قمة بوتين وبايدن ومحاولات واشنطن لتفكيك التحالف الصيني الروسي... هل تنجح الولايات المتحدة في وقف تبدل توازنات النظام العالمي ؟

اثنين, 2021-06-07 23:05

من المقرر مبدئيا أن تعقد يوم الأربعاء 16 يونيو 2021 في مدينة جنيف بسويسرا القمة الأمريكية الروسية، وهي أول قمة بين البلدين منذ اجتماع بوتين مع الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترمب، في هيلسنكي شهر يوليو 2018. وتأتي القمة في ظل أكبر أزمة في العلاقات الأمريكية الروسية منذ سنوات، مع تصاعد التوتر بشأن قضايا عدة، منها الفعلية ومنها المخفية والمموهة وراء شعارات تستهوي الطبقات السياسية خاصة لأنها تلقى قبولا جماهيريا وتضفي على المرددين لها طابقا أخلاقيا.

في الغرب والولايات المتحدة على الخصوص يبرز توجهان، أحدهما يعتبر اللقاء بين الرئيس الأمريكي بايدن ونظيره الروسي بوتين وسيلة للحد من أخطار نشوب مزيد من الأزمات الدولية ووقوع حروب إقليمية جديدة أو حتى مواجهة نووية عالمية، والبحث عن قاعدة تفاهم لتقاسم النفوذ عالميا والحد من الجهود الهادفة إلى تقليص نفوذ الولايات المتحدة على الصعيد الدولي. داخل هذا التوجه تيار يدافع بقوة شديدة عن فكرة نوع جديد من التسويات مع الكرملين لضمه إلى تحالف مناهض للصين لأنه بدون ذلك لن يستطيع الغرب حسب هؤلاء وقف تنفيذ بكين خططها للهيمنة على الساحة الدولية إقتصاديا وسياسيا وعسكريا.

على الجانب الآخر يوجد معسكر يعارض أي تفاهم مع موسكو مؤكدا استحالة إبعادها عن حليفتها الصين، ويرى أن على البيت الأبيض أن يتابع سياسته الهجومية على خصومه الرئيسيين وتوابعهما لأن ذلك هو السبيل الوحيد للحفاظ على مكانة واشنطن الدولية وتحالف القوى الديمقراطية وفي مقدمتها دول الاتحاد الأوروبي واليابان واستراليا. ويؤمن أنصار هذا الخيار بأن الولايات المتحدة تملك المقومات التي تضمن لها تحقيق أهدافها، وعليها أن تفرض على روسيا الإدراك بأن العودة إلى وضعية ثنائية الأقطاب على الساحة الدولية مستحيلة في المستقبل المنظور.

 

استعادة التحالف

 

قبل قمة جنيف يتوجه الرئيس الأمريكي بايدن يوم الأربعاء التاسع من يونيو 2021 إلى أوروبا حيث سيحضر قمة لمجموعة الدول السبع وأخرى لحلف شمال الأطلسي.

وفي مقال نشر في صحيفة "واشنطن بوست" السبت، تعهد بايدن بدعم "تحالفات واشنطن الديموقراطية" في وجه الأزمات والتهديدات المتزايدة من موسكو وبكين. وكتب "نقف صفا واحدا في مواجهة التحديات الروسية للأمن الأوروبي، انطلاقا من اعتداءاتها في أوكرانيا، ولن يكون هناك أي شك بشأن تصميم الولايات المتحدة على الدفاع عن قيمنا الديموقراطية، وهو أمر لا يمكننا فصله عن مصالحنا".

وتابع بايدن "يدرك الرئيس بوتين أنني لن أتردد في الرد على أي أنشطة مستقبلية مؤذية". وأضاف "عندما نلتقي، سأؤكد مجدداً التزام الولايات المتحدة وأوروبا والديموقراطيات التي تتشارك الأفكار ذاتها الدفاع عن حقوق الإنسان والكرامة".

كما شدد بايدن في مقاله على أن واشنطن "لا تسعى إلى نزاع"، مشيرا إلى أن تمديده لمعاهدة "نيو ستارت" للحد من انتشار الأسلحة يعد بمثابة دليل على رغبته في خفض التوتر. وكتب: "نرغب بعلاقة مستقرة ويمكن التنبؤ بها بحيث يمكننا العمل مع روسيا على مسائل مثل الاستقرار الاستراتيجي وضبط الأسلحة".

من جانبه أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أمله بنتائج إيجابية للقائه المزمع مع نظيره الأمريكي، مستبعدا أي انفراج في العلاقات الروسية الأمريكية.

وقال بوتين يوم الجمعة 4 يونيو في حديث "للقناة الأولى" الروسية، إن "الرئيس بايدن شخص ذو خبرة كبيرة، وعمل في السياسة طوال حياته، وخبير ومتوازن ودقيق... آمل بشدة أن يخرج اجتماعنا بنتائج إيجابية".

وأضاف: "لا أتوقع أي انفراج في العلاقات الروسية الأمريكية، ولا شيء يمكن أن يذهلنا بنتائج اللقاء، لكن حقيقة أننا سنلتقي، ونتحدث عن إمكانية إنعاش العلاقات الثنائية، ونتحدث عن القضايا المشتركة التي تهمنا، ومثل هذه القضايا بالمناسبة كثير، وهذا في حد ذاته ليس سيئا".

وتابع: "أتطلع إلى نتيجة إيجابية.. آمل أن تتهيأ الظروف لاتخاذ مزيد من الخطوات لتطبيع العلاقات الروسية الأمريكية وحل القضايا التي تواجه بلدينا. ليس مجتمعنا فقط، بل المجتمع الدولي بأسره، وأعني قضايا الاستقرار الاستراتيجي والأجندة البيئية والصراعات الإقليمية التي نهتم جميعا بإنجازها".

وختم: "آمل بشدة أن تكون إرادته هذه أيضا عاملا إيجابيا يؤثر في نتائج لقائنا".

بعد حوالي 24 ساعة ويوم السبت 5 يونيو أشار بوتين خلال لقاء مدراء وكالات الأنباء الدولية أثناء منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي إلى أن الولايات المتحدة تسير على خطى الاتحاد السوفيتي.

وذكر بوتين: "نسمع تهديدات مستمرة من الكونغرس. كل هذا يتم في سياق العمليات السياسية الداخلية للولايات المتحدة وأولئك الذين يفعلون ذلك، على ما يبدو، ينطلقون من حقيقة أن القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية للولايات المتحدة ليست مخيفة كما تظهرها".

وأضاف بوتين: "هل تعرفون أين تكمن المشكلة، سأخبركم كمواطن سابق في الاتحاد السوفيتي السابق، مشكلة قادة الإمبراطوريات أنهم يعتقدون بأنهم أقوياء لدرجة أنهم يستطيعون اقتراف أخطاء صغيرة مثل: هؤلاء سنشتريهم، وآخرين سنخيفهم، وجزء آخر سنتوصل معهم إلى اتفاق، والبعض سنهددهم بالسفن الحربية. برأيهم أن هذا سيحل المشاكل".

واختتم الرئيس الروسي بقوله: "لكن عدد المشاكل يتزايد، سيأتي وقت لم يعد من الممكن التعامل معها. الولايات المتحدة، تتخذ مسارا مماثلا لمسار الاتحاد السوفييتي".

 

حرب باردة جديدة

 

في وقت متقارب مع تصريحات الرئيس الروسي، حذر ألكسندر فومين نائب وزير الدفاع الروسي في مقابلة أجراه معه موقع روسيا اليوم من إمكانية نشوب حرب باردة جديدة، مشيرا إلى أن العالم يشهد الآن تحديات جديدة وخطيرة تهدد الأمن الجماعي.

وقال: "اليوم نلحظ تشكل نظام عالمي جديد، كما نرى تورط دول في حروب باردة جديدة". وأضاف: "هناك تقسيم جديد للدول إلى أصدقاء وغرباء، حيث يتم تصنيف هؤلاء الغرباء في الوثائق العقائدية كأعداء".

وتابع: "يجري أيضا تدمير ممنهج لنظام العلاقات الدولية والهيكل الأمني ويتم تقليص دور المنظمات الدولية كوسيلة لاتخاذ القرارات في مجال الأمن".

وذكر: "تظهر أنواع جديدة من الأسلحة بشكل أساسي، مما يؤدي إلى تغيير جذري في ميزان القوى في العالم الحديث، وتتغلغل المواجهة المسلحة في مناطق جديدة في الفضاء والفضاء الإلكتروني، ونتيجة لذلك، بالطبع، هناك تغيير في مبادئ وأساليب الحرب".

يذكر أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، كان قد أكد أن بلاده لا تتوقع صدور قرارات تاريخية خلال القمة المرتقبة، وأضاف "لا نحمل أوهاما ولا نحاول تشكيل انطباع أنه سيتم تحقيق انفراجات أو صدور قرارات تاريخية تحدد المصير"، "لكن إجراء محادثات بين ابرز قوتين نوويتين، على مستوى الرئيسين مهم بذاته وهو أمر يجب دعمه بكل الأشكال".

وأوضح وزير الخارجية الروسي أنه من المتوقع أن يتبادل بوتين وبايدن "آراءهما حول التهديدات التي يراها كل من الطرفين في محيطه وفي الساحة العالمية بشكل عام".

 

ثلاثة سيناريوهات محتملة

 

نشرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، يوم الخميس 26 يناير 2017 أي قبل أكثر من أربع سنوات تقريرا تحدثت فيه عن رؤيتها المستقبلية للعالم خلال العشرين سنة القادمة، هذا التقرير كان له تأثير كبير على توجهات ساسة البيت الأبيض، والتقرير يقدم الرؤية الأمريكية للعالم. غير أنه من الواجب الإشارة هنا إلى أن التقرير في جانبه العلني لم يتطرق إلى فرضية وقوع جائحة كوفيد 19 أو أي وباء آخر وأبعاده الدولية.

في الواقع، لم تقدم توقعات "السي آي إيه" مؤشرات إيجابية للدول الغربية. تنشر وكالة المخابرات الأمريكية تقريرا كل أربع سنوات يتضمن ما تراه غير مصنف كسري، يعكس نظرتها المستقبلية للعالم. وقد نشرت الوكالة تقريرها المضمن في 300 صفحة تحت عنوان "رؤية السي آي إيه ومجلس المخابرات القومي لمستقبل العالم في سنة 2035: مفارقة التقدم".

في الصفحات الأولى من تقريرها، دخلت السي آي إيه في صلب الموضوع مباشرة، حيث أكدت أننا "سنشهد، خلال السنواتالخمس القادمة، ارتفاعا في مستوى التوتر بين عدة دول داخليا وخارجيا"، وسط تراجع نسبي لنسق النمو العالمي. أما بالنسبة للوضع الأمني العالمي، فإن المخاطر الإرهابية قد تشهد تطورا من حيث الانتشار والأساليب المعتمدة. أما بالنسبة للحكومات، فإنها قد تكون عاجزة تماما عن مواجهة الخطر الإرهابي. وأشارت الوكالة في تقريرها إلى أن "الحكومات ستواجه قضية مركزية، تتمثل في كيفية تعزيز جهودها الفردية والجماعية للتحالف فيما بينها من أجل العمل على فرض الأمن، وإحياء الأمل في نفوس الشعوب من جديد".

عددت السي آي إيه في تقريرها ثلاثة سيناريوهات محتملة لتقسيم العالم بين سنتي 2020 و2035، إما في شكل جزر منفردة أو مناطق متفرقة خاضعة لسيطرة أفراد أو مجتمعات منعزلة.

السيناريو الأول: "جزر منعزلة عن العالم"

يتمثل السيناريو الأول في صياغة رؤية جديدة لعالم يشهد نموا طفيفا ونظام عولمة منهارا وخسائر على جميع الأصعدة، خاصة في ظل عجز الحكومات عن التحرك لوضع حد لهذه الأزمات.

يمكن أن تتواصل الأزمة المالية، التي بدأت منذ سنة 2008، لعشرين سنة قادمة، مما قد يؤدي إلى انهيار وإضعاف اقتصاد عدة دول. وفي هذا الصدد، ذكرت الوكالة الأمريكية في تقريرها: "كل دولة ستعمل على التقوقع على نفسها أمام تلاحق الأزمات، من خلال بناء جدار عازل يفصل بينها وبين جيرانها بهدف الحد من أزماتها الداخلية، مما سيجعل العالم فيما بعد أشبه بالجزر المنعزلة داخل محيط هائج".

يبدو أن كل من دول القارة الأوروبية ودول أمريكا الشمالية لن تكون قادرة على مجاراة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية للعالم الجديد أو التكيف معها. أما بالنسبة للقارة الصفراء، فالوضع لا يختلف كثيرا، إذ أن الازدهار الاقتصادي سينعكس سلبا على الدول الآسيوية "لأنها لن تقدر على توفير متطلبات شعوبها بصفة كافية، عندما ينهار السوق العالمي، فالصين والهند ستقعان في "فخ الدخل القومي المتوسط"، وستعرف هذه الدول ركودا اقتصاديا، سيؤثر سلبا على نسبة النمو الاقتصادي، الأمر الذي سيتسبب بدوره في تراجع الأجور". ولن يسلم أصحاب الطبقة المتوسطة من تداعيات هذه الأزمة، بل سيتأثرون سلبا كغيرهم من الفئات، وسيصبح أغلبهم من الطبقة الفقيرة. 

وفي سياق آخر، سوف تكون نتائج ما يسمى "بالعولمة" وخيمة للغاية، حيث ستتسبب في تعميق الفوارق الاجتماعية وبروز نخب شعبوية، ستدفع الحكومات لاتخاذ تدابير وقائية عوضا عن التعامل مع الوضع بناء "لغة الحوار". وفي نفس السياق، لا زالت إمكانية بروز "نخب اقتصادية مصطنعة" أمرا واردا، ما قد يعمق الأزمة الاقتصادية ويساهم في انتشار البطالة بصفة غير مسبوقة.

وأكدت السي آي إيه في تقريرها أيضا، أن كل هذه الأزمات سوف تكون مسبوقة "بمرحلة نمو وازدهار". وسوف يكون هناك أمل في إنقاذ ما يمكن إنقاذه في مختلف المناطق. وبعد انهيار سوق الشغل، ستمثل الاختراعات التكنولوجية ورقة رابحة لإعادة إنعاش الاقتصاد العالمي. وسنشهد ولادة عالم جديد، يتحد فيه الإنسان مع الآلة. وفي المقابل، لن تنجح كل الدول في تخطي هذه المرحلة، وحدها الدول التي راهنت على التطور التكنولوجيوحافظت على بقاء "أدمغتها" داخل أراضيها، ستنجح في ذلك.

 

تسابق عسكري

 

أما السيناريو الثاني فيحمل عنوان "مناطق متفرقة خاضعة لسيطرة أفراد"، ويلخصه أحد مستشاري الأمن القومي، الذي توقع تواصل هيمنة مرشحين يعملون على الحفاظ على صورة النظام المتقدم للولايات المتحدة إلى حدود سنة 2032. أما سنة 2020، فسوف تسجل ارتفاعا غير مسبوق في مستوى التوتر بين القوى الإقليمية، وخاصة الصين وروسيا. لكن إيران أيضا ليست بمنأى عن هذه التوترات، فهذه الدول جميعها ستعمل على استغلال تراجع تأثير الولايات المتحدة على عالميا، لتتصارع فيما بينها لملء الفراغ "كقوة عالمية جديدة". ولكي تحقق هذا الهدف، يجب عليها أن تفرض "سيطرة مطلقة في مجالات الاقتصاد والسياسة والتسليح على المستوى الإقليمي بدرجة أولى". وستكون هذه التوترات بمثابة إعلان بداية حرب كبرى، تبدأ بأعمال انتقامية في المجالين الاقتصادي والدبلوماسي بين هذه الدول، ثم تتحول إلى حرب إلكترونية عنيفة. 

ويعتقد المستشار أن "الخسارة الكبرى وسط كل هذه المعمعة هي تشويه "الحقيقة"، فوسائل الإعلام ستتجند لنشر دعاية دول تسعى لأن تكون قوة عالمية، لذلك ستتحول الأخبار إلى مجرد كذبة".

وفي نفس السياق، لن تقبل الولايات المتحدة بأن تأخذ مكانها دولة أخرى عالميا، رغم أن ذلك قد يكلفها مواجهة مباشرة مع الصين أو روسيا. وسوف نشهد حربا أخرى باردة بين هذه الدول خلال سنة 2020. وفي سيناريو آخر، ربما تشهد سنة 2028، حربا عنيفة بين الهند والباكستان، مما قد يدفع أحد البلدين لاستعمال ترسانته النووية.

 

طوائف تقود العالم

 

يتمثل السيناريو الثالث في "هيمنة طائفة على طوائف أخرى". فالعالم يشهد حاليا تقدم جماعات محلية على حساب حكومات وطنية بسبب فقدان الشعوب لثقتها في شخصية الحاكم الوطني. فالفكر القومي الطائفي أو الشعبوي تغلغل بصفة كبيرة داخل المجتمعات، وسمح بظهور كيانات داخل الدول نفسها. أما بالنسبة لكل من الصين وروسيا، فمن المستبعد قيام ثورات داخلها، كما يصعب أيضا أن تشهد نفس التغيير الذي حققته بعض الدول العربية. وبغض النظر، عن نجاح أو فشل الثورات، فإنها ستخضع دون شك لإملاءات الأنظمة الديمقراطية الغربية، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية.

 

بعد أربع سنوات

 

يوم الأحد 6 يونيو تناول مراسل صحيفة “أوبزيرفر” في واشنطن ديفيد سميث مسار السياسة الخارجية الأمريكية في مرحلة ما بعد دونالد ترمب وتحدث عن أول زيارة خارجية للرئيس جوزيف بايدن إلى أوروبا وقمته المرتقبة مع الرئيس الروسي وتعليقات مسؤولين بشأنها. 

سميث قال إن بايدن مصمم على إقناع الحلفاء والأعداء في هذه الرحلة أن “أمريكا عادت”، بعدما حدد رؤيته للقرن الـ21 على أنها كفاح بين الديمقراطية والاستبداد.

وأضاف أن بايدن له خبرة طويلة في السياسة الخارجية وأكثر من أي رئيس أمريكي سبقه لكنه يدخل الساحة في وقت تتصاعد فيه قوة الصين، وخلف ترمب الذي ولد لدى الحلفاء والأعداء سؤالا حول جدية الثقة بالولايات المتحدة.

السفير البريطاني السابق في واشنطن سير بيتر ويستماكوت ذكر: “ما كان بايدن وفريقه يسمع من الدول التي كانوا يحاولون إقناعها هو: كيف يمكننا الثقة بما تقوله أمريكا”. و”انظروا إلى ما حدث للاتفاقية التي وقعت مع إيران، مزقها الرئيس التالي”. و”ماذا سيحدث لو كان هناك بعد 4 أعوام في البيت الأبيض، ترمب آخر أو نسخة أخرى منه في البيت الأبيض؟ فما الداعي للوصول إلى اتفاق معكم في هذه المرحلة ولا يستحق الورق الذي طبع عليه؟ وأعتقد أنهم يعون الضرر الذي حدث لسمعة واشنطن كحليف يوثق به”.

ويرى سميث أن بايدن بعد عمل لا يتوقف على الساحة المحلية ومنذ توليه السلطة قبل 4 أشهر ونصف، سيحاول التعويض عما خسره على الساحة الدولية.

وفي الوقت الذي قرر فيه ترمب زيارة السعودية كأول محطة له في رحلاته الخارجية فإن خليفته قرر زيارة بريطانيا وبلجيكا وسويسرا مرسلا رسائله الخاصة. وسيقابل بايدن جونسون في 10 يونيو مؤكدا على “العلاقة الخاصة القوية والدائمة” بين الولايات المتحدة وبريطانيا. وستكون المقابلة الشخصية الأولى لهما ولكنها لن تخلو من الإرباك، ففي عام 2019 وصف بايدن جونسون بأنه “نسخة أخرى من ترمب”. ولاحظ ويسماكوت"يقولون عنها دبلوماسية” إن بايدن لم ير في البريكسيت فكرة جيدة. كما لم يرض عن بعض التعليقات التي أطلقها جونسون عن زملائه الديمقراطيين ولم يتقبل الرسالة الواضحة من أنهم سيكونون سعداء جدا في بريطانيا مع ترمب في البيت الأبيض لمدة 4 أعوام أخرى.

وستشمل أجندة الرحلة التعامل مع فيروس كورونا ومبادرة ضريبة الشركات الدولية والتغيرات المناخية التي ستكون موضوع مؤتمر في غلاسكو في نوفمبر 2021. ونظرا لفخره بجذوره الأيرلندية فقد أكد بايدن على أهمية أن تكون اتفاقية التجارة الأمريكية البريطانية مرتبطة باحترام اتفاقية الجمعة السعيدة في شمال أيرلندا.

وفي قمة الدول السبع التي ستعقد في الفترة ما بين 11- 13 يونيو في مدينة كورنويل ستناقش أزمة المناخ والوباء والتضامن مع القيم المشتركة بين الديمقراطيات. ويرى ليون بانيتا، مدير "سي آي إيه" السابق، أن القمة قد تكون فرصة لتعزيز دور القيادة الأمريكية. وقال “لا شك أن الثقة بالولايات المتحدة تأثرت من الطريقة التي تعامل فيها ترمب مع تحالفاتنا”. ويجب على بايدن إصلاح الضرر، واعترف بانيتا أن بايدن “يستطيع ولكنه يتعامل مع حلفاء يتساءلون إن كانت هذه مرحلة عابرة في السياسة الخارجية الأمريكية أم أنها مرحلة دائمة”. ويقول إن قادة العالم قضوا أربعة أعوام يبحثون عن طرق لتطبيق “نظرية الرجل المجنون” المرتبطة أصلا بحقبة ريتشارد نيكسون، حيث حاول البعض إرضاء ذاته المتضخمة وتجنبه بعضهم، ولا شك أنهم جميعا تنفسوا الصعداء بعد رحيل ترمب.

وبعد مقابلته لملكة بريطانيا في قلعة ويندسور سيشارك بايدن في قمة حلف الناتو ويجتمع مع الرئيس التركي أردوغان وبعد أسابيع من اعترافه بإبادة الأرمن وهو أمر وصفه الرئيس بـ “الجرح العميق”. وفي نهاية رحلته سيلتقي مع بوتين وسط توتر في العلاقات واستهداف بايدن لروسيا التي حذرها بأن الزمن قد ولى لغض الولايات المتحدة نظرها على عدوانها. ووصف في بايدن في مارس بوتين بالقاتل.

ولن يكون اللقاء عبارة عن لفتة تقارب بين الرئيسين كلقاء ترمب وبوتين في هلسنكي عام 2018. ويذكر مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون أن اللقاء كان وجها لوجه مع المترجمين، واتسم بحديث بوتين معظم الوقت، وتطرقه إلى سوريا وعدم تعليق ترمب، وكان هذا أمرا جيدا، فكلما صمت كلما قلت المخاطر. ويرى بولتون أن لقاء بايدن بوتين سابق لأوانه “فأنت تلتقي عندما تكون لديك إستراتيجية للتعامل مع روسيا ولا أعتقد أن لديه واحدة”. وأضاف أنه مندهش من قلة التماسك في إستراتيجية بايدن من روسيا رغم خبرته الطويلة في السياسة الخارجية كعضو في مجلس الشيوخ ونائب للرئيس. وعبر آخرون عن حيرتهم من لقاء الرئيسين، وقالت ألينا بولياكوفا، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمركز السياسات والتحليلات الأوروبي “أنا محتارة من سبب عقد هذه القمة في المقام الأول، وعادة وفي الظروف الدبلوماسية العادية، فالقمة هي آخر مرحلة من المفاوضات ومناسبة للإعلان أو البدء في اتفاق شامل”.

وفي ضوء العلاقات الحالية بين الولايات المتحدة وروسيا فمن الصعب رؤية أي نوع من التعاون بين البلدين. والسؤال: ما هو هدف القمة؟ ولماذا اقترحها الرئيس بايدن؟ ولكن الرئيس الأمريكي يتعرض لضغوط من أجل مواجهة الهجمات الإلكترونية الروسية وعصابات الفدية الإلكترونية وانتهاكات حقوق الإنسان والاستفزازات في أوكرانيا والتدخل في الديمقراطيات الغربية والتلاعب في سوق الطاقة، بالإضافة لاتفاقية تخفيض التسلح والملفين الإيراني والكوري الشمالي. وذكر مايكل ماكفول، السفير الأمريكي السابق في روسيا الذي حضر آخر اجتماع بين بايدن "عندما كان نائبا لأوباما" وبوتين إنه “من السهل الحديث عن مناقشة موضوعات صعبة لكن الأصعب هو حلها، وبخاصة مع بوتين، فهو رجل شائك ويجيد لعبة المماحكة. ولو طرح الرئيس موضوع المعارض أليكسي نافالني فعليه أن يجهز نفسه لرد من بوتين حول مصير الناشطين الذين هاجموا الكونغرس في 6 يناير. ويرى ماكفول الذي يعمل بجامعة ستانفورد بكاليفورنيا إن زيارة بايدن مهمة لأنه تحدث عبر منظور الديمقراطية ضد الاستبداد، وهو أمر لم يفعله ترمب ولا حتى أوباما. 

 

البحث عن صفقة

 

حتى قبل أن ينتخب بايدن رئيسا للولايات المتحدة كثر الحديث عن الرغبة لدى جزء من القوى الموجهة للسياسة الأمريكية، في التوصل إلى صفقة كبرى مع روسيا للتفرغ لمواجهة الصين.

ألكسندر دوغين المفكر والخبير الاستراتيجي الروسي غير مقتنع بإمكانية مثل هذه الصفقة ويقول: "يجب النظر إلى هذه الفرضية في سياق دولي أوسع، سمته الرئيسة الانتقال من الأحادية القطبية إلى تعدد الأقطاب. هذا وضع شديد التعقيد لا يمكن إغفاله عند الحديث عن إمكانية أو عدم إمكانية الصفقة بين الولايات المتحدة وروسيا أو عن علاقات روسيا مع الصين أو مع الشرق الأوسط. القطب الواحد ما زال موجودا ويسعى للحفاظ على الهيمنة الغربية من خلال إضعاف الأقطاب الصاعدة الأخرى. أبرز قطبين صاعدين إلى الآن هما روسيا والصين. إذا استقر التحالف بين روسيا والصين، سيسرع ذلك عملية الانتقال نحو التعددية القطبية، أما إذا نجح القطب الواحد في إبعاد أحدهما عن الآخر، فقد يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الهيمنة الغربية لبعض الوقت، لا إلى الأبد طبعا. هذه خلفية ما يجري حاليا. موسكو وبكين تدركان ذلك جيدا.

وما ألاحظه هو التطور المطّرد للتعاون الاستراتيجي بين البلدين. "بوتين وشي جين بينغ يعيان لعبة الغرب، وحقيقة أن تبلور عالم متعدد الأقطاب مسألة وجودية بالنسبة إلى روسيا والصين. أشك في احتمال نجاح محاولات الغرب لدق إسفين بيننا".

 

العودة للاحتواء

 

جاء في بحث وضعه بشكل مشترك الباحثون أندريا كيندال تايلور وديفيد شولمان أندريا كيندال تايلور وديفيد شولمان وتم التطرق إليه في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بتاريخ 3 فبراير 2021:

شهدت العلاقات الصينية الروسية تناميا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، في كافة المجالات الاقتصادية، والسياسية، والدفاعية، والتكنولوجية، وهو ما سيعرض المصالح الأمريكية للخطر، لا سيما على الصعيد العالمي، بحسب ما أكد المراقبون السياسيون في واشنطن وخارجها. 

فعلى الرغم من متابعة أغلب المحللين الأمريكيين للتحديات التي تفرضها كل من روسيا والصين على الولايات المتحدة، لكنهم لم يفكروا كثيرا في كيفية تضافر أفعال كل من موسكو وبكين معا في آن واحد، وهو ما سيؤدي إلى تضخيم تأثير كلا الفاعلين. 

وبناء عليه، ستعمل بكين مع موسكو لسد الثغرات في قدراتها العسكرية، وتسريع ابتكاراتها التكنولوجية، لاستكمال جهودها لتقويض القيادة الأمريكية العالمية. وفي المقابل، ستعمل روسيا على تضخيم التحدي الذي تواجهه الولايات المتحدة مع الصين.

في هذا السياق، يؤكد كل من "أندريا كيندال تايلور" و"ديفيد شولمان" في دراسة بعنوان: "الإبحار في تعميق الشراكة الروسية الصينية"، صادرة عن مركز "الأمن الأمريكي الجديد"، على تعدد أبعاد ومظاهر العلاقات الروسية الصينية، وهو ما ينبئ بشراكة إستراتيجية قوية بينهما ستلقي بآثارها السلبية على قوة الولايات المتحدة ومكانتها في النظام العالمي.

 

أبعاد العلاقات الروسية الصينية

 

أشار الكاتبان لأربعة مجالات رئيسية في إطار العلاقات الصينية الروسية، مع تحديد الدوافع والقيود المرتبطة بكل مجال على حدة، وكيفية تأثيره على مكانة الولايات المتحدة في السنوات المقبلة.  

أولا- مجال الدفاع: يشير الكاتبان إلى أنه من المرجح أن يخلق التعاون الروسي الصيني جملة من التحديات للولايات المتحدة في مجال الدفاع، وهو ما تجلى في رغبة كل من بكين وموسكو في تعميق علاقاتهما الدفاعية، سواء بمناوراتهما البحرية المشتركة مع أبرز الدول المتنافسة مع الولايات المتحدة كإيران، وهو ما سيسمح للمنافسين بزيادة عرض قوتهم وإجبار الاستراتيجيين الأمريكيين على حساب سيناريوهات جديدة. أو قيامهم بالعمل على زيادة تعاونهما التكنولوجي، مما قد يسمح لهما في النهاية بالابتكار بشكل جماعي أسرع مما تستطيع الولايات المتحدة القيام به بمفردها، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى إجهاد ميزانية الدفاع الأمريكية المضغوطة بالفعل.

فضلا عن تعاونهما على تسريع جهودهما لتقويض المزايا العسكرية الأمريكية، وهي ديناميكية تمثل مشكلة خاصة في إطار المنافسة الإستراتيجية الأمريكية مع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لا سيما بعد قيام روسيا بتزويد الصين بأنظمة أسلحة متطورة لتعزز قدرات الدفاع الجوي الصيني.

وقد قامت روسيا بتزويد بكين بأنظمة الدفاع الجوي إس 300، وإس 400، والصواريخ المضادة للسفن، ومجموعة من أحدث المقاتلات الروسية، وهو ما ساهم في تعزيز القدرات الدفاعية لجيش التحرير الشعبي الصيني، والتي ستؤثر حتما على تغيير ميزان القوى لصالح الصين، سواء في تايوان أو بحر الصين الجنوبي، ومن ثم تحسين قدرتها على معارضة التفوق الأمريكي هناك.

ثانيا- الديمقراطية وحقوق الإنسان: يؤكد الكاتبان أن كلا من الصين وروسيا يحملان رؤية مشتركة لعالم أقل ديمقراطية وأكثر استجابة لاستمرار الحكم الاستبدادي، رغبة في تقويض الديمقراطية والحقوق العالمية كأساس للنظام الليبرالي الحالي.

حيث تتقارب تكتيكات السياسة الخارجية الروسية والصينية بطرق جديدة ومتآزرة لزيادة التحديات للجهات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، لا سيما بأوروبا الشرقية والبلقان، حيث الجهود الروسية طويلة الأمد لتشويه سمعة الديمقراطية والاتحاد الأوروبي موجودة جنبا إلى جنب مع الاستثمارات الصينية الكبيرة في البنية التحتية هناك.

ثالثا- التكنولوجيا والمجال السيبراني: وهنا يجادل الكاتبان بأن التعاون التكنولوجي بين الصين وروسيا سيساهم في تقويض أهم مجالات التفوق الأمريكي، وهو ما سيؤثر حتما على مكانة ونفوذ الولايات المتحدة في النظام الدولي خلال السنوات المقبلة، مبررين ذلك بعدد من الشواهد التي من أبرزها زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينغ" لموسكو في مايو 2015، والتي أسفرت عن توقيع البلدين عددا من الاتفاقيات لتعميق التعاون في مجالات مثل: الذكاء الاصطناعي، والجيل الخامس، والتكنولوجيا الحيوية، والاقتصاد الرقمي.

فضلا عن قيامهما بإنشاء صناديق مشتركة لتعزيز البحث في المجال التكنولوجي، كصندوق الاستثمار المشترك للابتكار، والذي تأسس عام 2019، وأكاديميات العلوم الروسية والصينية في مجال الذكاء الاصطناعي والتي تأسست خلال عام 2018.

وأخيرا، العمل على تعميق تعاون الصناعات الروسية والصينية، وهو ما تجلى في تعاون شركة "هواوي" الصينية مع الجامعات والمجتمعات العلمية الروسية في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث وقعت شركة هواوي صفقة مع شركة الاتصالات الروسية "MTS" في أكتوبر 2019 لتطوير شبكات الجيل الخامس "5G" في موسكو، كما تخطط شركة هواوي لاستثمار 7.8 ملايين دولار لتدريب 10000 متخصص روسي على تقنية "الجيل الخامس". 

ليس هذا فحسب، فقد سعت كل من روسيا والصين للعمل معا في مجال "الأمن السيبراني"، من خلال تعاونهما في الأمم المتحدة والمنظمات المتعددة الأطراف الأخرى للتأكيد على "سيادة الدولة" على المحتوى الرقمي والمعلومات وأدوات الاتصال التي قد تهدد استقرار النظام.

ففي عام 2011، قدم البلدان رسالتهما الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي هدفت لتعزيز السيادة الإلكترونية كمعيار دولي، وناديا بإنشاء "مدونة لقواعد السلوك الدولية لأمن المعلومات" في الأمم المتحدة، تسمح للحكومات بفرض السيطرة على العديد من وظائف الإنترنت، والعمل على منع نشر المعلومات التي تحرض على الإرهاب أو التطرف أو تزعزع الاستقرار السياسي للدولة، وهو ما يعني الدفع في اتجاه "الاستبداد الرقمي"، ناهيك عن جهودهما في تغيير اتفاقية "بودابست" لتحل محلها معاهدة جديدة للجرائم الإلكترونية، بعد نجاحهما في حشد أغلب أعضاء الأمم المتحدة لتمرير القرار.

رابعا- الاقتصاد: تعمل كل من روسيا والصين على الحد من مركزية الولايات المتحدة في النظام الاقتصادي العالمي، وهو ما تجلى في تعاونهما لتفادي العقوبات الأمريكية وضوابط التصدير، وهو ما سيؤدي للتخفيف من آثار الضغط الاقتصادي الأمريكي، وإضعاف فعالية الأدوات المالية القسرية للولايات المتحدة، وخاصة العقوبات وضوابط التصدير، والتي كانت جزءا أساسيا من السياسة الخارجية الأمريكية. كما سيكون لدى الولايات المتحدة قدرة أقل على استخدام مثل هذه التدابير المالية لعزل وتقييد الإجراءات غير المرغوب فيها ليس فقط من موسكو وبكين ولكن من الدول الأخرى التي يمكنها الاستفادة من شبكاتها لتجاوز الضغط الأمريكي. 

 

البحث عن حل 

 

طرح الكاتبان عددا من الإجراءات التي يجب على الولايات المتحدة اتباعها للحد من مخاطر التعاون الروسي الصيني، ومن أبرزها ضرورة سعي الولايات المتحدة لتعزيز تعاونها مع روسيا، من خلال العمل على تغيير حسابات موسكو حتى تدرك أن التعاون مع الولايات المتحدة وأوروبا أفضل بكثير من التبعية المتزايدة للصين، الأمر الذي سيستغرق وقتا طويلا نتيجة لجهود الكرملين المستمرة لاستهداف الانتخابات الأمريكية، وتضخيم الانقسامات الاجتماعية الأمريكية، وتقويض ثقة الشعب الأمريكي في المؤسسات الديمقراطية، لكنه حتما سيقلل من مدى استعداد روسيا للمضي قدما مع بكين، مما يحد من عمق شراكتهما على المدى البعيد.

كما يجب على الولايات المتحدة زيادة جمع المعلومات الاستخبارية وتبادلها بشأن التعاون بين روسيا والصين، مع التركيز على مراقبة التعاون العسكري بينهما، وعمليات نقل التكنولوجيا، للعمل على فضح العلاقات بين موسكو وبكين في هذه المجالات.

وسيتوجب على واشنطن أيضا استئناف القيادة في المؤسسات متعددة الأطراف، والعمل على تحفيز الجهود بين الشركاء لمعالجة المجالات الهامة مثل: تغير المناخ، والصحة العالمية، والعمل على زيادة الجهود لتشكيل وتعزيز القواعد والأطر الأخلاقية للاستخدام المناسب لتقنيات الذكاء الاصطناعي. مع ضرورة إعادة تأكيد الالتزامات تجاه الشراكات العسكرية الرئيسية، مثل التعاون الدفاعي الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.

أخيرا، يجب على صانعي السياسة الأمريكية أن يكونوا على دراية بالتوترات بين روسيا والصين، والعمل على استغلالها وتضخيمها، وهو ما سيؤثر سلبا على المسار العام للعلاقات بين موسكو وبكين، بشرط أن يتم اتباع هذا النهج بالتنسيق مع كافة دوائر صنع القرار الأمريكي.

ختاما، يحذر الكاتبان من تلاقي المصالح الروسية الصينية، فكل منهما ينظر للولايات المتحدة على أنها أكبر تحد أمني لهما، الأمر الذي سيعزز من تعاونهما في المستقبل، وسيقيد من قوة ومكانة الولايات المتحدة، وأخيرا سيسرع من عملية التحول إلى عالم متعدد الأقطاب، وإعادة تشكيل القواعد والمعايير الدولية لصالح روسيا والصين.

عمر نجيب

[email protected]