
أدركني رمضان ٢٠٠٤ في البادية وقد حل في أواسط أكتوبر، فصمت منه تسعة أيام بالقرية.
وفي اليوم المكمل للعاشر من شهر الصيام، أوصلني هذا الأخ الفاضل إلى قرية المفترق-الغايرة والتي منها يسهل الوصول إلى العاصمة، وجهتي النهائية.
في الوقت الذي وصلت الغائرة، تقابلت مع هذا الأخ الذي أعلمني أن هناك سيارة مغادرة لنواكشوط وبها إخوة كرام من مقاطعتنا ومعهم هذا الوجه السياسي المعروف محليا والذي يعتمر عمامة سوداء يحطها على رأسه أحيانا وينزعها عنه أحايين أخرى، ويجلس في الأمام مقابل السائق. ورحبوا بي كثيرا. ولما عرفوا أني متوجه للعاصمة، قالوا الحمد لله مازال عندنا مكان لشخص واحد نجعلك فيه. فشكرتهم كثيرا. وقلت لهم بما أن معي مرافقا لا يمكنني أن أتركه؛ فطلبوا مني التريث للبحث عن مكان في المقصورة الخلفية.
وسيارة إخوتنا الفضلاء من نوع ميتسوبيشي مغلقة، وصندوق الأمتعة الخلفية صغير، فوضبوا أشياءه- وأوجدوا مكانا لرفيقي. وانطلقنا من الغايرة صوب العاصمة في حدود منتصف النهار إلا قليلا.
ونجانا الله قبيل الخروج من لكريع من انفجار أحد الإطارات. وكانت شجاعة ومهنية السائق من الأسباب-بعد الله ذي المكارم-التي ساعدت في تفادي انقلاب السيارة. فلما أحس بتفجر الإطار جثم بقوة على المقود وداس على المكابح حتى أخذت السيارة الوقت الكافي لردة الفعل. ثم توقفت بهدوء على جانب الطريق. ولم يبق إلا الحلقة المعدنية (جانت)، فالإطار تطاير إلى أشلاء متناثرة. وركبوا إطار الاحتياط واستأنفنا الرحلة.
في بقية الطريق وحتى الوصول إلى عاصمة الرمال لم نتلق أي مشكلة جديدة ولله الحمد. ونمر مرور الكرام على نقاط التفتيش والعبور فكانت حيلة الوجه السياسي المرح الذي نرافقه في السيارة طريفة وبسيطة وذكية. ففي كل توقف أمام دورية شرطة أو درك يعرّف بنفسه على أنه عمدة دقفك( إحدى بلديات باركيول الثمانية)، فيفسحون لنا الطريق وبسرعة. ونادرا ما يسأل الشرطي أو الدركي عن هذه البلدية وفي أي أرض تكون؟ وتحت أي سماء؟ ثم يرد السيد العمدة بما يوافق السؤال بأدب وحنكة ودون تعال أو تهكم حتى وصلنا العاصمة بسلام. فشكرا ثانيا للسيد العمدة وللإخوة كلهم على الجو الطريف العفوي الذي ساد الرحلة حتى بلغنا العاصمة قبيل المغرب بقليل.
——————
#عمدة_دقفك
#رَمضَان_1443
الكاتب الصحفي سيدأحمد أعْمَرْ محم