إنكم تخادعون أنفسكم أيها المسؤولون الفرنسيون وتحرجون أصدقاءكم إلى أبعد حد، فما تقومون به هو عمل عبثي بلا معنى يسيء إليكم قبل أي كان ويخلق لكم خصوما وعداوات أنتم في غنى عنها.
إن الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية ليست قرار مجموعة محدودة أو جماعات متطرفة كما يحلو لكم أن تسوقوا، بل هو قرار نابع من ضمير كل مسلم أزعجته وأساءت إليه تصريحات الرئيس الفرنسي بإضفاء صفة الارهاب على الاسلام، واستفزه تعسفكم في ازدراء معتقداتهم واعتبار ذلك حرية تعبير، بنفس الإزدواجية في المعايير وطريقة الكيل بمكيالين التي دأبتم عليها كلما تعلق الأمر بنا.
أنا على يقين أنكم كنتم تتمنون من المسلمين ردا عنيفا بتفجير هنا أو هناك واغتيالات هنا أو هناك حيث تجدون فرصتكم للعب دور الضحية، وخلق مبررات لاستخدام القوة وفرض رؤيتكم ومفاهيمكم كما تعودتم.
لكن المسلمين من الآن فصاعدا، وهم أكثر وعيا من أي وقت مضى، سيستخدمون ردودا أكثر نجاعة وسلمية و"تحضرا"، وسيُطورونها تصاعديا وبشكل سلمي قد يتعدى مقاطعة المنتجات إلى وقف الصادرات وكل أشكال التبادل معكم، أليس من حقهم تحويل وجهتهم إلى دور الموضة بإيطاليا وإسبانيا، أو اختيار الألبان ومشتقاتها من هولندا، واستخدام التكنولوجيا الألمانية الأفضل أداء، ناهيك عما توفره الصين ونمور آسيا بجودة عالية ودون ثمن سياسي أو عقائدي، هذا إذًا لم يُقرروا - وهم قادرون تماما على ذلك - السير في الخيار الأفضل وهو أن يأكلوا مما يزرعون، ويخيطوا ملابسهم بأيديهم، ويدفعوا باتجاه الاكتفاء الذاتي والتكامل الاقتصادي بين دولهم، ليتركوا "فرنساكم" هذه على أرصفة التاريخ مع رسومها المسيئة وحرية تعبيرها المشوهة ورئيسها الغِر.