سرقات “قانونية” ولكن!

أحد, 2022-05-29 12:01

خبران يلفتان الانتباه و كلاهما سرقةٌ مُغَلفةٌ بقانون و محميةٌ بقوة. نادي تشيلسي البريطاني تم بيعهُ لمستثمرين أمريكيين بعد مصادرته من مالكهِ الروسي من قِبَلِ حكومة المملكة المتحدة التي ستحول مبلغ الشراء الذي يتجاوز ثلاثة مليارات دولار لإغاثةِ أوكرانيا. و نفطٌ إيراني، تحملهُ ناقلةُ نفطٍ روسية مصادرة في اليونان بموجب العقوبات على روسيا، سيرسلُ للولايات المتحدة التي طالبت به على أساس عقوباتها على إيران. قبلها و تستمر ضد روسيا عمليات مصادرة باسم العقوبات. و لروسيا ما تفعله كذلك فهي تصادرُ ما تستطيع من ملكيات الغرب. و كذلك تفعل إيران. و كله باسم القانون.

الصهيونية سرقت فلسطين باسم وعدٍ بريطاني أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، كما نقول. و بريطانيا العظمى هي التي سرقت فلسطين منذ البداية. و يتكلمون عن جوهرةٍ في التاج الملكي البريطاني مسروقةٌ من الهند. و في عواصم الغرب الشريف تقفُ شامخةً مسَّلاَّتٌ مصريةٌ مسروقةٌ و في متاحفها المتحضرة آلافٌ من القطع الأثرية المسروقة من القارات و الشعوب و القبائل. تمت السرقة الحضارية وقتها لأن الشعوب المسروق منها جاهلةٌ بهذه الكنوز و تبقى هذه المسروقات في تلك المتاحف إما لأنه لا أحد يطالب بها أو لمماطلةٍ غربيةٍ إعادتها.

عندما غزا العراقُ الكويتَ تمت السرقة لأملاك الدولة و المواطنين و المقيمين جهاراً نهاراً و انتقلت للعراق لخزائن الدولة و للأسواق. اقتضى الحالُ لليوم إقامة بيروقراطية أممية للتعويض و إعادة المسروقات الممكن عودتها. و عندما غزا الغرب العراق استولى هو الآخر على ممتلكاتٍ عراقية ماديةٍ و منها ما هو تاريخيٌ و حضاريٌ مثل الوثائق و المخطوطات. تمت سرقة الكويت باسم قانون القوة وكذلك سرقة العراق. و يُسرقُ من سوريا اليوم الغلال و النفط و الغاز من قبلِ الغرب باسم العدالة للأكراد و لمنع “النظام” من الاستقواء بها.

الغرب تصرَّفَ بنفس الطريقة عندما وضعَ يدهُ على أموال طائلة و ذهب و مقتنيات لعائلاتٍ حاكمةٍ عربيةٍ أزالتها فورة الربيع العربي. لا تزال تونس و ليبيا و مصر تُطالب بها و ما من مجيب. و بدورها، سرقت هذه العائلات هذه الممتلكات من شعوبها و أوطانها، بالقانون الذي حمى و نَمَّى الفساد. ضحايا السرقاتُ هذه قد لا يمكن حصرها لكثرتها و تعمقها في نسيج الاقتصاد و المجتمع. مثلٌ بسيط، كلُ دولارٍ أو غرامٍ من الذهب المسروق كان يمكن أن يُوَظف في تحسين البيئة الصحية و التعليمية في تلك البلاد. فكم مريضاً مات و كم طفلاً لم ينل التعليم نتيجةً لهذه السرقة؟ بحثٌ يطول.

تتنوع  السرقات “القانونية” و تشترك في الإنسان السارق الذي يسرقُ فرداً و دولةً باسم قانونٍ هو و هي يكتبه تبريراً و لكنها سرقةٌ مهما كانت. و لن تنتهي.

علي الزعتري كاتب ودبلوماسي اردني