في مقال الدكتور عن " الجزائر: نحن والجزيرة" إشارات، تؤكد صدمته من موقف قناة الجزيرة القطرية من نظام بلاده، وليس من رؤسائه، كما أراد هو أن يعطي للمواقف بعدا ذاتيا، وهذا الذي يتسق مع منهجه الذي عَوًد عليه قراءة من العرب، فطالما تحامل على القوميين من خلال معارضته لقادتهم الوحدويين، وتجاربهم السياسية التي بعثت الأمل في أجيال أمتنا منذ منتصف القرن الماضي، وقد عاصر الدكتور معظم أحداثها الرائعة، وكذلك الأحداث المريرة خلال الستينات والسبعينات في القرن الماضي، وكتب عنها، كمستشار للراحل هواري بومدين ــ رحمه الله ــ، وكان في تلك الفترة من كتاباته يناهض الوعي القومي بالوعي الوطني الذي ظل وفيا له، ولعله من الأوائل في الشقيقة الذي جعل بينهما تناقضا مريبا، لكن كشفت هذه "الزوبعة" الغضبية عن اتجاهه الإخواني الذي غطى مساحة عريضة من كتاباته السابقة، وذلك كلما ابتعد عن العمل السياسي، وقادته الذين كان يمتدحهم، وهو في مقاله يصف آخرهم ضمن " العصابة" تقمصا لموقف الرئيس الجزائري الحالي منهم،،
ولعل الدكتور عميمور من رموز زملائنا الاسلاميين الذين بدأوا رفع علامات التوبيخ ضد احبابهم، لما تفاجأوا بأنهم وحدهم من بقوا في المنطقة الرمادية حين التف من حولهم المتخاصمون في انظمة الحكم التابعة للهيمنة الامريكية، واحلافها في" الناتو"، لذلك لا ينفع في الأمر إن سحبوا تأييدهم المطلق للقناة، وحكومة قطر، فالمتغيرات السياسية انعكست على تقارير امبراطوريتهم الإعلامية (المهادنة) للنظام في مصر بعد المصالحة التي جرت بين الحكومتين، وهي المصالحة التي استدرجت النظام في تركيا، للمصالحة مع مصر، ولكن سبق ذلك بفترة، مصالحة أثر حميمية، وإن كانت أسوأ منها، وقد قام بها القائد / اردوغان/ رائد الأمة العثمانية، والخلافة الاسلامية، وكانت مع الكيان الصهيوني،، ولم تؤثر تداعياتها على علاقته، وقيادته للاخوان المسلمين العرب دون سواهم،، فما الجديد في الأمر؟ وما مبرر الصحوة الغضبية على قناة الجزيرة " بعد خراب مالطا"؟!.
ولا يعتقد أحد من المتتبعين لكتابات الدكتور عميمور أن الغيظ الذي صعد أواره من بركان غضبه في مقاله على القناة الجزيرة، راجع الى "جزئية"، الوقت القصير الذي اعطته للرئيس الجزائري، وفي تعليله ( المبرر! )، أنه أقل مما يستحق رئيسه،،
فهل للمواطن العربي أن يعلق أهمية على كاتب، ووزير سابق لنظام الثورة الجزائرية، ومفكر حشر وعيه في الدعاية السياسية، والدفاع عن مناهضة حركة سياسية للثورات العربية ما لم تكن هي القائدة لأي تغيير،، ومالم يكن هذا الكاتب، الوزير، المفكر، قد علق على جرائم تلك القناة، والقائمين عليها ومشاركتهم آثمة، بل الاجرامية في تدمير أقطارنا العربية، ومؤازرة قوى العدوان الاطلسي، والامريكي عليه، سواء أكان ذلك في الجزائر في العشرية السوداء، أم في العراق، ليبيا، سورية، اليمن، ومصر، وهي الأقطار العربية التي قادت التحديث، والحداثة، وتم تدميرها تحت الدعاية للثورة المضادة التي تحالف معها رهط الدكتور، ولم يرفع عقيرة قلمه ضد قناته التي كان يدافع عنها، وطالب المسؤولين الجزائريين بفتح مكتب لها أثناء دعايتها التدميرية،،؟!
د/ إشيب ولد أباتي