تماما كما توقّع علماء الاجتماع عند ظهور فيروس كورونا . تسببت الجائحة في انهيارات اقتصادية وافلاس شركات ضخمة وتقويض استقرار الطبقات الاقتصادية والشرائح الاجتماعية .
ولتكرار ما قلناه سابقا ودون تردد ( لم يعد هناك دولا قوية بل هناك مجتمعات قوية ) . أريد تذكير القراء ان شاشات البث في العالم نقلت في شهر آذار السابق كيف تقاتل المستهلكون في متاجر أمريكا حين ضربت النساءُ النساءَ بسبب نقص لفائف " التواليت " . فكيف سيكون الحال مع اللقاح !!
هل تتقاتل الدول والشعوب والحكومات وأجهزة الأمن على اللقاح ؟ وهل يتدخل العالم السفلي والمافيات في سوق اللقاح ؟
وبينما يلوح الإغلاق الثالث في الأفق وتخطط دول اوروبا وحكومات العالم لفرض اغلاق جديد قد يستمر لخمسة اسابيع اخرى . ينقسم الرأي العام حول جدوى ذلك ، وأن الاغلاق يسحق الطبقة الفقيرة سحقا قاسيا لا سيّما الذين يعملون بالمياومة .
المجتمع الفلسطيني يقوم على العائلة الممتدة ، ونادرا ما نجد عائلة نووية فيه . وبالتالي فان الاختلاط قائم نسبيا بين الأعمام والأخوال والعمّات والخالات والجيران بمعدل مئة نفر لكل عائلة يتشاركون في الزيارات والمرافق الحياتية . سواء كان هناك اغلاق أم لا .
وأني لأرى أن الغاية السامية عند الفلسطينيين يجب أن تكون الآن (السلم الأهلي) وإطفاء اية صراعات جانبية بمنطق التوازن وبمنطق العقلاء . فالوباء خطير ولا يفرق بين مخيم أو مدينة ، ولا عشيرة كبيرة وصغيرة . كما ولا يفرق بين رجل أمن او مقاتل مسلح أو أعزل .
ما يشغل بال الحكومات هذه الأيام اذا كان هناك اغلاق كورونا أم لا ! وما يشغل بال علماء الاجتماع الآن هو الخروج من الجائحة من دون تحطّم المجتمع وعلاقات الانتاج .
وفي النهاية إن الحكومات لن تكون أحرص على حياتنا منا . وإن معظم الصراعات واطلاق النار والغضب الذي ظهر مؤخرا يمكن تجاوزه بالحكمة والعقل والقانون والنظام .
وبانتظار اللقاح . وبانتظار أن تزول الغمّة . وبانتظار أن تعود الحياة الى طبيعتها والناس الى أشغالها ، لا بد من إطفاء كل براكين الغضب بداخلنا والسير بتوازن نحو خروج آمن من الأزمة دون أن نخسر أنفسنا .
د. ناصر اللحام