قال السجين السابق سيدي الطيب ولد المجتبى: "منذ أزيد من خمسين يوماً من التعتيم ووزارة الصحة الجلفونية تُواصل تعنتها ومسلسل أكاذيبها الملفقة حيال الحمى الوبائية التي ظهرت وتفاقمت بشكل كارثي ، وتعددت أسماءها وتوصيفاتها من "حمى الضنك"إلى"حمى الواد المتصدع" ثم "الحمى النزيفية" في ما بعد ,,
في بادئ الأمر انتهجت الوزارة سياسة النفي والإنكار لأي مرضٍ أوعَرَض ، في حين كانت المستشفيات الحكومية والخصوصية تضيق بالمواطنين المطحونين الذين ضربتهم الحُمى ، وقتلتهم وزارة الصحة بالتجاهل والإهمال.
وهو ما دفعنا لتنظيم تظاهرة احتجاجية أمام وزارة الصحة بتاريخ الأربعاء 14 اكتوبر الساعة العاشرة صباحا .
على هامش التظاهرة الإحتجاجية دخلتُ رفقة اثنين من رفاقي إلى مبنى الوزارة من أجل مقابلة الوزير لإبلاغه باستيائنا ورفضنا وتضرر شعبنا من الواقع المأساوي الذي يترنح فيه قطاع الصحة خاصة في مثل هذه الظروف الاستثنائية .
بعد وقت وجيز من عبورنا لبوابة الوزارة حاصرتنا عناصرُ من حرس الوزارة وأخرجتنا بطريقة غير لائقة ، لتأتي الشرطة بعد ذلك مُستخدمة قوتها المُفرطة ضدنا وضد بقية النشطاء ، وفضت تظاهرتنا السلمية باعتقال عشرة مناضلين وتوقيفهم في مفوضية تفرغ زينه4 .
بعد الظهر أطلق سراح خمسة نشطاء ، وتم التحفظ عليَّ وعلى أربعة من رفاقي ، .
تم نقلي إلى مفوضية لكصر 2 الواقعة في مستنقعات سوكوجيم ps حيث تعرضتُ لاعتداء جسدي من طرف الشرطة ، بالاضافة للمعاملة اللا أخلاقية في زنزانة صغيرة ، ودون أن يسمحوا لي بإخبار أسرتي عن مكان اعتقالي.
في حدود الساعة الواحدة من فجر الجمعة استدعتني سيارة من الشرطة وأعادتني إلى مفوضية تفرغ زينه 4 حيث بدأتْ معي التحقيقات في وقت متأخر من الليل ، وأدركتُ بوضوح أنني أمام طبخة أمنية أبرمت بليل .!
على تمام الساعة التاسعة من صباح الجمعة تم نقلي ورفاقي على متن باصٍ للشرطة إلى ما يسمى بـ "قصر العدالة" للمثول أمام وكيل الجمهورية .
بجرة قلم أحالنا الوكيل إلى سجن دار النعيم ، وهناك عشنا جحيما تعجز الكلمات عن وصفه لهول الصدمة ووقع المفاجأة ..
سلمتنا الشرطة لمسير السجن ، وسلمنا المُسيّر لعناصر من "الحرس الوطني"، حيث سلمونا بدورهم لعصابة إجرامية من السجناء الذين لا تَخفى ملامحُ الخبث والقذارة والإجرام على قسمات وجوههم البائسة ..
اقتادتنا عصابة اللصوص إلى غرفة صغيرة ، وتناهشونا كالكلاب الجائعة ، ثم فتشونا بطريقة مُهينة ، لكن اللافت في الأمر هو أن أفراداً من الحرس يراقبون المشهد من النافذة بكل تهكم وسخرية .
تقاسمتنا العصابة فاقتادت كلَّ واحد منا مجموعةٌ إجرامية، وكنتُ شخصياً من نصيب كبير المجرمين المحكوم عليه بالمؤبد جراء إزهاقه لعدة أرواح.
ذهبتْ بي العصابة إلى الجناح الأبشع في السجن ،حيث تم ابتزازي بالسكاكين ومُختلف وسائل التعذيب .
انهالوا عليَّ بالضرب واللكم والركل بالأرجل ، وسحبوني على الأرض عبر ثلاث ممرات ومنعرجات في الجناح الأيسر ، رموني في زاوية صغيرة ، أسدلوا ستائرهم عليَّ لتحجبَ عني أي منفذ للرؤية أو التنفس على إيقاع موسيقى الراب مشغلة بأعلى صوت، وسط خيوط من الدخان تُضفي على المكان هالة من الرعب والشقاء .
في هذه الأجواء الكارثية انهالت علىّ العصابة من جديد ، ضربني أحدهم بعصى حديدية على ذراعي الأيسر ، فأعقبه آخر بضربة قوية على صدري ، ثم وجهوا لي وابلا من الصفعات والركل بالأرجل ، مُفرطين في الإعتداء عليّ بشكل أكثر إيلاماً ووجعاً حتى أحسستُ بدوارٍ في الرأس فقدت معه السيطرة وغبتُ عن الوعي لعدة دقائق .
بعد برهة من الوقت استعدتُ أنفاسي تحت تأثير الدخان الذي يُغطي المكان ، وحاولتُ قدر جهدي أن أنهض مولياً وجهي باتجاه الحرس ، طلباً للأمان والحماية ، لكن بدون جدوى ..
رفض الحرس أن يوفروا لي الأمان ، وأثناء مفاوضاتي معهم ، عادت العصابة من جديد وسحبتني على الأرض أمام أعين الحرس مُتجهين بي إلى قبو التعذيب والتنكيل ، ليعيدوا الكرة من جديد بكل قسوة وبشاعة ، مُحاولينَ إرغامي على تناول مواد مُخدرة .
جردوني من ملابسي، واستخدموا ضدي كل وسائل التعذيب الاجرامية واللاأخلاقية ، والتي أحمل نظام الجنرال ولد عبد العزيز كامل المسؤولية فيما تعرضتُ له ورفاقي من تنكيل وتعذيب في جحيم دار النعيم ، بدون أي جريرة أو ذنب سوى أننا تظاهرنا بشكل سلمي من أجل قضية عادلة.