ماذا قبل مهرجان  مدينة "ودان " الأثرية، وماذا بعده؟ د/ إشيب ولج أباتي

سبت, 2021-12-18 08:07

كان مهرجان الاسبوع الماضي، مناسبة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للاعلان ـ في خطابه ـ عن موقفه الأخير الذي أوضح خلاله للمواطنين الموريتانيين، ضرورة العودة الى خط  الدولة في تحديد علاقة المواطن بالمؤسسات العمومية، واعتبار العلاقات الطرفية الغلابة ـ يا هوى! ـ غير معتد بها رسميا، ولا تشكل مشتركا توافقيا مع رؤية رئيس الدولة، الأمر الذي يطرح على المتتبع استرجاع محطات عديدة بعضها منسجما مع الرؤية في الخطاب الأخير، وبعضها الآخر مناقضا لها، وإن لبست مجتمعة " دراعة" الحكومة التي يجاهر أعضائها بالتعبير عن برنامج " تعهداتي" لرئيس الدولة،،

 فما هو  المعيار الذي يجعل التصرف كذا يعكس رؤية الرئيس، وعكسه يعبر عن سلوك غير محسوب عليه، ويحال الى اجتهادات غير موفقة  لرئيس الحكومة، والوزراء الذين شاركوا في مهرجانات عديدة استدرجوا إليها طواعية، لا اكراها، الأمر الذي ميزهم بخاصية الأزدواجية في المواقف، ومع ذلك لم  يلاحظ المواطن ما كبح جماح أي من  القبليين، والعرقيين، والشرائحيين، والفئويين من الاطياف الممثلة للدولة، المشاركة في الشأن العام، لكن  باسم من في مهرجانات التأسيس البقلي، و" النعي" الاميري، وتتويج الأمراء مجددا بعد طول عهد على اهمالهم، والاستغناء عن خدماتهم الاجتماعية العامة، والأغرب في الأمر الدور الطليعي  لوزارة التعليم في المشاركة باحياء الإمارة كذا، حين أضافتها للبرنامج التعليمي،،؟! 

واحتسب، أن  المواطن، يطرح السؤال التالي: فما هو السلوك الحكومي المعبر عن، أو المناقض للاجراءات التي انعكست على الوعي العام خلال الفترة القصيرة نسبيا، وإضافته بقضه، وقضيضه الى " تعهداتي" للسيد الرئيس؟

ولعل مطالب المواطن في التساؤل اعلاه، يتعلق بمسطرة" معيارية " للحكم على السلوك الحكومي بالنظر الى برنامج الرئيس في" تعهداتي"، فدون ذلك سيبقى تفكير المواطن "مبلبلا" بين الرؤية التي يعبر عنها الرئيس من حين لآخر، والسلوك المناقض لها فيما بدر من وزراء الحكومة..

إن الرأي العام الوطني، تابع منذ بداية المأمورية الرئاسية، اجراءات لم ترق الى التحالف بين الرئيس، والمعارضة، ولكن حصل توافق، عبرت عنه المعارضة بعد لقاءاتها العديدة مع الرئيس، وتلك اللقاءات لم تقتصر عن المعارضة الحزبية، بل شملت الشرائحيين، والعرقيين، ثم بعد ذلك، ظهرت تحالفات جانبية بين الفئات الشرائحية، والعرقية السياسية، وبعيد ذلك، ظهرت حملة احياء الجسم القبلي، ممثلا في اطراف لم تكن في الواجهة القبلية التي احتكرتها الأحزاب الجهوية، والقبلية المعترف بها في إدارة الأمن الوطني، وبعضها ممثلا في البرلمان،، وفي الحلقة الأخيرة لإحياء الجسم القبلي، كانت المحاولة ناجحة في تركيب الرأس الأميري على الجسم القبلي المريض والمترهل، والعاجز إلا عن مسايرة العصر بالتفكير الحداثي، وبالتالي الظهور في المهرجانات المأساوية في حق المواطن، وحق الوطن المواريين في  بؤر التخلف الاجتماعي الذي يشيح  وجه العصر عن النظر إليه باعتباره من المخلفات المتراكمة، مهملات متعفنة، تقضي على كل جميل في المدنية المعاصرة،،وتقتل كل مظاهر التحديث الذي فرضته مطالب المواطن الذي تسعى الحكومات الحالية للاستجابة اليها للسير بالمجتمع في مواكب العصر،،

ومن أجل ايجاد المواطن الواعي لحقوقه المدنية والسياسية، فلا بد للنظام القائم من أن يستعيد الوعي المعاصر ممثلا بالوعي القومي  من اجل ايجاد حراك بديل للحراك الميت الذي ضاعف منسوب التخلف، وراكم مساوئ الوعي  القبلي، والجهوي، والفئوي، والشرائحي، وكلها مجتمعة، أو مفردة مدمرة لوحدة المجتمع، ووحدته الوطنية، ومشروع الدولة الحديثة التي تشكل الهوية الجامعة المهددة بالانقراض، ومشروع الحداثة بالاندثار..

 فهل تعي الرئاسة مخاطر هذا الوعي المنفلت، وكيف له أن تلجمه الا بالوعي الوطني ـ القومي،،؟