رمضان خريفا وفي البادية

ثلاثاء, 2022-04-12 23:30

صادفت أيام رمضان هذا العام بداية العشر الثواني من أغسطس ٢٠١٠ (يوم الحادي عشر أو الثاني عشر). ووصل هذا الصائم إلى ديار أهله في البادية، وكان حديث عهد بالديار الأوربية وفي رحلة بحث عن عمل، حبسته بعض الأيام في العاصمة.لكن حين داهمه الصيام، فضل استقباله في القرية وبين الأهل والأحبة، وقد كان في تشوف وشوق إلى هذا، فكتب الله له هذه اللقيا بعد سنوات من رمضان الغربة.

مضى نصف رمضان الأول وفي كل يوم مطر والشمس غائمة والحرارة معتدلة، وكنت أتعجب كثيرا من هذا وأستغربه. لكن هذا ما قدره الله ويسره لهؤلاء الصائمين في هذا السفح الغربي من هذه الهضبة.  يمضي النهار وأنت في رفقة طيبة ومجالس مستظرفة، فلا تحس بسأم أو ضجر، ويقبل الليل ولم يلحقك نصب ولا غصب، فتفرح فرحة الصائم الأولى على رطب وحليب ساخن ونسائم عليلة محملة بروائح عشب الوادي.

رمضان في أيام الخريف تجربة جميلة، ولا تظن أن هذا ممكنا، ففي الخريف أيضا الحرارة والقيظ والبعوض والحشرات الطائرة، ويمتلئ الفضاء بالبقر والشاء والحمير، فهذا خوار وهذا ثغاء أو نبيب وهذا نهيق أو شهيق، لكن إن يسر الله المطر وأنزل الغدق، فسيغيب عنك كل هذا الاضطرام، وتسكن الأنفس والدواب فتنام في هدوء ودعة من غير تنغيص ولا تعكير.

وفي بعض الليالي يستمر نزول المطر طوال الليل فيما يعرف ب(ردانه)، وهو شيء جميل فتستمر الأجواء الباردة المصاحبة، لكن هذا يعكر  إلى حد ما جلسة السحور. فبالشروط المثالية يفضل حليب ساخن (تاديت مسخنة)، ولا تنازل عن الأمر مهما كانت الظروف المناخية المستجدة. فرشفة من (كنفود) ساخن تذهب كل تعب أو بلل، وتنسي كل خطر أو ضجر.

تحية سلام وحب وحبور وذكرى لهذه الأيام المقتطعة من العمر، وكانت أياما مزدانة لؤلؤا وضياء ونورا بحضور هذه البهية بصلواتها ودعائها وبركتها ووجهها الصبوح الوضاء، فرحمات عليك ومغفرة ورضوان يا أم، ونحن بخير بعدك، إلا أننا مازلنا في صدمة وموجدة ووجد منذ فراقك فالله يرحمك ويتولاك فيمن تولى من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
——————

#رمضان_خريفا

#رَمضَان_1443

الكاتب الصحفي سيدأحمد أعْمَرْ مَحّمْ