عبر التاريخ البشري المسجل كانت الصراعات العسكرية تشهد من فترة إلى أخرى ما يمكن أن يوصف بالقفزات المفاجئة والصادمة سواء من حيث نوعية الأسلحة أو التكتيكات أو تقلب وتبدل التحالفات وغيرها. في غالبية الحالات كانت تلك القفزات تفرض نفسها في ساحات الصراع وتسمح للطرف المبتكر بتحقيق مكاسب رغم أن موازين القوى قد تكون راجحة لخصومه.
التاريخ ما هو إلا حكاية، ذات مكان وشخصيات وعقدة وحل، ودرس ربما علينا أن نتعلمه حتى لا نكرر أخطاء الماضي. ومنذ تحول البشر من الترحال والصيد إلى الاستقرار والزراعة، حيث أنشأوا مجتمعات أكثر تعقيدا، بدأت الحروب في الظهور لحسم النزاعات حول الأراضي والموارد.
الحرب بمعناها المتداول هي صراع طويل وعنيف، وعلى مستوى كبير، بين مجموعات سياسية متعارضة.
يميل الكتاب السياسيون إلى حصر مصطلح الحرب في الصراعات التي تنشأ بين قوتين متكافئتين في القوة والعدة والعتاد، ما يجعل المحصلة النهائية للحرب صعبة التوقع. بينما الحروب غير المتكافئة بين قوة غاشمة ومجموعة منعزلة غير مسلحة تحمل مسميات أخرى عديدة، مثل "الحملات العسكرية" أو "الاستكشافات". وفي حالة الصراعات داخل المجموعة الواحدة، يطلَق على الصراع "تمرد" أو "عصيان". في السيناريو الأخير، لو امتلكت المقاومة القوة الكافية، فقد يتطور الأمر إلى حرب أهلية.
الخبير "المنظر" العسكري الأمريكي "كولونيل وليم إس. ليند"، الحاصل على درجة الماجستير في التاريخ، وقد عمل كمساعد للتشريع لعضو مجلس الشيوخ الأمريكي "روبرت تافت" الإبن عن ولاية أوهايو، وضع نظرية أجيال الحروب الأربعة، وهو يرى أن أجيال الحروب تتغير مع إحداث ما أسماه "نقلة نوعية مؤكدة، أو ما وضع يمكن أن نطلق علية "Delicately Qualitative Shift"، في طبيعة الحرب بغض النظر عن تكنولوجيا التسليح.
وليم إس. ليند وفي وصفه لحروب الجيل الرابع والذي أطلق مصطلحها "GW 4" لأول مرة عام 1989، عرفت بالنزاع في منطقة غير واضحة المعالم بين دائرتي الحرب والعمل السياسي، ويشغل هذه المنطقة مقاتلون أو سياسيون، وتعرف أيضاً بأنها عنصر العنف غير الحكومي "VNSA"، أو ما يمكن تسميته بـ"A Violent Non-State Actor"، والذي يحارب دولة أخرى بأسلحته الخاصة، وقد صيغت من خلال نفس المفهوم على أنها "الحرب اللا متماثلة – Asymmetric War" أي الصراع الذي يتميز بعدم تكافؤ التسلح ولامركزية الإجراءات، وقد طُور الجيل الرابع إلى "GW 4.6"، لتستخدم فيه وسائل الإعلام، ومنظمات المجتمع المدني، والمعارضة السياسية والعمليات الإستخباراتية.
حرب العصابات
يختلف المحللون بشأن ما إذا كان يمكن تصنيف حرب العصابات كأحد نماذج حروب الجيل الرابع.
حرب العصابات شكل من أشكال القتال بين مجموعات مسلحة وقوات نظامية وقد تقوم بها مجموعات محلية ضدَ محتل أجنبي، فهي أسلوب عسكري يلجأ إليه الطرف الأضعف للتغلب على خصم قوي عندما يجد أن المواجهة النظامية ليست في مصلحته.
وتتميز حرب العصابات بطابعها الفجائي المباغت، لاستنزاف العدو وجره إلى تعبئة دائمة وتكبيده خسائر فادحة بجهد محدود، كما تلجأ في بعض الأحيان إلى تخريب المنشآت والبنيات التحتية الحيوية بالنسبة له. وتختلف حرب العصابات عن عمليات المرتزقة لأن دافعها سياسي وأيديولوجي، في حين أن عمليات المرتزقة دافعها مادي صرف.
تعود تسمية حرب العصابات والتي يطلق عليها بالإنجليزية "guerrilla warfar " إلى اللغة الإسبانية"guerre de guerrilla " وتعني الحروب الصغيرة.
وظهر هذا النوع من الحروب لأول مرة مع مطالع القرن الـ19 خلال حرب التحرير الإسبانية ضد احتلال جيوش نابليون بونابارت لـ إسبانيا وتدخلها في شؤون الداخلية بعد أن كانت قد دخلتها بترخيص من الملك شارل الخامس، بذريعة غزو البرتغال عقابا لها على الترخيص للسفن البريطانية بالتزود بالوقود والمؤن من موانئها.
لكن نابليون طور تطلعاته إزاءَ إسبانيا إلى الرغبة في احتلالها، سيما بعد حصول انقلاب عسكري مع بعثة جيشَه الثاني والذي تمركز في مدريد عام 1806.
وفي عام 1808، بدأت مجموعات وطنية إسبانية شن عمليات عسكرية خاطفة ومفاجئة ضد الجيش الفرنسي أطلق عليها لاحقا حرب التحرير الإسبانية. ورغم تواضع إمكانيات المجموعات التي تنفذها، كبدت تلك العمليات الجيش الفرنسي خسائر فادحة خصوصا بعد الدعم الذي حظيت به من قبل البرتغاليين وحلفائهم البريطانيين، لتنتهي تلك الحرب بتراجع جيوش نابليون إلى جبال البرانس لتُصبح فرنسا في مرمى الغزو البريطاني البرتغالي.
مقاومة وتحرير
أصبحت حرب العصابات تقليدا شائعا بين حركات التحرر عبر العالم في القرن العشرين سواء في أفريقيا أو آسيا أو أمريكا اللاتينية، وتزايدت بصورة مضطردة في الستينيات والسبعينيات من ذلك القرن بظهور حركات تبنت هذا الأسلوب، وقد تأثر أغلبها بواقع القطبية الثنائية السائد بعد الحرب العالمية الثانية، ولوحظ أن أغلبها حركات يسارية مدعومة من الاتحاد السوفياتي (السابق) تقارع أنظمة ليبرالية مدعومة من الغرب.
وفي المغرب، نفذ جيش التحرير عمليات نوعية من حرب العصابات ضد الاحتلال الإسباني خصوصا في منطقة الريف تحت قيادة الزعيم عبد الكريم الخطابي مثل معركة أنوال، وكذلك في منطقة سيدي إفني حيث أثخنت قبائل تكنة وآيت بعمران الجيشين الفرنسي والإسباني عبر عمليات نوعية خاطفة مستلهمة من تكتيكات حرب العصابات.
وقبل ذلك، اشتهر المجاهد الليبي عمر المختار بتكتيكاته الفريدة التي كبدت الجيش الإيطالي خسائر فادحة فصارَ بذلك رمزا من رموز حرب العصابات التحررية عبرَ كمائنه المشهودة وغاراته الفتاكة ضد حاميات الجيش الإيطالي في كل أرجاء ليبيا، إلى أن أسر وأُعدم عام 1931.
إلهام
ألهمت حرب العصابات منظري العسكرية النظامية في الفترة المعاصرة، وهو ما أثمر في النهاية تشكيل القوات الخاصة التي توكل إليها مهام محددة في عمقِ أراضي العدو، وتتحرك في مجموعات صغيرة لإصابة أهداف محددة في نطاقها الزمانيوالمكاني.
ومن أوجه الشبه الأخرى كذلك بين حرب العصابات والعمليات الخاصة أن هدفهما ليس تحقيق مكسب ميداني أو عسكري حاسم وإنما تكبيد العدو خسائر، أو التمهيد لعملية عسكرية كبيرة عبر تلك العمليات النوعية التي قد يكون هدفها تنفيذ اغتيالات أو تخريب بنيات أو تجهيزات أو قطع خطوط إمداد إلى غير ذلك.
التفاصيل الخاصة بعملية "طوفان الأقصى" التي بدأت فجر يوم السبت 7 أكتوبر 2023، قد تحتاج لأشهر لتتضح بشكل كامل وكذلك الرد الإسرائيلي عليها تحت مسمى عملية "السيوف الحديدية". في المرحلة الحالية أي على مشارف اليوم الثالث للهجوم الفلسطيني الذي تقوده حركة حماس بمساندة حركة الجهاد وتنظيمات مسلحة فلسطينية انطلاقا من قطاع غزة الذي لا يتوفر سوى على منفذ وحيد غير خاضع لإسرائيل وهو ممر رفح مع مصر، تظهر معطيات تشكل قاعدة لتصور تحولات جذرية في الصراع الدائر عمليا على أرض فلسطين منذ هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى سنة 1918.
نهاية أسطورة
على مدي حوالي خمسة عقود تقر العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية أن حرب أكتوبر 1973 كانت سببا في زعزعة اليقين والغطرسة في "إسرائيل"، وقد رسخت الحروب المتعددة اللاحقة، التي فشلت فيها "إسرائيل" بمواجهاتها البرية أيضاً، عدمَ اليقين هذا، ففي عام 2000، انسحب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، وفي عام 2005، انسحب من قطاع غزة، من دون أن يفرض أي شروط على أي منهما.
وحرب يوليو عام 2006، التي رغب منها سحق المقاومة في لبنان، انتهت بهزيمة ساحقة لـ"إسرائيل". رغم حشد الجيش الإسرائيلي 130 ألف جندي، "قاموا بأكبر إنزال بري للقوات" في تاريخ إسرائيل. وفي وادي الحجير، تمت تصفية الهجوم الإسرائيلي.
أقوى جيوش العالم
جاء في تقرير نشر في مواقع لدول التعاون الخليجي يوم 9 أكتوبر 2023: تشتهر إسرائيل بامتلاكها أحد أقوى الجيوش وأحد أقوى الأجهزة الإستخبارية في العالم، حيث خصصت على مدار تاريخها موازنات ضخمة للأغراض العسكرية، غير أن عملية "طوفان الأقصى" زادت من إلحاح التساؤل عن جدوى كل تلك النفقات وعن مدى كفاءة أجهزة أخفقت في توقع هجمات المقاومة الفلسطينية وصدها.
ويتحدث الإسرائيليون منذ فجر السبت 7 أكتوبر 2023 عن ثغرة أمنية لم تشهدها تل أبيب منذ هزيمتها في حرب أكتوبر من عام 1973، وقد جرف طوفان الأقصى مليارات أنفقتها إسرائيل منذ نشأتها على ما تسميه الأغراض الدفاعية، حيث يصنف الجيش الإسرائيلي في المرتبة 17 بين أكثر جيوش العالم إنفاقا بميزانية دفاع تتجاوز 24 مليار دولار سنويا.
وبشأن دعمها الخارجي، تحصل إسرائيل من الولايات المتحدة التي تصنفها حليفا رئيسيا من خارج الناتو على مساعداتها العسكرية الأكبر وقدرها 3 مليارات و800 مليون دولار سنويا ما مكنها من شراء أحدث المعَدات العسكرية الأمريكية وبناء أحد أقوى الجيوش في العالم.
ويصنف الجيش الإسرائيلي ضمن أقوى 18 جيشا في العالم، وفقا لإحصائيات موقع "غلوبال فايرباور" الأمريكي للعام 2023، ويضم هذا التصنيف القوة الإجمالية للجيش الإسرائيلي بجميع أسلحته وأفراده.
كما تبدى الإخفاق الآخر في انكشاف سهولة اختراق التحصينات العسكرية هناك بكل ما تشمله من جدار وحواجز إسمنتية وأسلاك شائكة وإلكترونية وتقنيات رصد متطورة، فكان توغل المقاومين وسيطرتهم على معابر حدودية وقواعد عسكرية ومستوطنات في العمق الإسرائيلي، حيث تعددت مظاهر الإخفاق الإسرائيلي على المستويات التكتيكية والعملياتية والإستراتيجية.
الإخفاق
جاء في تقرير نشر يوم 8 أكتوبر 2023 في العاصمة الأمريكية واشنطن وعلى قناة الحرة التابعة للحكومة الأمريكية:
عندما دوت الانفجارات وتطاير الرصاص فوق المنازل في المناطق المتاخمة لحدود قطاع غزة، صباح السبت، تساءل مذيع الأخبار في "القناة 12" الإسرائيلية، داني كوشمارو: "أين الجيش الإسرائيلي؟ أين الشرطة؟ أين الأمن؟".
وكان الإسرائيليون تحت وقع الصدمة، بعد أن شن مقاتلون من حركة "حماس" الفلسطينية هجوما مفاجئا واسع النطاق داخل الأراضي الخاضعة لإسرائيل باستخدام صواريخ وطائرات شراعية ودراجات نارية وشاحنات صغيرة وقوارب.
وفي حديث لموقع "الحرة"، وصف الخبير في الشؤون العسكرية، يوسي ميلمان، الهجوم بأنه "أكبر تحد لإسرائيل منذ حرب يوم الغفران (السادس من أكتوبر) في عام 1973، وثاني فشل عسكري واستخباراتي منذ تأسيس الدولة".
وأظهرت صورة ومقاطع عناصر حركة "حماس" في العديد من المدن والقرى الإسرائيلية على طول الحدود مع غزة. وتساءل كثيرون: كيف يمكن لواحد من أفضل الجيوش في العالم أن يكون غير مستعد لمثل هذا السيناريو؟.
الخبير الأمني الاستراتيجي الإسرائيلي، آفي ميلامد، قال لموقع "الحرة": "لا شك أنه كان هناك فشل هائل للمخابرات الإسرائيلية والأنظمة العسكرية الإسرائيلية، لكن في هذه المرحلة لا نعلم بالضبط ما حدث".
ويعتبر ميلمان أن "ما حدث بالنسبة لكل الأجهزة الأمنية أمر غامض ومحير وبالطبع كان هناك فشل هائل".
وأضاف أن الفشل كان على مختلف الجبهات و"كانت هناك مشاكل لوجستية للجيش لدرجة أن عناصره لم يصلوا في الوقت المحدد" إلى المناطق التي اجتاحتها عناصر "حماس".
ويشير تقرير في صحيفة وول ستريت جورنال، يوم الأحد 8 أكتوبر، إلى أن "فشل إسرائيل في توقع هجوم السبت الذي أدى إلى مقتل مئات الجنود والمدنيين واجتياح المسلحين للقرى، أدى إلى تحطيم الشعور والتفاخر بأن أجهزتها العسكرية والاستخبارية لا تقهر. لقد تركت تلك الأحداث العالم يتساءل عن الخطأ الذي حدث.
المبررات
يرى المحلل الإسرائيلي، إيلي نيسان، أن سبب "الإخفاق، يعود إلى "اللامبالاة والشعور الزائد بالأمان".
ووفقا لوول ستريت جورنال، فقد كان "قلل من القادة الأمنيون الإسرائيليون يحذرون من التهديد الذي تمثله "حماس" في الأشهر الأخيرة، إذ امتنعت الجماعة عن المشاركة في الصراعات التي بدأها حليفها الأصغر في غزة، حركة "الجهاد الإسلامي". وكان هناك شعور بأن إسرائيل، وبفضل أنظمة "القبة الحديدية"، قد جعلت التهديد الرئيسي من غزة، المتمثل في الصواريخ قصيرة المدى، غير فعال".
وصرح نيسان لموقع "الحرة": "عندما يشعر الجنود بالأمان أكثر من اللازم وتسيطر حالة اللامبالاة، فهذا ما يحدث، لأنه كانت هناك تحذيرات لم تؤخذ في الحسبان، ولذلك رأينا هذا الهجوم المباغت الذي أدى إلى وقوع العديد من الضحايا، للأسف بسبب الإخفاق والإهمال"، واصفا ما حدث بأنه "إخفاق لإسرائيل وإنجاز لحماس".
وأضاف أن "عناصر "حماس" فاجأوا الجنود الإسرائيليين، في الساعة السادسة والنصف صباحا واقتحموا الحدود وقتلوا من قتلوا، ولم يكن أحد يدافع في هذه الساعة، ولذلك هذا يعتبر بمثابة إخفاق للاستخبارات الإسرائيلية في الجنوب".
وبينما كانت "حماس" تطلق مئات من الصواريخ، كانتعناصرها تقتحم التجمعات الإستيطانية الإسرائيلية القريبة من الحدود. ويبدو أن جنود القوات الإسرائيلية قد فوجؤا عندما استخدم مسلحو الحركة في غزة الجرافات لهدم السياج الأمني مع إسرائيل وتدفقوا إلى داخل إسرائيل، بحسب وول ستريت جورنال.
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أنه بعد بدء حماس عمليتها بساعات، اتصلت مواطنة إسرائيلية كانت محبوسة داخل منزلها، بإذاعة الجيش لتخبره أن "مسلحين يتجولون في منطقتها".
وبعد ثلاث ساعات من بدء الهجوم أي التاسعة والنصف صباحا، عرضت القناة الـ12 ما قالت إنهم سكان غزة العاديون وهم يعبرون من القطاع إلى إسرائيل، مستغلين الثغرات في السياج الأمني، بحسب القناة.
وفي وقت لاحق، وعند حوالي العاشرة والنصف صباحا، اتصلت امرأة تدعى دورين بالقناة الـ12 لتبلغ عن وجود مسلحين داخل منزلها.
وصرح نيسان: "بعد إزالة السياج الأمني الحدودي، كان الطريق مفتوحا للتوغل إلى قرى ومدن وتجمعات استيطانية إسرائيلية. كانت هناك تحذيرات لكن لم يهتم أحد بما حدث".
ونقلت وول ستريت جورنال عن نائب رئيس السياسات في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، بريان كاتوليس: "من الواضح أن هذه كانت عملية مخططة جيدا ولم تظهر بين عشية وضحاها، ومن المفاجئ أن إسرائيل أو أي من شركائها الأمنيين لم تكتشفها. من الصعب التفكير في فشل أمني بهذا الحجم في تاريخ إسرائيل".
وذكر ميلامد لموقع "الحرة": "تعلم الأجهزة الأمنية والاستخباراتية مسبقا كل ما يتعلق بالإمكانات الجوية والبحرية والبرية والتقنيات التي تمتلكها "حماس" وحتى بعدد الصواريخ ومعلومات واسعة بإمكانياتها العسكرية، لا أعتقد أن "حماس" تمتلك أنواعا من الأسلحة التي تعتبر مفاجأة للمخابرات الإسرائيلية".
وأضاف أن "هناك أجهزة وإجراءات أمنية متطورة على طول الحدود بين قطاع غزة ويمكن لها أن ترد على ذلك، لكن لا نعلم لماذا فشلت".
من جانبه، أشار ميلمان إلى أن عدد الجنود في مواقع الارتكاز على الحدود مع قطاع غزة كان أقل من اللازم "بسبب صرف الانتباه عن هذه المواقع وإيفاد عدد منهم إلى مواقع في الضفة الغربية" في ظل تزايد الاشتباكات والعنف هناك لمنع الهجمات المسلحة ضد المستوطنين، ما أدى إلى أن تكون الارتكازات على حدود قطاع غزة، بنصف طاقتها".
وأضاف: "لا أعتقد أنه خلال أول ساعتين، كان الجيش قد فهم بشكل كامل نطاق عملية "حماس"، وهو ما أدى إلى حدوث إخفاقات عسكرية وتكنولوجية ولوجستية، والتسبب في صدمة كبيرة جدا".
ويؤكد ميلامد أنه يجب أن يكون هناك بحث عميق بشأن ما حدث لنفهم جذور وأسباب هذا الفشل.
وقال نيسان: "أعتقد أنه بعد مرور فترة من الزمن وتهدئة الأوضاع، سيتم تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة ما حدث، ومكان التقصيرات، وكيفية تجاوز عناصر "حماس" للسياج الحدودي، ما أفسح المجال أمام منظمة معادية للقيام بهذه العملية وقتل أكثر من 700 إسرائيلي".
دعم أمريكي
في واشنطن أكد البيت الأبيض في بيان، يوم الأحد 8 أكتوبر، أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي، أن المساعدة العسكرية الإضافية "في طريقها الآن إلى إسرائيل"، وسيتبعها المزيد خلال الأيام المقبلة.
ذكر تقرير لموقع "أكسيوس"، أن حزمة المساعدات العسكرية التي أعلن عنها البنتاغون لإسرائيل ستكون ضمن حزم أخرى لدعمها في "هجوم واسع النطاق ضد حماس".
ونقل الموقع عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن وزارة الدفاع الإسرائيلية أعطت البنتاغون بالفعل قائمة أولية بالأسلحة التي تحتاجها، والتي تضمنت ذخائر للطائرات المقاتلة.
وتوقع التقرير أن يؤدي التحرك الإسرائيلي في الأيام المقبلة إلى "عملية برية في غزة من المرجح أن تستغرق عدة أسابيع، ويمكن أن تؤدي إلى تصعيد في أجزاء أخرى من المنطقة".
وبشأن دلالة طلب إسرائيل المساعدة من واشنطن في اليوم الأول من الحرب، يقول تقرير "أكسيوس" إن ذلك يبز حجم القوة النارية التي تتوقع أن تحتاج إليها مع تطور الصراع.
ونقل الموقع عن مسؤول أمريكي قوله إن حزمة المساعدة الأولية لا تحتاج إلى موافقة الكونغرس، لكن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن الفوضى بين الجمهوريين في مجلس النواب قد تعرقل الموافقة على المزيد من المساعدات، حسبما صرح مسؤول أمريكي كبير للصحفيين.
وذكر المسؤول الأمريكي: "سيكون للكونغرس بالتأكيد دور (في الموافقة على المساعدات لإسرائيل)، وبدون رئيس للمجلس، قد يكون هذا مشكلة".
وصرح وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في بيان إن الولايات المتحدة "ستزود بسرعة الجيش الإسرائيلي بمعدات وموارد إضافية، بما في ذلك الذخائر".
وأضاف في البيان المنشور على موقع وزارة الدفاع الأمريكية أن "المساعدات الأمنية الأولى ستبدأ بالتحرك، وستصل خلال الأيام المقبلة".
وتابع أوستن أنه "وجه بعدة خطوات لتعزيز موقف وزارة الدفاع في المنطقة بشأن جهود الردع الإقليمية". ويشمل ذلك تحريك حاملة الطائرات الأمريكية "يو أس أس جيرالد فورد" ومجموعتها الضاربة USS Gerald R. Ford Carrier Strike Group إلى شرق البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف في البيان الصحفي إنه بالإضافة إلى الأصول البحرية، اتخذ أوستن أيضا خطوات لتعزيز أسراب الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية الأمريكية في المنطقة من طراز F-35 وF-15 وF-16 وA-10.
وقال أوستن: "تحتفظ الولايات المتحدة بقوات جاهزة على مستوى العالم لتعزيز وضع الردع، وهذا إذا لزم الأمر".
وذكر بيان لمقر القيادة المركزية الأمريكية، أيضا، "إرسال طراد الصواريخ الموجهة من فئة أرلي بيرك يو أس أس توماس هوندر، ويو أي أس راماج، ويو أي أس كارني، ويو أس أس روزفلت".
وذكر قائد القيادة المركزية الأمريكية، مايكل كوريلا: "تقف القيادة المركزية الأمريكية بثبات مع شركائنا الإسرائيليين والإقليميين للتعامل مع المخاطر لأي طرف يسعى لتوسيع الصراع".
ووفقا للموقع، كانت مكالمة بايدن مع نتانياهو، يوم الأحد، هي المكالمة الثانية لهما منذ بدء الحرب الجديدة بين إسرائيل وغزة وحماس.
وقال البيت الأبيض في بيان إن "الرئيس بايدن أطلع رئيس الوزراء الإسرائيلي على المشاركة الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها الولايات المتحدة خلال الـ 24 ساعة الماضية لدعم إسرائيل".
وأضاف البيان أن "بايدن ونتانياهو ناقشا أيضا الجهود الجارية لضمان عدم اعتقاد أي أعداء لإسرائيل أن بإمكانهم أو ينبغي عليهم الاستفادة من الوضع الحالي، وتعهدا بالبقاء على اتصال منتظم خلال الأيام المقبلة".
وتوقفت معظم الأعمال في مجلس النواب منذ الإطاحة بكيفن مكارثي (جمهوري من كاليفورنيا) من منصب رئيس مجلس النواب، خلال الأسبوع الأول من اكتوبر في خطوة قادها الجمهوريون اليمينيون.
مواجهة مع موسكو وبكين
مشكلة أخرى قد تنتج بسبب تداعيات الأوضاع في الشرقالأوسط، وهي استمرار الحرب في أوكرانيا لصالح روسيا، إذيتوقع البعض أن تتأثر المساعدات التي تقدمها واشنطنللأوكرانيين بسبب تركيزها لدعم إسرائيل.
ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، يشعر الأوكرانيون بخيبةأمل إزاء الطريقة التي تعاملهم بها واشنطن مقارنة بإسرائيل،وذلك رغم إصرار المسؤولين الأمريكيين على أن مساعدة إسرائيلعلى الجبهة العسكرية لن تؤثر على المساعدات المقدمة لأوكرانيا.
وبالنسبة للصين، التي عرضت أن تتوسط في محادثات السلامبين الإسرائيليين والفلسطينيين خاصة بعد نجاحها في إعادةالعلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، ترى الصحيفة أندورها قد يتأثر أيضا بسبب رد فعلها على أعمال العنف الأخيرةالذي قد يزعج الإسرائيليين مؤقتا.
وفي بيان، الأحد، استخدمت وزارة الخارجية الصينية كلمةفلسطين، بدلا من حماس، في الدعوة للتهدئة لحماية المدنيينوتجنب المزيد من تدهور الوضع، ومضت في الدعوة إلى حلالدولتين، بحسب الصحيفة.
ودعت الصين المجتمع الدولي إلى "زيادة مشاركته لحل القضيةالفلسطينية، وتشجيع الاستئناف المبكر لمحادثات السلام بينفلسطين وإسرائيل، والسعي إلى إيجاد طريقة لتحقيق سلامدائم"، وفقا لوكالة "فرانس برس".
وشددت على أن "الصين ستواصل بذل جهود حثيثة مع المجتمعالدولي لتحقيق هذه الغاية".
موقف بكين قوبل بإنتقادات أمريكية حيث قال زعيم الأغلبية فيمجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر، يوم الاثنين، إنه يشعربخيبة أمل إزاء بيان وزارة الخارجية الصينية، الذي لم يظهر أيتعاطف أو دعم لإسرائيل "خلال هذه الأوقات العصيبة".
وأضاف شومر من بكين: "أحثكم والشعب الصيني على الوقوفمع الشعب الإسرائيلي وإدانة هذه الهجمات الجبانة الوحشية".
موسكو حدود 1967
موقف روسيا كان أكثر ازعاجا لكل من تل ابيب وواشنطن، حيثغطت وسائل الاعلام الروسية عملية "طوفان الأقصى بصورة غيرمسبوقة بشكل مشابه لتغطيتها للحرب في أوكرانيا، كما عطلتموسكو محاولات واشنطن لاستصدار بيان من مجلس الأمنالدولي يدين حماس.
وكانت روسيا قد دعت إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري، السبت. إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم الاثنين9 أكتوبر، خلال استقباله الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط في موسكو، أن روسيا والجامعة ستعملان على "وقف إراقةالدماء" في إسرائيل وغزة. وقال وزير الخارجية الروسي: "إننيواثق من أن روسيا والجامعة العربية (ستعملان) أولاً لوقف إراقةالدماء" بالتعاون مع الدول التي تريد "سلاماً دائماً في الشرقالأوسط". وعدّ أنه "من الضروري ليس فقط وقف القتال وحلمشكلة المدنيين"، بل أيضاً "تحديد السبب وراء عدم إمكانية حلالمشكلة (الإسرائيلية - الفلسطينية)".
وتابع لافروف: "أنا واثق بأن روسيا وجامعة الدول العربية وجميعأعضاء هذه المنظمة يمكنهم ويجب عليهم المساهمة في حلالمشاكل، وفي المقام الأول، إنهاء إراقة الدماء، وإنهاء معاناةالمدنيين".
وتابع: "نحن مستعدون للقيام بذلك معكم ومع جميع البلدانالأخرى التي تبدي اهتماما صادقا بإحلال السلام المستدام فيالشرق الأوسط وضمان أمن جميع دول المنطقة دون استثناء، بمافي ذلك دولة فلسطين، التي تنص على ضرورة إقامتها قراراتمجلس الأمن الدولي".
من جانبه، دعا أبو الغيط أيضا لإنهاء القتال لكنه حذر من أن مثلهذا العنف سيستمر في الشرق الأوسط في ظل بقاء القضيةالفلسطينية من دون حل.
وقال: "مثل هذه الأحداث، وإن لم تكن بهذا المستوى من العنف،ستستمر مستقبلا بسبب غياب أي أفق سياسي أو محاولات لحلالقضية الفلسطينية"، مشددا على ضرورة إيجاد حل عادل لهذهالقضية عن طريق المفاوضات.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قد علقتيوم 7 أكتوبر، على التصعيد الحاد للوضع في منطقة النزاعالفلسطيني – الإسرائيلي، وقالت إن الجانب الروسي يعرب عنقلقه الجدي من انفلات التصعيد بشكل حاد في تلك المنطقة.
وأضافت: "في هذا الصدد، نؤكد موقفنا المبدئي والثابت بأنه لايمكن بوسائل القوة حل هذا النزاع المستمر منذ 75 عاما، وفقطيمكن حله حصرا بالوسائل السياسية والدبلوماسية، ومن خلالإقامة عملية تفاوضية كاملة على الأسس القانونية- الدوليةالمعروفة، التي تنص على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ضمنحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش بسلام وأمنمع إسرائيل".
وتابعت ممثلة الخارجية الروسية القول: "نعتبر التصعيد الحاليواسع النطاق للوضع بمثابة مظهر آخر خطير للغاية لحلقة العنفالمفرغة، وهو نتيجة مباشرة للفشل المزمن في الامتثال للقراراتذات العلاقة الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي،ولقيام الغرب عمليا بعرقلة عمل – رباعية الشرق الأوسط للوسطاءالدوليين التي تضم روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيوالأمم المتحدة".
الحرب النووية
عندما اندلعت الجولة الثانية من الحرب بين موسكو وكييف في وسط شرق أوروبا يوم 24 فبراير 2022 حذر بعض السياسيين من تطور المواجهة إلى حرب نووية عالمية، ولكن متخصصين آخرين أشاروا إلى أن قيادي موسكو وواشنطن وفي الحرب الدائرة، أتخذوا كافة الاحتياطات حتى لا تفلت الأوضاع عن السيطرة، وأن الخطر في نشوب حرب نووية يمكن أن يتكون في صراعات جانبية بمناطق أخرى من العالم كمضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي والخليج العربي والشرق الأوسط.
جاء في تقرير نشره موقع روسيا اليوم بتاريخ 7 أكتوبر 2023:
أفادت "القناة 13" العبرية مساء يوم السبت بأن مصر أبلغت إسرائيل بأن حزب الله اللبناني سيقـتحم مسـتوطنات الشمال في حال قيام تل أبيب بعمل عسكري بري في قطاع غزة.
وفي وقت سابق اليوم قال حزب الله اللبناني معلقا على عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة حماس يوم السبت، إن "قيادة المقاومة الإسلامية في لبنان تواكب التطورات الهامة على الساحة الفلسطينية".
وبارك حزب الله للشعب الفلسطيني المقاوم ومجاهدي الفصائل الفلسطينية البطلة بالعملية البطولية الواسعة النطاق". وأكد أن "هذه العملية هي رد حاسم على جرائم الاحتلال المتمادية والتعدي المتواصل على المقدسات والأعراض والكرامات".
ودعا حزب الله "شعوب الأمة العربية والإسلامية والأحرار في العالم إلى إعلان التأييد والدعم للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة التي تؤكد وحدتها الميدانية بالدم والقول والفعل".
يوم السبت 7 أكتوبر أفادت الإذاعة الإسرائيلية، أنه يجري حشد عشرات آلاف من جنود الاحتياط من قطاعات الجيش الإسرائيلي كافة، وتعزيزات على الحدود مع لبنان، تحسبا لأي طارئ.
ونقل موقع "واينت" العبري عن وزير بالحكومة الإسرائيلية قوله إنه "من الممكن أن يكون حادث الجنوب إلهاء قبل هجوم من الشمال".
وصرح الوزير الذي لم يكشف الموقع اسمه، إن "إسرائيل في حالة حرب. وهناك احتمال معقول أن يكون الحادث في الجنوب مجرد إلهاء عن الحرب في الشمال".
وأضاف: "ليس من المستحيل أن يتم سحب الجيش الإسرائيلي إلى الجنوب حتى يتمكن من توجيه ضربة أقوى وأكثر إيلاما في الشمال. يبدو الأمر وكأنه حدث استراتيجي مخطط له بقيادة إيران. وهذا وضع لم تشهده إسرائيل منذ عقود."
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيشت صرح إن القوات الإسرائيلية متخوفة من وقوع هجمات من لبنان أو سوريا، في حال وجود جماعات فلسطينية نشطة هناك.
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن هيشت قوله: "في الشمال، نحن مستعدون في حال قررت بعض المجموعات الفلسطينية المتواجدة هناك المجيء، سنكون مستعدين”.
يوم الاثنين 9 أكتوبر صرح القيادي في حركة "حماس" فيالخارج، علي بركة، إن ألفي مقاتل شاركوا في عملية "طوفانالأقصى"، وأضاف أن 40 ألف مقاتل يوجدون في قطاع غزة.
وكالة "أسوشيتد برس" أكدت من جانبها إن "حماس" نشرتحتى الآن عددا صغيرا من قواتها. وقال (بركة) إن نحو 2000 مقاتل من حماس شاركوا في المعارك الأخيرة من أصل جيشقوامه 40 ألف جندي في قطاع غزة وحده".
وأضاف بركة أن قلة من القادة في قطاع غزة يعرفون متى بدأتالعملية، وحتى أقرب حلفاء "حماس" لم يتم إبلاغهم بذلك مسبقا.
وبحسب القيادي في الحركة، فإن العملية جاءت نتيجة لعدد منالإجراءات التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية خلال العامالماضي، مثل زيارة الأماكن المقدسة في القدس وزيادة الضغطعلى الأسرى الفلسطينيين.
وأشار بركة إلى أن إسرائيل صدمت بحجم العملية، وأضاف"فوجئنا بهذا الانهيار الكبير.. هذا الجيش تحول إلى نمر منورق".
فشل أمريكي
سلطت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية الضوء على تداعيات هجوم حركة حماس على إسرائيل، وما قد يشهده الشرق الأوسط في الفترة المقبلة من تطورات، حيث أشارت إلى جهود تبذلها إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، منذ فترة لتعزيز التسويات، عبر وساطة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، إلى جانب مواجهة أنشطة الصين وإيران المزعزعة للاستقرار العالمي.
لكن تقريرا نشرته الصحيفة، يوم الأحد 8 أكتوبر، يشير إلى أن جهود واشنطن أصبحت الآن أمام تحديات معقدة بسبب الهجوم الذي شنه المقاتلون الفلسطينيون التابعون لحركة حماس على إسرائيل، السبت.
توقع تقرير الصحيفة "نشوب حرب إقليمية أوسع"، الأمر الذي يتطلب المزيد من اهتمام إدارة بايدن، وهذا سيؤدى إلى تشتيت تركيز واشنطن على مواجهة بكين، خاصة أيضا في ظل استمرار حرب روسيا في أوكرانيا.
ومن الممكن أن تستمر هذه الجولة من القتال لفترة طويلة، بحسب الصحيفة، وذلك لأسباب عدة منها أن إسرائيل قد تقوم بتوغل بري ولأن حماس تحتجز العديد من الرهائن.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قد تحدث الأحد 8 أكتوبر، مع نظيره التركي، هاكان فيدان، وناقشا التطورات المتعلقة بهجمات حماس على إسرائيل، مؤكدا أن تركيز الولايات المتحدة منصب على تحرير المحتجزين.
ووفقا لبيان وزارة الخارجية الأمريكية، شجع بلينكن استمرار مشاركة تركيا في تهدئة الوضع، وسلط الضوء على تركيز الولايات المتحدة الثابت على وقف هجمات حماس وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن.
وشدد بلينكن على دعم الولايات المتحدة لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وشجع مشاركة تركيا، بحسب بيان الخارجية الأميركية، السبت.
وتحدثت الصحيفة عن أن تداعيات الوضع في الشرق الأوسط تشكل تحديا للبيت الأبيض الذي حقق نجاحات كبيرة، وغالبا ما تكون غير معروفة في الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أن المعركة الحالية بين إسرائيل وحماس من الممكن أن تتحول إلى حرب أوسع، ما يهز منطقة الشرق الأوسط التي تعاني بالفعل من العديد من الأزمات، فضلا عن استضافتها للعديد من القوات الأمريكية.
ولفتت إلى أن الحديث يتزايد في واشنطن وخارجها عن ضلوع إيران في هجوم حماس، خاصة أنها تقدم الدعم المالي والعسكري لحركة حماس منذ فترة طويلة.
بالتزامن مع الهجوم الذي شهدته إسرائيل من قطاع غزة، والذي أسقط أكبر عدد من القتلى الإسرائيليين منذ عقود، أثيرت تساؤلات بشأن دور إيران في دعم حركة حماس الفلسطينية، التي أعلنت مسؤوليتها عن تنفيذ العملية التي تهدد بنشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط.
ووفقا للصحيفة، فقد تؤدي التطورات إلى تدخل إيران وحكومات عربية متعاطفة مع حماس لمساعدتها مباشرة، فضلا عن الجماعات المسلحة الأخرى، بما في ذلك حزب الله، الذي يتخذ من لبنان مقرا له، والذي يمكنه توفير القوة البشرية أو اغتنام الفرصة لتحفيز العنف في أماكن أخرى. وأفادت تقارير، الأحد، بأن حزب الله أطلق قذائف هاون على مواقع إسرائيلية.
ومن الممكن كذلك، كما ذكرت الصحيفة، أن يمتد القتال إلى ما هو أبعد من قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس وإلى الضفة الغربية.
تطبيع السعودية وإسرائيل
أشارت الصحيفة إلى تأثير هجوم حماس على مبادرة "السلام"التي تدعمها الولايات المتحدة والتي من شأنها أن تشهد تطبيع السعودية للعلاقات مع إسرائيل مقابل ضمانات أمنية أمريكية وخدمات أخرى.
لكن "بوليتيكو" ترى أن هذه الخطة بالطبع ستتأخر بفعل الأحداث الجارية، لكن من السابق لأوانه القول إنها خرجت عن مسارها.
وأشارت إلى أنه مع هجوم حماس، أصدرت السعودية ودول عربية أخرى بيانات أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين عن إسرائيل. لكن مثل هذه الاستجابات الفورية لا تلغي العوامل الأخرى التي يأخذها السعوديون وإسرائيل والولايات المتحدة في الاعتبار عند صياغة اتفاق سلام كبير.
كما توضح الصحيفة أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لا يركز على الأزمة الفلسطينية مثل القادة السعوديين السابقين، لأنه، مثل إسرائيل، يرى أن إيران، الداعم الرئيسي لحماس، تشكل تهديدا لبلاده.
والسبت، استبعد البيت الأبيض أن تتأثر مفاوضات التطبيع بين السعودية وإسرائيل جراء الهجمات التي شنتها حركة حماس على بلدات إسرائيلية، "رغم أن هذا المسار لا يزال طويلا"، في إشارة إلى الوقت الذي تحتاجه الجهود المبذولة لإتمام الاتفاق بين البلدين، مؤكدا عمله مع شركاء عدة للعمل على تهدئة التوتر.
النفط مقابل الدفاع
تقول واشنطن ان السعودية ابلغت يوم السبت، واشنطن أنها مستعدة لزيادة إنتاج النفط للمساعدة في تأمين صفقة مع إسرائيل، و"في محاولة لإظهار حسن النية أمام الكونغرس"، مقابل اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين وأمريكيين أن الرياض أبلغت البيت الأبيض أنها ستكون مستعدة لزيادة إنتاج النفط في أوائل عام 2024 إذا كانت أسعار الخام مرتفعة.
والخطوة السعودية تسعى لكسب ثقة الكونغرس والتوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل، مقابل حصول المملكة على اتفاق دفاعي مع واشنطن، وفق التقرير.
وذكرت الصحيفة إن ذلك جزء من جهد لإبرام اتفاق ثلاثي من المرجح أن يشمل أيضا المساعدة النووية الأمريكية ويمثل تحولا ملحوظا من قبل الرياض التي سبق أن رفضت، عام 2022، طلبا من إدارة بايدن للمساعدة في خفض أسعار النفط ومكافحة التضخم.
ولم يرد متحدثون باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض أو الحكومة السعودية على طلب "وول ستريت جورنال" التعليق.
وذكرت الصحيفة أن المحادثات الخاصة بالتطبيع تركزت على اعتراف السعودية بإسرائيل، وهي خطوة يمكن أن تحدث تغييرات جيوسياسية ملموسة في الشرق الأوسط، مقابل مبيعات الأسلحة الأمريكية والضمانات الأمنية والمساعدة في بناء برنامج نووي مدني.
وسيكون الاتفاق بمثابة "انقلاب دبلوماسي" للرئيس بايدن حيث يواجه معركة صعبة لإعادة انتخابه، وفق الصحيفة، التي ترى أنه "من شأن صفقة إقامة علاقات دبلوماسية أن توسع علاقات إسرائيل مع العالم العربي، ومن المحتمل أن تقيد طموحات إيران العسكرية وتحد من جهود الصين لتحل محل النفوذ الأمريكي في المنطقة".
وقال المسؤولون إن اثنين من كبار المسؤولين في البيت الأبيض، بريت ماكغورك (منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط) وآموس هوكستين (كبير مستشاري بايدن لشؤون الطاقة)، سافرا أواخر شهر سبتمبر 2023 إلى السعودية، حيث أكدا أن ارتفاع أسعار النفط سيجعل من الصعب كسب الدعم في واشنطن.
وقد يحتاج البيت الأبيض إلى دعم الكونغرس للتوصل إلى اتفاق. ويناقش المفاوضون الآن اتفاقية دفاع جديدة مع الرياض قد تتطلب موافقة الكونغرس، فضلا عن دعم الولايات المتحدة للجهود السعودية لإنشاء برنامج نووي مدني، ومليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة.
ومن شأن رفع الرياض الإنتاج، أن يسهم في تهدئة سوق النفط العام المقبل ويجعل سعره دون 100 دولار للبرميل.
وباعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم، تتمتع السعودية بقدرة فريدة على التأثير على أسعار النفط الخام، مع القدرة على تقييد إمدادات النفط العالمية أو إغراقها، وفق الصحيفة.
عمر نجيب