قصة أحلام متسول الحلقة 07 / ذ. إسلمو ولد ماناّ

ثلاثاء, 2022-04-12 02:13

الفصل الثاني من تبعات ذلك الحب ومن تاريخ حادثة ذلك اللقاء المفاجئ وأنا أسير كل ذرة من جمال تلك الفتاة التي مزج في كيانها جمال الجسم وعذوبة المنطق وسلاسة الإبتسامة التي تشبه نبرة صوتها نغمة عذبة في آخر ليل من ليالي الربيع ، وقد كان من تداعيات ذلك الحب أن الدنيا قد أسودت في عيني لما ختم ذلك الحب الجميل دون هدفه المقصود بالنسبة لي وذلك بزواجها بحضوري وأمام عيني دون أن يكون بإمكاني منع ذلك  الزواج بأي وسيلة أوطريقة مشروعة ! 
‎ولم يبق أمامي حينها من حيلة سوى الجنون المطبق أو الهجرة لكي أبتعد عن هذه الأرض التي تذكرني تضاريسها الجميلة بأنها كانت يوما ما موطنا لامريم. 
‎وبعد أخذ ورد مع نفسي حيث فضلت الهجرة على الجنون، لعلي أجد السلوى أوالعزاء الملائمين عن فقداني الأمل في الزواج من امريم ، ولكن للأسف لم يتحقق لي ذلك بالسهولة التي كنت أتمنى لكون امريم في واقع الأمر لا يمكن لمن عرفها أن ينساها بسهولة مهما طال الزمن . صدقني أو لا تصدقني فإني مازلت أحبها حتى الآن رغم ما عمل أهلها معي ، وكذا زوجها القاسي المستبد و رغم ما أنا فيه أيضا من حال كما ترى يا أنت فصرت بعد ذلك ولمدة سنوات أعود إلى حيث أراها ولا تراني كلما أشتدت علي وطأة الذكرى  ودام الحال هكذا عدة سنوات دون جدوى,إلى أن قطعت ذلك التيه والهوس الجنونيين بسبب ذلك الحب الميؤوس منه بالنسبة لي ، وذلك بتأثير شعوري المفاجئ بمؤشرات الشيخوخة التي بدأت أحس بوطأتها كلما طالعت صفحة وجهي كل مرة أثناء الحلاقة حينما يعجز المقص عن قطع شعر لحيتي داخل تجاعيد وغضون وجهي ، ولا يتأتي له ذلك إلا بمساعدة  لساني لما يقوم  يسمك تلك الأخاديد كي يتمكن المقص من حلق ما بداخلها من شعر. 
‎فحينئذ تأكدت مما وصلت إليه سني مما استدعى مني ذلك التفكير الجدي في تغيير نمط حياتي جملة وتفصيلا بما في ذلك طريقة العيش والعمل وكذا علاقتي بالناس بل وحتى وجهة العمل و طبيعته التي كنت أعتاد العمل فيها. ولم يكن أمامي حينئذ الكثير من الإختيارات، وبعد تقليب الأمر على مختلف أوجهه ، وبعد طبخ تفكيري في شأنه على نار هادئة ، فقد توصلت إلى أن الإختيار فيما يخص العمل فقد أصبح محصورا بين السفر إلى ساحل العاج أو الذهاب إلى مدينة انواذيب. 
‎فقلت له بأني ألاحظ دائما بأنه ينسب كل من ذكر اسمه في هذ الحوار إلا امريم ،مما يجعلني ذلك أسأله عن من تكون امريم تلك واليكن ما يكن رغم أني لا أرغب في إزعاجه ! ؟ 
‎فقال بعد صمت مريب ثم ابتسامة لها مغزى كما يبدو فلربما قد تراءت له حينها صورة امريم  من مخيلته ، حيث قال إنها امريم فقط ولا أزيد على ذلك ، كما أوصت هي بذلك في آخر لقاء لي معها ! 
‎فقلت له فمتى كان ذلك اللقاء ؟ فقال منذ أكثر من عقد من الزمن ولكن لن أذكر المكان ، ولم أعد أسأل عنها خوفا من أن أفاجأ بخبر غير سار عنها لأن ذلك ربما يؤ ثر على حالتي النفسية والصحية ! 
‎فقلت له فهلا صادفت إحدى صديقاتها ممن عاصرنها لكي تكون لديك صورة تقريبية عن حلها اليوم ، فقال نعم منذو سنوات فقد قابلت إحداهن حيث وجدت لديها أطفالا ضعافا وقد اشتعل رأسها شيبا ، وغزت التجاعيد وجهها الذي صار شبه مظلل بمايشبه خيوط العنكبوت كما ترهل جسمها وكذا فقدت بعض أسنانها للأسف ، ولما رأيت ما صار إليه حال صديقتها تلك ، التي أرعبني منظرها ذلك ، خشية أن تكون عدوى الزمن قد انتقلت إلى امريم هي الأخرى ، مما زادني ذلك زهدا في البحث عن خبرها ليلا أجدها قد صار حالها يشبه وضع صديقتها تلك المسماة تسلم بنت المن وذلك خوفا من أن تتغير لدي ملامح صورة امريم تلك التي قد رسمت لها في وجداني يوم التقينا لأول مرة على ضفة بحيرة أقرقار الجميلة. 
‎ثم قلت له أيضا بإني ألاحظ  أنه في تعريفه لنفسه لم يذكر اسم قبيلته كعادة بعض الأشخاص الذين يقدمون أنفسهم لغيرهم فلم ذلك ؟ ومن تكون قبيلته ؟ فقال يعود ذلك لأمر بسيط ألا وهو كوني أخاف من أن تتأذى مشاعر شباب قبيلتي يوماما لما يعلمون بأن منهم من قد ألجأه الزمن القاسي لليكون متسولا بسبب ظروفه الخاصة ، وذلك في زمن غريب قد صار المواطن في بلادنا ضحية لتدافع المسؤوليات بين الدولة من جهة والقبيلة من جهة ثانية ، حيث أن كلا هما تحمل الثانية مسؤوليته لما لم يعد ذلك المواطن غير منتج ويحتاج إلى العناية والمساعدة ! 
‎ونفس الشيئ هو موقفي كذلك من أولئك الذين قد انتقدهم سياسيا ووظيفيا فلا أسميهم لنفس السبب خوفا من أن أجرح مشاعرأبنائهم الذين لم يكن لهم ضلع في ماضي ذويهم الوظيفي المشين !

الجزء الثالث السفر إلى مدينة انواذيبو بحثا عن العمل:

(يتبع)