على لسان أميرها أبدت "قطر" استعدادها لعب دور الوساطة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية ، بالرغم من عدم تأثيرها السياسي على المستوى الدولي وفقرها في المجال لواسع إمكانية ، باستثناء الأحوال المادية والمُغيَّبة أصلا عن المحتاجين لمنافعها الاستثمارية في مثل الظروف الآنية ، ما دامت "قطر" تتعامل في مثل الصدد مع الدول الأكبر منها بمراحل والغنية . للوساطة شروط ومنها عدم الانحياز لأي طرف مقصود بالعملية كمنطلق مُسًهِّل للحصول على ثقة متفانية ، تجعل من التفاوض بمثابة كفتي ميزان تتقابل وسطهما ضرورة الإقناع بمنطق الاقتناع سراً وعلانية ، فأين لدولة "قطر" هذا الوضع الحيادي وهي المُصرَّة منذ عهد على إتباع مسار التوجُّه الأمريكي المفروض على خدام البيت الأبيض الأوفياء مهما كانت الشؤون عسكرية أو مدنية .
... لولا الولايات المتحدة الأمريكية لما أدت "قطر" مهمتها على أكمل وجه خلال الانتقال لنهاية المسألة الأفغانية ، بوضع حد للتطاحن القتالي على طول وعرض منطقة غير عادية مما مسح من قاموس تلك الفتنة الشهيرة جل المظاهر العدوانية ، لذا كانت الوساطة بإيعاز وتخطيط وترتيب وتنفيذ كلي من طرف الاستخبارات الأمريكية السرية خلف الستار أو الحركة المباشرة الميدانية ، فإذا تحدث أمير "قطر" في مثل الموضوع ثانية أن لا يخفي الحقيقة خدمة لتاريخ " وساطاته" الظاهرية منها والباطنية .
...روسيا تحصي أولاً بأول تلك المساعدات الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية لفائدة أوكرانيا آخرها 40 مليار دولار تُصرف لتوفير أسلحة تساهم في خنق التقدم الروسي نحو بسط المزيد من النفوذ على الأراضي الأوكرانية ، فكيف تقبل بوساطة "قطر" الحليفة المتعدِّدة الاختصاصات لأمريكا هذه الأخيرة الراعية العظمى لكل التجاوزات الصهيونية .
من حق أمير "قطر" التحدُّث في ذاك المؤتمر المُخصَّص في مناقشة الأمور الاقتصادية العالمية وبلغة وإن كانت غير لغته لصالح مظاهر مؤقتة إعلانية ، لكن من واجبه معرفة أن الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج أدرك وبشكل قطعي مَنْ يخدم مصالحه العربية الحيوية ومَن يخدم حيِّزه الضيّق مستغِلاً مثل الانتساب لغايات أكبرها لأي اهتمام عربي غير معنية ، ومِن هذه المصالح العربية الصرفة العمل على تحرير فلسطين و"قطر" مؤهلة كانت لذلك بغير انتظار للتضحية الجسيمة المُقدَّمة من طرف إنسانة شريفة صاحبة مبادئ شيرين أبو عقلة المسيحية التي كتبت بدمها ملحمة إدانة لكل صهيوني ومن معه مهما كانت مستوياته كبيرة تظل بتلك التبعيَّة متدنية .
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي