عمر نجيب: صواريخ غزة وعملية تعديل قواعد الردع مع إسرائيل… تجارب المواجهات العسكرية غير المتكافئة وطرق حسمها

ثلاثاء, 2021-05-18 16:30

يوم الاثنين 10 مايو 2021 انطلقت جولة جديدة من مواجهات عسكرية غير متكافئة بين المقاومة الوطنية الفلسطينية المتمثلة في حركتي حماس والجهاد في قطاع غزة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، معركة تستعمل خلالها إسرائيل أحدث أنواع الأسلحة الأمريكية المنشأ والإسرائيلية المطورة بأموال وتعاون أمريكي أو من دول أخرى في حلف الناتو، وفي الجانب الآخر تستخدم المقاومة الفلسطينية أسلحة خفيفة ومتوسطة وفي الأساس وحتى يوم الأحد 16 مايو وفي غيبة تدخل بري إسرائيلي في داخل قطاع غزة، صواريخ توصف غربيا ببدائية الصنع يتراوح مداها بين 12 كلم و 250 كلم.

في مواجهة صواريخ حماس والجهاد ومحاولة صدها بعد إطلاقها تعتمد تل أبيب أساسا على النظام المسمى بالقبة الحديدية وهي منظومة دفاع جوي بالصواريخ ذات قواعد متحركة، طورتها شركة رافئيل لأنظمة الدفاع المتقدمة وشركة "إلتا" اللتين صنعتا الرادار، بينما طورت شركة "إمبريست" نظام القيادة والتحكم وتم ذلك بالتعاون مع الولايات المتحدة والهدف من النظام اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف الصاروخية للمدفعية الثقيلة. 

في فبراير 2007، اختار وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتز نظام القبة الحديدية كحل دفاعي لإبعاد خطر الصواريخ قصيرة المدى عن إسرائيل، منذ ذلك الحين بدأ تطوير النظام الذي بلغت كلفته في مرحلته الأولى حتى سنة 2009 حوالي 210 مليون دولار وقد دخل الخدمة في منتصف عام 2011. في السنوات العشر التي تلت ساهمت واشنطن بشكل فعال في تطوير النظام وتم إنفاق أكثر من 1800 مليون دولار عليه حسب مصادر بريطانية.

الحاجة الملحة لنظام دفاع يحمي إسرائيل من الصواريخ قصيرة المدى ظهرت بعد حرب يوليو 2006 حيث أطلق حزب الله اللبناني ما يزيد عن 4000 صاروخ قصير المدى سقطت في شمال إسرائيل وأدت إلى مقتل 44 إسرائيليا وأجبرت حوالي مليون إسرائيلي على الاحتماء بالملاجئ. أهمية المنظومة زادت مع استمرار حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية في إستخدام الصواريخ في المواجهات وتطويرها بشكل مستمر.

تشمل منظومة القبة الحديدية جهاز رادار ونظام تعقب وبطارية مكونة من ناقلات تحمل كل واحدة منها 20 صاروخا اعتراضياتحت مسمى تامير (TAMIR).

وفي نوفمبر 2017، أضيف نظام القبة الحديدية البحرية وتم تثبيته على سفن البحرية الإسرائيلية، الذي تتراوح كلفة إنتاج الصاروخ الواحد المتطور منه بين 45 ألف دولار إلى 65 ألفًا.

وفي فبراير من عام 2019 أعلن الجيش الأمريكي عن خطط لشراء واختبار نظام القبة الحديدية المطور والذي تأتي أجزاء كثيرة من مكوناته بالفعل من الشركات الأمريكية.

تتراوح تكلفة صاروخ تامير واحد ما بين 35 ألف إلى 85 ألف دولار حسب نوعيته وفترة تصنيعه حيث أنه مع زيادة تعقد النظام ارتفعت التكلفة، في المقابل لم تتعد تكلفة صاروخ واحد لحماس أو الجهاد من 300 إلى 700 دولار وذلك حسب المدى والشحنة المتفجرة وكذلك تاريخ التصنيع.

يبلغ الحد الأدنى لمدى القبة الحديدية 4.5 كيلومترات من أجل اعتراض الصواريخ التي تشكل تهديدا، مما يعني صعوبة في اعتراض الصواريخ في المدى القصير.

وكان جيفري وايت، خبير الدفاع بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قد قال لبي بي سي في عام 2012: "لا تمثل القبة الحديدية تحولا استراتيجيا، فهي تعطي إسرائيل بعض الميزات الهامة في التعامل مع القذائف الصاروخية، بما يقلل من معدلات القتلى والجرحى والدمار وبما يوفر مرونة في التعامل مع الهجمات، كما تساعد على تقويض أهداف العدو، لكنها لا تنهي التهديدات".

 يجادل البعض على أنه على ضوء التفوق العسكري الإسرائيلي فإن الفلسطينيين يخسرون بينما تربح تل أبيب، ولكن هؤلاء يتناسون أن كل حروب التحرير التي شهدها العالم خاصة بعد الحرب العالمية الثانية دارت بين قوى شعوب مقهورة ومستعمرة لم تكن تملك سوى أسلحة بدائية وقليلة في مواجهة آله عسكرية استعمارية متفوقة، ومع ذلك انسحبت وهزمت القوى المتفوقة. الفارق في فلسطين مع تجارب الدول الأخرى هو أن هناك نوع من الاختلال السكاني نتيجة الاستيطان الصهيوني، ولكن هذا الاختلال يتقلص عند حساب كل السكان فلسطينيين ويهود على أرض فلسطين التاريخية.

 

أرض الواقع

 

كتب ديفيد هامبلنغ، صحافي يغطي أخبار التكنولوجيا، تقريرا عن القبة الحديدية، ويستهل الكاتب تقريره، المنشور خلال شهر مايو 2021 في موقع مجلة "فوربس" بالإشارة إلى أنه مع اشتعال الصراع بين حماس وإسرائيل، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو تشبه أفلام الخيال العلمي، لصواريخ اعتراضية متوهجة تشق سواد سماء الليل لتفجير الصواريخ القادمة من غزة وتحويلها إلى كتلة من اللهب. وتكثر التعليقات التي تقول على سبيل المثال: "حرب النجوم" و"لمحات من غزو الفضائيين" عند وصف نظام دفاع القبة الحديدية.

إن ما يحدث على أرض الواقع هو صراع بين قوة ذات تكنولوجيا متقدمة للغاية، وقوة أخرى ذات تكنولوجيا منخفضة للغاية، إذ تقف الأنظمة الإسرائيلية الفائقة التطور ضد صواريخ بسيطة محلية الصنع. لكن هذه التكنولوجيا المتقدمة قد لا تكون كافية.

وأفاد الكاتب أن الشركة التي تصنع القبة الحديدية تذكر أن خلال التجارب اعترضت المنظومة أكثر من 2500 تهديد بمعدل نجاح أكبر من 90 في المئة.

ويوضح الكاتب أن الرادار يكتشف ويتتبع عدة مقذوفات قادمة، ثم يحدد نظام إدارة المعركة هل كل قذيفة تمثل تهديدا، ومن ثم يخصص له واحدا أو أكثر من الصواريخ المعترِضة. وتحمل كل قاذفة صواريخ 20 صاروخ تامير، وزن كل منها حوالي 200 رطل ويبلغ مداها أكثر من 40 كيلومترا. 

ويرى الكاتب أن القبة الحديدية فعالة للغاية، وقد نجحت في اعتراض الغالبية العظمى من الصواريخ التي أطلقتها حماس والجهاد مؤخرا. ومع ذلك، نجحت بعض الصواريخ في اختراقها، مع ورود أنباء عن مقتل أكثر من عشرة إسرائيليين وإصابة المئات خلال فترة ستة أيام تم خلالها إطلاق 3000 صاروخ من غزة.

يضيف الكاتب أن حماس تمتلك أيضا بالإضافة إلى الصواريخ المصنعة محليا إمدادات محدودة من صواريخ غراد 122 ملم الروسية التصميم، وهو النوع الذي يطلق من منصات إطلاق متعددة محمولة على شاحنات، وغيرها من المعدات العسكرية المستوردة. وتطلق هذه الصواريخ أيضا على نحو فردي من على الأرض بدلا من المركبات.

ونجحت القبة الحديدية إلى حد كبير في منع صواريخ حماس من التسبب في إصابات خطيرة حتى الآن، بحسب الكاتب. ولكن هناك نقاط ضعف في هذه القبة الحديدية: لدى النظام "نقطة تشبع" عالية ولكنها غير معروفة، وليس معروفا الحد الأقصى لعدد الصواريخ التي يمكن لهذا النظام التعامل معه في وقت واحد. وإذا جرى تجاوز هذا العدد، فسوف تخترق الصواريخ الزائدة النظام. وتبدو هجمات حماس الأخيرة وكأنها محاولة لإغراق النظام بصواريخ أكثر من أي وقت مضى.

وأردف الكاتب أن إمدادات صواريخ تامير محدودة، وهي باهظة الثمن، بينما يقال إن حماس خزنت الآلاف من صواريخ القسام وأسلحة أخرى. وأحيانا تطلق القبة الحديدية صاروخين ضد صاروخ واحد لضمان اعتراضه. وإذا نفدت الصواريخ الاعتراضية لدى المدافعين، يمكن أن تتصاعد الخسائر البشرية بسرعة.

ويختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن الإجراءات الدفاعية وحدها لن تكون كافية لوقف الهجمات، وأن الاعتماد على القبة الحديدية يعني أنه إذا فشلت هذه القبة الحديدية في صد الصواريخ – وعدت الحكومة الإسرائيلية أنها لم تدافع عن شعبها – فستكون هناك عواقب وخيمة. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي الهجوم البري للاستيلاء على مصدر الصواريخ إلى عدد هائل من القتلى وعواقب سياسية عالمية. والمشكلة في نظام دفاع بهذه الجودة يتمثل في أنك يمكن أن تعول عليه أكثر من اللازم.

موضوع القبة الحديدة ليس جديداً إذ تثير المنظومة جدلا واسعاً في إسرائيل منذ زمن، ففي عام 2019 كشف الخبير الإسرائيلي في مجال التصنيع العسكري عوديد عمخاي الذي يشغل منصبا رفيعاً في شركة "رفائيل" أن منظومة القبة الحديدية ليست فعالة في مجال اعتراض الصواريخ التي يزيد مداها على 70 كم.

وذكر عمخاي في مقال نشرته صحيفة "معاريف": "هذا هو سبب فشلها في اعتراض الصاروخ الذي أُطلِقَ من قطاع غزة باتجاه "تل أبيب" وأصاب منزلاً بدقة محدثا دمارا كبيرا".

وبين عمخاي أن عملية ترويج دعائية "عنيفة وغير مسبوقة" لمنظومة القبة الحديدية حولتها إلى "العجل الذهبي المقدس ومعجزة عصرنا"، مضيفا أن الجمهور الإسرائيلي بات يعتقد بسبب ذلك أنها قادرة على "إنقاذنا من كل شر"، لكنها قادرة على العمل في مدى معين واعتراض "رذاذ من الصواريخ"، لكن بالإمكان تحديها "بقصف مركز" مكون من آلاف الصواريخ يوميا.

لكن لا يبدو أن "إغراق" سماء فلسطين المحتلة وحده ما يمكن أنيصيب المنظومة الدفاعية بـ"صدمات" تفشل عملها، فقبل أيامقليلة من بدء المعركة في القطاع نجح صاروخ دفاع جوي سوريباختراق المجال الجوي في فلسطين المحتلة، والانفجار فوق منطقةتبعد عشرات الكيلومترات فقط عن مفاعل ديمونا في منطقة النقب.

اختراق

 

ستيفن واغنر، وهو محاضر في الأمن الدولي في جامعة برونيل في لندن، ذكر حسب موقع البي بي سي: "رغم أن أداء القبة الحديدية الإسرائيلي الصاروخي ملفت لكن يجب أن يكون أيضا تذكيرا صارخا بعدم تكافؤ هذا الصراع". وأضاف: "ذخيرة حماس بسيطة ورخيصة ويمكن أن تخترق من حين لآخر نظاما دفاعيا أنفقت عليه مئات ملايين الدولارات بتمويل من الولايات المتحدة".

ويشير الموقع إلى أن العدد الهائل من الصواريخ التي في أيدي المقاتلين الفلسطينيين، والتي تم إنتاجها ببضع مئات من الدولارات لكل منها، يمكن أن تشكل تهديداً على القبة الحديدية، حيث تبلغ تكلفة كل صاروخ اعتراض نحو 50 ألف دولار، وفقاللجيش الإسرائيلي.

ومع ذلك، تقول إسرائيل إن "نظامها الدفاعي المكلف يستحق كل قرش انفق عليه".

وفي يوليو من عام 2014 اطلعت بي بي سي على أدلة يبدو أنها تؤكد أن قراصنة الكترونيين تمكنوا من الاستيلاء على عدة وثائق عسكرية سرية من شركتين حكوميتين إسرائيليتين طورتا "القبة الحديدية" قبل أشهر عديدة. وأعلن عن تلك الخروقات للمرة الأولى على مدونة براين كريبس لشؤون الأمن. ونفت الشركتان أن تكون الشبكات الخاصة بهما قد تعرضت للاختراق.

غير فريق البي بي سي الذي اكتشف الاختراق تمكن من الاطلاع على تقرير استخباراتي يؤكد إلى مئات الملفات قد نسخت.

شركة "سايبر إنجنيرنغ إي إس آي" تتبعت أنشطة قراصنة الإنترنت على مدار ثمانية أشهر في الفترة ما بين عامي 2011 و2012. وأوضحت أن البيانات التي سعى القراصنة وراءها كانت معلومات ذات صلة بالقبة الحديدية. 

وكان تقرير شركة سايبر إنجنيرنغ إي إس آي، الذي أعد في عام 2013، قد أشار إلى أن الهجمات حدثت باستخدام أدوات معقدة كالتي يستخدمها قراصنة الإنترنت الصينيون لاختراق شركات الدفاع الأمريكية وهي الهجمات التي نفت الحكومة الصينية حينئذ تورطها فيها.

 

نجاعة وتغطية 

 

حسب مصادر أمريكية وردت على موقع الحرة، تشير التقديرات إلى أن حماس لديها قوة قتالية تقدر بحوالي 40 ألف رجل، في حين أن القوة القتالية للجهاد فلا تقل عن 9 آلاف، كما تشير التقديرات إلى أن حركتي حماس والجهاد تمتلكان حوالي 15 ألف صاروخ، أكثر مما قدرته المخابرات الإسرائيلية قبل القتال، وعشرات وربما المئات من الصواريخ من مدى 160 كيلومترا، والتي يمكن أن تصل إلى ما بعد تل أبيب، ومن شأنها أن تصل إلى محطة الكهرباء في الخضيرة، وهكذا فإنه من الواضح أن القبة الحديدية لن تكون ناجعة وليست حلا للواقع الجديد.

ومع ذلك، حتى لو تم بناء 4 أو 5 قباب حديدية أخرى في السنوات المقبلة والتي ستوفر انتشارا وتغطية أفضل من الجنوب إلى الشمال، فلن تكون بالتأكيد قادرة على تحمل وابل من عشرات آلاف الصواريخ بغض النظر عن مدها.

وعليه تفحص الصناعات العسكرية والجوية الإسرائيلية في هذه الفترة إمكانية تحديث القبة الحديدية من خلال تطوير نظام العمل بأشعة الليزر، ليمكنها من اعتراض الصواريخ والقذائف التي تطلق حتى من مدى قصير ومواجهة رشقات صاروخية مكثفة تطلق باستمرارية دون انقطاع وفي وقت واحد.

 

لا طمأنينة تحت "القبة"

 

تساءل المحلل العسكري أنطون لافروف، في "إزفيستيا" يوم 13 مايو 2021، حول ما إذا كان بإمكان الجيش الإسرائيلي صد موجة هجمات صاروخية جديدة، وذخيرة من ستنفذ أولا، حماس أم إسرائيل؟.

نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي الذي تم تشييده بعناية يمر الآن بأقسى اختبار له منذ عقد. فالسيناريو الذي كانت تل أبيب تستعد له منذ فترة طويلة، لكنها اعتبرته غير مرجح، يتحقق في هذه الأيام. ففي يوم واحد فقط، سقطت صواريخ حماس على مدن قريبة من قطاع غزة أكثر من السنوات السابقة. وليس من دون خسائر بشرية ومادية.

تم إنشاء نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي الإسرائيلي على وجه التحديد ضد مثل هذه التهديدات. وقيل إن فاعليته القتالية في السنوات السابقة تجاوزت 90 في المئة.

لكن هذه المرة، كان على القبة أن تصد ليس عمليات الإطلاق الفردية لصواريخ محلية الصنع صغيرة من قطاع غزة الفلسطيني، إنما رشقات من مئات الصواريخ ذات الرؤوس الحربية المؤثرة.

وجد خصوم إسرائيل نقطة ضعف في نظام الدفاع الصاروخي. لقد نجحوا في اختراق دفاعات القبة الحديدية ببساطة عن طريق تحميلها بكثير من الأهداف غير المكلفة. ورغم كل مزايا القبة الإسرائيلية، فهي مثل أي نظام دفاع جوي ودفاع صاروخي، أداؤه الناري ومخزونه من الذخيرة، الجاهز للانطلاق الفوري، محدود.

لكن لكي يكون سهلا على حماس استغلال هذا الضعف، عليها أن تصنع صواريخا أكثر. وهذا بالغ الصعوبة. وهكذا، فإذا استمر الصراع بهذه الشدة أو بدرجة أكبر، فمن غير المعروف من الذي سيستنفد احتياطاته من الذخيرة أولاً، حماس أم قبة إسرائيل.

لا يمكن لأي نظام دفاع جوي أو صاروخي توفير الحماية المطلقة بمفرده. وفي إسرائيل يدركون ذلك جيدا.

فإذا ما تبين أن نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي غير فاعل كفاية واستمر عدد الإصابات في الازدياد، فلا يستبعد اتخاذ قرار بشن عملية برية جديدة ضد غزة.

 

رقم تم التشكيك فيه

 

يوم 14 مايو 2021 قالت مجلة ناشونال إنترست الأمريكية إنه لا يوجد نظام دفاع صاروخي مهما كان متقدما يتمتع بحصانة كاملة ضد الهجمات الصاروخية المكثفة، بما في ذلك نظام القبة الحديدية الذي تستخدمه إسرائيل.

وذكرت في تقرير لها، أن هذا النظام، وهو عبارة عن شبكة اعتراضية تستخدم تكنولوجيا تحليل بيانات رادارات متطورة لرصد وتعقب وتدمير الصواريخ، يعد خط الدفاع الأول والأساسي لدى إسرائيل.

وتساءلت عن مدى فاعلية هذا النظام، الذي غالبا ما يوصف بأنه أحد أكثر أنظمة الاعتراض فاعلية في العالم، في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، مؤكدة أنه يركز جزئيا من أجل توفير التكلفة على الصواريخ التي تسير في مسار محدد، وهو قرار حكيم خاصة في سياق التصعيد الحالي. حيث فشل حوالي 400 صاروخ من بين 1600 أطلقتها حماس في الوصول لإسرائيل.

وأما فيما يتعلق بباقي الصواريخ التي تقترب من أهدافها فيؤكد الجيش الإسرائيلي أن نسبة النجاح في التصدي لها وتدميرها تزيد عن 90 في المئة، وهو رقم تم التشكيك فيه بشكل موضوعي خلال السنوات الأخيرة خاصة في تحليل دقيق أنجزه لناشونال إنترست الأستاذ المساعد بجامعة بروك الأمريكية مايكل أرمسترونغ.

وحتى لو كانت هذه النسبة دقيقة بشكل إجمالي تضيف المجلة، فهناك بيانات وسوابق تشير إلى أن القبة الحديدية أقل فاعلية بشكل ملحوظ أمام ضربات توجه إلى أهداف قصيرة المدى.

وخلال الحرب على غزة عام 2014 كافحت بطاريات القبة الحديدية لاعتراض ما يقرب من 700 صاروخ قصير المدى أطلقت على إسرائيل خلال يوم واحد.

وأشارت المجلة إلى أن قدرات فصائل المقاومة وفي مقدمتها حماس والجهاد على توجيه ضربات صاروخية مكثفة للداخل الإسرائيلي لم تنم فحسب منذ ذلك الوقت، بل إن الحركتين عمدتا باستمرار إلى تكييف تكتيكاتهما من خلال إطلاق الصواريخ في مسارات منخفضة بهدف الحصول على فرص أفضل لاختراق شبكة الدفاع الصاروخي للجيش الإسرائيلي.

ويعتقد أن كل بطارية نموذجية في منظومة القبة الحديدية تضم 3 إلى 4 قاذفات، تحمل كل منها 20 صاروخا اعتراضيا من طراز "تامير"، لكن من غير الواضح على وجه التحديد عدد البطاريات التي دخلت الخدمة خلال النزاع الحالي، على الرغم من أن هذا الرقم لا يقل عن 10، وفق ناشونال إنترست.

وترى المجلة أنه إذا أطلقت كل من حركتي حماس أو الجهاد كمية كافية من الصواريخ على موقع محدد خلال فترة زمنية قصيرة، فمن الممكن جدا أن تتمكن من اختراق شبكة القبة الحديدية وإلحاق خسائر كبيرة بالبنيات التحتية الحيوية أو المناطق المأهولة بالسكان.

وقد تخفف إضافة المزيد من البطاريات من حدة هذه الثغرة الأمنية المحتملة على المدى القصير، لكن حركات المقاومة تستطيع بدورها الرد بكل بساطة من خلال تصنيع أو الحصول على المزيد من الصواريخ.

ولا يعتبر هذا الأمر، تختم المجلة، نقطة ضعف خاصة بمنظومة القبة الحديدية بقدر ما هو انعكاس لحقيقة أنه لا يوجد مطلقا نظام دفاع صاروخي مهما كان متقدما محصن تماما ضد الضربات الصاروخية المكثفة، ورغم أن إسرائيل استثمرت مؤخرا في منظومة دفاع جوي تعمل بالليزر تدعى "الشعاع الحديدي" وتعد بتعويض نقائص النظام الحالي، فإنه من السابق لأوانه تقييم فعالية المنظومة الجديدة بشكل كامل على ساحة المعركة.

 

الخداع والتضليل

 

يشير محللون أنه في نطاق المواجهة الحالية بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين في غزة، هناك مزيد من الشكوك تحيط بصحة البلاغات الرسمية اٌلإسرائيلية حيث هناك تضارب وارتباك.

ويسجل تباين كبير فيما تعلنه إسرائيل عن نجاح نظامها الدفاعي المضاد للصواريخ أو القبة الحديدية فهو أحيانا 90 في المئة وأحيانا أخرى 75 في المئة ويوم السبت 15 مايو نقل موقع الحرة التابع للحكومة الأمريكية والذي ينحاز في أخباره وتحليلاته لروايات تل أبيب أن نظام القبة الحديدية اعترض أكثر من نصف 2300 صاروخ أطلق حتى 15 مايو، وفق السلطات الإسرائيلية.

ويوم الأحد 16 مايو قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي: منذ الساعة السابعة صباحا وحتى السابعة مساء يوم الأحد أطلق نحو 190 صاروخا من قطاع غزة نحو إسرائيل، حيث سقط نحو 20 صاروخا داخل غزة بينما اعترضت القبة الحديدية عشرات منها".

قبل ذلك ويوم 13 مايو انسحب المراسل العسكري لصحيفة هآرتس الإسرائيلية يانيف كوبوفيتش، من مؤتمر صحفي للناطق العسكري باسم جيش الاحتلال هيداي زيلبرمان، بسبب ما وصفه بالخداع والتضليل.

وقال كوبوفيتش: "منذ 17 عاما وأنا أغطي الأحداث الأمنية الكبرى التي تحدث في "إسرائيل"، هذه هي المرة الأولى التي أضطر فيها إلى التخلي عن الإحاطة التي قدمها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي".

وأضاف: "حتى في خضم القتال، هناك حدود للقصص المخادعة وتضليل الجمهور".

وعلق عدد من المغردين الإسرائيليين على حديث الصحفي بالقول: "حسب المتحدث نجحنا باستمرار في توجيه اللكمات لهم، ومع ذلك فهم يزيدون رقعة النار، هو غير قادر على قول الحقيقة".

وقال معلق آخر: "من الواضح أن القبة الحديدية خدعة".

 

دوافع سياسية

 

في نطاق الحرب الاعلامية ذكر روعي شارون، المراسل العسكري في قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "مكان" أن حركة حماس تملك غواصات مسيرة، ومنصات صواريخ قادرة على ضرب حقول الغاز الإسرائيلية في عمق البحر.

وأضاف، أن لدى حماس غواصات أوتوماتيكية انتحارية قادرة على حمل قنابل بزنة 50 كيلوغراما، واستهداف منصات الغاز وسفن سلاح البحرية الإسرائيلي.

وفي سلسلة تغريدات على حسابه على تويتر، لفت شارون إلى أن إسرائيل قامت بإطفاء منصة الغاز التابعة لحقل "تمار"، أكبر حقول الغاز التابعة لإسرائيل، خشية استهدافها بصواريخ حماس أو غواصاتها، على الرغم من أن المنصة محمية بمنظومة "القبة الحديدية".

وفي سياق آخر، اتهم معلقون كبار في إسرائيل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بمواصلة الحرب على غزة لدواع سياسية داخلية، وكتب إنشيل بيبر، المعلق في صحيفة "هآرتس"، على حسابه في تويتر أن نتنياهو يبحث عن "نصر حاسم غير متاح بسبب ضغوط قاعدته الجماهيرية"، مشيرا إلى أن قرار مواصلة الحرب جاء بعكس توجهات وزراء كبار في المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن وجنرالات الجيش. وحسب بيبر فإن نتنياهو متحمس أيضا لوقف الحرب "لكن حساباته الداخلية والشخصية تدفعه لاسترضاء القاعدة اليمينية".

وحمل يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية، نتنياهو المسؤولية عن تواصل الحرب بسبب حساباته الشخصية، وكتب ميلمان على حسابه في تويتر أنه تم استنفاد طاقة الحرب التي لن تحقق أية أهداف جديدة، منوها إلى أن لدى حماس والجهاد المئات من الصواريخ بعيدة المدى، وطالب المعلق الإسرائيلي بوقف الحرب عبر تسوية بعيدة المدى، مستدركا أن هذا لن يحدث بسبب اعتبارات نتنياهو السياسية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، يوم الأحد 16 مايو، أن إسرائيل تواجه إطلاق صواريخ على أراضيها بوتيرة هي الأعلى ولم تشهدها من قبل، مشيرا إلى أن الفصائل المسلحة في قطاع غزة أطلقت نحو ثلاثة آلاف صاروخ على إسرائيل منذ الاثنين 10 مايو.

 

تكلفة "حارس الأسوار"

 

رغم أن حكومة نتنياهو تسعى لإخفاء الخسائر الضخمة التييعاني منها الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة مغامرة الحرب، تشيرالتقديرات الإسرائيلية إلى أن الخسائر التي تكبدتها الجبهةالداخلية والقطاع الخاص والعام، والأضرار بالممتلكات الخاصةالعامة والناجمة عن الحملة العسكرية على غزة والتي أطلقوا عليهاتسمية "حارس الأسوار" ستكون أضعاف الخسائر التي تكبدهاالاقتصاد الإسرائيلي خلال عملية "الرصاص المصبوب" عام2014 التي امتدت على 51 يوما من القتال.

والمعروف أنه قبل حوالي 7 سنوات وبالضبط يوم الأربعاء 3 سبتمبر 2014 نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عنوزير الدفاع الإسرائيلي موشيع يعالون قوله خلال فعاليات أحدالمنتديات الاقتصادية يوم الثلاثاء 2 سبتمبر 2014 إن "التكلفةالمباشرة لعملية الجرف الصامد في قطاع غزة تجاوزت التسعةمليارات دولار". 

وزعم يعالون في حينها أن منظومة "القبة الحديدية" أنقذتإسرائيل من الاضطرار إلى السيطرة على قطاع غزة وأتاحاستمرار الحياة في إسرائيل على طبيعتها، ومن ثم تقليل التكلفةالاقتصادية للحرب. وكشف أن كل صاروخ اعتراضي في منظومةالقبة الحديدية يكلف مئة ألف دولار.

منتصف شهر مايو 2021 تناولت جريدة هأرتس الإسرائيلية تكلفةالحرب على غزة خلال الأيام الأولى وذكرت: ان” خسائرنا كل ثلاثأيام تصل إلى 912 مليون دولار من طلعات الطائرات وثمنصواريخ القبة الحديدية وتزويد الٱليات بالوقود واستهلاك ذخيرة .. ناهيك عطل الحركة التجارية وهبوط أسعار الأسهم في البورصةوتوقف معظم المؤسسات وأعمال البناء وموت الدواجن في المزارعبعشرات ملايين الدولارات وتعطل بعض المطارات وبعض خطوطالقطارات وثمن إطعام الهاربين إلى الملاجئ ناهيك عن التدميرفي البيوت والمحال التجارية والسيارات والمصانع بفعل صواريخالمقاومة الفلسطينية، 

وأضافت “إننا نتعرض لحرب لسنا من نديرها .. وبالتأكيد لسنامن ينهيها خاصة وأن المدن العربية في إسرائيل فاجأت الجميعبهذه الثورة العارمة ضدنا بعد أن كنا نظن أنهم فقدوا بوصلتهمالفلسطينية" .. 

بحسب جمعية المصنعين بإسرائيل، قُدّرت تكلفة القوى العاملة فيالأيام الثلاثة الأولى من العمليات بحوالي 540 مليون شيكلحوالي 165 مليون دولار.

يقول الكاتب زيف ستاب في تقرير له نشرته صحيفة "جيروزاليمبوست" الإسرائيلية يوم 15 مايو 2021، إنه من الجانبالعسكري، تم إطلاق آلاف صواريخ القبة الحديدية على صواريخالمقاومة، حيث تبلغ تكلفة كل من صواريخ القبة ما بين 50 إلى 80 ألف دولار، وفقا لتقديرات مختلفة.

وأضاف هناك أيضا تكاليف كبيرة لقرار الجيش استدعاء 7 آلافجندي احتياطي، على أن تدفع رواتبهم من قبل مؤسسة التأمينالوطني، فضلا عن مئات الضربات الجوية التي نفذها الجيش،وهذه الأرقام في ارتفاع مستمر.

في غضون ذلك، تبلغ التكلفة التي يتحملها القطاع الخاص فيإسرائيل حوالي 180 مليون شيكل إسرائيلي يوميا 55 مليوندولار، وفقا لتحليل أجراه قسم الاقتصاد في اتحاد المصنّعين.

وتابع الكاتب أن جمعية المصنعين قدرت تكلفة القوى العاملة فيالأيام الثلاثة الأولى من العمليات بحوالي 540 مليون شيكلحوالي 165 مليون دولار. وأشار هذا التقييم إلى الأضرار التيلحقت بأنشطة الأعمال والمنشآت الصناعية وفقا لإرشادات قيادةالجبهة الداخلية، والتي أشارت إلى أنه بين 11 و13 مايو الحالي،لم يتم تنفيذ أي عمل كامل في المناطق الجنوبية والوسطى.

ويعتمد هذا التقدير على تكلفة يوم العمل، بافتراض أن حوالي 35 في المئة من المشتغلين في المنطقة الجنوبية كانوا متغيبين عنالعمل، إلى جانب حوالي 10 في المئة في المنطقة الوسطى.

وذكرت الجمعية بحسب الصحيفة، إن هذا التقدير لا يأخذ فيالاعتبار الأضرار المالية الناجمة عن الأضرار المباشرة التي لحقتبالمصانع أو الربحية، أو الأضرار غير المباشرة مثل تلك التيلحقت بسمعة العملاء في الخارج وإلغاء المعاملات وعدم الامتثالللجداول وعوامل أخرى. 

وأضاف التقرير أنه عندما يتم أخذ هذه الجوانب في الاعتبار،فإن التكلفة الإجمالية لقطاع الأعمال ستكون أعلى بكثير.

ودعا رئيس رابطة المصنعين رون تومر الحكومة الإسرائيلية إلىالإسراع في ترتيب مدفوعات الرواتب للموظفين المتغيبين عنالعمل، من أجل ضمان راحة العاملين وأصحاب العمل.

 

مئات الملايين

 

وتضررت بالفعل آلاف المنازل والعربات والممتلكات الخاصة بسببالعمليات، وتقدر تكلفة هذا الضرر حتى الآن بمئات الملايين منالشيكلات.

وتأتي الحملة العسكرية الحالية بعد عام أجبرت فيه جائحة فيروسكورونا الحكومات في جميع أنحاء العالم على زيادة الإنفاق علىالرعاية الاجتماعية، ورفع مستويات قياسية من الديون.

وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيلفي عام 2020 بنسبة 4.3 في المئة، مع زيادة الإنفاق الحكوميبنسبة 22.5 في المئة وانخفاض الإيرادات الضريبية.

وفي حين أن النشاط الاقتصادي داخل البلاد قد انتعش بسرعة،وانخفض معدل البطالة بشكل أسرع من المتوقع في الأشهرالأخيرة إلى 8 في المئة حاليا، فإن الانتعاش الاقتصادي هش ولاتزال العديد من القطاعات معرضة بشدة للصدمات، بحسبالصحيفة.

وأوضح الكاتب أن التصنيفات الائتمانية السيادية لإسرائيل كانتقوية، على الرغم من تكاليف فيروس كورونا، ومع ذلك فإن "العنفالمطول قد يعرض ذلك للخطر".

ويوم الخميس 13 مايو 2021، ذكرت وكالة "فيتش" (Fitch Ratings) -وهي إحدى الوكالات التي تساعد تصنيفاتهاالمستثمرين الدوليين على تقييم القرارات المالية- إن "القتال المطولقد يشكل تهديدات لتوقعات التصنيف الإسرائيلي".

حتى يوم الجمعة 14 مايو 2021 وحسب الرواية الإسرائيليةأطلقت حماس والجهاد حوالي 2000 صاروخ تمكنت منظومةالقبة الحديدية من اعتراض المئات وسقطت مئات أخرى فيمناطق مفتوحة من دون إحداث ضرر، لكن نحو 150 صاروخاتجاوزت رادارات القبة الحديدية وسقطت في مدن وقرى إسرائيليةفي مناطق مأهولة، تمتد من شمال مرج ابن عامر في الشمال،وحتى القدس وبئر السبع شرقا، وتل أبيب ومنطقتها، وهذابالإضافة إلى البلدات المحيطة والقريبة بقطاع غزة مثل مدينتيأسدود وأشكلون الكبيرتين ومدينة سدروت الصغيرة. وأحدثت هلعابين المستوطنين وتركت هدما ودمارا في نحو 200 بيت ومبنىوفرضت على أكثر من 4 ملايين مستوطن ومستوطنة إمضاءساعات طويلة في الملاجئ. ومن الأضرار البارزة في إسرائيلتعطيل حركة مطار بن غوريون الدولي وتحويل الطائرات القادمةلإسرائيل نحو مطار رامون في إيلات، وضرب مخازن وقود فيميناء أسدود.

يوم الاثنين 17 مايو ذكر الجيش الإسرائيلي إن حماس، وفصائلمسلحة أخرى أطلقت أكثر من 3100 صاروخ من القطاع خلالسبعة أيام إبتداء من يوم الاثنين 10 مايو 2021.

وأضاف الجيش أن هذا العدد يفوق نصف الصواريخ التي أُطلقتخلال حرب غزة عام 2014 التي استمرت 51 يوما كما أن هذاالقصف أشد حتى من قصف حزب الله اللبنانية لإسرائيل خلالحرب عام 2006 بين الجانبين.

وتقول السلطات الإسرائيلية أن نظام الدفاع الصاروخيالإسرائيلي إعترض الكثير من تلك الصواريخ بينما لم تصلبعضها لأهدافها وسقطت داخل القطاع.

 

حيرة إسرائيلية

 

وجد تحليل أجراه مايكل أرمسترونغ، الأستاذ المشارك في أبحاث العمليات في جامعة بروك في كندا، زيادة كبيرة في معدل إطلاق الصواريخ.

وذكر أنه خلال الساعات الأربع والعشرين الأولى من التصعيد الأخير تم إطلاق 470 صاروخا من غزة مقارنة بذروة 192 صاروخا يوميا في عام 2014 و 312 صاروخا في عام 2012.

وقال أرمسترونغ: "ما زلنا لا نعرف ما إذا كانت لدى حماس المزيد من الصواريخ بعيدة المدى، أم أنها تختار استخدام أفضل ما لديها أولا".

وحسب موقع الحرة نجحت إسرائيل في إحباط العديد من الصواريخ التي تم إطلاقها حتى الآن بنظام القبة الحديدية، مما أدى إلى تدميرها قبل أن تهبط.

لكن عددا متزايدا من الصواريخ سقطت على الأراضي الإسرائيلية، بعضها كان له أثر مميت، وهو ما قد يكون نتيحة لتكثيف النيران في اتجاهات محددة خلال التصعيد الأخير. 

حسب مصادر أمريكية يعتقد أن جزءا كبيرا من ترسانة حماس هو صواريخ قصيرة المدى، تعرف باسم صواريخ القسام، والتي يبلغ مداها حوالي 10 كيلومترات ويتم إنتاجها بسهولة ورخيصة أكثر من الأسلحة بعيدة المدى. 

كما تمتلك حماس صواريخ متوسطة المدى، قائمة على التصميم الإيراني والروسي، تصل إلى أهداف تصل إلى 25 ميلا، مما يجعل الأهداف الإسرائيلية حتى ضواحي تل أبيب معرضة للخطر. ويعتقد أن نسخا من هذه الأسلحة يتم إنتاجها داخل غزة.

بالإضافة لذلك، تمتلك حماس صواريخ طويلة المدى يمكن أن تضرب تل أبيب والقدس ومطار بن غوريون. وهي تشمل صاروخ M-75، وهو صاروخ محلي الصنع بتكنولوجيا قدمتها إيران، وصاروخ J-80، وهو صاروخ محلي الصنع سمي على اسم القائد العسكري الشهير لحركة حماس، أحمد الجعبري، الذي استشهدفي غارة جوية إسرائيلية في عام 2012.

ويوم الخميس 13 مايو، أعلنت حماس، في بيان، أن لديها صاروخا يبلغ مداه 250 كيلومترا، يسمى عياش، وذكرت أنه استهدف مطار رامون قرب أيلات.

وفي الماضي، كانت الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى تهرب عادة عبر الأنفاق على طول الحدود الجنوبية لغزة مع مصر، وفي بعض الحالات تهرب مفككة، ثم تجمَع في غزة. 

لكن في السنوات الأخيرة، طورت حماس عملية الإنتاج داخل القطاع.

وقال مايكل هرتسوغ، الزميل الدولي المقيم في إسرائيل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والعميد المتقاعد في جيش الدفاع الإسرائيلي، إن مسؤولي الجيش والمخابرات الإسرائيليين قلقون أكثر الآن بشأن قدرات الفصائل على إنتاج صواريخ كانوا من قبل يحصلون عليها من الخارج.

وأرجعت الحركة نجاحها علانية إلى المساعدة التي قدمتها إيران، التي تعتبرها إسرائيل أقوى خصم أجنبي لها.

في مايو 2019، اعترف يحيى السنوار، القيادي في حركة حماس، بدور إيران الحاسم في مساعدتهم. وقال: "لولا دعم إيران، لما كانت لدينا هذه القدرات".

وكان مصدر إسرائيلي قد ذكر لموقع الحرة، يوم الجمعة 14 مايو، إن "إسرائيل لم تتخذ قرارا بعد بإسقاط حماس في القطاع، وأنه في حال اتخذ هذا القرار من قبل الحكومة، فيقدر المصدر أن مثل هذه العملية ستستغرق 12 ساعة"، ولكنه أشار إلى أن تداعياتها من ناحية الخسائر بالأرواح ستكون كبيرة للغاية.

وفي حين أكد أن ضربات إسرائيلية مكثفة استهدفت المنظمات الفلسطينية، في حماس في الأيام الماضية، أقر أنه لا تزال لحماس والجهاد الإسلامي قدرات صاروخية وهجومية، الأمر الذي قد يمكن المنظمتين من مواصلة إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية في الأيام المقبلة.

 

مخاوف

 

حسب مصادر رصد في العاصمة الألمانية برلين تخشى كل من تل أبيب وواشنطن وفي ظل المواجهات الحالية واستمرارها، من اختراق قوى منافسة لأحد أكثر المجالات حساسية في أنظمتهما العسكرية. ويذكر أن أطرافا عديدة تتابع عبر الاقمار الصناعية أو عبر اجهزتها في سفاراتها بفلسطين المحتلة والدول المجاورة كل ما يتعلق بعمليات القبة الحديدية لأنها تتضمن الكثير من التقنيات المتقدمة التي تحرص تل أبيب وواشنطن الحفاظ على سريتها خاصة وأن جزء منها يدخل في نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي المفترض أنه يكفل حماية كبيرة لأراضي أمريكا الشمالية من هجمات صاروخية نووية من روسيا والصين وكوريا الشمالية.

كما أن هناك مخاوف غربية من أنه بموازاة مع استنزاف قدرات القبة الحديدية تتزايد المغريات لحزب الله اللبناني الذي يقال أن ترسانته تضم ما يناهز 150 الف صاروخ جزء منها عالي الدقة، وكذلك لإيران لشن هجوم صاروخي كاسح.

فرضية توسع نطاق المواجهة وردت يوم الاثنين 17 مايو على لسانالجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة حيثحذر من خطر زعزعة الاستقرار بشكل أوسع يتجاوز قطاع غزةإذا لم يتم خفض التصعيد في القتال الدائر بين إسرائيلوالفلسطينيين.

وأشار ميلي، إلى أن أفعال إسرائيل تمثل دفاعا عن النفس لكنهحذر أيضا من أنه في ظل مستويات العنف تلك فإن "مواصلةالقتال ليست من مصلحة أي أحد".

وأضاف في تصريحات للصحفيين قبل الوصول إلى بروكسللإجراء محادثات مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي "تقييميللأمر هو أنكم تخاطرون بزعزعة الاستقرار بشكل أوسع وبسلسلةمن التداعيات السلبية إذا استمر القتال.

"لذا في رأيي، أعتقد أن خفض التصعيد نهج عمل ذكي في هذهالمرحلة بالنسبة لكل الاطراف المعنية".

بموازاة مع تصريحات رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركةذكرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" في ساعةمتأخرة من مساء يوم الاثنين إنها تنسق مع القوات المسلحةاللبنانية لتعزيز السيطرة الأمنية بعدما رصدت إطلاق صواريخ منمنطقة راشيا الفخار شمالي كفر شوبا في جنوب لبنان. 

وذكرت اليونيفيل على تويتر "... ردت قوات الدفاع الإسرائيليةبنيران المدفعية على المكان الذي انطلقت منه الصواريخ"، وأنقائدها ستيفانو ديل كول اتصل على الفور بنظرائه في الجيشاللبناني وقادة الجيش الإسرائيلي "وحث على التحلي بأقصىدرجات ضبط النفس لمنع أي تصعيد في الموقف".

وأضافت اليونيفيل "أوقفت قوات الدفاع الإسرائيلية الآن إطلاقالنار".

وذكرت أنها تدعم الجيش اللبناني في عملية البحث في المنطقة،وكثفت الدوريات "لمنع وقوع أي حوادث أخرى تعرض سلامةالسكان المحليين وأمن جنوب لبنان للخطر".

وقالت "لا يزال قائد اليونيفيل على اتصال بالأطراف لضمانالاستقرار في المنطقة وتهدئة التوتر".

وأضافت "الوضع هادئ الآن في المنطقة".

 

خط الدفاع الأول

 

تتسابق الدول الكبرى على تجهيز جيوشها بأحدث التقنيات العسكرية، وخاصة في مجال الدفاع الجوي، الذي أصبح خط الدفاع الأول عن أية دولة، لأنه يوفر الحماية اللازمة للقوات المرابطة على الأرض في وقت السلم والحرب، ويشكل تمكنها من معرفة أسرار شبكات دفاع خصومها عنصرا في غاية الأهمية.

ويكون سلاح الدفاع الجوي لأية دولة في حالة استعداد قتالي دائم على مدار الساعة، لأن دقائق معدودة يمكن أن تسمح للطائرات والصواريخ المعادية بتدمير المواقع الإستراتيجية للدولة وقواتها العسكرية.

 يعتمد عمل قوات الدفاع الجوي على عنصرين أساسيين أولهما رصد الهدف، وهي مهمة تقوم بها محطات الرادارات الأرضية أو رادارات الإنذار المبكر أو في بعض الأحيان بواسطة الأقمار الصناعية.

والعنصر الثاني هو إطلاق صاروخ مضاد لتدميره، ويعتمد ذلك على امتلاك الدولة لمنظومة دفاع صاروخي لديها القدرة على تدمير الصاروخ أو الطائرة المعادية قبل وصولها إلى الهدف.

وتركز غالبية جيوش الشرق الأوسط على امتلاك قدرات دفاعية لحماية سمائها، ضد أي عدوان خارجي يمكن أن يستهدف أراضيها.

تشير تقارير إخبارية إلى أن إحدى دول الشرق الأوسط تسعى للحصول على منظومة الدفاع الجوي الألمانية "إيريس تي" المطورة، التي تضم صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، تمكنها من التعامل مع الأهداف التي تحلق على ارتفاعات منخفضة وتنطلق من مسافات قريبة، خاصة الطائرات المسيرة، التي أصبحت تمثل تهديدا عسكريا خطيرا، لعدم قدرة المنظومات الدفاعية الموجودة حاليا على التعامل معها.

في نهاية 2018، ذكر تقرير لصحيفة "زود دويتشه" الألمانية، أن مصر تستعد لاستلام منظومة الدفاع الجوي التكتيكي "إيريس تي" (إس إل إم)، التي تصنعها شركة "دايل" الألمانية.

وتضم منظومة الدفاع الجوي الألماني نوعين من الصواريخ، التي تمكن مستخدمها من إطلاقها صواريخ موجهة قصيرة ومتوسطة المدى من البر والبحر والجو، وفقا لاحتياجاته الميدانية، إضافة إلى محطات الرادار ومراكز القيادة والسيطرة، بحسب موقع الشركة المصنعة للصواريخ "دايل" ووفقا لما ذكره موقع "أوجين جيراديوس" الألماني.

عمر نجيب

[email protected]