جاء في بيان صادر عن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة: "لم يعد خافيا على أحد أن السلطة القائمة قد قررت الهروب من مسؤولياتها، وترك الشعب الموريتاني يتخبط في أزمات ومشاكل لا حصر لها:
ارتفاع جنوني للأسعار؛ جفاف يهدد الثروة الحيوانية ولا إجراءات جادة لمواجهته؛ انفلات أمني غير مسبوق؛ تفخيخ اللحمة بين مكونات وشرائح شعبنا؛ تجاهل النزاعات العقارية بل وتغذيتها في بعض الأحيان، مثل ما حدث مؤخرا في مقاطعة "كرو"؛ ترك التعليم ينهار رغم شعار سنة التعليم والتي كان ختامها تسريب بعض مواد الباكالوريا؛ تفشي البطالة ووصولها إلى نسب مفزعة؛ الاستيلاء على الأراضي والمرافق العامة وتحويلها إلى أملاك خاصة ( المطارـ الملعب الأولى- مدرسة الشرطة..إلخ).
كل هذه المشاكل والأزمات تواجه بتجاهل مطلق من هذه السلطة، التي اختار رأسها القيام بأكثر من زيارة عبثية إلى غالبية ولايات الوطن، دون أن يقدم لهذه الولايات المزورة أي شيء قد يساعدها على مواجهة المشاكل والأزمات التي تعاني منها.. ولعل مظاهر العطش الشديد- التي صدمت الجميع- كانت من أبرز هذه المعضلات، التي تواجهها غالبية المدن والقرى المزورة، التي تعاني أيضا من انهيار للتعليم، وتدن للخدمات الصحية، والعزلة، والجفاف، والنزاعات العقارية، وهي جوانب تمثل عصب الحياة، لكنه غادرها ودون أن يترك خلفه أي أمل في أن تجد أي مشكلة من تلك المعضلات حلا في المستقبل المنظور.
ينضاف إلى كل تلك المشاكل: ما تعرفه البلاد اليوم من انسداد سياسي، يبدو أنه هو أيضا سيظل في تفاقم نظرا لتعمد السلطة القائمة الإجهاز على بصيص الأمل الذي تولد عند بعض الموريتانيين حول إمكانية إجراء حوار جدي، قد يساعد في التخفيف من حدة هذه الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتفاقمة، التي تعرفها البلاد منذ انقلاب أغسطس 2008.
إننا في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، نندد بتجاهل النظام لهذه الأزمات وتجاهله المطلق لها ونرى أن مقاربة النظام لجميع التحديات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والأمنية، تمثل تهديدا لحاضر ومستقبل البلاد، والتي تدفع بالبلد باتجاه منزلقات خطيرة، ما فتئنا نؤكد أن الحوار الجاد هو خيارنا الاستراتيجي، ونرى أنه هو المخرج الآمن من كل هذه الأزمات التي تتخبط فيها بلادنا بسبب الارتجال والأحادية الذين جعل منهما رأس السلطة أسلوبا في الحكم وفي تسيير شؤون البلاد.
خيار جسه المنتدى في وثيقة، سلمت لوفد السلطة، دون أن يتلقى أي رد مكتوب على تلك الوثيقة، الشيء الذي يؤكد أن السلطة القائمة كانت قد قررت سلفا أن لا ترد بشكل مكتوب وهو ما يؤكد عدم جديتها للحوار أصلا ، وإصرارها ـ منذ وقت مبكر ـ على التنصل من الحوار ومن أي التزام، من خلال التقدم بالتزامات شفهية في غرف مغلقة من السهل التنكر لها من طرف سلطة لم يعرف عنها أنها كانت قد وفت بأي تعهد قطعته على نفسها، سواء كان ذلك التعهد للشعب الموريتاني أو كان خاصا ببعض الشركاء السياسيين.
ويبدو أن السلطة القائمة قد قررت بأن تكرر نفس أخطائها ونفس أساليبها القديمة من خلال تنظيم حوار جزئي، لن يحل الأزمة السياسية، وإنما سيزيدها استفحالا وخطورة.
إن الإصرار على استخدام نفس الأساليب، سيؤدي حتما إلى نفس النتائج الخطرة.. فلو كانت الحوارات والانتخابات الجزئية قادرة على تجاوز الأزمات السياسية لما كانت بلادنا تعيش اليوم أزمة بهذا الحجم، وهو ما يجب على السلطة أن تفهمه وأن تعيه قبل الدخول في مخاطرة جديدة لن تكون قطعا عواقبها محمودة.