نعم، أنا ممتن لموقع " الصدى" على تقديم آراء بعض الكتاب العرب لقرائها، عسى أن يحصل التفاعل بين المتلقى، والمستقبل لكل رأي يصلنا ـ ويقبل صاحبه التصويب، أو الحوار الموضوعي ـ ولو عبر رسائل العشق الضائع للزمان العربي الجميل باحلامه الكبيرة، واهرامات مجده بعد التفريط بها، وتحويلها الى معابد وثنية، ومسارح للعري، والعهر للمصطافين من الغرب، والشرق الآسيوي، حتى اضحت مشاهدنا الجميلة، في المعارض رخيصة بالتقاط الصور التي يسجل الصهيوني خلالها ترحاله بين عواصم العرب قبل أن يرحل عنها ـ بالقوة لا بغيرها ـ الى غير رجعة ،، والحديث عن رسائل عشاق العرب لزمانهم الضائع، هو من قبيل الترميم للأنقاض في الذهن الواهن، وترديد لآهات الحب المستحيل، وما يستدعي مواساة أمتنا العربية في أنات الوعي التي تصدر عن "هلاميات" التوهم تعبيرا عن النكوص على القرفصاء، يذكر باستحضار المسعف هنيهة الضعف، والارهاق على قارعة الطريق، فيمر شريط الذكريات عابرا على ما كان يحب للعرب من الفرص.. كالضائعة التي قد لا تتكرر، إلا بقطيعة مع عصر الطوائف العربي الحالي، المتكئ على خيانات الحاكم العربي في الأندلس،، ولكن متى نتجاوز الاستحضار الذهني الواهن هذا، بيقظة شباب الامة للتغيير، لا بالدعوات الاصلاحية المهادنة، والرامية ولو عن غير قصد لتلميع وجه هذا النظام العربي القبيح،؟ وهل كانت الدعوات الاصلاحية، سلاحا حتى تحرر به الأمم المحتلة الأوطان، وتقاوم به التدمير لمجتمعاتها، والصدي eللتحالف الاجرامي عن مقدساتها،، ؟
فالدعوات الاصلاحية المحافظة على الإطار العام، تشكل سورا واقيا من أسوار الحماية لمؤسسات الحكم العربي الخيانيي، ومنها الجامعة العربية التي استبدلتها أمريكا بقواعدها العسكرية، ووكلائها من حكامنا، وسفرائها في كل عاصمة عربية، يصدرون يوميا القرارات الماسة بالسيادة الوطنية، والأمن القومي العربي، وأمام هذه الاوضاع المتردية، يستحيل ترميم المراكز الحضارية للامة، وتغيير اوضاعها، إلا باسترجاع الوعي القومي الوحدوي، وهو روح المعطى الرامز، لما كان، ويجب أن يكون لمساندة المدافعين عن الامة من حركات المقاومة العربية، والاسلامية حاليا،، بينما الظاهر المأسوف عليه في القراءة المحترمة لكاتبنا،، هو تقريب المستبعد المرفوض، واستبعاد الأقرب المطلوب، وهذا يتطلب مراجعة للرؤية، ومرتكزاتها، وتحديد المنطلقات الغائية للامة من الوحدة العربية التي ليس من مناهج تحقيقها، السكوت عن التحالف مع اعدائها،، ولا مناصبة العداء لقادة الوحدة السياسية السابقين في تجربة " الجمهورية العربية المتحدة"، أو اللاحقين في حاضرنا..
ولعل المطلوب الآن ـ اكثر من أي وقت مضى ـ هو الاستفادة من دروس الماضي، وتجديد الوعي القومي العربي، والدعوة للوحدة العربية من اجل التحرر، والاستقلال الوطني الذي لم يبق لوجوده أي مظهر يبرر السكوت، والتغاضي عما يفرض على مجتمعات الأمة من استلاب حضاري،، لا يتساوق معه الا طلب الوحدة للاستثمار التجاري الذي سيدمره الاعداء المناهضين لكل تقدم عربي في أي قطر، استجمع مجتمعه أواليات مشروعه التنموي، كما نتمناه لهم من سويداء قلوبنا، ولكن هذا غائب عن وعي الكثير منا نحن كتاب الأمة،، لذلك يأتي من الأولويات للاستنهاض مجددا، العمل على تفعيل الحراكات الاجتماعية ـ السياسية غير المخدوعة بالتمويل الغربي،، بل تلك القوى الواعية بدورها في النضال العربي الذي يعاني من كمون، وضمور يحتاج للتفعيل بالكتابات الواعية، وذلك لفرض إرادة حقوق المواطن العربي محليا، ولمواجهة القواعد الامامية للامبريالية الغربية في فلسطين، وغيرها، والعمل على استعادة القوة العربية في العراق القومي المقاوم، وسورية التي بقيت القلب السياسي النابض بالرفض، كاضعف الايمان بحق الأمة في مواجهة اعدائها، و كآخر جبهة في مواجهة الاحتلال، ثم اخراج مصر من ثغرة كامب ديفيد،، ومناهضة تدمير اليمن الصامد في وجه هذه الحرب البشعة المقامة بالوكالة، وقد كان بالامس، يستقوى على اليمن طيلة الستينيات من القرن الماضي، بمرتزقة الحرب العالمية الثانية المستجلبة من أروبا الشرقية، واليوم يستقوى على الطفل اليماني الجائعي، والارملة اليمانية، والشيخ الاعزل،، بالامركيين، والالمان، والانجليز..!!
إن غياب النظام التحديثي الذي كان قائما في كل من ليبيا، والصومال، دفعهما الى الحروب الاهلية، وهي اختبار قاتل الهدف الغائي منه إرجاع العرب مجتمعا بعد الآخر الى ما قبل القرن الماضي، كما أن عدم التشهير بالتطبيع الذي فرضه المتصهينون من حكامنا، وغياب الحديث عنه في الخطاب القومي للكاتب، والمفكر الاسلامي، يطرح اكثر من علامة استفهام من جهة "التقية" استخفاء، أو التهوين من خطورة هذا التحدي الذي جنته" براقش" على أمتها..!
أخيرا:
لعل مفكرنا الكبير، يستقبل برحابة صدره هذا المستوى من التفاعل مع آرائه الرائعة في الحوار المفتوح على الفضاء الواسع، وهو يوحي بالاستعداد الذهني لمختلف الاصوات المهمومة بقضايا الأمة،، ومن الثكنة المرابطية الوحدوية، على ثغر العروبة الدائم في كل زمان، ولو بتوجيه البوصلة نحو الوعي القومي، والتمسك بثوابت الأمة العربية، كمشروع للتحرر، والاستقلال، والنهضة المنتظرة التي ستبقى من انجازات الدولة القومية، لا بحسابات المستثمرين التجاريين في عصر"العولمة المتوحشة " ـ على حد قول المهدي المنجرة رحمه الله ـ التي تسخر الدعاية البراغماتية لتنمية ثروات الأفراد اللاقطين لفتات " رعي" من هناك، أو بتسلط، وتلصص آثم على المال العام من هنا؟
د/ إشيب ولد أباتي