خلال الشهور الاخيرة من هذه السنة، قرأنا في المواقع الافتراضية الموريتانية، أكثر من تكتل سياسي، ولعل كان آخرها التحالفين التاليين:
أـ تحالف قادة حركة افلام، والدكتور الوليد، وقبل ذلك جرى تحالف بين الأخير، والرئيس السابق،،
ب ـ التحالف الذي اعلن عن نفسه في بيانه عن" القطب، والتناوب" من أجل تناوب ما، إما للسلطة في المستقبل المنظور، أو تناوب في المواقف، أو تناول المكاسب المستنزعة ب" الردح" الذي يجيده قادة حركة "إيرا"، وما يستجيب للتحولات الموسمية لقادة حزبه الصواب،،
والسؤال الذي يطرحه المتتبعون لهذا الكم من الاعلانات، والتعبيرات الصوتية على حد تعبير بعضهم،، هو: ما هي مرجعيات هذه الأصوات المعلنة عن نفسها من حين لآخر، وتأثيرها على مسامع السياسيين؟، والرأي العام؟ وما دوافع اصحابها؟ وما غايتهم القصوى من الأقوال نابة عن الأفعال؟ وهل تشكل في مجملها ظاهرة تعكس الوعي السياسي العام، أو وعي جماعات هامشية؟ وماذا بعد الاعلانات؟
إنها تساؤلات تحتاج الى الاجابة عنها من طرف تلك القوى السياسية في ادبياتها، برامجها السياسية، أو بياناتها خلال المناسبات،، وفي غياب مؤشرات توجه الباحث الى المرجعيات السياسية، سيكون الأمر يدعو الى تأطير تلك المحاولات السياسية بالنظر الى الازمة السياسية العامة للاحزاب المعارضة التي تراوح بين الاكراهات التي دفعت بعضها الى الانضمام الى مجموعة الحزب الحاكم، والظهور أكثر من مرة في لقاء مع الرئيس، وتارة تتفرد تلك القوى بالتحالفات البينية، فأي مواقفها يعتبر استراتيجيا، وأيها تكتيكيا؟
ولو كانت تلك الاحزاب ذات قاعدة شعبية، تعتمد عليها في تحريك الشارع لفرض المطالب المستحقة، فهل كانت مضطرة الى ابرام تحالفاتها المذكورة؟ وربما الأحتمال الوارد بخصوص غياب القاعدة الشعبية، كان التعويض عنها بهذه المحاولات السياسية في الوقت الذي سعى النظام الى الاعتراف بحركة المقاومة الوطنية للاستعمار الفرنسي، وكان هذا الاعتراف جميلا، غيرأنه فتح مجالا لفصيل من المتزلفين للنظام، والأخير يبتعد بذلك عن مظاهر التحديث،،والا ما فائدة اسنساخ قوى متخلفة هي الأخرى، كانت نائمة نومة أهل الكهف، وخلال هذا التخطيط العسكري في الميدان السياسي، حصل استبعاث لإحياء النظام السياسي" للإمارات" الأربع التي استسلمت كلها للمستعمر منذ قرن، ولم يبق لها دور في مواجهة التحديات الخارجية، والآن يتم تعميم تأريخ حركة المقاومة على تاريخ نظام الإمارات المتخلف، سواء منه ما قبل الاستعمار، وبعد القضاء على القادة المناضلين من قادة الأمراء،، وفي الأمر مدعاة للتهكم من حظ السياسيين المنحوس بعد ظهور انتهازية يقودها احفاد الأمراء من الجيل الثالث والرابع، وهي تشبه الى حد ما استدعاء " بيرام" للمشاركة في الانتخابات الرئاسة عندما احجمت المعارضة عن "تحليل" الفترة الرئاسية الثانية للرئيس السابق،،
ولأننا لا نتوقع وجود قيمة لقوة سياسية قبلية، انضج وعيا من وعي الفئات الشرائحية التي همشت الى حد كبير الأحزاب السابقة التي هي من جنس القوى المبتعثة، ولن تكون على مستوى من الوعي المميز، أحرى الوعي التحرري ـ إنما القبلي الثاوي في دركات التخلف ـ حتى ينهض بالقوم على أساس النقد الذاتي لوعي الآباء الذين استسلموا ضمن النظام القبلي الهش، بدلا من ظهور الاصوات التي تبنت تاريخ الإمارة بقضه، وقضيضه بمعنى بما هو نضالي حي، وما هو استسلامي ينبغي تجنب تحنيطة، وتنصيب رموزه عبثا، كما يفعل ب" البو" لحلب بقرة السياسية بعد موت ابناء الوطن الأصلاء،، لأن المطروح لدى القوم ليس من قبيل ما ذكرنا، إنما الاستثمار السياسي ليس الا،،
وكأن النظام السياسي القائم، بعد أن وضع معظم قادة الأحزاب أيديهم في يده بحميمية، وكافأ هم بتوظيف ابنائهم، والمقربين منهم،، خطا خطوة أخرى في اتجاه تطويق " سراب" المنظومة الحزبية القبلية، والجهوية، والفئوية، والشعاراتية، و الشرائحية باعترافه بدور المقاومة الوطنية في التاريخ العام باعتبارها حلقة مفقودة في التاريخ الوطني، وتم طمسها " تنكيرها" بفتاوى مجتزأة خارج سياقها النصي، وحتى التاريخي ،، !
إن الأعتراف المذكور، هو بمثابة استجداء لعقد اجتماعي آخر مع القبليين المنسيين الذين كان السياسيون، يزعمون أنهم قوة اسناد ضمن قواعدهم الاجتماعية التي راهن عليها كل من الشرائحي، والقبلي، والجهوي، والعرقي..
ولعل في ذلك تحجيما السياسيين، وهذا يفسر تشبيك الأيدي الممدودة للنظام الحاكم تارة، و في اطارالتحالفات البينية بين قادة الاحزاب التي لا تاثير لها في ميزان العمل السياسي، وهي محطة أولى سيليها الإعلان عن الخطة المتوقعة التالية، وهي طلب توظيفهم، ضمن الأطر الإدارية، ليبتعدوا عن العمل السياسي نهائيا، أو الانخراط ضمن اطر الحزب الحاكم التي سبقهم لها ولد الواقف، وصحبه..
لكن ما هي المرجعية العامة التي تحكم العمل السياسي الحزبي في موريتانيا حاليا؟