من المعلوم لدى معظم الحقوقيين أن الدولة أية دولة كانت لابد أن تتدخل قانونياً وأخلاقياً كل ما حلت كارثة طبيعية لادخل للأ نسان فيها ،ويكون ذلك التدخل - عادة - بحجم الأضرار التي لحقت بالمنكوبين جراء تلك الكارثة .
كمايجوز للدولة التدخل فيما إذا كتشفت معادن نفيسة أوبترول في أملاك خاصة ، على أن يعوض لاصحاب تلك الاملاك بقدر المنفعة المُحتملة التي كان بإمكانهم الحصول عليها من عقاراتهم .
ورغم أن الدولة الموريتانية مثلها مثل معظم الدول يعتقد أن لديها تشريعات في هذا المجال تتعلق على الخصوص بما يعرف (بالضفاف) الناتجة عن السيول أو الانجرافات الطينية ، وكذا المعادن المكتشفة في أملاك الخواص العقارية ، إلا أننا لم نجد قرارات أو أعراف تفيد بتنفيذ هذه التشريعات أو الاعراف إن وجدت أصلا رغم دواعي ذلك .
فعلى سبيل المثال للحصر مما يؤكد ماأشرت إليه آنفا فإنه عند ماوقعت كارثة إنهيار جسر كامور الرابط بين شرق البلاد وغربها فلم نجد تدخلا معتبراً من طرف الحكومة الموريتانية يؤازر المواطنين المنكوبين جراء تحطم الجسر المذكور ، كمالم نجد تدخلا من طرف منظمات المجتمع المدني أو العسكري بالقدر الذي يجبر الضرر الذي أصاب أولئك المواطنين المنكوبين ، أو يخفف عنهم على الأقل صدمة فقدان ممتلكاتهم ، وكأن حادثة إنهيار الجسر - بالنسبة للدولة الموريتانية - قد حدثت في جزر واق الواق الأسطورية .
وهناك مثال آخر على تقاعس الحكومة الموريتانية عن مساعدة المواطنين المتضررين من الكوارث الطبيعية ، ففي صيف 1996 تساقطت أمطار غزيرة على وادى گرو مما أدى إلى إنجراف سد (آگني )سلامة التابع له الشئ الذي أدى إلى وفاة عدة أشخاص وفقدان الكثير من الممتلكات الخاصة وسقوط كثير من أشجار النخيل ونفوق أعداد من الحيوانات ، ولم تحرك الحكومة يومئذ ساكنا ولا عمد المقاطعة ولانائبها ولا شيخها ، لان كل أولئك المسؤلين مثل حكومتهم لا يتذكرون مواطنيهم إلا بحلول إستحقاقات إنتخابية جديدة وبمجرد فرز نتائجها تعود ذاكرتهم الجمعية إلى سباتها الابدي .
وأخيراً وهذا بيت القصيد فإن سد وادي گرو سالف الذكر تعرض في فصل الخريف الأخير إلى كارثة جرفته عن آخره مما أدى هذه المرة إلى إتلاف عشرة بساتين من النخيل الجيد وكذا إنجراف تربتها مما قضى على إمكانية إعادة النخيل أو الزراعة التي كانت تتم تحت ظلا له ، الشئ الذي أفقد عشر عائلات دخلها الأساسي الذي كانوا يعتمدون عليه ولم يعد لهم سوى عون الله ذلك المعين الذي لا ينضب .
إذاً والحال هكذا فإذا كانت الحكومة الموريتانية يومئذ معذورة في ظل الحكم الفاسد فما هو عذرها اليوم في كنف الإصلاح والحكم الرشيد ! هذا الحكم الذي لم نر الناطق الرسمي بإسمه أو المتأتئ نيابة عنه يتناولون موضوع تلك الكوارث وإن حصل شئ من ذلك فمرور كرام من طرف مذيعين ينقصهم الحس الوطني المرهف والمعبر عن مشاكل المواطنين أصدق تعبير .
وغياب الدولة هذا عن هموم المواطن جعله ذلك لم يعد يميز بين الحكومات المتعاقبة كحبات السبحة أوالمعارضة ، بل صار أمل هذا المواطن محصورا في تغيير أوضاعه مثله مثل (الضبعة) التي حين يولد لها مولود جديد تأمل خيرا أن يكون خالياً من عرج الضباع الوراثي ، وَلَكِن بمجرد بلوغه سن المراهبة فإذا بلحمة فخذه تسرق وعظم ساقه يرق ورويداً رويداً يصير أعرجاً تماماً مثل أبناء جلدته .
ولعل واقع دولتنا هذا هو ما كشف عنه للمرحوم الشيخ محمد المامي أو تنبأ به في بعض ماقال عن مصير الدولة المريرانية << الخط الصالح مايدرگ يلخبخابة دونك لعيال>> وهذا العيال أيها الشيخ الجليل كان يائساً ومنهكاً في ظل نظام العقيد معاوية الموصوف بالفاسد ومازال يعيش نفس البؤس والإنهاك في كنف نظام الجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي مازال ينتظر من يصف نظامه بموضوعية عند ما تنتهي مدته إذا كانت ستنتهي فعلا في الآجال الدستورية إن إحترمت حينئذ .
ذ/إسلم ولد محمد المختار
ملاحظة : البساتين المتضررة يمثل أصحابها كل من
محمد المختار ولد محمد الناجم
والمصطفى ولد إمحيمد