حجم وسرعة ردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها في حلف الناتو وبالأخص بريطانيا وفرنسا وألمانيا -وتأييدهم المطلق لتل أبيب- على عملية طوفان الأقصى التي قادتها حركة حماس بمشاركة تنظيم الجهاد وفصائل مقاومة فلسطينية أخرى ضد المستوطنات الإسرائيلية فيما يسمى غلاف غزة ومناطق أخرى، فاق عسكريا وسياسيا وماديا ما قامت أو التزمت به هذه الدول الغربية منذ عقود تجاه صراعات في مختلف مناطق العالم.
يسجل الملاحظون أنه حتى في الصراع العسكري الكبير الدائر في وسط شرق أوروبا، والذي يجري عمليا بين جيش روسيا من جهة وحلف الناتو من جهة أخرى في أوكرانيا منذ 24 فبراير 2022، لم تتحرك لا واشنطن ولا حلفاؤها بنفس الشدة والسرعة وحجم الانذارات مثلما تفعل مع إسرائيل.
البنتاغون الأمريكي نقل إلى شرق المتوسط وعلى مسافة لا تتجاوز 300 كيلومتر من سواحل فلسطين وسوريا ولبنان 11 قطعة بحرية رئيسية من أحدث ترسانته منها حاملتا الطائرات "جيرالذ فورد" و"يو إس إس أيزنهاور" ومجموعتهما الضاربة، يضاف الى حوالي 10 آلاف جندي وبحار وطيار على متن الحاملتين ما يناهز 2800 جندي من قوات مشاة البحرية على متن سفن وقواعد أخرى قرب ساحة العمليات في منطقة الشرق الأوسط الضيقة الواقعة بين شمال الخليج العربي والحدود الغربية لمصر مع ليبيا وحدود سوريا شمالا مع تركيا. زيادة على ذلك جرى تعزيز الأسطول الخامس في الخليج العربي وأعلنت القيادة المركزية للجيش الأمريكي (سنتكوم)، يوم السبت 14 أكتوبر 2023، عن تعزيز طائراتها المقاتلة من طراز F-15 في المنطقة، وذكرت القيادة "وصل سرب طائرات مقاتلة من طراز F-15E Strike Eagle إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية لتعزيز الوضعية والعمليات الجوية في جميع أنحاء الشرق الأوسط". وصرح مسؤول رفيع في البنتاغون، إن سرب من مقاتلات A10 وصل إلى المنطقة، متوقعا وصول المزيد من القدرات تباعا.
في تحرك آخر ولتأكيد الدعم الغربي والأمريكي خاصة لحكومة تل أبيب صرح مصدر مطلع في واشنطن يوم الأحد 15 أكتوبر لوكالة "رويترز"، إن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين يناقشون إمكانية قيام الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بزيارة إلى إسرائيل في وقت قريب بدعوة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
ستأتي زيارة بايدن، التي تظهر الدعم لأكبر حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، في أعقاب زيارة مماثلة قام بها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن للمنطقة.
هذه التطورات والتحركات الأمريكية تظهر غير متناسبة في الرد على عملية عسكرية عكست، نجاح ما لا يزيد 1500 مسلح فلسطيني إنطلقوا من قطاع غزة المحاصر على ثلاث جبهات في التغلب على الدفاعات والتحصينات والجدران والعوازل الإسرائيلية والتوغل في منطقة الغلاف وإسقاط حوالي 1400 إسرائيليا، وأسر عشرات الجنود والضباط الإسرائيليين إضافة إلى احتجاز مواطني دول أخرى لم يتضح بعد عدد من يحمل منهم جنسيات مزدوجة أو أكثر.
العديد من المحللين يرون أن ما يحشد من كم عسكري ضخم وتحركات وضغوط سياسية وتهديدات في منطقة الشرق الأوسط "النواة" يخفي في طياته صراعا أوسع بين ما قد يوصف مستقبلا الشرق والغرب، صراع حول نظام عالمي جديد وخلاف حول استمرار وضعية القطب الواحد المتحكم.
معركة أوكرانيا في وسط شرق أوروبا أحد أجنحة المواجهات العالمية المتعددة الأشكال تشهد بعد حوالي 19 شهرا على بدايتها في جولتها الثانية تعثرا واضحا لحلف الناتو ومكاسب لموسكو، تكرر هذا الانكسار في الشرق الأوسط ولدى أهم حليف للغرب في المنطقة سيشكل بعد الانكسارات الفرنسية والغربية في النيجر وبوركينا فاسو ومالي وما سبقها وغيرها، أحد آخر الضربات القاضية للمفهوم الحالي للهيمنة الغربية.
في الصراع الذي يعتبره الغرب وجوديا ترشح منطقة الشرق الأوسط لتكون البؤرة التي يمكن أن تنطلق منها شرارة الحرب العالمية الثالثة، لأن هناك ضبابية في المنطقة للخطوط الحمراء،وهي ليست مثل تلك التي رسمتها القوى المتصارعة في وسط شرق أوروبا.
هجوم "طوفان الأقصى" كشف هشاشة القوة العسكرية الإسرائيلية، والخطر الذي يمكن أن تواجهه تل أبيب لو تكررت العمليات ضدها، كما بينت العملية الفلسطينية أن الغرب فشل في تعامله بنجاح مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأن مخططاته بشأن الوطن البديل للفلسطينيين في سيناء أو الأردن تواجه مقاومة شديدة، زيادة على تم دق آخر مسمار في نعش مشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على فكرة تقسيم المنطقة العربية إلى ما بين 52 و54 دويلة على أسس عرقية ومذهبية ودينية.
حرب إقليمية
في ثالث أيام "طوفان الأقصى" نقل موقعا "الحرة" الأمريكي و"روسيا اليوم"، أخبارا عن تحذير من القاهرة لتل أبيب بأن محاولات تهجير سكان غزة إلى سيناء ستقود إلى حرب جديدة. ويوم 10 أكتوبر حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من خطورة التصعيد الحالي في قطاع غزة. مشددا على أن مصر "لن تسمح بتصفية القضية على حساب أطراف أخرى، وأنه لا تهاون أو تفريط في أمن مصر القومي تحت أي ظرف".
وأكد السيسي أن بلاده "تتابع باهتمام تطورات الأوضاع في المنطقة، وعلى الساحة الفلسطينية"، مشيرا في تصريحات سابقة إلى أن مصر "تكثف اتصالاتها على جميع المستويات لوقف جولة المواجهات العسكرية الحالية، حقنا لدماء الشعب الفلسطيني، وحماية المدنيين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
وصرح الرئيس المصري إن "مصر تؤكد أن السلام العادل والشامل، القائم على حل الدولتين، هو السبيل لتحقيق الأمن الحقيقي والمستدام للشعب الفلسطيني". مضيفا أن "مصر لا تتخلى عن التزاماتها تجاه القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية".
وأعرب السيسي عن أمل مصر في التوصل لحل وتسوية للقضية الفلسطينية "عن طريق المفاوضات التي تفضي إلى السلام العادل وإقامة الدولة الفلسطينية". وبشأن جهود بلاده لتحقيق التهدئة، قال الرئيس المصري إننا "نتواصل مع جميع القوى الدولية وجميع الأطراف الإقليمية المؤثرة من أجل التوصل لوقف فوري للعنف، وتحقيق تهدئة تحقن دماء المدنيين من الجانبين".
من جانبه، شدد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، على أن الحدود المصرية تقع تحت السيادة المصرية التامة و"لا تخضع لضغوط من أحد".
وقال العرابي في تصريحات لوكالة "أنباء العالم العربي"، ردا على التصريحات التي يتم ترديدها من قبل مسؤولين إسرائيليين تدعو الفلسطينيين إلى النزوح بشكل جماعي من قطاع غزة إلى شمال سيناء بمصر، إن هذه الدعوات "ليست جديدة وتم ترديدها في السابق مرات عديدة".
بتاريخ 2 يناير 2016 وضعت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، في تقرير نشرته، سيناريو لاندلاع حرب جديدة بين إسرائيل ومصر على أرض سيناء المصرية. وهاجمت "معاريف" الجيش الإسرائيلي بسبب تجاهله ما سمته بـ"أدلة وإشارات على استعداد مصر للمعارك المقبلة"، مؤكدة أن "الجيش الإسرائيليلن يتعظ حتى يستيقظ من جديد على غرار ما حدث في حرب 1973، على اندلاع شرارة الحرب في سيناء"، لافتة إلى أن "خبراء استراتيجيين وعسكريين إسرائيليين يحذرون من أن السلام البارد مع مصر سيتحول إلى صراع ساخن وعنيف".
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه في أوساط الخبراء العسكريين الذين يتعقبون ويراقبون ما يجرى فى سيناء بشكل مكثف، فإن "هناك خبراء يربطون بين التدريبات والمناورات التيتجريها القوات المصرية في سيناء بالماضي المشحون بين البلدين، وهو ما جعل لديهم أسبابا كثيرة للقلق، حيث يؤكد هؤلاء الخبراء أن الشعب المصري لم ينس يوما كرهه الكبير للدولة الصهيونية". وتابعت "معاريف": "قبل كل شيئ، فإن مصر هيموطن مولد الحركة القومية الفلسطينية، وهو ما يعنى أن ما يجرى في سيناء حاليا يثير احتمالات تهدد إسرائيل، وإن لم يكن التهديد لحظيا في الفترة الحالية، فإنه سيكون على المدى الطويل".
ونقلت "معاريف" عن البروفيسور إيهود عيلام، الباحث بوزارة الدفاع الإسرائيلية سابقا، قوله إنه "في ظروف محددة ومعينة قد تندلع الأزمة، وربما حتى الصراع من نوع ما بين إسرائيل ومصر على أرض سيناء.
وحسب العقيد احتياط ديقيل دليتشكى، رئيس الفرقة الأولى بشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "آمان"، والمسئول عن مراقبة الوضع في سيناء، فإن "مصر تستعد في الوقت الحاليلحرب مع إسرائيل، فقواتها التي دخلت سيناء ليس هدفها الوحيد مواجهة تنظيم داعش، وإنما نشر قوات وتعزيزات ضخمة فى سيناء، بهدف استخدامها كنقطة انطلاق للهجوم على إسرائيل". وأضاف "دليتشكى": "ليس لدى أدنى شك في أن المصريين سيفعلون كل ما في وسعهم، لانتهاك ما تبقى من بنود فياتفاقية السلام، فالعقيدة المصرية ليست دفاعية، وإنما هجومية، حيث كانت اتفاقية السلام تسمح بالإبقاء على قوات محدودة فقط في سيناء، بينما الآن بات لديهم جيش كامل في شبه الجزيرة".
حزب الله وإيران
يوم الأحد 15 أكتوبر جاء في تقرير نشر في قناة الحرة الأمريكية الحكومية:
صرح مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، إنه لا يمكن استبعاد أن تختار إيران الانخراط بشكل مباشر بطريقة ما في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، وسط توقعات بشن إسرائيل لهجوم بري على القطاع.
وقال سوليفان في مقابلة مع برنامج "واجه الأمة" الذي تبثه شبكة "سي بي أس نيوز" إن الولايات المتحدة ليست لديها معلومات إستخباراتية جديدة محددة تشير إلى وجود مخاطر للتصعيد، لكنه قال إن الولايات المتحدة لا تستبعد احتمال تدخل إيران في الصراع، موضحا أنها تراقب سلوكها في هذا الاتجاه، وكذلك نشاط حزب الله الذي تدعمه في لبنان. وتدعم إيران أيضا حماس ماليا وعسكريا.
وأكد المسؤول الأمريكي أن الولايات المتحدة أجرت اتصالات عبر قنوات خلفية مع إيران، مؤخرا، لتحذيرها من التصعيد. وأضاف سوليفان: "لدينا وسائل للتواصل بشكل خاص مع إيران، وقد استفدنا من تلك الوسائل خلال الأيام القليلة الماضية لتوضيح ما قلناه علنا بشكل خاص".
من جانبه صرح وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، يوم الأحد، من الدوحة، إن "أحدا" لا يمكنه "ضمان السيطرة على الوضع" إذا شنت إسرائيل هجوما بريا على قطاع غزة.
وناقش الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الصراع بين إسرائيل وحماس مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في مكالمة هاتفية، يوم الأحد، وفق فرانس برس. ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية للأنباء عن رئيسي قوله: "إذا لم تتوقف جرائم إسرائيل، بما في ذلك قتل الأهالي وحصار غزة، فقد يصبح الوضع معقدا وسيتسع المشهد".
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد صرح يوم السبت 14 أكتوبر إن على إسرائيل أن توقف فورا جرائم الحرب التي ترتكبها في غزة لأن الأوان يكون قد فات خلال ساعات قليلة.
وأضاف عبد اللهيان في إيجاز للصحفيين في بيروت بعد لقائه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إن "حزب الله أعد عدة سيناريوهات تصعيدية من شأنها إحداث زلزال في إسرائيل.. سيغير ذلك خارطة الأراضي المحتلة".
يوم الأثنين 16 أكتوبر استمر التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وكان حزب الله قد قصف، الأحد، مركزا للجيش الإسرائيلي " في "شتولا" بالصواريخ الموجهة، وقال في بيان إن القصف أدى إلى وقوع عدة إصابات بين قتيل وجريح، موضحا كذلك أن "الاستهداف يأتي في سياق الرد على الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت الصحفيين" والقصف على شبعا.
وعصرا، أعلن حزب الله مهاجمة ثكنة حانيتا بالصواريخ الموجهة، وقال إن الهجوم أسفر عن "إصابة دبابتين من نوع ميركافا وناقلة جند مجنزرة وسقوط عدد من القتلى والجرحى".
تفسيرات أمريكية
هناك ظاهرة شبه ثابتة في تعامل الاعلام والساسة في الغربخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، مع التحديات التي يواجهونها،وهي نسب الانتصارات التي يحققها خصومهم أو الاخفاقاتالتي يواجهونها هم وكذلك التحديات التي يتعرضون لها بمختلفأنواعها، إلى قوى خارجية في محاولة للتقليل من قدرة الخصوموللتخفيف من وقع اخفاقاتهم. في هذا الأطار تعمل أجهزة الاعلاموالدوائر السياسية في الغرب على إعطاء تفسيراتها وتوقعاتهاالتي تمزج الأكاذيب ووسائل التضليل بمعطيات قائمة، وهيكالمريض النفسي الذي يتعلق بالوهم.
يوضح الباحث في الشؤون الإيرانية، محمود البازي، أن المرحلةالأولى من هجوم حماس شهدت تأييدا مطلقا من إيران، ومع بدءوسائل الإعلام الغربية بالحديث عن دورها المباشر "تدخل المرشدالإيراني خامنئي شخصيا، ونفى الارتباط بتصريح سريعوواضح".
ويقول البازي لموقع "الحرة" إن "إيران ترى نتائج الهجوم كافيةومبهرة، وتسعى للتهدئة"، ومع ذلك هناك 3 مستويات لتدخلهاوانخراطها.
المستوى الأول هو "تدخل حزب الله منفردا في حال أطلقتإسرائيل عملية برية واسعة"، والثاني "فتح الجبهات العراقيةوالسورية واليمنية إذا تدخلت الولايات المتحدة".
ويضيف الباحث أن المستوى الثالث يكون "في حال تعرضهاللهجوم بشكل مباشر ستدخل مباشرة، وتفتح كل الجبهاتوتضرب القواعد الأمرdكية في كل مكان".
لكن العقيدة الإيرانية العامة تشير إلى أنها "تسعى إلى نقلالمعركة إلى خارج الأراضي الإيرانية"، واعتبر البازي أن"خامنئي محنك بتفادي المواجهات المباشرة، وكان قد تفادى حافةالهاوية ثلاث مرات".
من جهته، يرى الباحث الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط، راينبوهل، أنه "ليس لدى إيران مصلحة في خوض حرب واسعةالنطاق مع إسرائيل والولايات المتحدة"، لكن "لديها ضرورة قويةللرد رمزيا، إما من خلال حزب الله أو من خلال وكيل آخر".
ويقول بوهل لموقع "الحرة": "بالنسبة لإيران، يعد هذا خطا دقيقايجب عليها موازنته، وهناك احتمال أن يؤدي الرد الإيراني مع ذلكإلى رد فعل إسرائيلي أو أمريكي قوي انتقاميا".
وليس من الواضح ما إذا كانت إيران على علم بالهجوم مسبقا فيهذه اللحظة، لكن من الواضح وفق بوهل أن "حماس بحاجة إلىتدريب ودعم إيرانيين لتنفيذ الهجوم"، مضيفا: "رغم أن هذا ليستماما مثل إصدار إيران أمرا بالهجوم".
محطة اختبار
وتحدثت وسائل إعلام، قبل أسبوع، عن دور إيران وعدم رغبتهافي موجة تطبيع الدول العربية مع إسرائيل وتحديدا السعودية،كما تمت الإشارة إلى تنميتها قدرات حماس وتسليحها منذ فترة.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، بعد يوم من هجوم حماسووفقا لأعضاء كبار في حماس وحزب الله، فإن ضباط بالحرسالثوري الإيراني "عملوا مع حماس، منذ أغسطس 2023،لتخطيط التوغلات الجوية والبرية والبحرية"، وأن مسؤولي الأمنالإيرانيين "أعطوا الضوء الأخضر للهجوم باجتماع في بيروت".
وأضافت صحيفة "واشنطن بوست"، أن المسلحين الفلسطينيينالذين يقفون وراء الهجوم المفاجئ على إسرائيل، قاموا بالتخطيطله "قبل عام على الأقل"، بدعم رئيسي من الحلفاء الإيرانيين الذينقدموا التدريب العسكري والمساعدة اللوجستية بالإضافة إلىعشرات الملايين من الدولارات لشراء أسلحة.
كما أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى دلائل من عام 2023،تشير إلى أن "إيران ووكلاءها يستعدون لاتخاذ نهج أكثر عدوانيةتجاه إسرائيل"، مشيرة إلى زيارة أجراها، إسماعيل قاآني، قائدفيلق القدس في الحرس الثوري، إلى لبنان، واجتماعه معمسؤولين في حزب الله وحماس.
وكان وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان، قد أجرىزيارة إقليمية خلال الأيام الماضية، وشملت لبنان والعراق وسوريا،وصولا إلى قطر التي التقى فيها بقادة من المكتب السياسيلحماس.
وذكرت حماس في بيان سابق إن عبد اللهيان اجتمع مع رئيسالمكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، السبت 7 أكتوبر، فيقطر، حيث ناقشا هجوم الحركة في إسرائيل "واتفقا على مواصلةالتعاون".
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن، أن "الأحداثالحالية بالنسبة لإيران تشكل لها محطة اختبار"، وذلك "لأنالمعارك الحاصلة ترتبط بالمحور الذي تترأسه".
ويقول شتيرن لموقع "الحرة": "وقوفها مهم وتأييدها مهم وأعتقدأنها كانت على علم مسبق بالهجوم، لكن ليس على كل التفاصيلالدقيقة".
ويضيف "هي قامت بالتأييد والدعم من خلال الخبرة والعتادالعسكري والتمويل"، وفي ذات الوقت "لا تريد أن تتسع رقعةالصراع إلى لبنان وسوريا.
وتابع: "إيران تحاول المحافظة على أوراق الضغط على إسرائيلومنها إلى باقي الدول والولايات المتحدة. هي تريد أن تبقي فييدها أوراق ضغط وليس أن تستعملها في آن واحد. هذا ما أراه"،في إشارة من شتيرن إلى حزب الله ومدى انخراطه في المواجهة.
ويعتقد الباحث الأمريكي، بوهل أن "إيران يمكنها تغييراستراتيجيتها والتصعيد إذا وقعت أعداد كبيرة من الضحاياالمدنيين أثناء الغزو البري الإسرائيلي لغزة".
كما يعتقد المسؤول الأمريكي السابق، جويل رايبورن، أن "المرشدالأعلى خامنئي هو من اتخذ القرار بمحاولة ردع إسرائيل بشكلدائم".
ويذكر رايبورن لموقع "الحرة": "فعل ذلك لأنه رأى أن الإسرائيليينمنقسمون داخليا للغاية بحيث لا يمكنهم الرد، كما رأى أن الإدارةالأمريكية مترددة للغاية في الرد على أي تصعيد".
لكن الباحث في الشؤون الإيرانية، محمود البازي، يوضح أن"إيران على عكس كل الاتهامات تفاجأت بالهجوم مثلها مثلغيرها"، لكنه يشير إلى "فرق يميزها عن باقي الدول، إذ تمنححرية كبيرة لحلفائها. تمولهم وتستفيد من هجماتهم".
ولا يستبعد المحلل الإسرائيلي شتيرن أن "يتسع النزاع لما هوأبعد من غزة"، وخاصة أن "إسرائيل جنّدت كل جنود احتياطها،بينما بعثت أمريكا بحاملتي طائرات". ويقول: "الأمور المعقدةعلى نحو أكبر تبدو مع لبنان وحزب الله وسوريا".
الحرب البرية
جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم السبت 14 أكتوبر:
أعلن الجيش الإسرائيلي، أن قواته تستعد لتنفيذ مجموعة واسعة من خطط العمليات الهجومية مع تزايد التوقعات باجتياح وشيك لقطاع غزة.
وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته انتشرت في جميع أنحاء البلاد، مما زاد من استعدادات العمليات للمراحل التالية من الحرب، "مع التركيز على العمليات البرية الكبيرة".
مع اقتراب العملية الإسرائيلية البرية حسب التقديرات الأمريكية، قال تحليل لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية بعنوان "ماذا ستواجه إسرائيل في غزة"، إن أي اجتياح بري لا يخلو من التعقيدات اللوجستية والميدانية، وعرض التحليل سيناريوهات للمعارك في حال اجتاح الجيش الإسرائيلي قطاع غزة.
اشتبكت إسرائيل وحماس في عدة مناسبات منذ وصول الحركة إلى السلطة في عام 2007. لكن تلك المعارك كانت محدودة إلى حد ما، إذ "تمكنت إسرائيل من ضرب حماس بشدة بغارات جوية استهدفت البنية التحتية الرئيسية في غزة، ولم تغامر إلا بعمليات متفرقة على الأرض".
وكان السبب وراء عدم الدخول برا، وفق التحليل، هو أن الهجمات البرية في غزة عادة ما تكون صعبة للغاية.
وخلال آخر هجوم كبير نفذه الجيش الإسرائيلي على غزة، في عام 2014، قتل ما يقرب من 66 جنديا إسرائيليا وستة مستوطنين وأكثر من 2000 فلسطيني.
وعلى الرغم من توغل الجيش على عمق بضعة أميال فقط في الجيب، كان معظم القتلى الفلسطينيين من المدنيين "وكان ربع العدد من الأطفال".
"الحسابات اليوم مختلفة إلى حد كبير" وفق المجلة، حيث جاءت عملية عام 2014، التي بدت ضخمة في ذلك الوقت، ردا على هجمات حماس الصاروخية. وشكلت تلك الضربات تهديدا لإسرائيل، لكن تم اعتراضها بواسطة نظام القبة الحديدية الصاروخي وأسفرت عن أضرار طفيفة.
على النقيض من ذلك، كان هجوم حماس، السبت 7 أكتوبر 2023، أكثر فتكا، حيث قتل أكثر من 1400 شخص إسرائيلي في يوم واحد، وهي أسوأ خسارة في الأرواح في تاريخ إسرائيل.
نتيجة لهذا، فإن الهدف العسكري المباشر لإسرائيل يتلخص الآن في تدمير حماس أو على الأقل "إصابتها بالشلل" وفق تعبير التحليل.
وبحسب تحليل المجلة "ستحتاج القوات الإسرائيلية إلى الانخراط في قتال حضري من منزل إلى منزل ضد عدو مستعد جيدا وملتزم بجعل الغزاة يدفعون ثمن أي تحرك".
وسيكون التقدم بطيئا، وستكون المعارك ضارية، وسوف تحتاج إسرائيل إلى استخدام القوة النارية الساحقة لتحقيق أهدافها "لكن في هذه العملية، قد تقتل أعداد هائلة من المدنيين".
من أجل "الاستيلاء على غزة" وفق تعبير التحليل، سيتعين على إسرائيل أن تقاتل في بيئة عدائية، إذ أن القطاع معروف بكثافته السكانية الكبيرة (أكثر من 20 ألف شخص لكل ميل مربع)، وهؤلاء السكان ليسوا أصدقاء للجيش الإسرائيلي، حسب المجلة.
يضاف إلى ذلك، أن جزءا كبيرا من القطاع مشيد بأزقة ضيقة وساحات ومبان خرسانية ذات ارتفاعات مختلفة، وهو مشهد تعرفه حماس والجماعات الغزاوية الأخرى عن كثب "وسوف يستخدمون هذه الجغرافيا والمعرفة للإيقاع بالقوات الإسرائيلية وإبطائها".
بالإمكان أيضا أن يواجه جنود الجيش الإسرائيلي تهديدات من القناصة والعبوات الناسفة والانتحاريين والصواريخ المضادة للدبابات والقذائف الصاروخية والطائرات بدون طيار.
إلى ذلك، سيعرض التوغل في شوارع غزة، الجنود الإسرائيليين لإطلاق النار المباشر وغير المباشر، لذا، فإنهم سينتقلون من منزل إلى منزل كلما أمكن ذلك "عن طريق إنشاء ثقوب الفئران، وهي عملية مرهقة يقوم فيها الجنود بإحداث فتحات في الجدران للتقدم".
في غضون ذلك، ستتفاقم الاشتباكات بسبب مهارة حماس في حرب الأنفاق.
ونجحت الجماعة في استخدام الأنفاق لتهريب البضائع والمقاتلين إلى غزة وخارجها وما حولها لسنوات.
يقول التحليل في الصدد "هذه المرة، سيتعين على إسرائيل أن تقلق أكثر بشأن شبكات الأنفاق الواسعة داخل غزة.. مقاتلو حماس سوف يستخدمون هذه الأنفاق لإخفاء القادة والظهور فجأة خلف قوات الجيش الإسرائيلي، مما قد يسمح لهم بنصب كمائن واختطاف وقتل الجنود الإسرائيليين".
عامل المفاجأة
عند إجراء عمليات في مناطق وعرة، يعتمد الجيش الإسرائيلي عادة على المفاجأة التكتيكية للحصول على ميزة السبق، والهجوم من اتجاهات غير متوقعة، ومحاولة خداع الخصوم، والسعي للقبض عليهم وهم غير مدركين لما يجري.
لكن حماس تملك المبادرة في هذه الحرب، فقد فاجأت إسرائيل بهجومها، وهي بالتأكيد تتوقع ردا مدمرا، فقواتها مستعدة بشكل جيد على نحو شبه مؤكد.
وسيتم تعزيز صفوف حماس أيضا بمقاتلين من جماعات أخرى، مثل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، ومدنيين ينضمون إلى القتال، بينما تتعقد مهمة الإسرائيليين أكثر.
"سوف تزداد التكتيكات الإسرائيلية تعقيدا بسبب الأعداد الكبيرة من المختطفين الذين تحتجزهم حماس" يقول التحليل.
ينصح التحليل بضرورة مراقبة واستطلاع قطاع غزة قبل أي تحرك بري، وذلك باستخدام الطائرات بدون طيار وطائرات المراقبة ذات قدرات الاستشعار المتقدمة.
ستسمح هذه الآليات للجيش الإسرائيلي، وفق التحليل، باكتساب نظرة من الداخل على المنازل والطوابق التي سيحتاج الجنود إلى عبورها أثناء تقدمهم.
وسيقوم الجيش بتكملة هذه المعطيات، بمعلومات استخباراتية من متعاونين محتملين، بالإضافة إلى الأقمار الاصطناعية ومصادر أخرى، ما يوفر له التوجيه العام أثناء تقدم جنوده على الأرض ويساعده على تحديد مواقع حماس وتجنب الكمائن.
في النهاية، يلفت التحليل، إلى ضرورة أن يكون هدف الجيش الإسرائيلي، تقليل الخسائر في صفوفه".
نصيحة بايدن
يوم الأحد 15 أكتوبر أكد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن إسرائيل " سترتكب خطأ إذا احتلت غزة"، مشيرا إلى أنه "واثق" من أن إسرائيل "ستتصرف بموجب قوانين الحرب" في صراعها مع حركة حماس.
وفي مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" على قناة "سي بي أس" الأمريكية، عبر بايدن عن اعتقاده أنه "يجب القضاء على حركة حماس تماما"، لكن يجب أيضا أن يكون هناك مسار نحو دولة فلسطينية.
وأضاف أن نشر قوات أمريكية في الشرق الأوسط "غير ضروري"، لأن إسرائيل "تملك أحد أفضل القوات المقاتلة". وبشأن إيران، قال بايدن إن "رسالتي إلى إيران هي، لا تعبري الحدود ولا تصعدي الحرب".
وشدد بايدن على أن واشنطن يمكنها "الاهتمام بالحرب في إسرائيل وأوكرانيا والمحافظة في الوقت نفسه على دفاعها العالمي". وحذر بايدن من أن "تهديد الإرهاب في الولايات المتحدة زاد بسبب التوتر في الشرق الأوسط".
من جانبه أعلن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، يوم الأحد أن إرسال حاملتا طائرات إلى المنطقة يعد جزءا من الجهود الأمريكية لردع توسيع الحرب. وأوضح بيان للبنتاغون أن المجموعة الضاربة تضم طراد الصواريخ الموجهة "يو إس إس فلبين سي"، ومدمرات الصواريخ الموجهة "يو إس إس غرافلي" (دي دي جي 107) و مدمرة "يو إس إس ميسون" (دي دي جي 87)، و الجناح الجوي الناقل 3، مع تسعة أسراب طائرات.
في هذه الأثناء احتدت المواجهة في مجلس الأمن الدولي بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة أخرى بسبب المعارضة لسعي واشنطن إستصدار قرار وبيان مؤيد لتل أبيب. وقد اتهم البيت الأبيض موسكو وبكين بإستغلال الحرب الحالية لترسيخ مكاسبهما في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم.
وجود إسرائيل على المحك
كتب المحلل الروسي إيغور سوبوتين، في "نيزافيسيمايا غازيتا" يوم 10 أكتوبر، حول إعلان الحرب في إسرائيل والمصير الذي ينتظر تل أبيب.
وجاء في المقال: صوت مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على إعلان الحرب، في محاولة واضحة لتجريد حماس من وضعها السيادي في غزة. ومع ذلك، فإن أي إجراء تصعيدي سيكون له ثمنه.
فقد أشار خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيمينوف، في محادثة مع "نيزافيسيمايا غازيتا" إلى أن "المعادلة تتغير ليس فقط حول قطاع غزة، إنما وحول وجود إسرائيل بالذات. لقد أثبتت حماس أن كل شيء قد تغير وأن إسرائيل أصبحت الآن ضعيفة للغاية. لقد حدث شيء لم يكن من الممكن أن يحدث من قبل: غزتها مجموعات فردية، كانت في السابق، من وجهة النظر الإسرائيلية، عبارة عن فتيان عاديين. وطالما نفذت إسرائيل هجمات استعراضية ضد حماس، معتقدة بأنه لن يكون هناك رد. مع أن ردة الفعل من جانب الفلسطينيين كان لا بد أن تأتي عاجلا أم آجلا".
وبحسب سيمونوف، فإن الجانب الإسرائيلي ليس لديه خيارات جيدة في الظروف الحالية. فسيناريو تجميد الوضع بعد الضربات على غزة أو سيناريو تنظيم "مفرمة لحم" في القطاع الفلسطيني مع عواقب غير واضحة لن يحل أي شيء. "المشكلة تعود إلى حقيقة أنه ينبغي قيام دولة فلسطينية على أراضي فلسطين، بإدارة وسيادة فلسطينية. يبدو لي أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج. وإلا فإن إسرائيل ستستمر في تلقي ردود قاسية".
والسؤال الآخر، كما يقول ضيف الصحيفة، هو ما إذا كان الجانب الإسرائيلي سيبدأ في "تطهير" قطاع غزة من جميع الفلسطينيين، "ولكن هذا قد يؤدي إلى تصعيد أكبر. فلا يزال من غير المعروف كيف سيكون رد حزب الله، والدول العربية على ذلك. لذا فإن اللغز لا يدور حول غزة، بل حول وجود إسرائيل نفسها. عاجلا أم آجلا، كان لا بد من حدوث مثل هذا التصعيد، لأن رفض القيادة الإسرائيلية المنهجي لاتخاذ خطوات حقيقية تجاه الفلسطينيين خلق مخاطر كبيرة".
إعادة لأزمة 1973 النفطية
كتبت المحللة أولغا ساموفالوفا، في "فزغلياد" يوم 12 أكتوبر، حول سيناريوهات تطور الصراع في فلسطين، وانعكاسه على أسعار النفط.
وجاء في المقال: العملية العسكرية، التي بدأت في السابع من أكتوبر، قد تلحق ضررا جديا بإستقرار سوق الطاقة في مختلف أنحاء العالم.
تدرس السوق السيناريوهين الأسوأ، في حال توصلت إسرائيل إلى أن حماس تصرفت بتوجيه من إيران.
يفترض السيناريو الأول لتطور الوضع أن تقوم الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، بزيادة ضغط العقوبات على إيران، فيخرج النفط الإيراني من السوق جزئيا أو كليا، ويفترض سيناريو آخر أن الولايات المتحدة وإيران والشرق الأوسط بأكمله تقريبا سوف ينجرف إلى صراع إقليمي. ومن ثم، في أسوأ الأحوال، قد يصل الأمر حتى إلى منع مرور السفن عبر مضيق هرمز، الذي يجري من خلاله نقل 17 مليون برميل من النفط يوميا بالناقلات.
بحسب الخبير في الجامعة المالية الحكومية والصندوق الوطني لأمن الطاقة، إيغور يوشكوف، "في السنوات الأخيرة، قامت إيران بزيادة حجم صادراتها، وصلت تقريبا إلى مستوى ما قبل العقوبات- ما يصل إلى 1.5-2 مليون برميل يوميا- وإذا خرج النفط الإيراني من السوق أو انخفضت أحجام صادراته، فسيكون ذلك أمرا حساسا للسوق العالمية بأكملها، وسيؤدي إلى ارتفاع سعر النفط".
السيناريو الأكثر خطورة هو إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران نفسها أو أي جهة أخرى. وفي الصدد، قال يوشكوف: "كل النفط من إيران والعراق والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكذلك الغاز الطبيعي المسال من قطر، يمر عبر مضيق هرمز. وحتى لو تم إغلاق المضيق لفترة قصيرة، فإن ذلك سيؤدي إلى قفزة في أسعار النفط، وكذلك أسعار الغاز. وسوف تندلع أزمة طاقة عالمية، الأمر الذي سيؤدي إلى ركود في الاقتصاد العالمي".
وختم بالقول: "السيناريو الأكثر خطورة هو تكرار أزمة 1973. ولكن حدوث ذلك يتطلب جر الشرق الأوسط بأكمله تقريبا إلى صراع عسكري مع إسرائيل، حين ستقف الدول العربية ضد إسرائيل وداعميها الغربيين".
اقتصاد العالم ضمن 3 سيناريوهات
جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 14 أكتوبر 2023: مع دخول الحرب بين إسرائيل وغزة يومها الثامن، تزداد المخاوف من تمدد الصراع، وانعكاساته على الاقتصاد العالمي.
توقعت وكالة بلومبيرغ في تقرير مطول نشر الجمعة، ثلاثة سيناريوهات للاقتصاد العالمي في ظل الحرب. ذكرت الوكالة إن الحرب يمكن أن تدفع الاقتصاد العالمي إلى التباطؤ والركود، إذا أدى الصراع المتصاعد إلى ارتفاع أسعار النفط، وأوضحت أن ذلك يمكن أن يحصل في حال تحول الصراع إلى إقليمي وتدخل دول جديدة فيه.
ولفت التقرير إلى وجود "خطر حقيقي" على الاقتصاد، وهناك مخاوف من انضمام مجموعات في لبنان وسوريا التي تدعم حماس إلى القتال.
وأي تصعيد أكثر حدة قد يدفع إسرائيل إلى صراع مباشر مع إيران، التي تزود حماس بالسلاح والمال.
وفي هذا السيناريو، تشير تقديرات بلومبيرغ إلى أن أسعار النفط قد ترتفع إلى 150 دولارا للبرميل، وينخفض النمو العالمي إلى 1.7 في المئة، ويحدث ركود قد يقتطع حوالي تريليون دولار من الناتج العالمي.
ويمكن للصراع في الشرق الأوسط أن يؤدي لهزات عبر العالم لأن المنطقة مورد حيوي للطاقة وممر شحن رئيسي.
وتعد الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1973، والتي أدت إلى حظر النفط وسنوات من الركود التضخمي في الاقتصاديات الصناعية، أوضح مثال على ذلك.
وكان لصراعات أخرى تأثير محدود أكثر، حتى عندما كانت الخسائر البشرية مرتفعة.
ويبدو الاقتصاد العالمي اليوم ضعيفا، ولا يزال يتعافى من نوبة التضخم التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. ومن الممكن أن تؤدي حرب أخرى في منطقة منتجة للطاقة إلى إشعال التضخم من جديد.
وقد تمتد العواقب الأوسع نطاقا من تجدد الاضطرابات في العالم العربي، إلى الانتخابات الرئاسية في العام المقبل في الولايات المتحدة، حيث تشكل أسعار البنزين أهمية بالغة في اختيارات الناخبين.
وكل هذه التأثيرات المحتملة تعتمد على كيفية تطور الحرب خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، وقامت بلومبيرغ بدراسة التأثير المحتمل على النمو العالمي والتضخم في ظل ثلاثة سيناريوهات.
في الحالة الأولى، تظل الحرب محصورة إلى حد كبير بين غزة وإسرائيل.
وفي الحالة الثانية، يمتد الصراع إلى دول مجاورة مثل لبنان وسوريا التي تستضيف ميليشيات قوية تدعمها طهران، مما يحوله بشكل أساسي إلى حرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران.
والثالث ينطوي على التصعيد وصولا إلى صراع مباشر بين العدوين الإقليميين إيران وإسرائيل.
وفي كل هذه الحالات، سيكون الاتجاه هو نفسه، أي ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النمو، ولكن بنسب مختلفة، وكلما اتسع نطاق الصراع، أصبح تأثيره عالميا وليس إقليميا فقط، بحسب الوكالة دائما.
ويقول الباحث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، حسن الحسن: "لا أحد في المنطقة، ولا حتى إيران، يريد أن يرى الصراع بين حماس وإسرائيل يتصاعد إلى حرب إقليمية شاملة".
ولطالما اعتبرت إسرائيل طموحات إيران النووية بمثابة تهديد وجودي.
وقد أدت تحركات طهران لبناء تحالف عسكري مع روسيا، واستعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، إلى زيادة القلق لدى إسرائيل، وفقا لبلومبيرغ.
أمن الطاقة العالمية
جاء في تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية يوم 12 أكتوبر:
إن الحرب في غزة قد تقلب أمن الطاقة العالمي رأسا على عقب، وسط تحذيرات من تفاقم الصراع وتباعياته المتمثلة في إمكانية تعطيل إنتاج الغاز ونقاط الشحن الرئيسية.
وكانت إسرائيل تحلم بفضل مواردها الوفيرة من الغاز الطبيعي البحري، منذ فترة طويلة بترسيخ نفسها كلاعب رئيسي في مجال الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، بل وفي لحظاتها الأكثر طموحا، رغبت في أن تكون موردا رئيسيا لأوروبا.
بعد ساعات من انطلاق عملية "طوفان الأقصى" ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي الأوروبي والنفط العالمي بنسبة 14 في المئة و4 في المئة على التوالي، مما يعكس حالة عدم اليقين والمخاوف من تفاقم الصراع.
كما ارتفعت أسعار النفط بسبب المخاوف، مرة أخرى، من أن إيران قد تغلق مضيق هرمز، وهو نقطة العبور لنحو ثلث النفط المنقول بحرا.
وكذلك ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي، لأن إسرائيل أغلقت منصة إنتاج بحرية كبيرة تقع في نطاق صواريخ غزة. ومع تفاقم القتال الإثنين، طلبت إسرائيل من شركة "شيفرون" وقف الإنتاج في حقل تمار البحري، الذي يمثل حوالي نصف انتاج الغاز المحلي الإسرائيلي.
وهناك حقول بحرية إسرائيلية أكبر، والتي لم تتأثر حتى الآن، بالإضافة إلى حقول أصغر، لكن الحرب البرية لها بالفعل تأثيرات بحرية.
يقول صحبة كربوز خبير الطاقة في مرصد البحر الأبيض المتوسط للطاقة، إن "المستقبل كان مشرقاً بالنسبة لإسرائيل، من حيث كونها لاعبا إقليميا وحتى عالميا" في قطاع الغاز الطبيعي.
والمشكلة الآن هي أن إسرائيل ستحصل على الغاز من مكان آخر، مما قد يؤدي إلى تحويل مسار ناقلات مليئة بالغاز الطبيعي المسال.
وهذا يعني أن الأسعار سوف ترتفع في أوروبا، كما حدث بالفعل، مع وصول الأسعار الطبيعية إلى أعلى مستوياتها خلال 6 أشهر، الأربعاء.
ويضيف كربوز: "إذا تصاعدت المشكلة، فإنها ستكون أيضا مشكلة لسوق النفط والغاز العالمية". لن تبقى إقليمية".
عمر نجيب