فصل جديد من فصول خرق القرارات الأممية يتجسد اليوم على أرض الواقع الفلسطيني من قبل بعض القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وعدة دول جمدت دعمها لوكالة الأونروا لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين هذه الوكالة التي تأسست بقرار من الأمم المتحدة وبدأت ممارسة عملها في عام 1950 لمساعدة وتشغيل اللاجئين الذين تعرضوا للتهجير القسري منذ عام 1948م بفعل عمليات الارهاب والتهجير التي طالت أبناء الشعب الفلسطيني الذين نزحوا الى المخيمات بقطاع غزة والضفة الغربية واستمر دعم الوكالة لهذه الفئة من أبناء فلسطين في مناطق اللجوء بدول الجوار لبنان وسوريا والاردن وهذا الدور الانساني هو واجب من واجبات الأمم المتحدة لمساعدة وتشغيل وتقديم الخدمات الانسانية وحق من حقوقهم حتى يتم إنهاء معاناتهم وعودتهم الى ارضهم وديارهم التي هجروا منها، واليوم تقوم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني باتهام الوكالة التابعة للامم المتحدة بالضلوع في عملية طوفان الاقصى التي شنتها حماس على اسرائيل في 7 اكتوبر الماضي.
في الوقت الذي أطلقت الأونروا نداءها العاجل لتقديم الدعم الحيوي للاجئين ومساعدة الوكالة في تلبية الاحتياجات الانسانية تأتي هذه الاتهامات الصهيونية التي تبنتها الولايات المتحدة لتعلن ايقاف دعمها للأونروا وتتبعها 12 دولة من أكبر المانحين تبعا للأجندة والسياسات الأمريكية الداعمة منذ اليوم الاول للكيان الصهيوني في تنفيذ جرائمه على أبناء الشعب الفلسطيني وذلك لمحاولة إسكات صوت المقاومة الفلسطينية التي تناضل من أجل استعادة حقوقها المشروعة وعلى رأسها حق التحرير وتقرير المصير، فلم تكتف هذه القوى الدولية بإعلان دعمها للجرائم والمجازر الصهيونية في قطاع غزة فاستمرأت الظلم والتبعية للسياسات الظالمة وخرق القوانين الدولية والعدالة الانسانية فألتزمت بمساندة كيان الاحتلال في عدوانه الهمجي البربري الوحشي على الابرياء من المدنيين في قطاع غزة بعدما فشل العدوان في تحقيق أيا” من أهدافه التي أعلنها ولم يتمكن من كسر شوكة المقاومة بعد 116 يوما أو إعادة أسير واحد أو كشف شبكة انفاق المقاومة أو ايقاف الصواريخ والكمائن التي تكبد قواته خسائر فادحة.
اليوم تحاول هذه الدول اسكتمال جريمتها الممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطيني فالدماء والشهداء الذين ناهزوا 27 ألف شهيد وعدة آلاف من المفقودين تحت الانقاض وفي سجون الاحتلال والاعدامات الميدانية واستهداف الحياة الانسانية وقصف المستشفيات والدمار الذين لم يسبق له مثيل في قطاع غزة واستمرار الاجتياحات والاعتقالات في مخيمات ومدن الضفة لم يكن كافيا لانقاذ هذا الكيان اللقيط الذي بدأ يترنح مع ضربات المقاومة وبدأ كأوهن من بيت العنكبوت في مجابهة المقاومة بالميدان لذا تستكمل هذه القوى الدولية فصلا آخر من فصول الاجرام بوقف الدعم عن الوكالة المعنية بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين.
المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أكد أن الأونروا هي الوكالة الإنسانية الرئيسية في غزة وأن الكثيرين يشعرون بالجوع في الوقت الذي تدق فيه عقارب الساعة نحو مجاعة تلوح في الأفق واعتبر أنه أمر صادم تعليق تمويل الوكالة كرد فعل على الادعاء ضد مجموعة صغيرة من الموظفين خاصة مع الأخذ بالاعتبار إلى الإجراء الفوري الذي اتخذته الوكالة بإنهاء عقودهم وطالب إجراء تحقيق مستقل وشفاف، فيما أعلن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فصل 9 موظفين من بين 12 طالتهم الاتهامات.
الدول التي أعلنت وقف دعمها الولايات المتحدة وألمانيا وكندا واستراليا وايطاليا وبريطانيا وفرنسا وهولندا وفنلندا واليابان ورومانيا والنمسا وهناك دول أخرى تراقب الوضع ربما تسلك نفس الموقف بينما أعلنت دول أخرى الالتزام الانساني تجاه وكالة الأونروا.
البيانات الأخيرة للوكالة بينت أن اجمالي موازنة وكالة الأونروا بلغت مليار و170 مليون منها 54% لخدمات التعليم و18% للخدمات الصحية و18% للخدمات التشغيلية و10% للمساعدات والخدمات الاجتماعية وفقا لموقع وكالة (الأونروا).
سلطنة عمان أعلنت في وقت سابق وبعد اطلاق نداء الاونروا بتقديم مساعدة للوكالة بثلاثة ملايين دولار لتلبية الاحتياجات الانسانية للشعب الفلسطيني وبات على المجتمع الدولي المسارعة لدعم وانتشال وكالة الاونروا في ظل انحياز بعض الدول للكيان الصهيوني لمحاولة سد آخر منفذ يتنفس منه الشعب الفلسطيني وكل هذه المواقف والممارسات الظالمة لن تفت في عضد المقاومة التي تلقن العدو الصهيوني الدروس ولن تهزم فئة إلتزمت بتعليمات الله ورسولة، اللهم هازم الاحزاب أرنا في الصهاينة وأعوانهم عجائب قدرتك وأرنا فيهم بأسك الشديد الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
أخواننا وأحبائنا في فلسطين أصبروا وصابروا ورابطوا فرغم الألم والشدة والمحنة التي فاقت كل وصف تيقنوا من نصر الله، قال تعالى: “وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا” كما قال سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا” فنصر الله قريب وقد وعد وعد عباده المؤمنين الصابرين الله أكبر ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.
خميس القطيطي كاتب عُماني