عالم التقليد ،،لاحظت أن جل من يتطفل على الخطابة يقلد من يعجب به أويراه أثقف منه؛..
اطلعت أخيرا على مقال لأحدهم كُتب بعد رحيل ولد ابريد الليل بفترة ولولا أنه موقّع باسم كاتبه وإيمانا مني بقوله تعالى:(وَحَرَٰمٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَٰهَآ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) لقطعت الشك باليقين أن المقال للراحل ولد تبريد الليل ،،وهذا ما ألاحظه دائما في كتابات بعض المثقفين المرموقين ولعل هذا يكون بسبب نقص في مادة الثقة بالنفس؛،، فإن الأمر حصل مع شعرائنا في غابر الزمان كانوا رغم موهبتهم وتمكنهم من لغة الضاد ينحتون أشعارهم من الشعر الجاهلي ويتخذون منه منهجية القصيدة سواء كانت في المديح أو الرثاء وقد كثر في شعرائنا ذكر الخمر، والدمن، وقفا، وودعا، وعبلة، وريا ،،وقد نبه على هذا مجدد عصره العلامة الأديب الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيديا عندما استنجد الشعراء قائلا:
يا معشر البلغاء هل من لوذعي
يُهدَى حِجاه لمقصِد لم يُبـــــدع*
إنى همَمت بأن أقول قصيــــدة*
بكرا، فأعياني وجود المطلِــــع
لكم اليد الطولى علىَّ إنَ اَنتـــمُ*
ألفيتموه ببقعة أو موضِـــــــــــــع.. واليوم أصبح خطباؤنا يقلدون بعض المثقفين ممن لا يفوقونهم علما ولا محتدا ولانسبا ولا صهرا ولا شكلا ولا خَلقا ولاخُلقا،،والطامة الكبرى أن هذا التقليد لا يقتصر على الكتابة ولا على الخطابة وإنما يتعداهما إلى ماهو أبعد من ذلك فترى أحدهم أحيانا يقلد مقلده في طريقة النطق واستخراج الحروف والتفاعل مع العبارات وترديدها والأغرب تقليد بعضهم البعض في الملبس فإذا كان شيخه يرتدي دائما دراعة زرقاء وقميصا أزرق فتراه هو يرتدي نفس الزي بذاته وحتى الأحذية لا فرق بينهم الا إذا اختلفت الأرقام ولو كان باستطاعته زيادة حجم قدمه لفعل ولو كلف ذلك عملية جراحية في الصين؛؛.
وهذه ظاهرة كانت في سالف الزمن تقتصر على الشعر والشعراء ولا يلاحظها إلا النخبة أما ظاهرة التقليد في الكتابة والخطابة والزي فيهي اليوم منتشرة في السياسيين والكتاب والخطباء ومما يلاحظه الجميع زيادة على ذلك تعدت إلى طريقة النطق والملبس والحركات وهذا مما أثار السخرية عند البعض والإستغراب عند البعض الآخر؛؛ فهل من لوذعي يُهدَى حِجاه لمقصِد لم يُبـــــدع؟.
سيدي محمد دباد 25-10-2021