أكد الرئيس الفرنسي في نص دعوته لقادة دول الساحل بأنه “يريد جوابا واضحا حول قضية الوجود العسكري الفرنسي في مالي”.
وأضاف: “لا يمكنني بل لا أريد أن أرى جنودا فرنسيين في أي منطقة من مناطق الساحل، وبخاصة في هذا الوقت الذي يكتنف فيه الغموض تحركات مضادة لفرنسا يقف وراءها مسؤولون سياسيون”.
ونشر الرئيس ماكرون على حسابه في “تويتر”: "ينبغي أن نراجع ضوابط وجودنا المشروع في الساحل".
وعن مسؤول في الأليزيه قال “الغرض من اللقاء هو تجاوز سوء التفاهم، والبحث عن حلول للنظرات المتصاعدة غير المرحبة بالتدخل العسكري الفرنسي في الساحل، سواء على مستوى الرأي العام الفرنسي أو الرأي العام في الساحل وبخاصة في مالي وبوركينافاسو))
إن الاقتباس اعلاه يوضح أن فرنسا تريد أن يكون:
ـ احتلالها العسكري تحت طلب رؤساء دول مستقلة، وقد نجحت في ذلك الى حد الآن .
ـ فرنسا عرفت أن الرأي العام، يرفض التواجد العسكري الفرنسي في كل من النيجر، ومالي ،وبركينا فاسو
ـ أن الوجود الفرنسي غير مشروع ، نظرا لارتباطه باهداف غير التي اعلنت عنها فرنسا،،
ـ الوجود العسكري غير مرحب به،،فلماذا يفرض نفسه،،؟
ـ هل الشعوب لاتدري مصلحتها، وفرنسا فقط هي من تعرف مصلحة غيرها، وفي سبيل ذلك تضحي بجنودها كل في مالي والنيجر؟
من الواضح أن الرأي العام الموريتاني بدأت بعض الاقلام الحرة تشارك في توجيهه، والبعض يقول في تضليله عن طريق تقديم معلومات جزئية لم تهدف لتقديم رؤية مكتملة عن : عملية التدخل، ومبرراتها المحصورة في مصالح الدول الامبريالية، خلافا للشماعة التي تعمي البصيرة، بما تبهر به البصر ك"مواجهة التطرف المصاحب للتدخل العسكري الامريكي والغربي من افغانستان والعراق، وليبيا ، الى دول الساحل الخمس ، ولم يسأل احد السؤال التالي ما هي النتائج التي تم التوصل إليها خلال التدخل منذ عملية " سرفال" العسكرية في 11 يناير 2013، و تدخل قوات الأمم المتحدة " مينوسما" في يوليو من ذات السنة ، واستبدال قوات سرفال بقوات "برخان " في أغسطس من نفس السنة ؟ وما هو السقف الزمني لهذا التدخل العسكري، كاحتلال لدول مستقلة منذ سبع سنوات، ومواطنوها محجوزين في مدنهم، وقراهم، وقد منع الاحتلال عليهم حرية التنقل في بلادهم تحت دعوى محاربة التطرف، وحماية المدنيين ـ كما قال الصحافي النيجري للرئيس الفرنسي في مؤتمر باريس ـ ؟!
كانت بعض التحليلات في "المواقع" الحرة، توزع الرؤية التي يتبناها الإعلام الرسمي" الببغاوي" لدول الساحل، كما وردت على لسان مستشار الرئاسة الموريتانية الذي ذكر بمطالب المجموعة في:" اسقاط المديونية ، وتقديم المساعدات المالية"، وكان صريحا في لقائه البارحة في برنامج بمناسبة انتقال رئاسة المجموعة من موريتانيا الى جمهورية " تشاد" الذي بثته قناة فرانس 24 مساء يوم 18 من فبراير، لكن الذي سكت عنه المستشار، كغيره، هو : أن تلك المطالب مقابل " استعادة النفوذ الفرنسي، والتغاضي عن سرقة المعادن الثمينة من مالي، والنيجر" التي نفاها الاعلام الفرنسي على أساس أن تلك المشاهد المنقولة في "اليوتوب" منذ سنتين ، والمتداولة في وسائل الإعلام الاجتماعي بالعربية والفرنسية معا، كانت من افريقيا الوسطى خلال التدخل الفرنسي في الحرب الاهلية سنة 2013. وليست صور صفائح الذهب من مالي،،الأمر الذي عبر عن الاقرار بعملية الاستهداف للمعادن الافريقية من طرف التدخل العسكري الفرنسي، سواء أكانت مأخوذة من وسط افريقيا، ام في جمهوريتي مالي، والنيجر.
ولنا أن نسأل نحن الموريتانيين عن مصلحة موريتانيا في الانخراط في هذا المشروع الاستعماري، علما أن وسائل الاعلام الحرة في الشقيقة الجزائر، اظهرت صورا للجنود الامريكيين والفرنسيين في الشمال الموريتاني ،، ومن المحتمل أن تلك الصور مسربة للإعلام الحر، حتى لاتكون الدولة الجزائرية مسؤولة عنها ، لكن سؤال التحرى عن المعلومة هو: من اين لوسائل الإعلام الحرة بهذه الصور الجوية المأخوذة عبر الطيران العسكري ـ وربما الجزائري على الارجح ـ ؟
ويعزز هذا الاحتمال، أن الجزائر رفضت الدخول في مواجهة المتطرفين في إطار قوات التدخل الغربي في دول الساحل الخمس،، كما رفضت السينغال الدخول في هذا التحالف المشبوه،، فما مبررات رفضها، وبالمقابل قبول موريتانيا ؟!
وفي تقديري أن الموريتانيين يدركون خطورة التدخل العسكري الغربي على الاستقرار، والاستقلال ، والمحافظة على قيم السيادة الوطنية ، وبالتالي فإن قضية تمس بهذه المعاني الوطنية يجب أن تكون موضوع نقاش موسع، ولذلك يجب تحسيس الرأي العام بها، ومن الأولى أن تعرض على البرلمان، ليقول ممثلو الشعب رأيهم فيها، خاصة ان موريتانيا الآن ليست ساحة للمواجهة خلافا لمالي ، والنيجر اللتين عانتا من حركات انفصالية هي التي استعانت بالمتطرفين، لكن ما الذي يبرر اتخاذ نظام الحكم في موريتانيا موقفا دون الرجوع الى البرلمان خاصة في ظل رئاسة فخامة الرئيس محمد ولد غزواني الذي يهيب بوطنيته الرأي العام عن ان يعرض البلاد لخطر لاتقدر عواقبه السلبية،،إن هذا التبني لموقف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ، لايجد مبررا وطنيا، او مبدئيا، او حتى نفعيا.
إن فرنسا تروج للدعاية التي تعد من اوهام الظمآن في الشراب من السراب، وهذه الاوهام الفرنسية هي: اسقاط المديونية عن دول الساحل ، من طرف المؤسسات الدولية ، انها مطالب ترغيبية، وفرنسا بعيدة عن ان تكون جادة في تقديم اي مساعدة ، والدليل على التحايل الفرنسي أنها في مؤتمر " بروكسل" الأول اعلنت عن تقديم ثمانية ( 8) ملايين أورو قيمة للمعدات العسكرية التي سترسل الى دول الساحل،، بينما التزمت كل من الدول الأعضاء بتقديم عشرة ملايين، والسعودية أعلنت إسميا عن تقديم مائة مليون دولار، أما على المستوى الفعلي ، فالله اعلم بما قدمت يداها، ولمن قدمت له مساعدتها ؟
صحيح ان تجنب الدخول في الحروب، يحتاج الى رؤية وطنية، وهي المؤملة في ان تؤثر مصالح البلاد على مصالح فرنسا الاستعمارية،،وأن الاستغناء عن المساعدات، والاستجداء، يحتاج الى قناعة أن بلادنا غنية بثرواتها،، وما تحتاجه، هو :
1/ الى تغيير بنية النظام الإداري، ومالي ، لحماية المال العام،،
2/ تخطيط تنموي يركز على القطاع الفلاحي، واستصلاح الاراضي،، وتوزيعها على من يستغلها، ولاتبقى محتكرة بالملكية القبلية المعطلة ،،
3/ واستعادة القطاع العام لدوره في التوريد، والتصدير، بينما يكون دور القطاع الخاص في التوزيع في الأسواق الداخلية، والمشاركة في مشاريع البنية التحتية العديدة،،
4/ وتوجيه الموارد المالية والضرائب ، والرسوم الجمركية الى خزينة الدولة، وليس الى جيوب الافراد، كما هو الحال،،
5/ وحماية الثروة السمكية ذات المردود المالي المنهوب من طرف المستثمر الخاص، والشركات الاجنبية التركية، واليابانية، والصينية ، والروسية، والغربية،،
فمتى تتجه الانظار الى ما عندنا، وليس الذي عند غيرنا،،؟!
إشيب ولد أباتي