لقاء عاهلي السلطنة والمملكة يجدد الآمال لمستقبل واعد

اثنين, 2021-07-12 02:54

تحظى زيارة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد – حفظه الله الى المملكة العربية السعودية ولقاء أخيه جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله بأهمية استراتيجية، وتلقى أهتماما كبيرا في الاوساط العربية والدولية، وهي الزيارة الخارجية الاولى للسلطان هيثم بن طارق آل سعيد الذي تولى مقاليد الحكم في السلطنة في ١١ يناير ٢٠٢٠م عقب رحيل السلطان قابوس قائد نهضة عمان الحديثة – طيب الله ثراه الذي كانت له أول زيارة خارجية للمملكة العربية السعودية ولقاءه مع الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله آنذاك، وهنا فإن التاريخ والجغرافيا والأبعاد الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية تبرز نفسها وتتجلى دائما، وهذه الزيارة تعكس دلالات كبيرة لما تمثله المملكة العربية السعودية من أولوية في الفكر السياسي العماني، كما تأتي الزيارة بدعوة رسمية من أخيه خادم الحرمين الشريفين بعد زيارات عدة متبادلة بين وزيري خارجيتي البلدين التقيا خلالها في مسقط والرياض وتشاورا في ملفات مشتركة سياسية واقتصادية وأمنية ذات أهمية قصوى في رسم مستقبل البلدين والمنطقة .

الزمان والمكان والملفات المشتركة والظروف السياسية التي تعيشها المنطقة والارتباط الوثيق بين مسقط والرياض كلها حملت عناوين هذا اللقاء الكبير الذي يجمع العاهلين السلطان هيثم والملك سلمان حفظهما الله، ولا شك أن الزيارة الخارجية الاولى التي تحط الرحال في مدينة نيوم تحمل أبعادا جيواستراتيجية للبلدين الشقيقين، إلا أن الظروف التي تعيشها المنطقة والاوضاع الدولية السياسية والاقتصادية هي جوهر هذا اللقاء الكبير، وقد تصدرت المواقف العمانية السعودية المتطابقة مؤخرا سطح العلاقات بينهما وأبرزها ما يتعلق بالأحداث في اليمن والأدوار العمانية المضيئة وتبنيها للمبادرة السعودية للسلام بالتنسيق مع جهود الأمم المتحدة، إضافة الى مواضيع أخرى مثل عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية، وايجاد مقاربة للعلاقات مع ايران وما يتعلق بالمفاوضات الجارية في فيينا للعودة للاتفاق النووي، كما تحمل الزيارة أهمية استراتيجية بتتويج المباحثات الثنائية بين البلدين في اطار الاستثمار لا سيما بعد افتتاح الطريق البري الرابط بين مسقط والرياض الذي يعتبر شريانا حيويا بالغ الاهمية بين البلدين جعلهما في دائرة اقتصادية هامة ينتظر أن تحدث تحولا اقتصاديا كبيرا بين البلدين مما يوجد منفذا تجاريا للرياض على بحر العرب وخليج عمان، ويعول على هذا الرابط البري كثيرا في رفد أقتصادي البلدين بعون الله .

النظرة المتطابقة لملفات سياسية واقتصادية بين الرياض ومسقط واستشعار أهمية الارتباط الوثيق بينهما واستدراك كل منهما أن أمن المنطقة وإزدهارها لا بد أن يتحقق عبر هذه الجسور المتينة التي تربط البلدين الشقيقين وتتسع مظلتها لتشمل عموم المنطقة، وبلا شك أن منطقة الخليج اليوم بحاجة ماسة الى تنسيق الرؤى الاستراتيجية الجماعية بعد عقد من الزمن استنزفت فيها القدرات الوطنية في مسارات سياسية وأمنية لا طائل منها وبالتالي فإن توحيد هذه الرؤى الاستراتيجية الخليجية في مختلف الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية وايجاد مقاربات تبعد عن المنطقة شبح التدخلات الخارجية التي تحدث غالبا في حالة التباعد وغياب التنسيق المشترك والانكفاء على السياسات الفردية وعدم التشاور بين الاشقاء وهي حالات سلبية عانت منها دول المنطقة خلال العقد الماضي، نأمل أن تنفرج بعودة خليجية لدعم الامن والسلم الخليجي ورفد الاقتصاد الوطني، والعودة بروح متجددة نحو الاشقاء العرب لقيادة العمل العربي المشترك بعيدا عن الاجندات الخارجية التي تسعى لتحقيق أجندتها الخاصة، ولذلك فإن التقارب والتشاور والتنسيق المشترك بين الاشقاء يضمن تحقيق هذه المعادلة الأمنية والاقتصادية والاستقرار والازدهار في عموم المنطقة .

وعودة الى اللقاء الكبير الذي تفاعلت معه الاوساط الاعلامية والشعبية في البلدين وعموم المنطقة ليشكل حجر الاساس لبناء مظلة الخير التي ترنو إليها القيادتين والشعبين الشقيقين، ولا شك أن القيم السياسية العمانية التي لم تتلون أو تتغير تجاه الاشقاء إضافة الى ما تمثله المملكة العربية السعودية من ثقل كبير في المنطقة ورغبة البلدين في تتويج تلك المعطيات الاستراتيجية بنتائج على أرض الواقع ترسم اليوم مستقبل واعد في العلاقات بين البلدين، مؤكدين على تطابق الرؤى في ملفات عديدة ومقاربات متجددة يأمل منها الشارع الخليجي والعربي أن تأتي أكلها لخير وصالح المنطقة، والتفاؤل يسود الاوساط التي رحبت  بلقاء العاهلين الكبيرين السلطان هيثم والملك سلمان – حفظهما الله والتأكيد على لجنة التنسيق المشترك بين البلدين في شتى الجوانب السياسية والامنية والاقتصادية، ونسأل الله أن يكلل هذه الزيارة بالخير والنفع لشعبي البلدين والمنطقة وعموم الجغرافيا العربية .

خميس بن عبيد القطيطي / كاتب عُماني

[email protected]