يوم الواحد والثلاثين ديسمبر!

جمعة, 2021-12-31 21:56

واصلنا رحلتنا التي بدأناها عصر اليوم السابق من كيفه إلى باركيول ونحن تلاميذ في راحتنا الفصلية الأولى. أدركنا المبيت في الغايرة. واخترت مع صديق لي أن نبيت في معية هؤلاء الكرام؛ فوافيناهم في مساكنهم بأقاصي القرية. وقضينا ليلتنا بأحسن حال. وعند تباشير الصبح، خرجنا وأدركنا رفقتنا عند السوق حيث باتوا وقد تهيأوا للانطلاق. وكنت مع صاحبي قد عزمنا على أن لا نُبيت النية، وأن نأخذ رخصة السفر وكنا في العشر الأواخر من رمضان، ووجدنا أصحابنا وقد تشبثوا بمواصلة صيامهم، وتمسك كل منا بموقفه، وانطلقت السيارة تعفر عباب وغبار آفطوط.

ولم نلبث غير قليل حتى تعرضت السيارة لعطب خفيف فتوقفنا لإصلاحه في تخوم أخمس تيدوم. وأثناء التوقف أكثرت مع صديقى على لوم الذين رفضوا قطع صومهم، ولاذ بعضهم ببعض الشجيرات المتناثرة، واعتمر آخرون أقنعة لتقيهم لفح الرياح والشمس. ولحسن الحظ، عاودت السيارة  المسير وفي حدود الحادية العشر صباحا وصلت السيارة إلى قرية أنبيكه. وودعت بقية التلاميذ الرفاق وما بقي من الرحلة علي أن أقطعه سيرا على الأقدام من أنبيكه إلى كلّير وهي مسافة تتراوح بين ١٨ إلى ٢٠ كلمتر، وبما أنّنى التلميذ الوحيد من هذه الناحية، فالاتفاق الأصلي لا يتضمن أي محيد أو انحراف عن الطريق المباشر بين كيفه وباركيول.

لم أضيع أي وقت. وودعت حقيبتي عند الأهل في أنبيكه، وانطلقت سيرا على الأقدام. والشيء الوحيد الذي اصطحبته معي هو المذياع. ولأن اليوم كان يوم الواحد والثلاثين ديسمبر، وليس هذا فقط بل أيضا بداية الألفية الثالثة (٢٠٠٠)، فقد كان يوما متميزا بشكل استثنائي، وبي بي سي العربية في بث مباشر مع إشراقة العام الجديد واحتفالات الألفية في سيدني بأستراليا، ومنتصف النهار بتوقيت غرينتش الذي هو توقيتنا يقابل منتصف الليل بالتوقيت الأسترالي، وكان هذا الحدث المتميز هو حديث الكون كله ذلك اليوم. وقطعت هذه المسافة الطويلة إلى حد ما ولم أشعر بتعب أو ضجر. ووصلت كلّير وقد خرج الناس للتو من صلاة الجمعة. فكان اليوم الأخير من ١٩٩٩يوافق يوم الجمعة كمثل يومنا هذا قبل واحد وعشرين عاما. 

وبالله التوفيق وصلّى الله على الهادي رحمة للعالمين وجعل أيامنا وأيامكم أيام خير ومير  وعافية ومغنم.
————————-

#كلّير_القرية

الكاتب الصحفي سيدأحمد أعمر محم