في الآونة الأخيرة وعلى هامش زيارة وفد من المجاهدين الفلسطينيين الذين قدموا إلى بلادنا مشكورين لنتمكن نحن من تهنئتهم بالنصر في معركة سيف القدس المجيدة، لما لم يكن بإمكاننا-بسبب الأحتلال-أن نهنئهم في ميدان المعركة والسيوف مازالت تقطر دماً وبعضها يشع نوراً داخل غبار المعركة كضوء تساقط نجوم آخر ليل ، كما وصف ذلك المشهد الرهيب المرحوم الشاعر الكبير بشار إبن برد في بيته المشهور :
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا * وأسْيافَنا ليل تهاوى كواكبه.
إلا أنه للأسف قد كَدّر صفو تلك الزيارة الميمونة تلاسن بالشعر الحساني الردئ كان الهدف من ورائه كما يبدو دق إسفين بين القوميين الناصريين والإخوان المسلمين، علماً أن معركة سيف القدس قد خاضها الجميع معاً وشجعها الجميع كذلك في موريتانيا شعباً وحكومة إخواناً وناصريين وعبرنا عن ذلك بصفة مشتركة لإخوتنا الفلسطينيين من مختلف الجبهات التي شاركت في تلك المعركة الحاسمة .
وهنا أتوقف قليلاً لِنُذكّرَ إخواننا من الإخوان الموريتانيين أن ما قد حصل من صراعٍ بين المرحوم جمال عبد الناصر والمرحوم السيد قطب ، وكذا المخابرات المصرية من جهة وجناح الإخوان المتطرف من جهة ثانية لا ناقة لنا نحن في موريتانيا فيه ولا جمل ولانتحمل ثأراً سبق نشأتنا بعقود من الزمن ، ولا تنسوا قوله تعالى (كل إمرئ بما كسب رهين).
(وتلك أمة قد خلت )! أما وأن يَحْمِل الإخوان قميص عثمان رضي الله عنه ويشعلوا به حرب (واقعة الجمل) في كل قطر عربي يتواجد به ناصريون ! وكأنهم هم الذين يحولون بينهم مع حكم مصر ، ذلك الهدف الذي جعل الإخوان يتحالفون مع أعداء المسلمين والعرب والفلسطينيين من أجله ،وحتى مع الصهاينة والغرب أحياناً وأراكم قد حكمتم مصر منذ فترة وجيزة مستغلين ثورة الجياع ضد رئيس مستبد ، إلا أنكم لم تستطيعوا إدارة البلاد للأسف- وذلك لسبب بسيط- وهو أن رئيسكم المنتخب مرسي رحمة الله عليه ظل لصيقاً بمرشد الإخوان ويتلقى منه الأوامر وهو غير المنتخب من طرف الشعب المصري ، ذلك المرشد الذي يرى أن للإخوان حق الوصاية على شعب الأمة في غياب نظرة وطنية لديه تراعي حقوق ومصالح جميع المواطنين الذين ليسوا بالضرورة يعتنقون ديناً واحداً ولا مذهبا واحداً في كل دين من الأديان المعتنقة في مصر!!
أيها الإخوة الإخوان من أجل أن لا تفوتكم الفرصة مرة أخرى عليكم أن تتركوا التبعية للغرب لأن مهمته منكم قد إنتهت بتفتيت اللحمة العربية بين الدول العربية وكذا داخل الدولة الواحدة كما حصل في العراق وسوريا وليبيا والسودان واليمن، فعودوا إلى أحضان شعبكم وعيشوا معه نفس الظروف وإن سنحت لكم ظروف الحكم مرة ثانية أتركوا عنكم العودة للإقامة في فنادق ذات خمس نجوم في كل من الخليج وتركيا وعودوا إلى وطنكم بماله وما عليه !
أما نصيحتي للإخوة الناصرين أيضاً في موريتانيا أَلاّ تظلوا عالة على إنجازات عبد الناصر وما قد حقق لوطنه وللحركات التحررية في العالم ، وكذا تأسيسه مع غيره من الزعماء لقطب عدم الأنحياز، ونضاله الدؤب من أجل الوحدة العربية ومكافحة الأستعمار والرجعية العربية والأستماته في تحرير فلسطين التي خاض حربان من أجلها جرح هو نفسه في إحداها في معركة الفلوجة ، في حين أن بعض الرؤساء الذين أتوا بعده قد أظهروا كثيراً من الود لإسرائيل بمافيهم المرحوم مرسي .
(وحَاوِلُوا) أيها الناصريون إنجاز شيئ ما لكم بأنفسكم سواء كان ذلك مادياً أو معنوياً في بلادكم لليَذْكركم به التاريخ أكثر من مجرد مظاهرة هنا أو هناك أوكتابات على الجدران أوكذا التحالف مع بعض الأنظمة العسكرية أو شبه عسكرية مقابل مناصب عادية لبعضكم وكذا الأفتخار بدوركم في إنجاز (المادة 6 من الدستور) التي مازالت حبراً على ورق ، علماً أنكم قد (وقعتم على بيض من وضعها) رغم أن الكثيرين ينسبون إنجازها لبعض العرب الممولين للمشاريع الوطنية .
ودعوا عنكم أيضاً حمل قميصي الشهيدين الذين ترفعونهماَ كل ما أردتم إستدرار عطف الجماهير الناصرية لحاجة في نفس يعقوب فلا تستغلوا ذكرى الشهيدين رحمة الله عليهما واللذين أغتيلا على يد الشرطة دون مبرر إلا لكو نهما رفضا البوح بما يعرفان من أسرار عن الحركة الناصرية!!
وأول شيئ يجب أن تقوموا به لتلافي نسيان تاريخكم على مستوى المسرح السياسي هو إحداث كيان خاص بكم وأن تنظر قيادته إلى الأمام ، كفاكم من (حَوَل) الألتفات إلى السلطة ، إنكم لم ولن تكسبوا من وراء ذلك مايحقق الأهداف الكبرى التي جمعتكم من أجل الحرية والأشتراكية والوحدة، وأستثمروا طاقاتكم الخلاقة في قيادة الجماهير والألتحام بها وذلك هو ردكم الفعال على مناورة الإخوان المكشوفة الذين قد نجحوا في البرلمان بواسطة جماهيركم التي تركتموهافي الميدان(تجوس الخضرى) خصوصاً في مقاطعتي عرفات وگرو وتفرقتم أيادي سبإٍ لتكونوا مساعدين لقادة الحزب الحاكم وبعض أحزاب المعارضة قبل أن تتلاشى وتذوب في الموالاة الجديدة!!
وأخيراً أقول -صادقا-للإخوان وللناصريين معاً أن مايفرق بينهم هو المخابرات الغربية والأستعمار وليس مجرد خلاف حول أسبقية الوحدة العربية على الوحدة الإسلامية ، لأن الوحدة العربية هي التي سوف تمهد لتلك لإسلامية وحينها ستجعلنا القوة الؤلى أو الثانية في العالم لما نتوفر عليه من إمكانيات بشرية وأقتصادية وأستراتجية ، ولا تبقوا أيها الإخوة (تتهاوشون) على الصيدة التي قد راحت كما قال رئيس الوزراء القطري السابق حمد آل ثاني وهو في حالة ندم وبوحٍ بسبب ما آلت إليه الأمور في تلك الدول التي حُطمت للأسف من طرف مرتزقة الغرب الممولة بأموال الخليج .
ذ/ إسلمو ولد ماناّ