تعلن إسرائيل من حين لآخر عن تعمد إحراقها للأسرى المصريين عام1967 وكان فيلم موثق هو “روح شاكيد” بطله بن إليعازر وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق والطيار صديق مبارك وزميله، وثيقة هامة لإدانة العسكريين الإسرائيليين بهذه الجرائم وفقا لاتفاقية جنيف الأولى.
ولكن اللافت هو مغزى توقيت الإعلان في أوائل يوليو 2022 بينما الرئيس بايدن يستعد لرحلته إلى المنطقة وإعلانه أنه جاء لحشد العرب ضد إيران والضغط على إيران للعودة إلى الملف النووي وكأن إيران هي التي انسحبت منه وكأن إسرائيل أعطت الفلسطينيين حقوقهم.
كما وعد بايدن بأنه سيرعى السلام والاستقرار عن طريق تنصيب إسرائيل مركزا لمنطقة الشرق الأوسط الجديد، وقد انطفأت أنوار العروبة وأوقدت مشاعل الصهيونية بأيدي الحكام العرب.
وبقطع النظر عن هذا الموقف الرسمي العربي فإنه أوضح دليل على انفصال وتناقض المصالح الوطنية مع مصالح الحكام وحساباتهم وتحالفاتهم وانتصار للباطل على الحق في فلسطين.
نعود مرة أخرى إلى موضوع الأسرى وموالاة إسرائيل الإعلان عن جرائمها وصمت مصر على هذه الجرائم بحق الجيش المصري، ومدلول توقيت الإعلان ونستطيع أن نذكر بحسابات إسرائيل التي تحسب خطواتها، فهل ضمنت صداقة الحكومة المصرية وأمنت غضبها خاصة قبيل زيارة بايدن ولجمه للحكومة حتى عن التعبير عن الغضب؟، وهل قصدت إسرائيل إحراج الرئيس السيسي ومعه الشعب المصري وقهره على تجرع المرارة منذ 1967 وحتى الآن؟.
ويبدو أن إسرائيل فوجئت باتصال الرئيس السيسي برئيس وزرائها وإثارته الموضوع معه ما فتح باب الأمل لدى الشعب المصري في كسب موقف الحكومة، ولذلك أقترح على الرئيس السيسي النظر فيما يلي:
أولا: أن إسرائيل هي التي تحتاج مصر ولاشك أن اعتراف مصر بإسرائيل وإقامة العلاقات معها هو البداية الحقيقية لكسر إسرائيل للإرادة العربية.
وكان كسب مصر استراتيجية إسرائيلية أمريكية ولذلك كان كارتر حريصا على عدم إغضاب السادات إلى درجة إفشال الزواج كلية وهو ضامن أن السادات كان يهدد لعله يحصل على شيء ينقذ به ماء وجهه ويساعده في التعمية على الشعب المصري في أنه ارتكب خطيئة استراتيجية كبلت مصر ونخرت في عظامها حتى الآن.
والتشدد مع إسرائيل بخصوص الإعلان عن دفنهم أحياء والتباهي بذلك يجدد المرارة عندنا ويشعرنا بالقهر كلما وجدنا علاقة حميمة بين إسرائيل والحكومة المصرية ولا يجب أن الحكومة المصرية أن تظن بأن موقفها الحازم مع إسرائيل سيؤثر على تمسك إسرائيل الاستراتيجي بمصر، فإسرائيل تدرك تماما أن مصر تخلت عن دورها لإسرائيل وتنكرت لعروبتها بكامب ديفيد واختارت الزوج الإسرائيلي على أولادها العرب بل وافتأتت إسرائيل على إرادة مصر.
ولكن مصلحة مصر هي في إقامة علاقات مصلحية مع إسرائيل مع تعميق انتماء مصر العربي لكن التناقض ظاهر بين تسيد إسرائيل وتسيد مصر في المنطقة، فيوم أن كانت مصر تتسيد المنطقة كانت إسرائيل معزولة وتجاهد لكي تُوقع بمصر، لسبب بسيط وهو أن مصر تسيدت المنطقة بشعارات العداء لإسرائيل دون أن يكون لديها القوة والإرادة لهزيمتها خاصة وأن واشنطن متفانية في خدمتها.
ثانيا: أن الود بين مصر وإسرائيل مفقود وإنما تحاول واشنطن رعاية العلاقات المصرية الإسرائيلية على حساب القضية الفلسطينية بالطبع وبغير تدخل واشنطن لكانت عرى العلاقات المصرية الإسرائيلية قد تقطعت، ولذلك لا أصدق مطلقا أن الإغراءات الأمريكية تمكنت من تغيير العقيدة العسكرية للجيش المصري ذلك أن القيادات تؤمن إيمانا راسخا بأن إسرائيل هي العدو الأبدي ولاشك أن الصورة أوضح عندالرئيس بحكم ذكائه وموقعه وثقافته الاستخبارتية.
ولن تغير إسرائيل نظرتها إلى مصر مهما تقاربت مصر معها وتنازلت، كما لن تحسن مصر صورتها لدى إسرائيل ذلك أن ترتيبات العلاقات بين مصر وإسرائيل ولدت عند إسرائيل شعورا زائفا بتأمين الجبهة المصرية حتى توفر 70% من الميزانية العسكرية المقررة لتأمين الجبهة.
كما أن التقارب مع إيران في صالح المصالح المصرية مهما كانت حسابات السلطة ولذلك فإن القيادة السياسية والعسكرية ليست مقتنعة بأن إيران هي عدوالعرب وأن إسرائيل تقود الناتو العربي لكي يحارب العرب إيران لنصرة المشروع الصهيوني الذي يغتصب فلسطين ويسعى إلى إبادة مصر.
السفير الدكتور عبدالله الأشعل كاتب ودبوماسي مصري