إلى أين ذهبت مزانيات المدائن التاريخية ؟ وم الذي يتبقى منها لتلك المدائن ؟! 

اثنين, 2021-12-13 16:58

فسوف أحاول تسليط ضوء ولو خافت على اشكالية مجال انفاق تلك المزانية ، لعل ذلك يساعد من بامكانه الإجابة على تينك السؤالين! 
إن الأحتفال السنوي في احدى تلك المدن التاريخية يهدف كما هو معلن رسميا - على الأقل - إلى تأسيس اقتصاد محلي ، ربما يساهم في تثبيت سكان تلك المدن في مناطقهم وقراهم الأصلية  ، وذلك كعمل وطني يساهم  في الحفاظ على الذاكرة الجمعية الوطنية من خلال تحصين الإرث الوطني بمختلف ابعاده العلمية والتاريخية والجهادية !
ولكن ربما يتبادر للذهن السؤال التالي : فم الذي استفاد السكان المحليون من تلك ( الكرنفلات ) الباذخة في السنوات التسع الماضية ، سوى أمسيات معظمها أكل وشرب ورقص وغناء ، وبعد انقشاع غبار تلك الحفلات بما في ذلك حركات ( اهل اسبينيات ) غير الهادفة ،  ومدافعهم الخشبية وكذا بهرجة بعض الفنانات اللائي يهتممن بأنوثتهن أكثر من فنهن للأسف الشديد ! 
إذا فم  الذي بقى بأيادي أولائك السكان بشكل ملموس من مزانية تلك المهرجانات سوى تنظيف بعض أحياء المدينة وصباغة  واجهات المنازل المطلة على الطرقات المؤدية إلى المنصة العامة ،  خوفا من  أن يشاهد رئيس الدولة مناظر غير لائقة بمشاعره الرئاسية !
هذا من قبيل الإيجابيات . أما من ناحية السلبيات فحدث ولاحرج : فسترى مثلا القمامات المتناثرة هنا وهناك جراء مخلفات الأطعمة والمعلبات الفارغة وحفاظات الأطفال ، وكذا ملء المراحيض - حاشاكم - من القذرات - علما - أن المدينة لا توجد بها مجاري عامة ولا صهاريج  خاصة بشفط المياه العادمة ! 
أما استفادة الحكومة والرئيس بصفة خاصة فهو كونهم قد التفتوا مشكورين نحو سكان تلك المدينة  (برقم مالي معتبر ) ! وكذا تقديم اشهار مجاني لعمدة المدينة يذكر بتاريخها ،  وما مدى مساهمتها في نهضة البلاد وجهادها المستميت ضد المستعمر ، وكذا دورها التاريخي في نشر الدين الإسلامي وحضارته في أنحاء المعمورة ! 
أما المستفيد الأكثر فهم سكان العاصمة من فنانين وشعراء وأدباء ومطربين وناقلين ورجال أعمال وتجار المواشي ، وكذا بضائع الصناع التقليديين إذا - ماوجد من السواح من يرغب في  اقتناء بعض منها - وكذا كهول وشيوخ الرمات الملوثة أيادي بعضهم بالمال العام يوم كانوا موظفين عموميين! 
أما الإستثناء الوحيد حتى الآن كما بدا لنا والذي قد حصل هذه السنة ، ربما يكون بسبب وجود هامش مالي في مزانية احتفالية وادان - هذه السنة - تمثل في تدشينات هامة في مجلات اقتصادية متعددة : ففي الزراعة مثلا دشنت أراضي زراعية كافية لغرس أربعة عشر الف نخلة ،  وكذا أراضي شاسعة لزراعة الخضروات ، وتسييجها وفي اطار البنية التحتية كثير من نقاط المياه والكهرباء والطرق المعبدة التي تفك العزلة عن المدينة مع بعض الواحات التابعة لها . كما تم بناء إعدادية وترميم مدرسة ابتدائية و إنشاء ملعب رياضي ، ثم دار للشباب ، وأيضا رممت أحياء شعبية بكاملها ، ومساجد وميادين عامة . 
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه قائلا :  فم الذي جد فيما يتعلق بالإنجازات المتعلقة بالمدن التاريخية حتى تحقق كل هذا ؟! 
والجواب المستنتج من الواقع ربما يعود الأمر فيه إلى عامل جديد قد حدث هذه السنة و هو كوّن رئيس الدولة  مازال في  مأموريته الألى ، ولاشك أنه راغب في إعادة انتخابه لمأمورية ثانية ،  وبالتالي من مصلحته حصول كل انجاز يحسب له ، وهذا فعلا إنجاز معتبر قد تحقق . 
ثم أيضا نفس الشيئ بالنسبة لوزير جديدللثقافة و هو المسؤول عن تنفيذ مزانية هذه السنة الخاصة بمدينة وادان، والمعروف بكونه ولعدة سنوات وهو يكتب عن مشاكل مختلف المرافق العامة الوطنية ، ثم يتصور حلولا لمشاكلها ، كما أنه لم يتعود بعد - وهذا هو الأهم - على مجالسة الذين مردوا على ممارسة الفساد والذين أصبح تعاطيه جزئا من سمر هم الليلي الباذخ ،  والذي أصبح بالنسبة لهم شبه ( ونگالة ) تقام كل ليلة في منزل أحدهم ! 
وهناك سبب آخر هو كوّن الرجل أصلا قد كان منزويا على نفسه ، وقد أتخذ من زمالة القراءة والكتابة أنيسين بدلا من الأصدقاء التقلديين ، كما كان يركز على تربية أولاده 
الذين قد أظهرت نتائجهم الدراسية - ولله الحمد - أنه كان على حق ! يضاف إلى كل ذلك أن الرجل قد تربى في كنف والده مدير مدرسة يشهد له من عملوا معه بحسن تكوين تلاميذته وتربيته لهم على نمط ماظهر من سلوك إبنه الوزير المختار ولد داهي ، خصوصا ما رأينا منه اليوم وهو يسحب حقيبة طويل العمر أحمد واد داداه محترما سنه ومكانته الإجتماعية ، رغم أن الوزير كان بإمكانه تكليف غيره بذلك العمل ، لو أراد ذلك وبسهولة ! 
وفي الختام فإن أهم حدث يمكن تسجيله في هذه الاحتفالية في مدينة وادان التاريخية قد تستفيد منه سلطاتنا العامة ، وعلى رأسهم السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فهو ما تدعوا إليه موعظة إمام جامع وادان يوم 10 / 12 / 2921 م ! 
إن تلك الخطبة التي أمتاز مقدمها بالإخلاص في النصح والصدق في  النقد والتقويم وقوة العرض ومنطق المقاربات بين مسؤولينا من جهة وماكانت عليه سيرة  رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وما تبعه  عليه خلفاؤه الراشدون ، وكذا صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ! 

ملاحظة هامة : بعد كتابة المقال ، قد ظهر لغط حول تلك الخطبة وكون صاحبها يدعى الدرديري الحسن الداودي ،  ورغم ذلك تبقى تلك الخطبة من اوجد ماسمعت من خطب منذ سيطر الانحطاط على خطابنا الرسمي للأسف !

ذ / إسلمو محمد المختار ولد مانا .