هل انتهت الانتخابات النيابية، والجهوية، والبلدية، لترسخ مشروع الديقراطية المستجلب، والمستوطن منذ تسعينيات القرن الماضي في بلادنا، والموشح لنظامنا السياسي بنياشين العصرنة، وفي محاولة لتشكيل نظمنا الاجتماعية العشائرية، وتغيير عقلية الفرد الجمعوية الى جمعوية الفرد، واستقلال الفردانية.؟!
ولكن الأشكال، هو:
هل نحن نحاكي الأرضية الخصبة لاستنبات مشروع الغرب الوافد على جناح الحداثة التي تمشي الهوينا، كما تمشي السلاحف على الرمال،،، ولم تكن حركة الحداثة بجناحها الخاص بحمل مشروع الدمقراطية، يتحرك بعجلات العربة، بل بالعقول التي تفكر في مصالحها الشخصية قبل ان تهتم بالمشروع التحديثي، وأقلمته، تبيتئه اجتماعيا، وعقليا، ونفسيا، وسياسيا..؟
ولعل من كان غير واضح له مخاطر الاستغفال عن الرعاية التي يقتضيها الاستزراع الذي يراد منه اكتساب غلة، والبقاء عليه، ليقاوم عاديات عديدة، وليس منها " الأرضة" التي تتغياعلى المزروع، ولا " الخشخاش"، وإنما حصرا لشره الطامعين الطماعين، واستعجال القطاف قبل أن تينع الثمرة...!
ومن هنا كان انتزاعها من اغصانها، ورميها في الافواه الناشفة، سببا في تفلها بعد أن تبين بالذوق الحسي، حموضتها الزائدة التي منعت من أكلها بتعلاتها..!
نعم، كانت الانتخابات مجالا لما ذكر اعلاه من فشل التحديث عبر آليات مفتوحة، لكن العقول المغفلة، لم تدرك تفعيل مفاتيح تلك الآلية، فراحت تستعيد تصورات ذهنية ، اقرب الى تخشب مظاهر" الجلود " غير القابلة للدباغة، وللتطويع، فكانت القوة العضلية حاضرة اكثر من غيرها، وفي مثل هذه الحالات، سعى الجميع بدون استثناء إلى قاعدة "البقاء للأقوى" ، وليس للأصلح في تحصيل الغايات من الوسيلة " الانتخابات" التي هي: في جوهرها تفعيل للعقل الجمعي من أجل المشاركة في التسيير، إن برلمانيا، أم جهويا، أم مدينيا..
وكان تغييب العقل السياسي، وقواه ممثلة في غياب المشرفين الحياديين الموضوعيين، لتنظيم الانتخابات المذكورة من أكبر مظاهر الكشف عن عورات التخلف السياسي، وقبحها في مظاهر الانتخابات التي عبرت عن التأثر ب " الرضات" المدمرة للاعصاب، وقد توالت، حتى تواضع عليها الافراد من نخبة الفساد الوظيفية..
وقد سبقت الإشارة في اكثر من مقال الى لجوئنا الى توصيف النخبة ب"الفساد"، واليوم تعزز هذا التوصيف بما لا يدع مجالا للشك في أنها نخبة، لا تمثل العقل الثقافي، او المتثاقف، احرى الوعي السياسي، وإنما، هي: بمثابة الوعاء المخزن للراكد المتسخ من اسمال، ومخلفات الماضي الذي لا تستطيع خلعه؛ ورغم ذلك ظهرت عارية على حقيقتها في تجسيد العقل الجمعي في مظاهر انحطاطه بافتعال الشحناه الغضبية، وانفعال بها العقول الناقصة الكيدية للرجال والنساء، وسفلة "المتشاعرين" من الذين استنفد صبرهم من الحرمان، والتحكم في مصارئر المجتمع، وأفراده من نخب، علقت آمالها الثاوية في حفر الخيبات، بعد اللهاث خلف الانظمة السياسية، حيث طرقت ابواب الاحزاب لكل نظام حكم، ولما لم تستدرك قيمة في الرجوع إلى رشدها، كمبرر يستدعي الوعي السياسي، عبرت عن" عصابها النفسي" - بضم العين، وكسر الباء - في تفكيك الجماعات العشائرية..!
أما دور النظام، فكان متعلقا بالسعي - غير المشكور - لتدمير جسم المجتمع العام؛ استنادا الى مسؤولية توظيف " الوصفة" الديقراطية..!
وكانت ردات العقل الشرطي فيما جسده سلوك "نماذج" النخبة "المتوحشة" بتفكيرها القرابي، ونزعاتها النفسية الجامحة لاستعادة ظلمة ليل من الماضي، اكثر حلكة، وغشيا من الحاضر، وذلك من اجل استرجاع احلام اليقظة في واضحة النهار، و على أضواء المهرجانات الفاضحة للمنتشين بها، والمنتكصين منها على حد سواء.. !
ولعلها من مهازل الانقسام جراء الاطماع، والشهوات البهيمية، التي أدت الى" التقسيم الكسري" المراد لمجتمعنا بين الحين، والآخر، ليمارس عليه قانون " الانتخاب الطبيعي" - الدارويني - و ليثبت "حيتان" الفساد قابليته للتطبيق، واسعدادهم للمصارعة لكل من في أكمة الغاب، والوهاد، والجبال، والمدائن على طول البلاد وعرضها، بل كذلك، افشال كل العناصر المعدة للتحديث المجتمعي، ولو بالشروع خلال التطور البطيء، حيث فقد التعليم دوره في هذا المجال، وكذلك التفاعل مع العالم الخارجي في إطار الاحتكاك الثقافي، والاجتماعي، كما افرغ مشروع الحداثة الدمقراطي من مضمونه، ولو كان بذي عقل غير المريض، لجمع اوراقه، وارتحل إلى غير رجعة، باستنجاد الجماعات بقانون القرابة، والعصبية للتناهش، " لتأكل النخبة من ثديها" الذي تأبته الحرة في امثال العرب ..!
فهل جنت "براقش "، النظام السياسي على نفسه، أم لازال، يعتقد أن المثل ينطبق على المجتمع، فحسب ؟!