تحاول الحركة الصهيونية أن تفسح المجال لإسرائيل لكى تحكم قبضتها على الوضع العربى ولكى تسهل لها اختراق العالم العربى وخلق بيئة حاضنة للمشروع الصهيونى عند العرب الذين كانوا أعداءه فى الماضى وكانت إسرائيل تجد صعوبة كبيرة فى الاقتراب من العرب ولولا أنور السادات لما تمكنت إسرائيل من العالم العربى مرورا بفلسطين وانتهاءا بمصر أما أدوات المشروع فى حماية تصرفات إسرائيل وهى نفسها الجريمة الكبرى التى تم من خلالها اغتصاب اليهود لفلسطين فإسرائيل رأس الحربة وعنوانه الإقليمى ويؤمن المشروع عالميا كافة الفرص لكى تزدهر إسرائيل وسط الغابة العربية وقد كانت إسرائيل حتى وقت قريب تعتبر نفسها فى بيئة عربية متربصة بها وحتى محمد البرادعى المدير العام لوكالة الطاقة الذرية أكد خلال زيارته لإسرائيل عام 2007 أن إسرائيل من حقها أن تتسلح بالقدرات النووية لكى تدافع عن نفسها ضد البيئة العربية المعادية لها وذلك قبل أن يقوم البرادعى بدور متقدم خلال ثورة 25 يناير فى مصر.
وقد مرت أدوات المشروع الصهيونى لحماية إسرائيل بعدة مراحل:
المرحلة الأولى كانت إسرائيل ترفع شعارا بريئا تريد به مجرد أن يقبلها العرب بين ظهرانيهم ولذلك وجدت شعار السلام مغريا وظلت تلح على العرب بقبول قرار التقسيم فلما قبلوه لم تعد إسرائيل بحاجة إليه لأنها حصلت على ما تريد من أنور السادات ثم فى مرحلة ثانية قالت إسرائيل أن رد الأرض العربية إلى أصحابها بعد أن أستولت إسرائيل عليها عام 1967 يقابله احلال السلام محل العداء لإسرائيل وتطبيع العلاقات بين الجانبين وبالطبع نسيان الملف الفلسطينى وتحول الصراع العربى الإسرائيلي إلى سلام عربى إسرائيلى ثم فى مرحلة ثالثة قضت على أهم ورقة للفلسطينيين وهى تحييد ثم استعداء الحاضنة العربية وانعكس ذلك كله على إضعاف الجانب الفلسطينى فى مواجهة إسرائيل فأضطر ياسر عرفات إلى ابرام اتفاق أوسلو وبعدها تحولت إسرائيل إلى المرحلة الرابعة وهى أمن العرب من العدوان الإسرائيلى مقابل التنازل عن فلسطين والأراضى العربية وعيرت اسرائيل عن ذلك المفاوضات للمفاوضات ولذلك بدأ لبعض السفهاء فى العالم العربى ومصر أن أنور السادات كان وطنيا ورفض متطلبات هذه المرحلة علما بأن السادات كان قد رحل وأعطى مكانه لمن لديه الرغبة والتجدد لخدمة المشروع الصهيونى وهو حسنى مبارك الذى لقبته إسرائيل بالكنز الاستراتيجى لها وتمسكت إسرائيل بحسنى مبارك وتأمرت على ثورة الشعب المصرى فى يناير 2011 ولم تكن إسرائيل تدرى أن الأيام تحمل لها الحظ الكبير بعد زوال حسنى مبارك وغني عن البيان أن إسرائيل ابتدعت عقوبة رادعه لكل من ينتقد إسرائيل أو يسعى إلى الاضرار بها وهى جريمة معاداة السامية وطبيعى أن يصدر الكونجرس الأمريكى قانونا بهذا المعنى بحيث يخرس الألسنة العربية وغير العربية عن نقد إسرائيل كما يصف المقاومة ضدها بالإرهاب وأخر فصول أدوات حماية إسرائيل فى المشروع الصهيونى هو ذلك القانون الذى أشرنا إليه فى مقدمة المقالة مقترح من عضوين فى مجلس الشيوخ الأمريكى يعتبر أن مقاومة التطبيع العربى الإسرائيلى جريمة ومن المتوقع أن تأمر واشنطن صبيانها العرب بسن تشريعات تشيد بالتطبيع وتعاقب على مقاومته أو نقده .
ومما يذكر أن أنور السادات بعد ابرام صفقة السلام مع إسرائيل عام 1979 استصدر من مجلس الشعب المصرى الذى يسيطر عليه قانونا يعاقب كل من ينتقد التطبيع مع إسرائيل وأطلق على هذا القانون أسما لم يتحرج من أختراعه وهو قانون العيب وترتب على ذلك أن العيب فى مصر أصبح معكوسا فبعد أن كان العيب هو مجرد سماع إذاعة إسرائيل أيام عبدالناصر صار العيب عند السادات هو نقد إسرائيل أو التقارب معها وهذا القانون تمكن السادات به من سجن كل المعارضين وكانت تلك أحر خدمة قدمها السادات قبل الاستغناء عن خدماته باغتياله فكأن القانون المصرى سابق على القانون الأمريكى بحوالى نصف قرن لذلك نتوقع أن يتم تأكيد قانون العيب فى مصر وعند الدول العربية فى المرحلة التالية وخاصة وأن الرئيس بايدن قام بإعلان إسرائيل عاصمة المنطقة ومركز التفاعلات فيها فى اطار الشرق الأوسط الجديد الذى يراد له أن يقضى على عروبة المنطقة وعروبة فلسطين .
وأخيراً ومن الغريب كما قال المتنى فى القرن العاشر الميلادى عندما زار مصر فى زمن الاخشيد قال قولته الشهيرة التى ظلت حتى الأن عنوانا للاوضاع فى مصر.
وكم ذا بمصر من المضحكات
ولكنه ضحك كالبكا
السفير د. عبدالله الأشعل كاتب ودبلوماسي مصري