التحالف الغربي في معركة وسط شرق أوروبا يواجه خطر التفكك..... إنهيار الوهم: الدول الغربية غير مستعدة لمواجهة عالم أصبحت فيه السلع الحقيقية مهمة مرة أخرى

أربعاء, 2023-09-27 21:22

يتابع العالم بمشاعر متباينة تطور الحرب الدائرة في أوكرانيا وسط شرق أوروبا منذ 24 فبراير 2022 بين روسيا من جانب والولايات المتحدة الأمريكية ومعها حلف الناتو من جانب آخر، لما لها من تأثيرات وإسقاطات رئيسية على مختلف التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في غالبية أرجاء المعمور.

هل تتسع المواجهات لتصل إلى حرب عالمية ثالثة؟. أم هل تنتصر روسيا وتفرض تسوية سياسية على الغرب وبهذا ترسخ النظام العالمي الجديد؟. أم ينتصر الناتو على روسيا ويمزقها إلى دويلات ويلغي على الأقل على المدى المتوسط فرص تعديل النظام العالمي الحالي الأحادي الذي تفرض به واشنطن إرادتها علىالآخرين؟.

أسئلة كثيرة وغيرها تطرح بإلحاح مع كل يوم يمر على هذه المواجهة العسكرية الأخطر على ساحة القارة الأوروبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. 

تقدم عبر وسائل الإعلام وتصريحات الساسة والمحللين صور وتصورات مختلفة عن مسار هذا الصراع المسلح، وتحاول وسائل الإعلام الغربية الأوسع انتشارا وربما الأكثر تأثيرا على الصعيد الدولي فرض رؤيتها في معركة أخرى للهيمنة على العقول وكل ما يمكن أن تفرزه من تأثيرات محلية وإقليمية ودولية.

هناك مسلمات حول هذا الصراع لا يختلف حولها سوى قلة.

إذا كانت واشنطن قد نجحت حتى الآن في الحفاظ على وحدة وتلاحم دول حلف الناتو خلفها في مواجهة موسكو ودعم كييف، فإنها لم تحقق نجاحا على الصعيد الدولي خاصة ضمن ما يسمى دول العالم الثالث، فهذه الدول تتطلع إلى إنهاء النظام العالمي الأحادي الذي فرض منذ تسعينات القرن الماضي مع انهيار الاتحاد السوفيتي وكل ما افرزه من أشكال وأساليب لاستعمار خفي يسقط الأنظمة بأساليب مختلفة ويبرر التدخلات والغزوات العسكرية ويستنزف ثروات غالبية دول العالم ولا يسمح سوى بازدهار وتربح دول الغرب على حساب بؤس وفقر وتواصل تخلف دول العالم الثالث.

الحرب في وسط شرق أوروبا جددت الثقة في إمكانية مواجهة ما يروج على أنها أقوى القدرات العسكرية العالمية، خاصة بعد السوابق التاريخية في الفيتنام وجنوب شرقي آسيا والعراق وأفغانستان والنكسات للتحالف الغربي في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.

أحد التحديات التي يواجهها التحالف الغربي تكمن في التنافس الداخلي بين مكوناته وسعي الولايات المتحدة لأن تمتلك السلطة المطلقة على أعضائه والقدرة على مواصلة الحلول مكان حلفائها كمسيطر ومستغل في مناطق نفوذهم ومستعمراتهم القديمة، وحرمانهم من كل قدرة على إتباع سياسة مستقلة في جل المجالات تقريبا.

على بعد خمسة أشهر من استكمال الحرب في شرق أوروبا سنتها الثانية، تظهر مؤشرات تشقق في نسيج التحالف الغربي المناهض لروسيا والصين ومن تعاطف أو تعامل معهما، كما ينكشف فشل حرب العقوبات والحصار سواء على روسيا وغيرها من خصوم الغرب بينما تتكثف وتشتد الأزمات الاقتصادية والسياسية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي تظل رغم ذلك ناجحة حتى الوقت الحالي في تجنب حالة الركود الاقتصادي بفضل تمكنها من مواصلة عملية الاقتراض من الاقتصاد العالمي عبر بوابة رفع مديونيتها إلى ما فوق 33 تريليون دولار ومتابعة بيع سندات الخزينة والإبقاء على حصة الدولار الأمريكي مرتفعة في معاملات التجارة الدولية وتسعير جزء كبير من السلع الأساسية وفي مقدمتها النفط. 

 

الشروخ

 

منذ أن اندلعت الجولة الأولى من الحرب في وسط شرق أوروبا سنة 2014 وتمكن موسكو من استرجاع شبه جزيرة القرم، لم تنجح واشنطن في إخفاء كل التباينات في مواقف أطراف الناتو تجاه موسكو وإن كانت قد نجحت في التغطية على أعماق الخلافات وتمرير صفقات مخادعة مع موسكو، حيث لم تظهر سوى قمة جبل الجليد العائم، نفس الأمر يتكرر في الربع الأخير من سنة 2023 ولكن بعمق أخطر.

يوم 16 سبتمبر 2023 جاء في تقرير نشر في واشنطن:

أثارت قرارات بولندا والمجر وسلوفاكيا بحظر واردات الحبوب الأوكرانية، "انقسامات عميقة" داخل الاتحاد الأوروبي، بعد أن تحدى الجناح الشرقي داخل الكتلة قرار بروكسل رفع القيود على المنتجات الزراعية الأوكرانية، حسبما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال.

وتحول ملف الحبوب الأوكرانية إلى قضية سياسية "مؤلمة" بين دول الاتحاد الأوروبي، بعد أن أثار قرار بروكسل إنهاء القيود على مشتريات الحبوب الأوكرانية، الخميس 14 سبتمبر، رفضا وتنديدا من الدول الثلاثة التي سارعت، الجمعة، إلى إصدار قرارات تمدد الحظر.

وأحدثت الخلافات حول الملف "شرخا" في العلاقات بين أوكرانيا وبولندا، أحد أقوى حلفاء كييف منذ بداية الحرب مع روسيا، بعد أن هددت أوكرانيا باتخاذ إجراءات قانونية والاحتكام إلى منظمة التجارة العالمية للحصول على تعويضات.

 

خلفيات القرارات 

 

أدى قرب الانتخابات في بولندا إلى تعقيد المفاوضات، حيث أطلق قادة حزب "القانون والعدالة" الحاكم حملة مكثفة في المناطق الفلاحية ووعدوا خلالها بحماية المزارعين البولنديين المتضررين بالفعل من تدفق الحبوب الأوكرانية، بعد انسحاب روسيا الأخير من اتفاقية تصدير الحبوب. 

وقال رئيس الوزراء، ماتيوز مورافيكي، متحدثا في تجمع انتخابي في شمال شرق بولندا "سنمدد هذا الحظر رغم رفضهم.. سنفعل ذلك لأنه في مصلحة المزارع البولندي".

من جهتها، قررت المجر، الجمعة، تشديد قيودها على واردات الحبوب الأوكرانية بشكل أحادي، في تحد لقرار المفوضية الأوروبية.

وكتب وزير الزراعة، ايفان ناجي، على فيسبوك "ستغلق المجر حدودها أمام 24 منتجا أوكرانيا" بعدما كانت تحظر أربعة فقط، بهدف "حماية مصالح المزارعين".

وقبل الانتخابات البولندية، يتجه السلوفاكيون إلى صناديق الاقتراع في نهاية سبتمبر، وتشير استطلاعات الرأي إلى عودة رئيس الوزراء السابق، روبرت فيكو، إلى الحكومة، والذي قام بحملة ضد العقوبات الغربية على روسيا.

وصرح المتحدث باسم رئيس الوزراء السلوفاكي، بيتر ماجر، إن بلاده ستفرض أيضا حظرا على الحبوب، وثلاثة منتجات زراعية أخرى اعتبارا من يوم السبت.

 

القرار الأوروبي 

 

وكانت بروكسل وقعت نهاية أبريل اتفاقا مع كل من بولندا والمجر وسلوفاكيا وبلغاريا ورومانيا يتيح لها منع شحنات الحبوب الأوكرانية من دخول أراضيها شرط ألا تحول دون عبورها إلى دول أخرى. 

وإثر إلغاء الرسوم الجمركية في الاتحاد الأوروبي في مايو 2022، شهدت هذه الدول تدفقا للحبوب الأوكرانية بأسعار مخفضة، لكنها بقيت ضمن أراضيها بسبب مشاكل لوجستية.

وعمد العديد منها إلى حظر الاستيراد من جانب واحد لتجنب التخمة في مخزوناته وانهيار الأسعار المحلية. وبادرت بروكسل بعدها إلى السماح بهذه القيود رسميا قبل أن تمددها حتى 15 سبتمبر، الأمر الذي أثار غضب كييف.

والجمعة، أعلنت المفوضية الأوروبية وتحت ضغوط البيت الأبيض رفع القيود التي فرضتها الدول الخمس وذلك مقابل تعهد كييف اتخاذ إجراءات لمراقبة صادراتها.

وبموجب الترتيبات التي أقرها الاتحاد الأوروبي، الخميس، وافقت أوكرانيا على اتخاذ خطوات سريعة لمنع زيادة صادرات الحبوب إلى الاتحاد. ووافقت المفوضية على الامتناع عن فرض قيود، طالما كانت الإجراءات الأوكرانية فعالة.

ويمثل قرار الاتحاد الأوروبي بشأن حظر الحبوب وهو الأول من بين عدة اختبارات قادمة للدعم الأوروبي لأوكرانيا، في ظل تزايد التساؤلات أيضا حول التزام واشنطن تجاه كييف قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024، وفقا للصحيفة الأمريكية.

ويتعين على الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي أن تتخذ قراراً بحلول نهاية العام بشأن حزمة مساعدات اقتصادية مقترحة تبلغ نحو 53 مليار دولار لأوكرانيا، ومقترح مساعدات عسكرية بقيمة 21 مليار دولار تقريبا.

وتشكل صادرات الحبوب جزءا مهما من اقتصاد أوكرانيا، التي كانت ثاني أكبر مصدر للحبوب في العالم في عام 2021، ففي ذلك العام، صدرت كييف ما قيمته حوالي 27 مليار دولار من المنتجات الزراعية، وهو ما يشكل حوالي نصف إجمالي دخل الصادرات.

وركزت أوكرانيا على إرسال المزيد من الحبوب برا إلى بولندا وعن طريق السفن عبر رومانيا، لكن الخلاف الذي أعقب ذلك أيقظ التوترات التاريخية بين بولندا وأوكرانيا.

 

الرجل الغريق

 

جاء في بحث نشر يوم 22 سبتمبر 2023 على موقع (TRT) الأوروبي تحت عنوان هل يتخلّى حلفاء أوكرانيا عنها مع طول أمد الحرب؟.

يتعمق هذا التقرير في ديناميكيات الخلاف بين أوكرانيا وحلفائها، بما فيهم بولندا وبعض دول أوروبا الشرقية. كما يستعرض التحديات التي تواجهها أوكرانيا والتزام حلفائها الغربيين.

إن الصراع في أوكرانيا، الذي بدأ في عام 2014 بضم روسيا لشبه جزيرة القرم وتصاعد إلى حرب شاملة في أواخر فبراير 2022، لم يختبر قدرة الشعب الأوكراني على الصمود فحسب، بل اختبر أيضاً صمود حلفائه في أوروبا والولايات المتحدة.

مع دخول الحرب في أوكرانيا شهرها الثامن عشر، هناك سؤال يلوح في الأفق، يلقي بظلاله على مستقبل البلاد: هل سيتخلى حلفاء أوكرانيا عنها مع استمرار الضغط على الحكومات لحملها على سحب دعمها لأوكرانيا، من أجل التركيز على أولويات أخرى أو تجنب المزيد من الأضرار الاقتصادية؟.

ووسط الخلاف المتزايد بشأن قضية الحبوب، خرج الرئيس البولندي قبل أيام واصفا أوكرانيا "بالرجل الذي يغرق"، ليرد عليه الرئيس الأوكراني قائلا: إن بولندا باتت تعمل لمصلحة موسكو، الأمر الذي كان بمنزلة صدمة للكثيرين. ولاسيما أن كييف باتت ترى أن عرقلة تصدير الحبوب عبر بولندا لا يخدم إلا موسكو.

 

بولندا تغلق أبوابها بوجه كييف

 

كانت بولندا واحدة من الدول الغربية القليلة التي كان لها سفير أقام في كييف خلال الأيام الأولى للحرب، وكان رئيسها، أندريه دودا، زائرا متكرراً للعاصمة الأوكرانية. كما رحبت بولندا بأكثر من مليوني لاجئ في الأسابيع الأولى من الحرب، وساعد ملايين البولنديين في توفير السكن وغيره من أشكال الدعم التطوعي للأوكرانيين النازحين.

ومع ذلك، فإن الخلاف بشأن صادرات الحبوب والتصعيد الذي تلاها بإعلان رئيس الوزراء البولندي أن بلاده ستتوقف عن تسليح أوكرانيا لتركز على تعزيز قوتها الدفاعية الخاصة، جعل من الصعب فهم التحول البولندي هذا.

ولكن هناك من يرى أن الأمر مربوط بعلاقة السياسة الداخلية في بولندا أكثر من ارتباطه بالقضايا الحقيقية بين العاصمتين. فبحسب صحيفة الغارديان، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 15 أكتوبر ستكون متقاربة للغاية، لذلك يبحث حزب القانون والعدالة الحاكم عن تعزيز دعمه حيثما أمكن ذلك. 

ونقلت الصحيفة البريطانية عن رئيس تحرير مجلة فيسيغراد إنسايت فويتشخ برزيبيلسكي قوله: "يتعلق الأمر في المقام الأول بالانتخابات والدوافع واضحة تماما". وأضاف أن حزب القانون والعدالة يأمل في "استعراض عضلاته مع مجموعاته الانتخابية الرئيسية، بما في ذلك أولئك الذين يعملون في الزراعة في شرق بولندا، الذين كانوا الأكثر تضررا من تدفق الحبوب الأوكرانية".

 

أزمة الحبوب

 

أزمة الحبوب الأوكرانية غير مقتصرة على بولندا وحسب، فقد دخلت كل من المجر وسلوفاكيا على الخط أيضا. الأمر الذي دفع أوكرانيا للبدء بإجراءات ضد هذه البلدان بسبب الحظر الأحادي الجانب على صادرات الحبوب، والذي تعتبره كييف "انتهاكا لالتزاماتها الدولية"، وفقا لما نقلته يورونيوز. 

في تصريح صادم، أشار ضابط المخابرات الأمريكي المتقاعد سكوت ريتر إلى أن الحلفاء الغربيين بدؤوا في الابتعاد عن أوكرانيا بعد أن أدركوا أن نظام كييف يغرق. وقال ريتر: "لم يعد أحد مهتما بزيلينسكي بعد الآن. بولندا تبتعد. وتصف أوكرانيا بأنها تغرق. واستيقظت أوروبا على حقيقة أن كييف خسرت في النزاع، ولن تكون قادرة على الانتصار، واستمرار الأعمال القتالية لن يؤدي إلا إلى عواقب كارثية".

وفي واشنطن، ناشد زيلينسكي مشرعين أمريكيين الخميس مواصلة الدعم وسط ارتياب لدى الجمهوريين بشأن ما إذا كان ينبغي للكونغرس الموافقة على حزمة جديدة من المساعدات.

بالمقابل، ترى موسكو أن تصاعد التوتر بين أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين "حتمي"، وذلك تعليقاً على الخلافات المستمرة بين كييف وبولندا بشأن صادرات الحبوب الأوكرانية. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: "نحن ندرك أن التوترات بين كييف وعواصم أوروبية أخرى ستزداد مع مرور الوقت، وهذا أمر حتمي".

 

تصدع جدار

 

في محاولة للتخفيف من آثار الخلاف داخل الناتو جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 23 سبتمبر 2023:

بعد التظلم الذي رفعته أوكرانيا، إلى منظمة التجارة العالمية، تعالت أصوات لوقف المساعدات لكييف.

وحذر بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي من أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين "يستمتع بالاستعراض الجديد للخلاف الغربي.

من واشنطن إلى وارسو، أثارت التكلفة العسكرية والقدرات اللازمة لمساعدة أوكرانيا الخلاف، رغم أن مسؤولين غربيين قللوا من فرص بروز صدوع بين المؤيدين لكييف.

وصرح الرئيس البولندي أندريه دودا: "لا أعتقد أن خلافا سياسيا واحدا يؤدي إلى الانهيار".

من جانبه، قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الخميس 21 سبتمبر، إنه يعتقد أن "بولندا ستستمر في دعم أوكرانيا".

وسعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في زيارة قصيرة لواشنطن خلال شهر سبتمبر، إلى تعزيز الدعم الأمريكي لبلاده، والذي أخذ في الاعتبار في الحملة السياسية قبل الانتخابات الرئاسية عام 2024.

ويقول الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترمب ومنافسه الجمهوري البارز حاكم فلوريدا رون دي سانتيس إنهما يريدان أن تتوقف الولايات المتحدة عن إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا.

واعترف السيناتور الديمقراطي عن ولاية "ويست فرجينيا"، جو مانشين، بعد لقائه مع زيلينسكي، الخميس 21 سبتمبر، بأن هناك حديثا عن مقدار الأموال التي يتم إنفاقها لمساندة كييف، لكنه قال "بيد أننا نستثمر في الديمقراطية".

ويدعم المرشحون الرئاسيون الآخرون من الحزب الجمهوري، مثل نائب الرئيس السابق مايك بنس، وحاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هيلي، وحاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي، أوكرانيا.

ويدور جدال حول هذا الملف، في أوروبا الشرقية أيضا، حيث ناشد الرئيس الليتواني جيتاناس ناوسيدا، الداعم الكبير لأوكرانيا ضد روسيا، على منصة إكس، المعروفة سابقا باسم تويتر، نظراءه في أوكرانيا وبولندا "لحل خلافاتهما"، وقال إن بلاده مستعدة "لتسهيل" الحوار بينهما.

بيوتر بوراس، الزميل البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ومقره وارسو، قال إن "العلاقات البولندية الأوكرانية أصبحت رهينة للحملة الانتخابية البولندية"، في إشارة إلى الانتخابات البرلمانية في البلاد شهر أكتوبر. ومع ذلك، حذر من أن الضرر الناجم عن تعليقات مورافيتسكي لا يزال قائما.

وصرح بوراس لوكالة أسوشيتد برس "إنها تلحق ضررا كبيرا بالقضية الأوكرانية، لأن هذه الرواية تشبه وتضفي الشرعية على تلك الأصوات في أوروبا (بشكل رئيسي من اليمين المتطرف) التي تشكك في الحاجة إلى إمداد أوكرانيا بالأسلحة".

ويؤيد روبرت فيكو، الذي تولى رئاسة الوزراء مرتين في سلوفاكيا، وهو المرشح الأوفر حظا في الانتخابات البرلمانية روسيا وتعهد بإلغاء الدعم العسكري والسياسي الذي تقدمه سلوفاكيا لأوكرانيا إذا تم انتخابه في انتخابات 30 سبتمبر.

وذكر نيكولاس ماسوهر، المحلل العسكري في مركز الدراسات الأمنية في المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ، إنه من المتصور أن بعض الأحزاب السياسية قد تلعب على وتر القومية "لكسب ود الناخبين" وتجنب الانطباع بإعطاء "تضامن غير مبرر لأوكرانيا" على حساب المصالح المحلية.

 

غضب واشنطن 

 

في غالبية المواجهات يسعى الطرف الخاسر إلى صناعة المبررات حتى ولو لم تكن حقيقية. يوم 24 سبتمبر 2023 جاء في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية:

انتقادات الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي المتواصلة لحلفائه الغربيين في "حلف الناتو"، أثارت غضب الولايات المتحدة وحلفائها.

وأوضحت الصحيفة أن زيلينسكي على مدار العام ونصف العام الماضيين أثار غضب مسؤولي الأمم المتحدة عندما قال مرار إنه "يتوجب على مجلس الأمن أن يتحرك ضد روسيا أو يفكر في حل نفسه".

وأشارت إلى أن زيلينسكي أثار غضب الرئيس الأمريكي جو بايدن ومستشاريه خلال قمة حلف الناتو التي انعقدت يومي الـ 11 و12 من يوليو 2023، عندما وصف إحجام الحلفاء عن قبول انضمام أوكرانيا في الناتو بأنه أمر سخيف.

وأضافت أن بايدن كان منزعجا من تصريحات زيلينسكي لدرجة أنه أراد منع أي ذكر لترشيح أوكرانيا من بيان القمة.

ويبدو أن الغرب سئم من تعجرف زيلينسكي وشروطه المستمرة، حيث أفادت "صحيفة واشنطن بوست" في وقت سابق يوم 24 سبتمبر، بأن بعض السياسيين الغربيين يحثون سلطات كييف على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أوكرانيا رغم الأحكام العرفية المعلنة في البلاد.

ووفقا للصحيفة، ظهرت مثل هذه الدعوات من قبل رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا تايني كوكس، والسيناتور الجمهوري الأمريكي ليندسي غراهام، ومقدم البرامج التلفزيونية الأمريكية تاكر كارلسون.

في أوروبا أكد أوليغ سوسكين، مستشار الرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كوتشما، أن الرئيس زيلينسكي، يخلق الظروف لحرب أهلية في أوكرانيا. وأضاف سوسكين: "لا يوجد عمليا أي هجوم مضاد، يريد زيلينسكي إقامة دكتاتورية".

بدوره دعا النائب السابق في البرلمان الأوكراني الـ "رادا" إيليا كيفا، أثناء حضوره المؤتمر الدولي الثاني لمناهضة الفاشية في مينسك، الشعب الأوكراني للنهوض، وإسقاط نظام كييف.

من جانبه توقع ضابط أمريكي سابق مصيرا "مرعبا" لأوكرانيا بعد انتهاء العملية العسكرية الروسية وأضاف: "في الواقع، لقد بدأت الحرب الأهلية بالفعل".

وأكد المحلل السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، لاري جونسون، حتمية حدوث صراع بين الرئيس زيلينسكي، والجيش الأوكراني على خلفية فشل الهجوم المضاد.

 

تحدي العقوبات

 

إذا كانت مصداقية نظرية انتصار أوكرانيا عسكريا على روسيا بفضل دعم الناتو لها بالأسلحة والمال والمتطوعين قابلة للطعن حتى التوقيت الحالي، فإن رهان واشنطن والناتو على إلحاق الهزيمة بالكرملين عبر الحصار الاقتصادي لم تكن بدورها موفقة.

جاء في تقرير نشر في واشنطن يوم 25 سبتمبر 2023: نجحتروسيا في تجنب عقوبات مجموعة  دول السبع  الكبرى علىمعظم صادراتها النفطية، مما أدى إلى تعزيز الإيرادات الماليةللكرملين، بالتزامن مع ارتفاع سعر البترول الخام إلى نحو 100 دولار للبرميل، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

ووفقا لتحليل سجلات الشحن والتأمين الذي أجرته الصحيفة، فإن"ما يقرب من ثلاثة أرباع جميع تدفقات النفط الخام الروسيالمنقولة بحراً، جرى شحنها دون تأمين غربي في أغسطس"، علماأنه بسبب ذلك التأمين كان يتم فرض سعر محدد على برميلالبترول الروسي، بحيث لا يتجاوز 60 دولارا.

وبحسب بيانات صادرة عن شركة تحليلات الشحن "كبلر"وشركات التأمين، فإن ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار النفط الروسينحو 50 في المائة هذا الربيع.

ويشير هذا الارتفاع إلى أن موسكو "أصبحت أكثر مهارة فيتجاوز الحد الأقصى لثمن البيع المفروض عليها نظريا من طرفالدول الغربية، مما يسمح لها ببيع المزيد من نفطها بأسعار أقربإلى أسعار السوق الدولية".

وقدرت كلية كييف للاقتصاد (KSE) أن الزيادة المطردة فيأسعار النفط الخام منذ يوليو، تعني أن "عائدات روسيا من النفطقد تزيد بما لا يقل عن 15 مليار دولار للعام الحالي، مقارنةبالتوقعات السابقة".

ويشكل هذا التحول، بحسب خبراء، ضربة مزدوجة للجهودالغربية، لتقييد عائدات روسيا من مبيعات النفط، التي تشكل جزءكبيرا من مداخيل الكرملين. 

ولا يقتصر الأمر على بيع نسبة أعلى من النفط الروسي خارجالحد الأقصى فحسب، بل إن استقلال موسكو المتزايد "كبائع" تزامن مع ارتفاع قوي في أسعار النفط، التي تجاوزت 95 دولاراللبرميل للمرة الأولى منذ 13 شهرا، هذا الأسبوع.

وأوضح الخبير الاقتصادي في بورصة الكويت، بن هيلغنستوك: أنه "بالنظر إلى هذه التحولات في كيفية شحن روسيا لنفطها، قديكون من الصعب للغاية فرض سقف للسعر بشكل مجد فيالمستقبل".

وتابع: "هذا يجعل الأمور مؤسفة أكثر، لأننا لم نبذل المزيد منالجهود لتطبيق تلك القيود بشكل صحيح عندما كان لدينا المزيدمن النفوذ".

وحظرت روسيا هذا الأسبوع تصدير الديزل وأنواع الوقودالأخرى، وهي خطوة مهمة من أحد أكبر بائعي الديزل علىمستوى العالم، مما أثار مخاوف من أن الرئيس الروسي،فلاديمير بوتين، "يحاول تعطيل سوق النفط، كما فعل مع الغازالطبيعي"، وهو الأمر الذي أحدث أزمة طاقة في عام 2022.

جاء في تقرير نشرته صحيفة الاقتصادية يوم 19 أبريل 2023: في خطاب السياسة الخارجية للدول الغربية، لم تكن هناك عبارة مضللة جرى استخدامها على نطاق واسع مثل عبارة مقارنة اقتصاد روسيا باقتصاد إيطاليا، للتدليل على ضعفه مقارنة بالقوة الجماعية للدول الغربية.

هذه العبارة صاغها لأول مرة السيناتور الأمريكي ليندساي غراهام عام 2014، ثم انتشرت على ألسنة وأقلام صناع السياسة والمعلقين الغربيين. وعلى مدى عقد كامل تقريبا رسمت هذه العبارة منهج التعامل الغربي مع روسيا، وقد حان الوقت للتخلي عنها بحسب الكاتب الأمريكي كارلوس روا رئيس التحرير التنفيذي لمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية.

وفي تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنترست" طرح روا عدة أسئلة حول النظرة الغربية لروسيا واقتصادها، فقال "إذا كان الاقتصاد الروسي صغيرا ومتواضعا فكيف استطاع استيعاب العقوبات المفروضة عليه حتى الآن. ولماذا لم يتحقق إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن الاقتصاد الروسي سينكمش إلى النصف؟ ولماذا لم تتحقق تصريحات برونو لومير وزير المالية الفرنسي عن أن هدف الغرب هو إحداث انهيار الاقتصاد الروسي وتركيع موسكو؟".

ويضيف "فكيف لدولة اقتصادها في حجم اقتصاد إيطاليا أن تنجح في تحقيق كل هذا النفوذ العالمي للدرجة التي جعلت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية تقول أخيرا إن العقوبات الغربية على روسيا تهدد سيطرة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي؟ وتبدو مقارنة السيناتور غراهام للاقتصاد الروسي على الورق دقيقة، فروسيا وإيطاليا متقاربتان من حيث إجمالي الناتج المحلي الاسمي، وهو الوسيلة المفضلة لقياس الحجم الاقتصادي للدولة وقوتها منذ الحرب العالمية الثانية. وبحسب بيانات البنك الدولي وصل إجمالي الناتج المحلي لروسيا عام 2013 إلى 2.29 تريليون دولار، في حين كان إجمالي الناتج المحلي لإيطاليا نحو 2.14 تريليون دولار. وفي عام 2021 كان إجمالي الناتج المحلي لروسيا نحو 1.79 تريليون دولار ولإيطاليا نحو 2.11 تريليون دولار".

ويؤكد أن الخطأ في المقارنة هنا يعود إلى الاعتماد على إجمالي الناتج المحلي الاسمي، دون الوضع في الحسبان سعر صرف عملة كل دولة وتعادل القوة الشرائية التي تستخدم في حساب مستوى المعيشة وإنتاجية الاقتصاد.

ويشير جاك سابير الاقتصادي الفرنسي إلى عدم كفاية هذا المقياس الكمي للاقتصاد ويقول "إن إجمالي الناتج المحلي لروسيا عند قياسه وفقا لتعادل القوة الشرائية كان 3.74 تريليون دولار عام 2013 و2.74 تريليون دولار عام 2021، وهو تقدير مغاير تماما للتقديرات المتداولة".
ويفسر سابير قوة الاقتصاد الروسي في مواجهة العقوبات بالقول "إنه على مدى الـ50 عاما الماضية سيطرت قطاعات الخدمات على الاقتصاديات الغربية، التي تصبح أقل أهمية في أوقات الصراع رغم أنه يتم احتسابها ضمن الناتج المحلي للبلاد. وفي أوقات الصراع، يصبح إنتاج السلع الفعلية هو الأهم".

وبهذا المقياس فإن الاقتصاد الروسي ليس فقط أقوى من الاقتصاد الألماني بل إنه يزيد على ضعف حجم الاقتصاد الفرنسي.

علاوة على ذلك فإن وضع روسيا المسيطر في سوق الطاقة والمواد الخام العالمية، باعتبارها دولة منتجة رئيسة للنفط والغاز الطبيعي والكوبالت والذهب والنيكل والفوسفات وخام الحديد والقمح والشعير، يمنحها نفوذا مهما على الاقتصاديات والأسواق، ويجعلها أقل تضررا من العقوبات وأصعب في إخضاعها للضغوط الغربية.

وهذه الحقيقة لم تفت على كثير من دول الجنوب التي ترددت في دعم أوكرانيا. وإذا كان السيناتور غراهام ارتكب خطأ كبيرا بمقارنته الاقتصادية بين روسيا وإيطاليا، فقد يمكن التسامح معه لأنه سياسي. لكن لا يمكن التسامح مع عدد من خبراء الاقتصاد والسياسة الخارجية الذين كرروا هذا الخطأ على مدى أعوام بحسب كارلوس روا.

والحقيقة أن استمرار جاذبية أسطورة اقتصاد روسيا الذي يساوي اقتصاد إيطاليا، بين هؤلاء المحترفين قد لا يكون مفاجأة في ضوء جاذبية قطاعات الخدمات في الغرب. فالنمو الكبير لهذه القطاعات كثيفة الرأسمال إلى جانب قيمتها الاسمية وإنتاجيتها جعل واشنطن وعديدا من العواصم الغربية الأخرى لا تتبنى الاقتصاد الخدمي فقط، إنما تفضله من الناحية السياسية والثقافية والأيديولوجية. ويفخر الأمريكيون بشركات التكنولوجيا العملاقة في بلادهم باعتبارها قاطرة للنمو والابتكار والفخر الوطني.

وهذا الحب لقطاعات الخدمات في الغرب أدى إلى النظر للأنشطة الاقتصادية كثيفة العمالة في الماضي مثل الطاقة والزراعة واستخراج الموارد الطبيعية والتصنيع باعتبارها أنشطة عفا عليها الزمن. لكن هذه النظرة هي التي جعلت الدول الغربية غير مستعدة لمواجهة عالم أصبحت فيه السلع الحقيقية مهمة مرة أخرى. وقد أظهرت حرب أوكرانيا أن الولايات المتحدة لا تمتلك القدرات التصنيعية اللازمة لتلبية احتياجاتها من عديد من السلع الحقيقية.

وفي أوروبا قالت بريطانيا "إنها تحتاج إلى عشرة أعوام لاستعاضة مخزون الأسلحة التي منحتها لأوكرانيا وإعادة تكوين مخزون سلاح مقبول". وكذلك يواجه الاتحاد الأوروبي مخاطر كبيرة في قطاع التصنيع بعد قطع إمدادات الطاقة القادمة إليه من روسيا.

أخيرا يقول روا "إنه حان الوقت لكي يعترف الغرب بأنه أخطأ في التقليل من حجم وقوة الاقتصادات المنافسة وبخاصة الاقتصاد الروسي". وسيتعين على صناع السياسة في الغرب أن يعيدوا تقييم نهجهم الحالي تجاه فن الحكم الاقتصادي وإدراك أن العقوبات ليست مقاسا واحدا صالحا لكل الدول وفي كل الحالات، خاصة عندما تستهدف دولة تمتلك قوة اقتصادية كبيرة مثل روسيا التي فشلت معها العقوبات بدرجة كبيرة.

إلى ذلك، نقلت وكالة "تاس" للأنباء عن إلفيرا نابيولينا رئيسة البنك المركزي الروسي أن روسيا تبني احتياطيات دولية بأصول لا يمكن استهدافها بعقوبات غربية.

وجمدت دول غربية نحو 300 مليار دولار، أو ما يعادل نصف الاحتياطيات الدولية الروسية، بعد أن أرسلت موسكو عشرات الآلاف من الجنود لحرب أوكرانيا.

وقال البنك المركزي الروسي في السابق "إنه يعد الذهب واليوان الصيني والعملات الأجنبية التي يحتفظ بها نقدا أصولا آمنة من جولات أخرى محتملة من العقوبات الغربية".

 

الأولوية للحرب

 

إذا كان الغرب في حالة إرهاق اقتصادية بسبب الحرب في وسط شرق أوروبا ويبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه فإنه يظهر أن الكرملين غير متعجل للوصول لتسوية سياسية.

جاء في تقرير صدر في واشنطن يوم 24 سبتمبر:

تخطط روسيا لزيادة الإنفاق الحكومي خلال سنة المالية 2024 بأكثر من 25 في المئة مقارنة بالسنة الحالية، وذلك وسط توقعات بأن الكرملين سيجمع الأموال بشكل أكبر لدعم الحرب ضد أوكرانيا، وفقا لتقرير صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

وتدرج مسودة الميزانية البالغة 36.6 تريليون روبل (383 مليار دولار)، التي قدمها رئيس الوزراء، ميخائيل ميشوستين "تعزيز الإمكانات الدفاعية للبلاد" كأولوية رئيسية إلى جانب دعم "دمج المناطق الجديدة" التي جرى ضمها جزئيا عام 2022.

وتسلط الخطط الضوء أيضا على "الدعم الاجتماعي للفئات الأكثر ضعفا"، وهي علامة على أن الكرملين يعتزم زيادة الإنفاق على معاشات التقاعد والرعاية الاجتماعية قبل الانتخابات الرئاسية في مارس 2024.

وبحسب خبراء فهذا يعني أن، فلاديمير بوتين، الذي يتولى مقاليد السلطة في روسيا، رئيسا أو رئيسا للوزراء منذ 24 عاما، يسعى للفوز في تلك الانتخابات ليمتد حكمه حتى سنة 2030 على الأقل.

ورغم أن المسؤولين لم يذكروا حجم الميزانية التي ستخصص للإنفاق العسكري، وهو أمر سري، فإن الزيادة أظهرت أنه "لم يكن هناك مثل هذا الإنفاق الدفاعي الضخم في تاريخ روسيا الحديث بأكمله"، وفقًا للمسؤولة السابقة في البنك الروسي المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو.

وأوضحت بروكوبينكو، وهي زميل غير مقيم في مركز "كارنيغي روسيا أوراسيا": "هذا يدل على أن الكرملين حدد أولوياته، والأولوية الرئيسية هي الحرب، يليها الإنفاق الاجتماعي والأمن الداخلي".

 

وتيرة متسارعة للنمو

 

جاء في تقرير نشرته صحيفة الاقتصادية يوم 2 سبتمبر 2023:

اتسع نشاط قطاع التصنيع في روسيا بوتيرة متسارعة خلال شهر أغسطس 2023 على خلفية زيادة حجم الطلبيات، ورغم الضغوط التضخمية والحرب الدائرة في أوكرانيا، بحسب ما كشفته بيانات اقتصادية.

وارتفع مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع في روسيا التابع لمؤسسة إس آند بي غلوبال للدراسات الاقتصادية والتسويقية إلى 52.7 نقطة في أغسطس مقابل 52.1 نقطة في يوليو.

ووفقا لـ"الألمانية"، فإن تسجيل المؤشر قراءة أكثر من 50 نقطة يشير إلى نمو القطاع. وذكرت إس آند بي غلوبال أن قطاع الصناعة في البلاد شهد تحسنا خلال الشهور الـ16 الماضية.

وارتفع حجم الطلبيات الجديدة في روسيا بأسرع وتيرة لها في ثلاثة أشهر، ما دفع الشركات إلى زيادة حجم الإنتاج في أغسطس.

كما زاد حجم التوظيف في قطاع الصناعة الروسي في أغسطس بالتواكب مع زيادة حجم الطلب على المنتجات الصناعية، وإن ظلت وتيرة توفير فرص العمل هي الأضعف خلال تسعة أشهر.

وارتفعت أنشطة المشتريات للشركات الروسية بسبب جهودها لتعويض المخزون لديها، الذي تراجع بشدة خلال الفترة السابقة.

ورغم العواقب المحتملة لضعف الروبل الروسي، ما زالت الشركات تتوقع زيادة الناتج الصناعي على مدار عام 2024، وهو ما يعكس خططا لتوسيع خطوط الإنتاج وتحسين الفاعلية.

وبلغت توقعات نمو الاقتصاد الروسي بحلول نهاية 2023، نسبة 2.5 في المائة أو أكثر، بحسب أنطون سيلوانوف وزير المالية الروسي.

وصرح الوزير: "بينما انكمش الاقتصاد عام 2022 بنسبة 2.1 في المائة، فإننا نتوقع هذا العام أن يتعافى الاقتصاد وينتعش بنسبة 2.5 في المائة وربما أعلى من ذلك، لذلك يمكننا القول إننا سنستعيد الانخفاض الذي حدث في الفترة الماضية".

وأشار سيلوانوف إلى أنه يتوقع أن يظل التضخم عند مستوى 6 في المائة في 2023، مضيفا: "سنتخذ رفقة البنك المركزي كافة الإجراءات لخفض التضخم إلى مستوى القيم المخطط لها".

وبحسب تقرير نشرته وزارة المالية الروسية بلغت نسبة عجز ميزانية البلاد في الفترة من يناير إلى يوليو 2023، 1.8 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، ومن الناحية المالية 2.817 تريليون روبل.

وأشارت الوزارة إلى أن ديناميكية النفقات وصلت إلى مستوى طبيعي، حيث نمت في الفترة المذكورة بنسبة 14 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ووصلت إلى 17.341 تريليون روبل. 

المشكلة كانت دائما عبر التاريخ هي أن الإمبراطوريات لا تدرك ساعة أفولها.

 

عمر نجيب

[email protected]