ان ذلك الحزب اول ما ظهر لنا في شكله الحالي كان بعد استتباب امر الواقع المتمثل في حكم البلاد من طرف السيد محمد ولد عبد ا لعزيز لما اغتصب السلطة في حالة غياب رِجَال الوطن، يوم كانت البلاد شبه مهملة!
و حسنا فعل ولد عبد العزيز لما ابتدع حزبا سياسيا خاصا به رغم ان العناصر المكونة لذلك الحزب قد جاء بعضها (متسللًا) من حزب (عادل) الذي كان حزب الحكومة ، او الحزب الجمهوري الذي كان قبله ، ثم فلولا اخرى اوشكت على الشيخوخة من بقايا حزب الشعب!
و هنا يطرح السؤال التالي: فلم لا يسلك السيد الرئيس ولد الغزواني نفس المسار و يأمر هو الآخر بتشكيل حزب خاص به بعيدا عن المرجعية، و كذا النزاع مع ولد عبد العزيز حول ملكية حب الاتحاد من اجل الجمهورية، الذي كان من المفترض الا يكون مملوكًا من طرف اي شخص ، رغم ان ذلك كان هو الحاصل للاسف ابان حكم ولد عبد العزيز، حيث ظل هو من يعين رئيس الحزب و اعضاء مكتبه التنفيذي ، و ربما مجلسه الوطني ايضا ،و هنا يجب التذكير للسيد ولد عبد العزيز بأن ذلك الاسلوب الذي كان يمارس على الحزب لا ينتمي الى الدمقراطية في ثوبها الحالي عالميا على الاقل !
و اظن ان ولد الشيخ الغزواني السبب الذي جعله لم ينشئ حزبًا سياسيًا خاصا به هو كون المتنفذين في البلاد من رؤساء القبائل و رجال الاعمال و (لحلاحة) البلد كلهم قد تمركزوا سابقا في حزب الاتحاد الذي كان قائما على شخص رئيس الدولة. و لما ينشئ محمد ولد الغزواني حزبا جديدا فإن نواب حزب الاتحاد من اجل الجمهورية سوف يقعون -حينئذ- في حرج شديد، لأنهم اذا ما ذهبوا الى الحزب الجديد سوف يفقدون مناصبهم التي ستبقي لحزب الاتحاد ، و بتالي يفقدون دخلهم، و في حالة ما إذًا بقوا في حزب الاتحاد فربما يلجأ الرئيس الجديد الى حل البرلمان لأي سبب كان، و الدعوة الى إنتخابات سابقة لإوانها ، و بالتالي سوف يذبل حزب الاتحاد اذا لم يموت، كما حصل لسلفه حزب عادل ، و ذلك بخروج النواب منه جراء حل البرلمان.
لهذه الاسباب اضطر نواب الاتحاد الى تبني صغة جديدة تهمش دور ولد عبد العزيز في الحزب و هي مصطلح (المرجعية) الشيعي الاصل الذي يجعل الحزب تابعا لرئاسة الدولة، و بالتالي يكون الحزب تابعا ايضا للرئيس الجديد، بمجرد ما يؤدي اليمين الدستورية، و يستمر الحال هكذا الى ان تنتهي مأموريته الاخيرة، لليفتح الحزب ذراعيه من جديد للرئيس القادم و هكذا دواليك!
لهذه المعطيات و غيرها فإن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يجب ان يصحح مسار دعواه بحيث تكون موجهة ضد نوابه بدلا من ولد الغزواني، ألائك النواب الذين يزعم البعض أنه زور لهم الانتخابات و انفق اموال الشعب من اجل نجاحهم، لعل ذلك يساعده في مأمورية ثالثة ان سمحت الظروف بها!
وعليه ايضا ان يدخل الان ذلك النزاع من بابه الواسع ضد نوابه السابقين، وكذا يتخلي عن حمل شعار الدمقراطية لأنها لا تسمح له بستخدام اسمها لكونه لا يتذكرها الا في حالة وقوعه في مأزق ما و عند خروجه منه يرميها في مزبلة (تيفيريت) .
و أظن انه ايضا يجب عليه ألا يتباكي على الدستور و هو الآن المتشبث بعروة المادة (93) منه لعلها تنقذه من غرق وشيك! أفليس هو من ذبح الدستور على مسرح الانقلابات ، و الذي اعترف هو نفسه بقيادته لاثنين منها ، فواحد منهم ضد رئيس منتخب. ولو كان ذلك الانتخاب صوريا!
و الان و بعد ان تأكد محمد ولد عبد العزيز بأنه ليس من اختصاصه تفسير القانون من اجل تحديد مسار اختصاص المحكمة المتعلقة بمساءلته عما نسب له من نهب منظم لثروات البلاد و منافعها طيلة عقد من الزمن و ربما عقود قادمة.
و بعد فشله ايضا اي ولد عبد العزيز في كل محاولاته السابقة من اجل انقاذ نفسه من ورطة هذه الدعوى فإذا هو الآن يستجدي ( جهة الشمال) ، و يستدر عطف بعض القبائل ضد قبائل اخرى ، يزعم انها هي السبب وراء مقاضاته بتهم الفساد ، و ظن انه سيعلم لاحقًا بأن تلك القبائل مهما كان إمتدادها الجغرافي و قوتها فإن الجيش الوطني سيظل اقوى منها ، لأنه المؤسسة الوحيدة التي تضم كل القوميات الوطنية و الجهات و القبائل و لن يقبل بأي حال من الاحوال ان تتعرض البلاد للمخاطر من اجل احتفاظ رئيس سابق بأموال مجهولة المصدر بعضها موجود في الداخل و البعض الاخر في الخارج و ربما يسلك طريقة اموال زين العابدين الرئيس التونسى السابق التي اختقت آثارها داخل صناديق الاداع الغربية تلك المشجعة على الفساد !
و اخيرا فإني انبه الى ان ملف الفساد المعروض حاليا امام القضاء جعل بلادنا على حافة الهاوية ، فإما ان تحسم دعوى الفساد فيه امام القضاء بالعدل و الانصاف ، و ما يترت على ذلك من استرجاع اموال الشعب و كذا العقوبات السالبة للحرية بما يناسب جرم الاختلاس المتهم به.
و في حالة فشل القضاء لاقدر الله في تلك المهمة فإن انتشال البلاد من تلك الهاوية يتطلب تدخل كل ابناء البلاد الغيورين عليها ، و ان لم يتدخلوا لإنقاذها فإن مآلها هو التقسيم بين دول الجران لا قدر الله ، و تبعة شعبنا الى تلك الدول ، او اختياره (التمندي ) في الصحراء الكبرى محتفظين بكرامتهم، تلك التي لاتقبل البيع او المساومة بأي ثمن كان !!
ذ/ إسلمو ولد محمد المختار ولد مانا