الكل يعيب القبيلة والقبلية ويتخذونها مشجبا يعلقون عليه أخطاءهم وإخفاقاتهم، ومع أنه لا يوجد في هذا البلد من يطالب أو طالب بإحلال القبيلة محل الدولة لاستحالة ذلك في كل أبعاده وإمكاناته، إلا أن الجميع يهاجم القبيلة، متناسين أن القبيلة كنظام اجتماعي تظل أفضل من الشرائحية والعرقية والجهوية، وهي نظام بطبعه عابر للجهات والمناطق والشرائح والأعراق والتوجهات السياسية، فلا توجد قبيلة من جهة واحدة ولا من عرق أو نسب واحد، كما لا توجد قبيلة من توجه سياسي واحد مطلقا، وكل رؤساء البلد الذي حكموا لاقوا معارضات حادة أحيانًا من داخل قبائلهم.
وتبقى نقطة ضعف النظام القبلي الكبرى هي التراتبية الطبقية التي يقوم عليها والتي هي نقيض المساواة كمبدأ من مبادئ حقوق الإنسان المعاصر، وركيزة من ركائز الدولة الوطنية والنظام الديموقراطي، رغم ما عرفته بعض القبائل من مرونة أحيانًا في هذا الجانب إلا أنه لم يتجاوز مستوى الاستثناء الذي يؤكد القاعدة أو يكرسها في حالات عديدة.
أما التوظيف السياسي للقبيلة فهو أمر نتحدث عنه كثيرا وبمزايدة بالغة أحيانا لكنه يظل مجرد دعاية في سوق الاستهلاك السياسي، لا توجد له ضوابط ولا محددات ولا شواهد في الغالب.
إلا أن المؤكد أن كل المنظومة القبلية بسلبياتها وإيجابياتها ستذوب وتختفي بشكل تلقائي ومتناسب مع قوة الدولة وقدرتها على انتزاع ولاء مواطنيها عبر تحقيق الأمن والرفاه لهم، بينما تظل دعاوى الجهة والعرق والشريحة مشاريع سياسية، لا تشكل نقيضا للدولة بل خطرا حقيقيا عليها.