر لـ"مترو الأنفاق" إلى إعادة تعريف القيمة الاستراتيجية لباطن الأرض، وغير طبيعة المواجهات العسكرية".

تقول الباحثة والأكاديمية الإسرائيلية دافني باراك، إن البقاء تحت الأرض لفترات طويلة ليس بالأمر الهين، كما أفاد مئات المقاتلين الأوكرانيين الذين عاشوا في الأنفاق أسفل مصنع آزوفستال للصلب خلال الهجوم الروسي على ماريوبول في عام 2022. وسرعان ما نفد الطعام ومياه الشرب لدى تلك القوات. وكانوا يفتقرون إلى أبسط الترتيبات الصحية والطبية، ناهيك عن الاتصال بالإنترنت والقدرة على الحفاظ على التواصل مع العالم الخارجي.

وفي غزة، لم يشكل أي من هذا مشكلة بالنسبة لحماس. ولم يتمكن الأشخاص الذين يعيشون ويقاتلون في أنفاق أزوفستال من البقاء على قيد الحياة لأكثر من شهرين تحت الأرض، إلا أن حماس حافظت على وجود عسكري تحت الأرض لمدة ثمانية أشهر وربما تصمد أكثر من ذلك أيضا. وتدين حماس بهذا الأداء الذي حطم الأرقام القياسية إلى متاهة طويلة من الممرات تحت الأرض التي تمتد عبر غزة والتي تشمل مطابخ مجهزة بالكامل، وغرف قيادة مفروشة، ومراكز بيانات متطورة، وحمامات مبلطة، وزنازين احتجاز مسيجة، ومناطق عمل مخصصة.

 

حدود التكنولوجيا

 

لقد أظهر القتال في غزة أن التقدم في تكنولوجيا مكافحة الأنفاق فشل في ردع جماعات مثل حماس من اللجوء إلى حرب الأنفاق.

وترى باراك أن إسرائيل قللت من تقدير التداعيات الاستراتيجية لحرب الأنفاق – وهي تهديد منخفض التقنية – عندما استخدمت على نطاق واسع، وبالغت في تقدير قدرة التكنولوجيا على مواجهتها. لقد ركزت على الجوانب التكتيكية وعلى الأنفاق العابرة للحدود، تاركة لحماس الحرية في تطوير قدرات تحت الأرض بمستويات غير مسبوقة.

إن فهم هذه المفارقة هو درس أساسي من هذه الحرب. ولا يمكن للتكنولوجيا والتفوق العسكري أن يوقفا بمفردهما اتجاه الأنفاق. لقد فشلت التكنولوجيا الإسرائيلية في ردع التهديدات الجوفية ومواجهتها.

وتدرك حماس تمام الإدراك أنه حتى التكنولوجيا الأكثر تطوراالمتاحة لن تكون كافية لمواجهة مثل هذه القدرات السرية، وبالتالي لديها ثقة عميقة في هذا التكتيك. وكانت حماس تدرك أن شبكة الأنفاق الواسعة التي تمتلكها في غزة من شأنها أن تبطئ الرد الإسرائيلي، وتقلل من الميزة التنافسية التي تتمتع بها إسرائيل، وتحمي مقاتلي وكبار قادة حماس والقسام في غزة.

 

الجبهات المتعددة..

 

جاء في تقرير نشرته وكالة فرانس برس يوم 3 يونيو 2024:

بعد 8 أشهر على الحرب، يجد الجيش الإسرائيلي نفسه موزعا على جبهات عدة بين شوارع غزة، والغارات الجوية، وتبادل القصف مع حزب الله في لبنان، والمواجهات في الضفة الغربية، مما يستهلك كل قدراته، وفق محللين.

ويقول الخبير في شؤون إسرائيل والأراضي الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، رامي الدجاني، إن "الجيش الإسرائيلي يستهلك أكثر من طاقته حاليا بين العمليات في غزة وفي الشمال وفي الضفة الغربية، وهذا يشكل ضغطا على قدراته".

إسرائيل استدعت الغالبية العظمي من جنود الاحتياط في الأيام الأولى من الحرب.

وفي غزة، عجز الجيش الإسرائيلي عن احتلال مساحات شاسعة من الأراضي وسعى للسيطرة على مناطق استراتيجية.

لكن محللين يقولون إن تجدد القتال في أجزاء من شمال قطاع غزة، قال الجيش قبل أشهر إنه شل قدرة حماس على الأذى فيها، يظهر فشل استراتيجيته.

ودفعت المواجهات المتصاعدة مع حزب الله على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان المحللين إلى التساؤل عما إذا كانت حرب أخرى واسعة النطاق قد تكون وشيكة.

وصرح رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، متوجها إلى القوات المتمركزة على الحدود الشمالية خلال شهر مايو إن الجيش يستعد لـ"هجوم" هناك.

ويقول الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، شلومو بروم، "من المحتمل أن تدخل قوات برية إلى لبنان وتحاول إنشاء نوع من المنطقة الأمنية التي من شأنها على الأقل إبعاد مسلحي حزب الله" عن الحدود. 

ونفذ الجيش الإسرائيلي ما يقرب من 4900 ضربة في جنوب لبنان منذ السابع من أكتوبر، وفقا لـ"موقع بيانات ومواقع النزاعات المسلحة" (ACLED).

وذكر الموقع "إن حزب الله شن قرابة 1100 هجوم خلال الفترة نفسها على مواقع إسرائيلية داخل إسرائيل بالإضافة إلى أراضٍ تحتلها إسرائيل. 

وأفاد موقع بيانات ومواقع النزاعات المسلحة عن وقوع 1120 حادثة عنف تورطت فيها القوات الإسرائيلية و39 مجموعة فلسطينية مسلحة في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر.

ويقول محللون إن الفلسطينيين يشعرون بإحباط متزايد بسبب عدم وجود حماية لهم من العنف الذي يتعرضون له من المستوطنين.

ووفقا لمسؤولين فلسطينيين، قتل ما لا يقل عن 521 فلسطينيا في الضفة الغربية برصاص قوات إسرائيلية، أو مستوطنين، منذ بدء الحرب.

وقتل 14 إسرائيليا على الأقل في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وإذا احتاج الجيش الإسرائيلي إلى نشر المزيد من القوات في الضفة، فمن المرجح أن يضطر إلى استدعاء جنود احتياط إضافيين.

ومع ازدياد الغضب الشعبي من فشل رئيس الوزراء نتنياهو، في إعادة الرهائن المحتجزين في غزة، أو الإعلان عن خطة لغزة ما بعد الحرب، فإن إقناع جنود الاحتياط بالخدمة مرات عدة قد يصبح احتمالا صعبا.

 

حرب من نوع آخر

 

يقدر غالبية الخبراء العسكريين سواء في الغرب أو الشرق أن إسرائيل بحاجة إلى دعم عسكري غربي كبير أي أمريكي أساساإذا أرادت خوض حرب واسعة ضد حزب الله.

كتبت هيئة البث الإسرائيلية "مكان" في تقرير نشرته يوم السبت 8 يونيو أن الضرر الذي سيلحق بالاقتصاد الإسرائيلي في حال نشوب حرب على الجبهة الشمالية سيكون أكثر خطورة بكثير من ضرر الحرب في قطاع غزة. وأكدت أن السيناريو المحتمل لهذه الحرب يعني إغلاقا واسع النطاق للبلاد وانخفاض نشاط سوق العمل، مما سيؤدي إلى أضرار اقتصادية كبيرة جدا.

وبحسب تقديراتها فإنه في حال حدوث أضرار كبيرة في البنية التحتية، فإن الاقتصاد سيتوقف وسيتحول النمو الاقتصادي إلى نمو سلبي بنسبة 1.5 في المئة أي تراجع، وسيرتفع العجز في الميزانية إلى أكثر من 250 مليار شيكل، لأن الدولة ستضطر إلى اقتراض مئات المليارات لتمويل الحرب وإعادة الإعمار. ومن المتوقع أن يغادر المستثمرون والشركات الأجنبية البلاد.

وسيؤدي هذا حتما إلى زيادة الضرائب وارتفاع سعر صرف الدولار بشكل ملحوظ وتخفيض كل إنفاق لا علاقة له بالحرب، مع التركيز على الميزانيات الكبيرة مثل التعليم والرعاية الاجتماعية والبنية التحتية والنقل.

وخلصت بالقول: "السؤال الذي سيتعين على الحكومة الإسرائيلية الإجابة عليه قبل أن تختار الدخول في مثل هذا الوضع: هل نحن مجبرون على دفع كل هذا - فقط للعودة إلى النقطة نفسها التي بدأنا منها؟".

 

كيف ستبدو؟

 

مع اشتعال جبهة لبنان أكثر خلال الساعات والأيام الماضية يبدو أن حزب الله وإسرائيل يستعدان بشكل متبادل لأي سيناريو تصعيدي في المنطقة التي تهتز أرضها منذ بدء الحرب في قطاع غزة. 

الباحثة تال بيري، رئيسة قسم الأبحاث في معهد "ألما"، قالت لصحيفة "معاريف": "في حالة اندلاع حرب شاملة، ستمتص الجبهة الإسرائيلية حجما من النيران لم تشهده من قبل، بما في ذلك ما شهدناه في عام 2006".

وأضافت: "إن القوة النارية الرئيسية لحزب الله هي الصواريخ والقذائف، هذه القوة قادرة على استهداف كامل أراضي إسرائيل بشكل دقيق، والمنطقة التي ستكون تحت النيران الكثيفة ستكون المنطقة الشمالية بأكملها حتى حيفا، وفي هذه المنطقة، سيكون الجزء الأكبر من النيران صادرا عن صواريخ قصيرة المدى، وبالتالي في الأسبوع الأول أو الثاني من الحرب، سيكون من المستحيل تقريبا أن يعيش المرء حياة طبيعية".

تقدر ترسانة صواريخ حزب الله بنحو 200 ألف قطعة منها ما مداها الأقصى يصل 700 كيلومترا ومسيرات وصواريخ مضادة للطائرات والسفن والدبابات وقذائف هاون وصواريخ "سكود سي" و"سكود دي".

ووفقا للتقديرات الأمريكية يمتلك حزب الله 150 ألف قذيفة صاروخية، و65 ألف صاروخ بمدى يصل إلى 80 كيلومترا، و5 آلاف صاروخ وقذيفة بمدى يتراوح بين 80 و200 كيلومتر، و5 آلاف صاروخ بمدى 200 كيلومتر أو أكثر، و2500 طائرة بدون طيار، ومئات الصواريخ المتقدمة، مثل الصواريخ المضادة للطائرات والسفن أو الصواريخ المجنحة. وخلال شهر ابريل 2024 أفادت تقارير لأجهزة الرصد الألمانية أن حزب الله حصل على بطاريات صواريخ مضادة للطائرات من طراز أس-300 الروسية الصنع ومنظومة "آرمان" المضادة للصواريخ الباليستية ومنظومة "آذرخش" للدفاع الجوي منخفض الارتفاع الإيرانية.

وتابعت بيري: "منطقة غوش دان (تتكون من منطقتي تل أبيب والوسطى، وجزءا صغيرا من المنطقة الجنوبية) ستكون في مرمى حزب الله، غوش دان ذات قيمة وسيركزون هناك، إطلاق النار عليها هو صورة للنصر، سيتم إطلاق النار على هذه المنطقة باستخدام الصواريخ، بعضها دقيق، صواريخ باليستية بشكل أساسي، بما في ذلك صواريخ فاتح 110 التي يمكن إطلاقها حتى 300 كيلومتر".

وأكملت: "صواريخ فاتح 110 دقيقة للغاية، وكل صاروخ يحمل 500 كيلوغرام من المواد المتفجرة، هذه هي قوة صاروخ بركان الذي يمكن أن ينفجر في فضاء غوش دان."

وقالت بيري: "وعلاوة على ذلك، في سيناريو الحرب الشامل، أتوقع أن يحاول حزب الله تنفيذ هجوم في الجليل، وإن لم يكن على نطاق المئات من مقاتليه كما حصل في هجوم حماس يوم 7 أكتوبر، لكنه سيحاول بالتأكيد التوغل باستخدام العشرات إن لم يكن المئات من المقاتلين، في منطقة مستهدفة. وحدة رضوان قادرة على القيام بذلك، يحتاجون فقط إلى إعطائهم التعليمات والأوامر".

 

إخلاء الشمال

 

قال تقرير في صحيفة "معاريف" العبرية نشر يوم 8 يونيو إن قرار الحكومة الإسرائيلية بإخلاء الشمال أعطي "دفعة" لـ"حزب الله" اللبناني.

وحسب "معاريف"، كانت خطة إخلاء الشمال جاهزة أصلا قبل عقد من الزمن، وكان هجوم "حزب الله" الذي بدأ في أكتوبر حدث أدى إلى استرجاع هذه الخطة بسرعة من الأدراج، وجعل من الممكن منح "حزب الله" أعظم هدية يمكن أن يتمناها.

وبين التقرير أن رؤساء السلطات في الشمال تلقوا في نهاية الأسبوع الماضي رسالة أخرى من "حزب الله" في لبنان، وفي كل بضعة أيام تمر، يرسل عناصر "حزب الله" رسائل نصية إلى هواتف رؤساء السلطات والمستوطنات على الحدود الشمالية. وهذه المرة، وفي إطار عملية الرعب النفسي، كتب المقاومون اللبنانيون أن إطلاق النار في الشمال سيستمر طالما استمر القتال في غزة.

"نحن نطلق النار على المنازل التي يوجد بها جنود، ولكن إذا أصرت حكومتكم على القتال في غزة، فسيتم تدمير المزيد والمزيد من منازل اللاجئين لديكم.. لن يكون لديهم مكان يعودون إليه"، هكذا جاء في إحدى الرسائل التي وصلت إلى رئيس المجلس الكبير في الجليل في نهاية الأسبوع، بعد ثمانية أشهر من إطلاق "طوفان الأقصى"، حسب "معاريف".

ووفق الصحيفة العبرية، تبدو صورة الوضع في الشمال كما يلي:

- ما يقرب من 120 ألف إسرائيلي ما زالوا لاجئين، ويعيشون خارج منازلهم، واضطر معظمهم إلى التوقف عن العمل، وتم فصل الأطفال والمراهقين من مؤسساتهم التعليمية إلى مؤسسات تعليمية مؤقتة في بيئة جديدة وغير مألوفة.

- في المنطقة الصناعية بشمال ريكيم، تم إغلاق المصانع والورش.. كان لا بد من إغلاق مركز ريادة الأعمال في الجليل في تل حاي، وهو مرساة لتطوير الصناعة المبتكرة في الشمال والأمل الاقتصادي للجليل بأكمله، كما فعلت غالبية الشركات، وبحسب رؤساء مجلس الجليل الأعلى، فمن المحتمل ألا تتمكن كلية تل حاي من افتتاح العام الدراسي المقبل.

- وقع معظم أعضاء هيئة التدريس والمحاضرين حتى الآن عقودا للعمل في مؤسسات أكاديمية في جميع أنحاء البلاد. ناهيك عن السياحة التي تم القضاء عليها في الشمال وعن الأعمال الزراعية، فقد أصبح من المستحيل الآن العثور على متطوعين لقطف الكرز في شمال الجولان والجليل الأعلى.

وقالت "معاريف" إن رؤساء السلطات في الشمال، يدركون عندما ينظرون إلى الوراء، أن القرار المؤسف الذي اتخذه الجيش الإسرائيلي والحكومة بإخلاء الشمال من السكان وإنشاء منطقة أمنية هو خطأ تكتيكيا واستراتيجيا.

وأوضح جيورا زالتس، رئيس مجلس الجليل الأعلى قائلا: "لقد كان خطأً سندفع ثمنه لسنوات عديدة.. أنا أعلم اليوم أن بعض الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من مستوطناتنا لن يعودوا إلى الجليل.. إنهم في الواقع جزء كبير من العائلات القوية".

 

نصر مستحيل

 

كشف تقرير استخباري أمريكي عن قلق في واشنطن من أحاديث عن احتمال توسيع إسرائيل للحرب إلى لبنان، مشيرا إلى أن تحقيق إسرائيل الانتصار في هذه الحرب سيكون "صعبا".

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن التقييم الاستخباري الأمريكي خلاصة مفادها أن هناك "قلقا في واشنطن من حديث إسرائيل عن توسيع الحرب إلى لبنان".

وأفاد التقييم الاستخباري الأمريكي، الصادر عن "وكالة الاستخبارات الدفاعية" DIA، بداية سنة 2024 إنه "سيكون من الصعب على إسرائيل أن تنجح في حرب ضد حزب الله وسط القتال المستمر في غزة".

وأضافت الصحيفة أن مسؤولين أمريكيين يشعرون بالقلق من أن رئيس الوزراء نتنياهو يرى أن القتال الموسع في لبنان هو مفتاح بقائه السياسي".

 

ثلاث أزمات تدفع إلى الحافة

 

يوم 7 يونيو 2024 ذكرت صحيفة هآرتس إن الجيش الإسرائيلي منهك بعد 9 أشهر من حرب غزة وأنه مع تراجع شرعية الحرب على غزة وإنهاك الجيش الإسرائيلي، فإن الحرب مع حزب الله في لبنان ستدفع إسرائيل إلى الحافة لأنها ستشكل تحديا كبيرا للجبهة الداخلية الإسرائيلية، حيث ستواجه المدن في الشمال والوسط تهديدا بأبعاد وقوة نيران غير مسبوقة.

وأوضحت أنه مع دخول حرب غزة شهرها التاسع، من الصعب الإعلان عن وجود أخبار جيدة في الأفق، موضحة أن سلسلة المناقشات التي جرت في الأسابيع القليلة الماضية مع شخصيات رفيعة المستوى في جهاز الأمن تشير بشكل متزايد إلى أن إسرائيل تتجه نحو فشل ذريع متعدد الأبعاد.

وأشارت الصحيفة إلى أن كلا من إسرائيل وحزب الله لا يريدان حربا شاملة حتى الآن، لكن من المحتمل أن يصلا إلى تلك المرحلة، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى سوء التقدير. وكما هو الحال في غزة، فإن إسرائيل لا تنجح في ترجمة التراكم الكبير من الإنجازات التكتيكية إلى نصر استراتيجي.

وسلطت الصحيفة الضوء على نتائج المناوشات مع حزب الله التي زادت الإحباط الشعبي وبالتالي كثفت الضغط على إسرائيل للتصرف، خاصة بعد إجلاء 120 ألف إسرائيلي من منازلهم على طول الحدود، فضلا عن استمرار سقوط القتلى في الشمال، وإطلاق عشرات الصواريخ والطائرات بدون طيار كل يوم.

وهذه التطورات أسفرت عن الخطة، التي أوضحت الصحيفة أنها لا تزال تدرسها أعلى المستويات السياسية والأمنية في إسرائيل، والتي تتمثل في تكثيف الهجمات على حزب الله بشكل كبير على أمل جعله يتوقف عن إطلاق النار مع تجنب حرب شاملة.

لكن "هآرتس" ذكرت أن أنصار هذه الفكرة ما زالوا غير قادرين على تفسير السبب الذي يجعلهم يعتقدون أن حزب الله سوف يتم ردعه بهذه الطريقة، ولن يحدث العكس وهو استمرار الهجمات ردا على إسرائيل دون إشعال حرب.

وانتقدت الصحيفة رغبة بعض وزراء حزب الليكود ووزراء اليمين المتشدد في شن هجوم شامل ضد حزب الله. وأوضحت أن "الأسبوع الجاري يصادف الذكرى الثانية والأربعين لحرب 1982 (الفاشلة) في لبنان، ويبدو أن هؤلاء الناس لم يتعلموا شيئا من تلك المحاولة الإسرائيلية في لبنان. وبالنسبة للبعض منهم، من الضروري أيضا قصف إيران ووضع حد للتهديد النووي الذي يتطور من هناك. ومن الواضح أنهم ليس لديهم أدنى فكرة عن الوضع الحقيقي للجيش الإسرائيلي وقدراته".

وبالنسبة لغزة، ترى الصحيفة أن استمرار الحرب بين حماس والجيش الإسرائيلي بهذا الشكل وبدون وجود حل واضح تؤثر سلبا على الجنود المرهقين، محذرة من أن الوقت ينفد أمام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي.

وتحدثت الصحيفة عن النشاط العسكري في قطاع غزة، الذي يتركز الآن في رفح ومخيمات اللاجئين في الوسط، موضحة أنه يفرض ثمنا باهظا على حماس، لكنه لا يحقق لإسرائيل النصر في الحرب في المستقبل القريب.

وعلى الجانب الآخر، ذكرت الصحيفة أن المحادثات حول صفقة الرهائن مع حماس يبدو أنها دخلت أزمة جديدة.

ووفقا للصحيفة، الفجوة بين الجانبين تكمن في الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية من الصفقة، إذ تخشى حماس أن تنصب إسرائيل فخا لها أو أن تتعثر المفاوضات ويستأنف رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، الحرب كما فعل في ديسمبر.

ونتيجة لهذه التطورات ترى الصحيفة أنه إذا دخلت إسرائيل في حرب حاليا مع حزب الله، وبدون دعم أمريكي قوي وفي ظل جيش منهك يكافح من أجل السيطرة على المنطقة فستكون على حافة الهاوية.

 

احلام يقظة

 

جاء في تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" نشر يوم 5 يونيو:

يقول حزب الله إن هجماته هي دعم للفلسطينيين، وأنها لن تتوقف حتى توقف إسرائيل حربها في غزة. 

وبدون وقف إطلاق النار في غزة واتفاق لاحق مع حزب الله يلبي متطلبات إسرائيل، يقول المسؤولون الإسرائيليون إن الهجوم أمر لا مفر منه.

وصرح بيني غانتس، الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، إن إسرائيل ستعيد السكان إلى شمال إسرائيل بحلول الأول من سبتمبر، عند استئناف المدارس، وذلك "أما من خلال صفقة أو من خلال التصعيد"

وتعمل الولايات المتحدة وفرنسا على وضع الخطوط العريضة لحل دبلوماسي للصراع، من خلال رحلات مكوكية بين إسرائيل ولبنان منذ أشهر.

وتهدف المحادثات إلى نقل قوات حزب الله لمسافة تزيد عن ستة أميال شمال إسرائيل، عبر نهر الليطاني، ويمكن أن يؤدي تدفق الجيش اللبناني أو القوات الدولية للمنطقة إلى طرد المسلحين من المنطقة الحدودية، وفقا لما نقلته "وول ستريت جورنال" عن دبلوماسيين مطلعين على المحادثات. 

وسوف تتفاوض إسرائيل ولبنان أيضا بشأن النزاعات الحدودية القائمة مسبقا.

ولم يرد المسؤولون اللبنانيون على الفور على طلب "وول ستريت جورنال" للتعليق.

سحب القوات من شأنه أن يبقي حزب الله خارج نطاق الصواريخ المضادة للدبابات للمجتمعات الإسرائيلية ويمنع التهديد المتمثل في أن حزب الله قد ينفذ تهديده الذي طال أمده باجتياح شمال إسرائيل واحتلاله.

ويقول العديد من الإسرائيليين من شمال إسرائيل إن وقف إطلاق النار ليس كافيا لإعادتهم إلى منازلهم.

وصرح جيورا زالتز، رئيس المنطقة الإقليمية الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع لبنان، إن التهديدين الرئيسيين اللذين يخشاهما ناخبوه هما هجوم على غرار ما قامت به حماس لأراضيهم من قبل قوات الرضوان النخبوية التابعة لحزب الله.

وأضاف:" الصواريخ المحمولة على الكتف التي لا تستطيع إسرائيل اعتراضها بسهولة خطر كبير".

ويتطلب التخفيف من مخاوفهم دفع قوات حزب الله وأسلحته عدة أميال إلى داخل الأراضي اللبنانية، وهو ما قال زالتز إنه يتطلب إما حلا دبلوماسيا قابلا للتنفيذ أو عملا عسكريا.

وأكد أنه "بدون ذلك لن يعود المواطنون إلى منازلهم".

وذكر حسن فضل الله، عضو الكتلة النيابية لحزب الله، إن الرسالة الرئيسية وراء عمليات الحزب هي أن "الجماعة مستعدة لحرب واسعة النطاق مع إسرائيل وستقاتل دون أي قواعد أو حدود". وأضاف: "لقد طالبنا بوقف إطلاق النار في غزة ولا ننوي توسيع الحرب، لكن إذا قرر نتنياهو توسيع الحرب، فلن يكون الأمر مجرد نزهة في الحديقة".

 

عمر نجيب

[email protected]