يتابع جزء كبير من سكان العالم مسار الحرب شبه العالمية الدائرة وسط شرق أوروبا منذ 24 فبراير 2022 لإدراكهم أهمية ما ستصنعه وتعكسه على الجميع من تحولات اقتصادية وسياسية وعسكرية وفي تشكيل النظام العالمي. المواقف الرسمية للدول والمشاعر بين الشعوب تتفاوت ويعتقد غالبية الملاحظين والمحللين أن نسبة عدد غير المبالين بهذا الصراع ربما تكون الأدنى منذ عقود. في الغرب الذي يضم أساسا الولايات المتحدة وكندا وغالبية دول أوروبا المنضوية سواء تحت راية الإتحاد الأوروبي أو حلف الناتو واستراليا ونيوزيلاندا واليابان وكوريا الجنوبية تطغى حتى الآن وخاصة على الصعيد الرسمي الحكومي المواقف المعادية لروسيا والمساندة لأوكرانيا. خارج هذا الإطار تقف بقية دول المعمور على مستوى حكوماتها بين المساند اللفظي للغرب ولكن غير الراغب في كسب عداء موسكو أو المنفذ لحملة الحصار على الكرملين، وبين الذين يتمسكون بنوع من الحياد الذي يعتبره الغرب غير ملائم له ونافع لروسيا في صراعها الحالي. اعتبرت واشنطن ولندن خصوصا أن مؤتمر قمة منظمة شانغهاي للتعاون في دورته الـــ 22 بمدينة سمرقند الأوزبكية يوم 15 و 16 سبتمبر 2022 والذي أصبح بعد انضمام دول جديدة له يضم نصف سكان الأرض مكسبا للرئيس الروسي بوتين.
الأمر الذي يشير إليه عدد كبير من المحللين ويتجاهله ساسة الغرب هو أنه على الصعيد الشعبي العالمي وخاصة في دول أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية يسجل أكبر ميل للدعم لروسيا في حربها بأوكرانيا لسبب أساسي هو أن شعوب تلك المناطق عانت من استعمار وبطش وهيمنة الغرب لقرون وعقود ولهذا فهي تتطلع لهزيمته وتؤمن أن سقوط سطوة الغرب ستكون في صالح هذه الشعوب على كل الأصعدة.
عدد من الساسة في الغرب أشاروا في عدة مناسبات أن حتى جزء من الحكومات غير الغربية التي تظهر نوعا من التعاطف مع الغرب في صراعه مع روسيا تترقب تطورات الصراع وستكون في مقدمة الذين يعبرون عن ترحيبهم بتراجع الغرب عندما يصبح التحول في موازين القوى جليا.
الصراع المسلح وسط شرق أوروبا يعتبر مصيريا لكلا المشاركين فيه فهو أما سيقود إلى ترسيخ هيمنة الغرب وتعزيز نظامه العالمي القائم على الأحادية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي، أو قيام نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب وبداية انحسار النفوذ الغربي وهيمنته على الاقتصاد والنظام المالي الدوليين. البعض يتحدث عن سيناريو آخر وهو حرب عالمية ثالثة تفني الجزء الأكبر من سكان هذا الكوكب البالغ تعدادهم زهاء ثمانية ملايير إنسان.
منذ نهاية شهر أغسطس 2022 هيمنة في وسائل الإعلام العالمية التي يسيطر الغرب على جزء كبير منها الأخبار المتعلقة بهزيمة مذلة للكرملين بعد نجاح هجوم أوكراني على المواقع الروسية في منطقة خاركيف شمال الجبهة البالغ طولها زهاء 1000 كلم واستعادتها السيطرة على ما مساحته 8000 كيلومتر مربع، بينما لم تنجح في تحقيق إنجاز مماثل في الجنوب حيث واصل الجيش الروسي توسيع سيطرته لإستكمال ما أعلن عنه في البداية أي السيطرة على الحدود الخاصة بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك اللتان تفوق مساحتهما مع الأراضي الموجودة تحت سيطرت القوات الروسية أكثر من 160 الف كيلومتر مربع أو ما نسبته 25 في المئة من مساحة أوكرانيا.
منذ بداية العمليات العسكرية الروسية في 24 فبراير 2022 كان هناك سؤال محير طرحه حتى عدد من العسكريين في الغرب، وهو سبب استخدام روسيا فقط لجزء صغير من قوتها العسكرية في الحرب ثم عدم تقدمها للسيطرة على كييف عاصمة أوكرانيا بعد أن وصلت بعض وحدات قواتها إلى مشارفها. بغض النظر عن التفسيرات بشأن شدة المقاومة الأوكرانية وعجز الجيش الروسي وتقصير نظامه في الدعم اللوجستيكي أخذت بعض الشكوك تراود الخبراء العسكريين بشأن رغبة الكرملين في إطالة أمد الحرب لإستنزاف أوكرانيا ومسانديها الغربيين في مجال المعدات والأموال، ودفع الأقليات العرقية في أوكرانيا من بولنديين ومجريين وبلغار وغيرهم إلى السعي إلى ضم مناطقهم إلى دولهم الأم وبالتالي زيادة تحجيم أوكرانيا ودفع معارضي النظام الحالي في كييف إلى السيطرة على السلطة. في نفس الوقت أخذت مخاوف الغرب من تمرد الأوروبيين على حكومتهم بسبب تكاليف دعمها لكييف وحرب النفط والغاز تتبلور. وكما حذر بعض ساسة أوروبا فإن الرئيس الروسي يريد إبعاد القارة العجوز عن واشنطن وإضعافها.
يوم الأحد 25 سبتمبر لحقت إيطاليا بعد الانتخابات بركب الدول التي تتمرد على سلطة بروكسيل ولا تساند مواصلة الحرب المكلفة في وسط أوروبا، وصرح أحد الفائزين في تحالف اليمين رئيس الحكومة الإيطالية الأسبق لثلاث دورات متتالية سيلفيو برلسكوني، في مقابلة مع قناة محلية، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دفع نحو غزو أوكرانيا ولم يكن يهدف إلا إلى تعويض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحكومة "أشخاص محترمين".
وفاز قبلها اليمين في انتخابات السويد وتبدلت حكومة لندن وتتعرض حكومة ألمانيا لضغط شعبي متزايد أوصل حكومة برلين لوضع خطط لاستنفار الجيش لمواجهة أي مظاهرات كبيرة واستمر تمرد حكومة المجر ورفض فرض عقوبات على موسكو.
زيادة على كل ذلك أسفر استمرار الحرب عسكريا واقتصاديا في زعزعة كل قواعد النظام الاقتصادي العالمي وقرب الدول الغربية أكثر من أي وقت مضى من أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
تحولات سياسية
يقول محللون غربيون أنه رغم نفي الكرملين، إلا أن موسكو تبقى تراهن على فوز الأحزاب اليمينية في الانتخابات البرلمانية المقبلة في أوروبا، من جهة، ومن جهة ثانية حصول الحزب الجمهوري على الأغلبية في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي، بغرض خلخة الموقف الأوروبي والأمريكي من الحرب الروسية في أوكرانيا وكسر طوق العقوبات الغربية على موسكو. ضمن ما تعرف بـ "إستراتيجية روسيا للفوضى" والتي حذر تقرير لجنة أوروبية من أن "إيطاليا تخاطر بأن تكون ضحية محتملة" لها.
ويرجح ديمتري سوسلوف، مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية في مدرسة موسكو العليا للاقتصاد في تصريح لوكالة الأناضول، أن موقف الغرب الجماعي سيتغير أوائل عام 2023، حيال الدعم العسكري لأوكرانيا والعقوبات على روسيا.
في السنوات الأخيرة وجهت إلى روسيا العديد من الاتهامات بالتدخل في العملية الانتخابية حول العالم، وسبق أن فتحت جهات أمنية وسياسية أمريكية تحقيقات رسمية حول ذلك التدخل المحتمل، لاسيما في ما يخص التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2016، والتي فاز بها الرئيس السابق دونالد ترمب، أمام منافسته هيلاري كلينتون.
علاوة على اتهام روسيا بالضلوع في عملية إسقاط حكومة دراغي الإيطالية بعدما سربت وسائل إعلام محلية معلومات عن عقد سالفيني زعيم حزب الرابطة لقاءات مع مسؤول دبلوماسي روسي كبير في روما خلال الأيام التي سبقت سقوط الحكومة الإيطالية، بالإضافة إلى ما تم كشفه عن إجراء رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني اتصالا مطولا مع السفير الروسي عشية التحول المفاجئ في موقفه، بعد أن كان قد أعلن تأييده الكامل لبقاء دراغي، في رئاسة الحكومة حتى نهاية الولاية التشريعية.
وزير خارجية إيطاليا لويجي دي مايو صرح "إن الذين أسقطوا الحكومة قدموا رأس دراغي على طبق من فضة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
قدم دراغي استقالة حكومته في 21 يوليو 2022، بعد فقدانه الأغلبية في البرلمان، فقرر الرئيس سيرجيو ماتاريلا حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة. ودعم تلك الشبهات تأكيد الناطق باسم المفوضية الأوروبية في اليوم الذي سقط فيه دراغي حول معلومات مخابراتية تؤكد قيام روسيا بمحاولات لزعزعة الاستقرار في دول الاتحاد عن طريق التأثير في السياسات الداخلية للدول الأعضاء.
الفوضى في الأسواق
يوم الاثنين 26 سبتمبر 2022 وصل تأزم الوضع الاقتصادي إلى نقطة حرجة حيث يتأهب المستثمرون حول العالم لمزيد من الفوضى في الأسواق بعد أسبوع حافل بالتقلبات التي عصفت بأسعار الأصول، وسط تصعيد البنوك المركزية والحكومات من معركتهم ضد التضخم.
وبحسب "رويترز"، لاحت مؤشرات على الأوقات العصيبة في كل مكان. ورفع مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي، بينما تدخلت اليابان لدعم الين للمرة الأولى منذ 1998. وهبط الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوياته منذ 37 عاما مقابل الدولار بعد أن أطلق وزير المالية البريطاني الجديد تخفيضات ضريبية تاريخية وزيادات ضخمة في الاقتراض.
يقول مايك كيلي، خبير الأصول في باينبريدغ إنفستمنتس "الولايات المتحدة" "من الصعب معرفة ما الذي سيحدث وأين ومتى.. قبل ذلك، كان التفكير منصبا على أن الركود سيكون قصيرا وطفيفا. والآن نحينا هذا جانبا، وأصبح تفكيرنا ينصب على العواقب غير المقصودة التي تصاحب سياسات نقدية أكثر تشددا".
وهوت الأسهم في كل مكان، وتراجعت مؤشرات "داو جونز" و"ستاندرد آند بورز 500" و"ناسداك" في سوق هابطة، كما انخفضت السندات لأدنى مستوى منذ أعوام، إذ يعيد المستثمرون موازنة محافظهم وسط استمرار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
فوق كل هذا، كان الدولار الأمريكي يحلق عاليا، إذ قفز لأعلى مستوى في 20 عاما مقابل سلة من العملات، مدعوما بعوامل من بينها بحث المستثمرين عن ملاذ وسط التقلبات الحادة في الأسواق ولكن هناك مخاوف من سقوط كارثي للدولار في مستقبل قريب.
وذكر ديفيد كوتوك، رئيس مجلس الإدارة وكبير مسؤولي الاستثمار في كمبرلاند أدفايزورز "أسعار صرف العملات.. أصبحت حاليا حادة في تحركاتها.. فعندما تنشغل الحكومات والبنوك المركزية بمهمة تحديد أسعار الفائدة، فهي تنقل التقلبات إلى أسواق الصرف".
وفي الوقت الراهن، تجتذب عمليات البيع في شتى فئات الأصول القليل من صائدي الصفقات. ففي الواقع، يعتقد كثيرون أن الأمور ستزداد سوءا لأن السياسة النقدية الأكثر تشديدا حول العالم تزيد من احتمالات حدوث ركود عالمي.
وقال روس كويستريتش، المشرف على صندوق غلوبال ألوكيشن التابع لشركة بلاك روك أكبر مدير للأصول في العالم "سنظل حذرين"، مشيرا إلى أنه يتوخى الحذر بشأن السندات.
وأضاف "أعتقد أن هناك كثيرا من عدم اليقين بشأن السرعة، التي سينخفض بها التضخم، وهناك كثير من عدم اليقين بشأن ما إذا كان مجلس الاحتياطي الاتحادي سيمضي في حملة محمومة للتشديد النقدي كما أشار" أخيرا.
وأدت تداعيات الأسبوع المحموم إلى تفاقم اتجاهات الأسهم والسندات، التي ظلت قائمة طوال العام، ما أدى إلى انخفاض أسعار فئتي الأصول. إلا أن غموض التوقعات يعني أنها لا تزال غير رخيصة بما يكفي لبعض المستثمرين.
وقال جيك جولي، كبير محللي الاستثمار في "بي.إن.واي ميلون"، الذي كان يعزز مخصصاته للسندات السيادية قصيرة الأجل "نعتقد أن وقت المراهنة على ارتفاع الأسهم لم يحن بعد حتى نرى مؤشرات على أن السوق قد بلغت القاع".
وأضاف "السوق تقترب أكثر من وضع هذا الركود المتوقع على نطاق واسع في الحسبان ولكن لم يتم ذلك بالكامل بعد".
وارتفعت عوائد السندات، التي تتحرك عكسيا مع الأسعار، في جميع أنحاء العالم. وبلغت عوائد سندات الخزانة الأمريكية القياسية لأجل عشرة أعوام أعلى مستوى لها في أكثر من 12 عاما، بينما ارتفع عائد السندات الألمانية لأجل عامين فوق 2 في المائة للمرة الأولى منذ أواخر 2008. وفي المملكة المتحدة، قفزت سندات الخزانة لأجل خمسة أعوام بمقدار 50 نقطة أساس، وهي أكبر قفزة في يوم واحد منذ أواخر 1991 على الأقل، وفقا لبيانات رفينيتيف.
وصرح ماثيو نيست، الخبير في ستيت ستريت غلوبال أدفايزورز، الذي يعتقد أن عوائد السندات ارتفعت إلى درجة أنها بدأت تبدو "جذابة للغاية" إنه "في مرحلة ما، ستتحول المخاوف من التضخم إلى النمو".
ويخشى المستثمرون من أن الأمور ستزداد سوءا قبل أن تتحسن.
وذكر مايك ريدل، مدير محفظة الدخل الثابت في شركة أليانز غلوبال إنفستورز في لندن "السؤال الآن ليس ما إذا كنا سندخل في ركود، وإنما مدى عمق هذا الركود، ومدى احتمالية أن نواجه أزمة مالية بصورة ما وصدمة سيولة عالمية كبيرة".
ونظرا لأن السياسة النقدية تميل للتأني، فإن تقديرات ريدل هي أن معاودة البنوك المركزية تشديد السياسات تعني أن الاقتصاد العالمي سيكون أضعف بحلول منتصف عام 2023.
وقال "نرى أن الأسواق لا تزال تقلل في تقديراتها بشكل كبير من حجم الضربة القادمة التي سيتلقاها النمو الاقتصادي العالمي".
2800 مليار دولار خسائر
توقعت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي مواصلةدول العالم دفع ثمن باهظ للحرب في أوكرانيا، حيث خفضتبوضوح توقعاتها للنمو العالمي عام 2023 في مواجهة آثار أكثراستدامة مما كان متوقعا، مع دفع أوروبا الثمن الأكبر.
وبحسب "الفرنسية"، كتبت المنظمة في تقرير نشر يوم الاثنين 26 سبتمبر 2022 تحت عنوان "دفع ثمن الحرب" أن "توقعات النموالعالمي تراجعت".
ويدفع انعدام الهدوء على الأرض في الشهر الثامن للحربالروسية - الأوكرانية، المتمثل خصوصا بتعبئة جزئية أعلنتهالعناصر الاحتياط، المنظمة الدولية إلى التشاؤم فيما يخصالمستقبل الاقتصادي القريب.
بعد 2022 الذي كان مرهقا بالنسبة للأسر والشركات، ولا سيمابسبب ارتفاع التضخم، ترى المنظمة ومقرها باريس، أن "النموالعالمي سيواصل تراجعه 2023".
وتتوقع المنظمة أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي 2.2 فيالمائة في مقابل 2.8 في المائة في توقعاتها السابقة في يونيو،رغم أنها أبقت على توقعاتها للنمو لهذا العام عند 3 في المائةبعدما خفضتها بوضوح في الأشهر الأخيرة.
وتشير المنظمة إلى أن "ضغوط التضخم تصبح معممة أكثرفأكثر، إذ إن ارتفاع أسعار الطاقة والنقل وتكاليف أخرى تؤثر فيالأسعار". وقد خفضت المنظمة توقعاتها لـ2023 في كل الدولالأعضاء في مجموعة العشرين تقريبا باستثناء تركيا وإندونيسياوبريطانيا، حيث يتوقع أن يشهد الاقتصاد ركودا.
لإظهار حجم الصدمة التي تمثلها الحرب على الاقتصاد العالمي،قدرت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي الخسائرالمالية المتوقعة العام المقبل، مقارنة بالتوقعات قبل بدء الحرب فيأوكرانيا، بـ2800 مليار دولار.
وبحسب المنظمة، فإن الدول المجاورة لأوكرانيا وروسيا هي التيستدفع الثمن الأكبر، وسيخضع النمو في منطقة اليورو للمراجعةالكبرى من بين مناطق العالم كافة، مع توقع أن يبلغ 0.3 في المائةمقابل 1.6 في المائة في التوقعات السابقة في يونيو. والسببالرئيس هو ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم الذي يتوقع أن يبلغهذا العام 8.1 في المائة و6.2 في المائة العام المقبل.
تتوقع منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن يكونالركود، الذي يلوح به كبار الاقتصاديين العالميين منذ أشهر، خطراكبيرا، السيناريو المقبل في ألمانيا، إذ إن أكبر قوة اقتصاديةأوروبية ستشهد بحسب المنظمة، تراجع ناتجها الإجمالي المحلي0.7 في المائة العام المقبل، في انخفاض قدره 2.4 نقطة مئويةمقارنة بالتوقعات السابقة.
يفلت جيرانها الرئيسون من الركود ويتوقع أن يبلغ النمو 0.4 فيالمائة في إيطاليا، و1.5 في المائة في إسبانيا، و0.6 في المائة فيفرنسا، حيث لا تزال الحكومة تتوقع نموا 1 في المائة.
من بين المناطق الكبرى الأخرى، تتوقع منظمة التعاون والتنمية أنيبلغ النمو الأمريكي 0.5 في المائة مقابل 1.2 في المائة فيالتوقعات السابقة في يونيو، والنمو الصيني 4.7 في المائة فيمقابل 4.9 في المائة.
توضح المنظمة أن "غموضا كبيرا يلف التوقعات الاقتصادية"،خصوصا مع خطر نقص موارد الطاقة في فصل الشتاء.
ويهدد الارتفاع الحاد للأسعار نشاط عدد متزايد من الشركاتالتي اضطر بعضها إلى خفض أنشطته.
وترى المنظمة أن نقصا أكبر من المتوقع للغاز قد يؤدي بتأثيرمتتابع، إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليوروبـ1.25 نقطة إضافية عام 2023، ما سيدفع عددا من الدول إلىالغرق في ركود.
ويثير هذا السيناريو قلقا كبيرا، إذ إن البنوك المركزية في الدولالمتطورة وتلك الناشئة، ملتزمة بشكل صارم بزيادة معدلات الفائدةلاحتواء التضخم، رغم وجود خطر هنا أيضا بتقويض النمو.
تؤكد منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن رفعمعدلات الفائدة هو "عامل أساس" في التباطؤ الحالي، إلا أنهاتدعو البنوك المركزية إلى مواصلة ذلك لتجنب زيادة المعدلات بشكلأكبر في حال استمر ارتفاع التضخم.
تقول المنظمة: إن التدابير المالية الموجهة والمؤقتة للأسر والشركاتهي جزء من الحل في مواجهة حالة الطوارئ، معتبرة أن التدابيرالتي اتخذت حتى الآن لكبح ارتفاع أسعار الطاقة كانت "موجهةبشكل سيء"، لأنها في الأغلب ما كانت تعود بالفائدة إلى عددفائض من الأسر والشركات.
الهدف المتاح
جاء في تحليل نشر في واشنطن يوم 25 سبتمبر 2022: أين تقع النقطة التي يتعين عند بلوغها، وقف الحرب في أوكرانيا وعليها، وانتقال الأطراف من ميادين القتال إلى غرف التفاوض؟ ... سؤال، ربما كان الأصعب، من بين عشرات الأسئلة التي أثارها الاجتياح الروسي لأوكرانيا، والحرب الكونية التي تخوضها الولايات المتحدة والغرب، ضد موسكو...هل تتمثل في طرد القوات الروسية من الدونباس وإعادتها إلى خطوط ما قبل الرابع والعشرين من فبراير 2022، أم يتعين كذلك، إخراجها من شبه جزيرة القرم، والعودة بها إلى خطوط ما قبل العام 2014؟.
هل يتعين ملاحقة روسيا إلى ما وراء أوكرانيا، في عمقها الاستراتيجي، اقتصادياً ودبلوماسياً على الأقل، وإلحاق إعاقة مزمنة بقدرتها على تهديد أي من جاراتها، كما تعهد بذلك الرئيس الأمريكي، وغير زعيم غربي، وكيف يمكن للغرب التأكد من أن روسيا فقدت القدرة على شن المزيد من الحروب والمغامرات، وأن "نزعتها التوسعية" قد انطفأت، ومتى يمكن للغرب أن يعرف ذلك؟...هل ثمة لحظة محددة في سياق هذه المواجهة المحتدمة الدائرة حاليا، يمكن عندها القول بإن الهدف المعلن للغرب: منع روسيا من تكرار "التجربة الأوكرانية"، قد تحقق...والأهم، هل يمكن تحقيق هذا الهدف من دون الدفع بـ"القيصر" إلى "خيار شمشون"، و"هدم المعبد" فوق رؤوس الجميع؟.
إن ما حصل حتى الآن، هل يكفي لردع موسكو عن ركوب أية مغامرة عسكرية في المستقبل القريب أو حتى البعيد، وهذا هو الهدف المعلن للغرب على أقل تقدير... أما إن كانت للغرب نوايا وأجندات أخرى، كما تقول موسكو، فإن الباب سيظل مشرعالسيناريو "هدم المعبد"، وليس صدفة أبدا أن تصدر في وقت متزامن، تصريحات عدة، لقادة عالميين، تحذر من خطر اندلاع حرب نووية، والقول أن المسافة التي تفصل البشرية عنها، باتت تعد بالخطوات والأمتار الأخيرة...وليست مستغربة كذلك، كل هذه التحركات العسكرية الإستراتيجية للمعسكرين المتقابلين، وتلك الإشارات المتكررة لـ "العقيدة النووية الروسية".
لكن بفرض أن بوتين وصحبه، أدركوا أن كلف "المغامرات العسكرية"، لن تكون محتملة بعد اليوم، وأنهم تمثلوا دروس الحرب الأوكرانية جيدا، فماذا عن مستقبل الأراضي الأوكرانية التي بسطت روسيا سيطرتها عليها، وأخذت تجري لسكانها "الاستفتاءات" على الانضمام لروسيا، وهل يمكن التسامح مع فكرة السماح لبوتين بضم هذه الأراضي إلى إمبراطوريته، حتى لا يصبح "شمشون العصر الحديث"، أم أنه لا بد من استعادة هذه الأراضي إلى السيادة الأوكرانية أولا، قبل الجلوس على موائد التفاوض وفتح طريق آمن للدبلوماسية؟.
إن خرج بوتين منتصرا بالدونباس، وضمها إلى القرم، فستكون لديه ورقة قوية، يمكنه الاتكاء عليها، لتبرير صوابية قرار الحرب والاجتياح، لكن نتيجة كهذه، هي هزيمة صافية لكييف وواشنطن والغرب، وهذا ما لن تسمح به هذه الأطراف ... وإن فرض عليه الانسحاب عنوة إلى حدود الرابع والعشرين من فبراير 2022، ستكون هزيمة مدوية له، ليس أمام كييف وواشنطن فحسب، بل وفي قلب عاصمة ملكه السعيد كذلك، وستكون لخاتمة من هذا النوع، تداعيات لا تطال شخصه وشخصيته المتضخمة فحسب، بل وربما تطاول "الاتحاد الروسي" كذلك، وقد نكون أمام سيناريو "انهيار كبير" ثان بعد الانهيار الكبير الأول في العام 1990، وهذا أمر لن يسمح بوتين بحدوثه.
عند نقطة الاستعصاء هذه، يتعين على الدبلوماسية أن تجترعالمعجزات، وهو أمر لطالما فعلته من قبل، لاسيما إن توفرت النوايا والإرادات، وأدرك اللاعبون الكبار، أن ثمن المضي في الحرب والمواجهة، غير محتمل، ولا يتعين دفعه، وأن التنازل على مائدة التفاوض، على قسوته وكلفته الباهظة، يظل أقل قسوة وكلفة، من المضي في الحرب والتصعيد، لاسيما حين تكون القوى الكبرى، مصطفة في الخنادق المتقابلة، مشهرة أسلحتها للإفناء الشامل.
يمكن التفكير باجتراع وضعية خاصة لإقليم الدونباس، تكفل لروسيا دورا ما في الإقليم، ولأهله الناطقين بالروسية، حقوقهم وحرياتهم وأمانهم في إطار فيدرالي أو كونفدرالي، ويمكن في هذا السياق، وضع جدول زمني مرن، لانسحاب القوات الروسية منه، ويمكن للأمم المتحدة، أن تكون مظلة هذه الحلول وضمانتها.
ومع أن مقترحا كهذا شديد التعقيد، ويواجه عقدا وعراقيل كأداء كثيرة، لكن من شأنه أن يوفر للأطراف المتحاربة فرصة الادعاء بتحقيق الفوز، بوتين بتأمينه سلامة الإقليم وأهله من بطش القوميين المتطرفين الأوكرانيين، وزيلينسكي بالادعاء أنه أرغم الروس على إبرام اتفاق، يسقط فكرة الضم والإلحاق، ويحفظ لأوكرانيا سلامة أراضيها وسيادتها .... وسيكون بمقدور واشنطن وعواصم الغرب كذلك، الزعم بأنها "ردعت" روسيا، في أوكرانيا وما ورائها.
معادلة "رابح – رابح"، يمكن أن تكون الطريق الأقصر لوقف الحرب، ومنع الانزلاق لسيناريو "هدم المعبد"، يمكن أن تحفظ ماء وجه الأطراف، وأن تهبط بهم بسلام، عن قمم الأشجار التي صعودا إليها في الأشهر الأخيرة، والأهم، إنقاذ البشرية.
سيناريوهات التصعيد
جاء في تقرير نشره موقع الحرة الأمريكي يوم 23 سبتمبر 2022: في أكبر تصعيد للحرب في أوكرانيا منذ 24 فبراير، زاد الرئيس بوتين، صراحة من احتمالات الصراع النووي، في خطاب أعطى لنفسه ذريعة محتملة لاستخدام ترسانة روسيا الضخمة.
وتتيح العقيدة النووية الروسية استخدام مثل هذه الأسلحة إذا تم استخدام أسلحة دمار شامل ضدها أو إذا كانت الدولة تواجه تهديدا وجوديا من أسلحة تقليدية.
وفي خطاب متلفز، الأربعاء 21 سبتمبر، أعلن بوتين استدعاء 300 ألف جندي لدعم القوات المسلحة، محذرا الغرب من أن موسكو "ستستخدم كل الوسائل" المتاحة لها للدفاع عن نفسها بما في ذلك السلاح النووي، ومؤكدا أن "الأمر ليس خدعة".
واتهم بوتين الدول الغربية بمحاولة "تدمير" روسيا، وقال "أود تذكير الذين يقومون بتصريحات كهذه بأن بلادنا تملك أيضا وسائل دمار مختلفة بينها وسائل أكثر تطورا من تلك التي تملكها دول حلف شمال الأطلسي".
أثارت تلك التهديدات حالة من الجدل بين خبراء عسكريين واستراتيجيين، حيث يرى فريق في تلويح "بوتين" مجرد تهديدات، وآخرين يحذرون من "جدية التهديدات الروسية".. فهل تفعلها روسيا حقا؟.
يصف رئيس المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في ألمانيا، جاسم محمد، تهديدات بوتين بـ"الخطيرة الذي يجب أخذها على محمل الجد"، نظرا لامتلاك روسيا "قدرات نووية فائقة".
وفي تصريحات لموقع "الحرة"، يتحدث عن "امتلاك روسيا ترسانة نووية كبرى ورثتها عن الاتحاد السوفيتي السابق"، قد تستخدمها إذا "أمر بوتين بذلك".
ويتفق مع الطرح السابق، الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد ناجي ملاعب، مشيرا إلى أن روسيا تمتلك "ترسانة نووية كبرى"، تتفوق "عدديا" على مثيلتها لدى دول الغرب.
ويؤكد، أن النووي "سلاح رادع دفاعي" وليس "للهجوم" وكانت عقيدة الاتحاد السوفيتي لعشرات السنوات هي "عدم البدء باستخدام ذلك النوع من الأسلحة".
لكن "تهديدات بوتين وقادة روس آخرين" قد تشير إلى "تغيير العقيدة الروسية" باتباع مبدأ "التصعيد مقابل التصعيد"، ما يثير المخاوف من استخدام "الأسلحة النووية"، وفقا لحديث ملاعب.
يشير تحليل لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى أن تصريحات بوتين تهدف لـ"تبرير أي مستوى من الانتقام الروسي بما في ذلك الرد النووي".
ولسنوات، كان هناك قلق أمريكي من احتمالية "استخدام روسيا أسلحة نووية تكتيكية"، يشار إليها أحيانا باسم "الأسلحة النووية في ساحة المعركة"، وفقا لتقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
ويهدف استخدام تلك الأسلحة إلى "إنهاء حرب تقليدية وفقا لشروط موسكو"، وهي إستراتيجية توصف أحيانا بأنها "تصعيد من أجل خفض التصعيد"، حسب الصحيفة.
قد يواجه العالم بالفعل خطر التصعيد النووي وربما "بداية الحرب العالمية الثالثة" بسبب "توصيف بوتين وتفسيره لتطورات الأزمة مع الغرب"، وفقا لـ"نيويورك تايمز".
وربما لم يواجه القادة الأمريكيون والروس بعضهم البعض بشكل واضح وحاد منذ أزمة الصواريخ الكوبية قبل ستة عقود بشأن "خطر الحرب النووية"، حسب الصحيفة.
وستواجه إدارة بايدن أزمة إذا استخدمت موسكو "سلاحا نوويا صغيرا في أوكرانيا"، لأن "أي رد عسكري أمريكي مباشر ضد روسيا من شأنه زيادة مخاطر نشوب حرب أوسع بين القوى العظمى المسلحة نوويا"، وفقا لـ"واشنطن بوست".
مسؤولون غربيون ذكروا أن دولهم تعمل على صياغة خطط الرد على روسيا إن استخدمت أسلحة نووية في أوكرانيا، وأن الرد الغربي سيكون بالأسلحة التقليدية تفاديا للتصعيد.
وأفادت مصادر لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إنه من غير المرجح أن يثير توجيه ضربة نووية لأوكرانيا رد فعل مماثل من الغرب، وأن ذلك سيؤدي لاتخاذ خطوات انتقامية بأسلحة تقليدية "لمعاقبة روسيا".
وأشار أحد المصادر إلى أن الغرب "لديه الكثير من الخطوط الحمراء" لن يتجاوزها.
وأضافت المصادر أن دول الناتو نقلت موقفها بشكل خاص إلى موسكو، باعتبار أن التهديد بالانتقام أفضل رادع في هذا السيناريو.
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمريكي لم يذكر اسمه قوله: "لقد أرسلنا رسالة مماثلة لموسكو شملت ردنا وتأثير ذلك على موقف روسيا كدولة راعية للإرهاب".
أغلب التحليلات
رأى خبير عسكري واستراتيجي، أن روسيا حققت غالبية أهداف عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وذلك مع دخول الحرب شهرها الثامن.
وأكد اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوار، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لم يهزم في الحرب على عكس ما يروج به في الإعلام الغربي، وأن أغلب ما ينشر من تحليلات وتقارير هو نوع من الـ"بروباغندا".
وقال أبو نوار في تصريح لـ”الغد”، يوم الأحد 25 سبتمبر 2022، إن حرب أوكرانيا معقدة وهي حرب مختلطة، وطويلة الأمد، مبينا أن "روسيا حققت غالبية أهدافها في السيطرة على إقليم دونباس بجمهوريتيه لوغانسك ودونتيسك شرقي أوكرانيا، بالإضافة إلى زابوروجيا وخيرسون جنوبي البلاد".
وتوقع أن تنضم أوديسا على البحر الأسود إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية كليا، مبينا أن روسيا تحاصرها الآن وهي شبه مسيطر عليها، موضحا أن "من شأن ذلك عزل أوكرانيا عن العالم وشل اقتصادها".
وحول قرار التعبئة العسكرية الجزئية، اعتبر أنها بديل عن استخدام أسلحة نووية تكتيكية، وهي بمثابة ردع نووي للغرب ردا على "الابتزاز النووي" الذي تحدث عنه بوتين في خطابه الأخير، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي تأخر في الإعلان عن التعبئة وكان من المفترض أن تكون قبل أشهر عديدة.
وكان بوتين أمر يوم الأربعاء 21 سبتمبر، بتعبئة عسكرية جزئية، هي الأولى في بلاده منذ الحرب العالمية الثانية، باستدعاء 300 ألف من جنود الاحتياط.
وأقر اللواء المتقاعد أبو نوار، بشراسة المقاتلين الأوكران، وأنهم مدربون من قبل الناتو ويستخدمون أسلحته، وبالأخطاء الروسية في بعض التكتيكات الحربية واللوجيستية.
وعن التفوق التكنولوجي للناتو على روسيا، اعتبر أنها أيضا نوع من أنواع "بروباغندا" الغربية، مقللا من التقارير التي تحدثت عن تفوق الأسلحة الغربية كذلك على الأسلحة الروسية، بهدف تحطيم "هيبة الجيش الروسي".
ولفت إلى أن روسيا تمكنت من ردع حلف الناتو، بعدم قدرته على فرض حظر طيران فوق الأجواء الأوكرانية أو إقامة مناطق آمنة فيها.
وتساءل: "لماذا لم يتم تزويد أوكرانيا بأسلحة طويلة المدى يمكنها ضرب الأراضي الروسية؟"، ليجيب: "لأن الناتو يعرف عواقب ذلك".
وأشار إلى أن "بوتين لم يستخدم بعد الحرب السيبرانية هائلة التدمير في أوكرانيا وأوروبا وأمريكا وهو قادر عليها".
واعتبر أن الشتاء القادم سيكون قاسيا على الأوروبيين، لكنه أكد أنه رغم رغبة بوتين في تفكيكهم لن ينجح في ذلك.
وذكر إن روسيا دولة عظمى، وإن بوتين يوصف بأنه (long game planer) أي الشخص القادر على التخطيط طويل المدى "الاستراتيجي"، وهو شخصية ليست سهلة استنادا إلى 22 عاما الماضية في السلطة.
وبشأن معركة كييف في الأيام الأولى من الحرب، ذكر أن الأشهر القادمة ستثبت للمحللين خطأ ما حللوا به بشأن الخسارة الروسية هناك.
وأشار إلى أن ما يحدث الآن هو حرب نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، والولايات المتحدة غير قادرة على وقفها، مقرا بأن العالم اليوم مرتبك.
وتوقع بأن يكون ضم الأراضي شرق وجنوبي أوكرانيا لروسيا مقدمة لدخول كييف في تفاوض حول المطالب الروسية، مشيرا إلى احتمال تقسيم هذا البلد في نهاية المطاف.
الانتقال إلى الحرب النووية
يعتبر الانتقال من الحرب التقليدية إلى النووية، جزءا من العقيدة العسكرية في العديد من الدول النووية وذلك في حالة تعرضها لتهديد وجودي. تستند هذه الفكرة على امتلاك روسيا أكبر ترسانة نووية في العالم، وحيازتها 2000 رأس حربي من الأسلحة النووية الصغيرة التكتيكية.
تملك الولايات المتحدة الأمريكية، في المقابل، عددا أقل من الرؤوس النووية 6550 لأمريكا مقابل 6850 لروسيا، لكن ترسانتها من الأسلحة النووية الصغيرة في أوروبا لا تزيد عن 100.
غير أن اعتماد الأرقام وحدها لتقرير إمكانية استخدام النووي هو منطق مضلّل، فقرار الاستخدام هو اختراق لمحرم عسكري كبير سيؤدي، بالتأكيد، إلى رد فعل يوازيه بالقوة، ويشرع تحويل الحرب الموضعية بين روسيا وأوكرانيا إلى حرب مع دول حلف الأطلسي.
يوم 21 سبتمبر 2022 تحدثت وسائل إعلام ومواقع عن مزاعم لرصد تحليق "طائرة يوم القيامة" الروسية فوق موسكو، وعن رصد إقلاع طائرة يوم القيامة الأمريكية.
وفي التفاصيل، أفادت قناة تلفزيون "سي بي إي" الأمريكية أنه تم رصد إقلاع طائرة يوم القيامة الأمريكية في ظروف التوتر الحالية، في حين قالت مواقع إلكترونية أن طائرة يوم القيامة الروسية من طراز "إليوشين 62- إم" شوهدت تحلق في سماء العاصمة موسكو.
يشار إلى أن "طائرة يوم القيامة" اسم يطلق على مركز قيادة استراتيجي طائر، يتمثل نموذجه الروسي في طائرة "إيل – 96-400"، في حين أن الجيل الثاني لهذا النوع من الطائرات تم تطويره على أساس الطائرة من طراز "إيل-80".
هذا النوع من الطائرات مخصص لقيادة الوحدات والتشكيلات العسكرية في ظروف النشر العملياتي للقوات وغياب البنية التحتية الأرضية، وكذلك في حال تعطل مراكز القيادة العملياتية البرية وعقد وخطوط الاتصالات.
وتتميز هذه الطائرات بأنها حصون طائرة حقيقية لا تؤثر بها الإشعاعات النووية، مع قدرتها على البقاء في الجو لفترة طويلة من أجل إيصال القيادة إلى مكان آمن.
وعادة ما تكون طائرات يوم القيامة جاهزة دائما للانطلاق 7 أيام في الأسبوع، 24 ساعة في اليوم، وتستغرق عملية الإقلاع بضع دقائق فقط.
يشار إلى أن طائرة يوم القيامة الأمريكية أو ما يعرف بـ "مركز قيادة الطوارئ المحمول جوا" وتعرف أيضا بـ "إي -4 بي"، قادرة على البقاء في الجو لمدة أسبوع مع طائرات للتزود بالوقود، ونموذجها الأول قام بأول رحلة في 13 يونيو عام 1973، ومنذ ذلك الحين تم تحديث الطائرة باستمرار وتجهيزها بمعدات أكثر حداثة.
عمر نجيب