للاجابة على السؤال، لعل فك الرموز، المفاهيم الواردة اعلاه في العنوان" البيان"، و"القطب"، و " التناوب"، يساعد على التوصل الى ما سعى القوم اليه من تحالفهم لأجلك يا وطني العزيز، والصالح العام لأبنائه، يا سلام، وهذا التقديم، يعرض للبنية اللغوية، ولاحقا، سنعرض للمضمون العام للبيان الذي كان خاليا من الاشارة الى المرجعيات السياسية، والتعبير عن رؤية مكتملة للحوار المشار اليه في التقديم، كما غابت الرؤية للاصلاح الجزئي، قبل التغيير المنشود، الامر الذي يسمح بالقول إن من المتحالفين من كان بمثابة " شاهد ملك"، والمقولة المأثورة في المخيال الجمعي للتعبير عن رداءة القضاء الوضعي، كالقول بالحسانية " مان حاضر، يغير اكتب اسمي "، كما أشار البيان الى بعض المميزات الخاصة بمن اتخذوا قرارهم الجريء في تكتل سياسي يمكن اعطاؤه عنوانا دالا عليه، هو:" القوى السياسية الشرائحية"، نظرا لعدم اهتمام القائمين عليه بالحقوق العامة للمواطنين الموريتانيين، وهم طيف من الحراك السياسي العام، لكنهم افتقدوا الكثير من قواعدهم الاجتماعية التي كانت تستند العمل السياسي اليومي في المظاهرات، لذلك لم يكن أمام هذا التحالف غير احياء دور "احلاف الفضول" سيئة الصيت من جهة البحث عن المصالح الجزئية، والتحالف الأثيم الذي لم يستند الى العقل الجمعي بقيمه الاخلاقية التي تصون الملكية العامة، أوالى التشريع الديني الذي يحول دون المطالبة بمصادرة الممتلكات، كالأراضي، واعطائها لمن "ملكته" فرنسا اياها للتحكم في نظم المجتمع منذ بداية احتلالها الهمجي،، وهل يسطيع أحد بالابتزاز السياسي أن يفكك النظم الاجتماعية القبلية بالبيانات في المواقع الافتراضية،،؟!
وكان الاحرى المطالبة باصلاح زراعي عام، يقوم على استصلاح الاراضي القابلة للزراعة، وتوجيه المجتمع نحو الثورة الزراعية ، وهي التي لم تذكر في البيان المنشور بتاريخ /22 /نوفمبرمن الشهر الجاري، بل اقتصرت مطالب القوم على انتزاع الاراضي، واعطائها لغير ملاكها الأوائل، وكأن المجتمع غير قبلي، ولم يخطر ب"عقلهم السياسي"، أن ملكية العشائر للأراضي، تمثل واحدة من قواعد التثبيت لديمومة النظام القبائلي، وسيطرته على النظام السياسي الدخيل، والتابع لأنظمة المجتمع، حتى المهترئ الذهني منها، كالادعاء بأن قبائل الجنوب تنتمي "عرقيا" الى نظام (المرابطون) الاصلاحي ـ ولا أحد من المتشدقين بالأساطير الخرافية بقادر للوقوف على اسم قبيلة واحدة من القبائل الحالية في وثيقة تاريخية تنتمي لتلك الفترة عدا اسم عام لقبيلة واحدة يعد أفراد أسرها حاليا على أصابع اليد الواحدة ـ ويقتضي هذا التصنيف الافتراضي، أن قبائل أخرى في مجتمعنا، لا تنتسب، بمعنى، أنها لم تخضع لنظام حكم بلادنا خلال القرن الحادي عشر الميلادي، زهاء قرن، أو اكثر، وفي هذا التفكير البدائي ـ الأنثروبولوجي ـ تحول، بل هو " تحور" في الانتماء السياسي الى انتماء وراثي، لتوحيد "الجينات" الوراثية، ومنه التحور الوراثي لنظام حكم المرابطين الى نظام الإمارات في القرن التاسع عشر..!
ومفهوم "البيان" يحيل الى دور أحد قادة المجموعة، وخلفيته العسكرية، وتجربته في انقلاب2003، وهو ما يتناقض مع عملية الاندماج المطلوب في الحياة السياسية المدنية، كالمطالبة بالحقوق المدنية، والسياسية للمواطن الموريتاني، وتبني الحوار، التشاور تارة، والدعاية له لاصلاح النظام السياسي عوضا عن العمل من اجل تغيير الحكم بعمل عسكري، لكن لغة البيان فيها الإيحاء، والحنين الغلاب لاسترجاع ذلك الزمن الذي تولى، وهو خروج على التأرجح بين التفاعل مع المشهد السياسي الحالي، واستبداله بآلية الماضي، وتجربة البيان العسكري الفاشل، وان فتحت الأخيرة ـ بعد معاناة مقدرة ـ نوافذ على الخارج، وكانت الى وقت قريب جسرا للتواصل مع قادة النظام في ليبيا، لكنه تواصل لم يقتصر على بعض قادة هذا التحالف، فقد استغل بعضهم الآخرالمنصات الدولية في الدول الامبريالية، ليعلن عن الادانة المغرضة للنظام السياسي الموريتاني، ومجتمعه، واتهام الجميع بسياسة الفصل العنصري ،،
والآن أعلن أصحاب البيان عن مراوحتهم بين هذا، وذاك ، فبالأمس كان التسويق لرمزيتهم الانقلابية التي مدوا خيوط التعارف بها مع الانظمة السياسية في الخارج، ولم يفرقوا بين انظمة وطنية، قضى عليها ما سمى بالربيع العربي المتأمرك، وبين انظمة على النقيض منها، وهي قطب الاسلام السياسي العثماني الذي يعاني من زلزال حركة انقلابية متأسلمة هي الأخرى، وتردداتها محتملة رغم التهافت نحو التحالفات تحت مظلة عضوية حلف " الناتو"، والصهاينة، والانظمة المطبعة مع الكيان الصهيوني..
ويأتي مفهوم " القطب" في البيان للتعبير عن نوايا متفائلة لاصحابه، كمعادل موضوعي في العمل السياسي الوطني، لكن ما يناقضه، هو السلوك العملي، والتفكير السياسي اللذين غلبا اللغة الشرائحية التي اضفت برامديتها على هدف المتحالفين، وبمظهر الرمادية العمياء على المعاني الوطنية التي شوهت عبر خيوط التواصل غير البريء مع السفارات الاجنبية، والمنظمات الأوروبية التي توظف الدفاع عن حقوق الأقليات خارج دول الاتحاد الأوروبي،، وهي ذاتها اللغة "المعدلة" لتركيب القطب في ثقاب" الرحي" الوطني الدوار لطحن الملوثات المرمية في حقل السياسة، لكل فاتح فاه خلال لقاءاته ـ القطب ـ مع رموزالنظام السياسي الوطني الحالي، ويأتي ذلك بعد ان احترقت الأوراق في مؤتمر المنظمات الاوروبية المنددة بالتمييز العرقي للأقليات ب" جنافا "، ولا حقا بالمشاركة في"الفيلم الكرتوني"، واللعب فيه ب" دمى" تمثل قطعا لجماجم أطفال الموريتانيين، والرسالة للمستقبلين، هي تكسير حاجز الخوف، والدفع لارتكاب الجرائم في المجتمع، كما أرادها المتصهينون من الافارقة في نشر الفيلم المذكور..
والسؤال الذي يستحق الاجابة من المعنيين بنشر البيان هو: كم من تحالف لأصحاب البيان خارج هذا التحالف والتنسيق الذي اختاروا له عنوان" بيان، قطب، التناوب" الطريف،؟
وفي التقديرالعام، أنه تحالف من قبيل الاعلان عن "الحمل" الجديد لكل فريق، ولما يستكمل أحد الطلاق، لانهاء علاقاته السابقة، وهذا من التجاوزات التي تعبر عن تصورات قادة حركة " إيرا" غير المقيدين بثوابت المشروع السياسي الوطني، أو بالشرع العام، وقواعده، وعهوده الملزمة، حتى يفكروا في فصل العقود، والدخول في اخرى؟
وهل "التناوب" الذي ورد في البيان، هو للإشارة للمسكوت عنه في سبيل السعي لتغيير الحكم المدني بانقلاب مشترك لهذا "الإيلاف"، وتقسيم السلطة السياسية فيما بين القادة، أو أن التناوب، كان يعني به القوم" التناول"؟ ومن يناول من، إذا كل واحد، انحصر نشاطه السياسي بارتباطاته الخارجية، ثم العودة ـ والعود الأحمد ـ إلى الداخل الوطني، ومحاولة ملء الجراب الشخصية، ليس الا،، ولعل المبرر، "السبب الكافي"، هو افتقاد المتحالفين للقواعد الشعبية جراء تأثير قادة الحراك السياسي من الاحزاب، واشياعهم لمبدأ الاستئثار بدلا من الأثرة ـ باعتبار الاثرة من قيم الثوريين الغائب دورهم، ووعيهم السياسي الى أجل غير مسمى ـ ولم تكن الأثرة يوما من خلفيات الباحثين عن تمويل، لبناء القصور، وهم لا زالوا في صفوف المعارضة الوطنية، ويدعون الدفاع عن حقوق المهمشين، والفقراء، بينما المفارقة المميزة للمعارضات الموريتانية منذ الانقلاب العسكري الأول،أنها معارضات ميسورة الحال ما شاء الله الميسورة فهي تضاهي دور الاغنياء في الاحياء الراقية، والسيارات الفارهة، فحين يشيد المعارض السياسي قصرا باكثر من سبعين مليون اوقية، وللمواطن العادي أن يسأل، هل يمكن أن يكون مثل "قارون" مناضلا ، وناشطا سياسيا في بلادنا على غرار قادة الحزبين الجمهوري، والديمقراطي الامريكيين،،، ؟، لأن هناك من قادة حلف الفضول هذا من آثر تخزين الودائع المالية في المصارف الخارجية، لذلك لم تظهر ضخامة ثروته في الوقت الحالي، لكنها ستظهر متى اطمأن عليها بعد اطمئنانه على نفسه، الأمر الذي ينبغي، هو ضمان الأمن، والأمان للمواطن الموريتاني في نفسه، وممتلكاته؟
ولكن ماذا عن مضمون العام للبيان؟( يتبع)