فى حادث مطار أبو ظبى في الاسبوع الثاني من فبراير 2022 الذى ضربه الحوثيون بطائرات مسيرة وبصرف النظر عن تبريرات كل طرف يهمنا أن إسرائيل دخلت مباشرة على الخط فأعلنت تضامنها مع الإمارات ضد ما أسمته هجمات إرهابية، ونقل عن مصادر إسرائيلية أن إسرائيل طلبت التدخل فى تحقيق الإمارات في الحادث خشية أن تهاجم أذرع إيران فى المنطقة إسرائيل بنفس الطريقة ولكن السيد حسن نصرالله خرج يؤكد ان الحزب يصنع مثل هذه المسيرات ولايعتمد علي ايران. وحتى تحتاط إسرائيل لذلك، كما طلبت الإمارات من واشنطن إعادة وضع الحوثيين على قوائم الإرهاب.
هذا الحادث هو الأخير ولن يكون الوحيد وتركز الأنتباه على إيران واسترجعت المصادر الإسرائيلية خطوات التقارب بين الإمارات وإيران، كما أبرزت مخاطر إيران وضرورة التحالف بين إسرائيل والإمارات فى مواجهة إيران.
والقاعدة العامة هى أن إسرائيل زرعت فى فلسطين وسعت بمعونة واشنطن لاختراق الوسط العربى ومحاولة تحويله من وسط معاد لها إلى وسط حاضن لها. قد تتمنى إسرائيل أن يتمزق العالم العربى ويحارب بعضه بعضا حتى ينصرف عنها وعن دعم الحقوق الفلسطينية إقليميا ودوليا. وقد خططت إسرائيل لذلك، عندما انتزعت مصر بكامب دافيد من الحضن العربى، فصار العالم العربى كالقطعان يطاردها الذئب الإسرائيلى فى ليلة ظلماء، فظفر الذئب بالغنم الشاردة من القطيع العربى.
ثم طورت إسرائيل إستراتيجية فى العالم العربى، فتقدمت بعروض لتسوية المشكلات بين الدول العربية. فعندما وقع الخلاف الأحمق بين مصر والجزائر بسبب مباراة لكرة القدم فى السودان وكان وراء التصعيد أبناء مبارك، عرض شمعون بيريز الوساطة بين مصر والجزائر ولكن الجزائر رفضت العرض خشية أن يكون ذلك وسيلة ماكرة للتطبيع مع الجزائرولايمكن تصور الضرر الذي اصاب العلاقات المصرية الجزائرية فبع انكان رصيد مصر لدي الجزائر هائلا بسبب دعم مصر لثورة الجزائر،فقد بلغ البغض الشعبي لمصر في الجزائر مايسعد اسرائيل ولاتكترث قيادة مصر ان المقررات الدراسية رفع منها الشخصيات الثقافية والفنية المصرية .
ويقينى أن إسرائيل تذكي الصراعات العربية الداخلية والبينية ففى ليبيا هناك يتقارب بعض المرشحين للرئاسة من إسرائيل بل وزيارات بعض المسؤولين، ومادام المسؤول العربى لا يعنيه سوى الحكم فإنه يضحى بالوطن والشعب من أجل تحقيق طموحاته فى الحكم وبالطبع فإنه سيظل مدينا لإسرائيل وفور وصوله إلى السلطة، ويرحب أن تدفع بلاده الثمن لإسرائيل .أما فى السودان فقد تردد زيارة أحد كبار العسكريين فى السودان لإسرائيل خلال نوفمبر 2021 ومابعدها كما أنه عقب الزيارة مباشرة ربط المراقبون بين الزيارة واستيلاء المكون العسكرى على السلطة وعزل المكون المدنى. ومعلوم أن الحكم العسكرى فى السودان أجرى اتصالات باسرائيل قبل أن يقوم السودان بإبرام اتفاقية سلام للتطبيع مع إسرائيل، فهى الضامن للحكم العسكرى فى مواجهة ثورة الشعب والمدنيين ومن مصلحتها أن يسود الحكم العسكرى فى كل العالم العربى.
أما فى سوريا فإن إسرائيل تبث المسلحين وداعش وتدميرهم للشعب والوطن كما أنها تصفى حسابات على الأراضى السورية مع إيران وحزب الله.
أما فى لبنان، فإن إسرائيل تحاول أن تجعل لبنان وسطا خطرا على المقاومة، ولاشك أن قطاعات كبيرة من السنة والمسحيين ينخرطون فى الهدف الإسرائيلى، فنذكر فى هذا المقام غزو إسرائيل لبيروت عام 1982 بمساعدة الموارنة ضد المقاومة الفلسطينية. وهى المسؤولة عن مذابح صبرا وشاتيلا قبل انسحابها من بيروت بترتيبات أمريكية ضمنت إخراج المقاومة الفلسطينية فظهرت المقاومة اللبنانية وحزب الله.
ورغم انخراط إسرائيل فى كل مشكلات العالم العربى وإعلان رغبتها فى التوسط لتسوية المنازعات، إلا أن الوسط العربى رفض حتى الآن العروض الإسرائيلية.
وفى حادث مطار أبو ظبى ظهر للملا أن تحالفها مع إسرائيل لا يكفى لحمايتها من الهجمات، مهما قرب الحادث بين إسرائيل والامارات فستظل إسرائيل هى العدو لكل العرب ولايمكن التحالف معها ضد بلد عربى آخر.
وسوف نتابع دراسة الدبلوماسية الإسرائيلية تجاه العالم العربى وموقف إسرائيل من القضايا العربية فى داخل الوطن العربى، خاصة السلوك التصويتى الإسرائيلى تجاه القضايا العربية فى الأمم المتحدة. وقد كشفت الدراسة الأولية للدبلوماسية الإسرائيلية تجاه العالم العربى خمسة حقائق:
الحقيقة الأولى هى أن إسرائيل تسعى إلى طى صفحة العروبة لصالح الصهيونية وهدم مؤسسات العمل العربى الباقية بعد إزالة فكرة الصراع العربى الإسرائيلى وتراجعه إلى مجرد نزاع فلسطينى- إسرائيلى.
الحقيقة الثانية أن إسرائيل هى سند الدكتاتوريات العربية ومن ورائها واشنطن دون أدنى التفات إلى الخطاب الأمريكى المنافق حول حقوق الإنسان والفساد فى العالم العربى، وتشجيعها للنظم الدكتاتورية وقمع ثورات الشعوب العربية بكل الطرق.
الحقيقة الثالثة أن إسرائيل تساعد الحكام العرب لإحكام قبضهم الاستبدادية والفساد العربى وتمكين الحكام من تعقب الخصوم وهم طلائع الثورات الشعبية ضد الحاكم العربى.
الحقيقة الرابعة أن عروض الوساطة الإسرائيلية ليس هدفها الحقيقى إصلاح ذات البين العربية فهذا ليس من صالحها ولحسن الحظ لم تنجح حتى الآن فى تنفيذ البرامج الإسرائيلية.
الحقيقة الخامسة أن إسرائيل تقف وراء اتجاه بعض الحكومات العربية لوصم المقاومة ضد إسرائيل بالإرهاب.
السفير د. عبدالله الأشعل كاتب ودبلوماسي مصري