لعلنا من أصحاب الثوابت المبدئية التي ندافع عنها من أجل حقوق أمتنا العربية، ولذلك، لا غرابة، أن نعتبر، تحرير فلسطين المحتلة من أولى قضايانا، ومما يزيد قداستها في تفكيرنا ـ كما في تفكير كل مسلم ـ أن فيها المسجد الاقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين،،
وأذكر الشبيبة العربية، ومن هم، يعانون من ضعف الذاكرة الحية، أن اتفاقية الاستسلام في سبعينيات القرن الماضي، كان من اسبابها، الانهزام النفسي،ل "محمد انور السادات" أمام الامريكان، والصهاينة، ومن يومئذ، والرأي العام العربي بكتابه، يناهضون التطبيع الخياني الذي دعا إليه " الحبيب بورقيبة" قبل ذلك في الستينات، ولا مشاحة في أن هنالك من نالوا شهرة واسعة في مصر من كتاب مصريين الذين تقاسموا وزر خيانة الضمير، والمبدأ بالدفاع عن " التطبيع" مساندين، أو ممالئين رئيسهم، ضد حق الأمة العربية في فلسطين..
وقد تصدى الكتاب، والشعراء، ومفكرو الأمة لأولئك الكتاب.. من أمثال أنيس منصور، وتوفيق الحكيم، والأخير التحق بصحبه نظرا لدعوته لحياد مصر في الصراع العربي مع الصهاينة الغاصبين،، وكان خلفهم من الكتاب المغمورين المناصرين للتطبيع الابراهيمي التنصيري المتصهين، وهم يعدون على اصابع اليد الواحدة، ومعظمهم، يبحث عن المال الخليجي، ولا يختلفون في شيء عن ثلة من المسؤولين السياسيين الذين ارسلوا بخجل واضح التهنئة للابراهيميين، وربما من ارسلها على أساس انتمائه، وبالتالي، تمثيله لساكنة جزيرة " واق واق" في قصة " ابن طفيل" الفلسفية، رغم أن سكان تلك الجزيرة، كانوا ممن توصلوا الى الحقائق بالعقل الفطري السليم، بينما كان المسؤولون مناصرين للتطبيع بدافع العقل الحسي الاستنفاعي،، ومهما كان الدافع لكل واحد، فإنهم "شرذمة" محدودة، لا تأثير لها على اتجاهات الرأي العام في أربعمائة مليون عربيا، فأكثر ..
و نحن في هذا المقال، نهنئ ابناء الوطن العربي على موت الإبراهيمية السريري، واستكانة دور كتابها الخجولين، خاصة بعد سقوط قائدهم السياسي ـ في فلسطين المحتلة ـ " النتن ياهو"..
والملفت للنظر، أن من دفعه الفضول المعرفي للاطلاع على آراء كتابنا في المواقع الافتراضية، فقد يلاحظ، أن المدافعين عن الابراهيمية في بلادنا خلال الصيف الماضي، كانوا متقنعين في الدفاع عنها، بالتمترس خلف الرموز من اشياخنا الأجلاء، وكأنما دافعهم الحمية، لا المبدأ الذي يرجح الولاء لمصير الأمة في فلسطين، وتحريرها من الاحتلال، وكان حري بإخوتنا أن لا يجمعوا بين" العجى"، و"الكلى" مرة واحدة، كالخلط المفجع بين قضية مبدئية للأمة، وبين العلاقات الشخصية التي تستند الى رابطة أسرية، أخوية، تلميذية،، ويعتبرالأمر مظهرا شائها لبؤس التفكير، ولا يمت بصلة الى منجبات الفكر الحر، والمبدع الذي طالعناه سابقا في كتاباتهم قبل هذا النزول الى القاع الذي لاقرار له، عن رافعة قيمهم الفكرية التي " كلمتهم" ـ ربما ـ من حملها على غرار حامل الشاة في الحكاية" اللغز"،، وفي كل الأحوال، فليعلم الخاصة، أن لا أحد يستهدف رجال الدين من الأشياخ الأجلاء،، ويؤسفنا أن هناك من سجل على نفسه، اتباع اسلوب الإيحاء الغامق، لأتباع الأشياخ، و القراء معا، أن فيه مستهدفا للأشياخ حين، كنا ندافع عن قضايا أمتنا التي لا كلل عن حملها، وتحمل تبعات ذلك، ولا تراجع عنها بالنسبة، لأصحاب المبادئ الذين، لا يحسبون بالعدد، بل بالدور التضحوي، والدفاع بمختلف انواعه، ولن يوجدوا في طابور المسنتفعين، وهذا أقل الإيمان في زمن الارتداد، والحبو نحو الشبهات في العقائد المنسوخة بعد تحريفها من لدن القوم الكافرين...
ونتمنى على الكتاب من اصدقاء الأمس، أن يكن لديهم من الشجاعة الأدبية، ما يجاهروا به في الدفاع عن " الإبراهيمية"، ولا يتمترسوا خلف الأشياخ الذين نحترمهم جميعا في حدود علمهم، وورعهم، وقد لا ندبج لهم القصائد، أو نكتب لهم المقالات الأدبية بالسجع، والطباق، والجناس، أو بالتقطيع الموسيقي، والرقص على الأنغام الذي يستمتع به بعض الكاتب لأنفسهم، كما لن نكتب لهم، النثر الأدبي الذي في مقدورنا،، ولماذا؟
لأننا لن ننزل الي منزلة المادح، كما الذام ، لأي كان، و نختلف في الرأي مع من يفرط في فلسطين من الحكام، والاشياخ، والكتاب مهما كان مبلغ علمهم، وفكرهم السياسي،، ونعتبر من يساوم على فلسطين من الفلسطينيين، خائنا لقضية الأمتين العربية، والاسلامية، ومن باب أحرى إذا كان من غير الفلسطينيين ممن تقاسم مع بعضهم التفريط في الدفاع عن التطبيع الابرهيمي..
وأكرر الموقف، حتى يفهم الخاصة والعامة معا، أننا اخوة، وقد نناهض خيارات بعضنا في حدود الاحترام، والتقدير، ومجال المساجلات، والنقاشات الفكرية واسع، والنقاش مفتوح لمن أراد ذلك، لكن، لا ينكر, أو يستنكر علينا أحد ولاءنا لمبادئنا تجاه فلسطين، والدفاع من أجل تحريرها من الغاصبين الصهاينة،،
ولكل منا الحق في الدفاع عن قضيته، فمن قضيته الابراهيمية، فله أن يدافع عنها بالطريقة التي تناسبه، لا بالاتهامات التي تطلق جزافا، بل لتكن بالفكر الظاهر، أو الباطن، أو الممالأة الشجاعة، ولو بالأصطفاف مع من سيدافع عن نفسه ـ في فلسطين ـ " من وراء جدر".
ومن قضيته الدفاع عن فلسطين، فليدافع عنها بالفكر، أو المناصرة، وهذا من اضعف الإيمان الذي في مقدورنا، وليس الأمر من قبيل الاستهداف لشخص ما، بل هو اختلاف في المواقف السياسية من قضايا الأمة، حيث نعتبر، أن المدافعين عن الابراهيمية، إنما يدافعون عن قضية تناهضها الأمتين العربية والإسلامية ،، كما أنهم من جهة الأعتقاد، فقد وقعوا في شبهة قطعا، لا ظنا، إذ أنهم، يدركون القواسم المشتركة مع غيرهم في الذاتية الاعتقادية, والاعتقادية الموضعية معا.. في ترميم آثار مدينة " أور" كأولي المراكز لعبادة الأصنام، وكانت موقع الحرق لإبراهيم عليه السلام، وهو الحرق المذكور في القرآن الكريم، ولم يتخذها مستقرا للعبادة، أو الدعوة، بل هاجر منها الى فلسطين ،، وشتان بين الاعتقاد الرباني، لعبادة الله سبحانه وتعالى الواحد الأحد في ملة إبراهيم، وبين الأعتقادين الذاتي، والموضعي، ولا ألتباس في العقائد باعتبارها كليات، وليست جزئيات, حتى تقع في "التضمن"، لأنها قضاياها كلية، مبدئية، وكل واحدة متميزة عن الأخرى، ولا يصح نظريا، أن ينسب لإبراهيم عليه السلام، ما هو خارج " سور" المعتقد الرباني الذي حدده رب العزة تعالى في قوله " ما كان إبراهيم يهوديا ولانصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما"، بينما النصرانية، واليهودية "تتسور" بهما " الإبراهيمية" الاعتقادية،، والحاصل بين المعتقدات الثلاث، هو "التضاد" بين الكليات، فالاسلام بهذا المعنى، كلية موجبة، والمسيحية، والنصرانية، كليتين سلبيتين، وهما منافيتان للإسلام بموجب الاعتقاد الفاسد فيهما من جهة الألوهية،،،
وليس الأمر في حدود" التناقض" في المواقف السياسية فحسب، وهذا قد لا يدركه اصحاب القناعات السياسية من جمهورالعامة، الذين كان عليهم أن يسألوا، هل " الابراهيمية" المروج لها اعلاميا، لها علاقة بمعتقد الآحر، وهو ليس من أمة الإسلام, على ملة ابراهيم الحنيف، أو هي رؤية سياسية ذات مسوح وثنية على أساس التحريف المخبر عنه من الله تعالى في كل من اليهودية والنصرانية؟