فالبرنامج الأول يقدمه د/الشيخ ولد سيدي عبدالله، الذي قرأت له الكثير كما تابعت له عدة مقابلات و تحقيقات كانت ناجحة، وقد أدارها مع كوكبة من سياسين و اصحاب فكر و مناضلين وطنيين، وقد أعجبت كثيرا كذلك برسالة دوكتراه الشاملة المتعلقة بالشعر الموريتاني بشقيه الفصيح و الشعبي، وقد كانت اكثر من رائعة بحيث اني قرأتهامن الصفحة الأولى الى الأخيرة.
الا انني رغم ذلك لدي ملاحظتين واحدة منهما حول شخصه الكريم فيما يتعلق بانفعال قد صدر منه اثر إستفزاز تعرض له، والذي كان من الأجدى ان تكون ردة فعله غير تلك التي صدرت منه يومئذ!
أما الملاحظة الثانية فإنها تتعلق بإسم برامجه القيم المدعو ( الصفحة الأخيرة ) ان ذلك البرنامج القيم قد نفض كثيرا من غبار النسيان عن ذكريات شخصيات وطنية قد ساهمت فكريا ونضاليا و اقتصاديا في وجود الدولة الموريتانية ذاتها بل وحتى في نهضتها الحالية، و ملاحظتي تكمن في تقديم البرنامج في شكل كتاب فارغ قد محي ما كتب في صفحاته الا صفحته الأخيرة محل العنوان و التي لا يوجد فيها سوى اسم البرنامج و الشعار الوطني الأمريكي، و اخشى ما اخشى ان يمحى أيضا ما كتب فيها هي الأخرى بسبب عدوى الصفحات الفارغة التي سبقتها، الا انني متأكد مما قال الشاعر
: ماخط في الوح يمحى و يمحى ولكن ما في القلب يأبى عن المحى!
أما الملاحظة المتعلقة بالبرنامج الثاني المسمى ( عيل لكباح) الذي يعده و يقدمه الأستاذ الأديب اتقانه ولد النامي المعروف بميزتين أساسيتين هما الإبداع و النقد اللذين قل ما يجتمعان لدى شخص واحد انه يتميز كذلك بذكاء مكنه من استيعاب معظم الثقافه الوطنية وقد أعجبت كثيرا بأدائه في المجالس الأدبية التي سبقت هذا البرنامج و التي كانت مشاركته فيها ممتعة و مفيدة.
الا انه في هذا البرنامج الأخير المسمى عيل لكباح لاحظت ان تلك التسمية إذا ما ترجمت الى الفصحى فإنها ستكون ( عيل لقباح ) و القبح معروف انه عكس الحسن و اولائك الأدباء -المعروض حوارهم- او (كطاعهم) اكثر طيبة و نبلا ممن يوصفون بذلك الوصف الذي لا يليق بمثلهم، علما ان مصطلح لكباح معروف لدى شعبنا الا انه لا يطلق على من كانت مكانته الأدبية و العلمية ذو شأن كبير، و من المستحسن من وجهة نظري البسيطة إذا ما أريد إعطاء اسم معبر عن حوار اولائك الأدباء ان يكون الاسم هو حوار الأدباء او (كطاع لمغنين).
و أظن ان هذه الملاحظة يشاركني فيها كل متذوقي الأدب الحساني او المتطلعين على سير اولائك الأدباء.
و مما لاشك فيه ان أهل ( أكيدي) لا يرضون عن تلك التسمية لما توحي به من حدة المزاج و الاستعداد للمواجه او الاقتتال ولو بالكلمة و ذلك الان لكطاع يعتبر نمطا أدبياً يغوص في اعماق المعاني قارئا ما بين السطور ملمحا على بعض الغمزات في مسلكيات الطرف الثاني في ذلك الحوار وهذا الأسلوب العميق هو ما عبر عنه الشاعر العظيم (البوحتري) في تبيانه لوظيفة الشعر في قوله :
الشعر لمح تكفي إشارته و ليس بالهذر طولت خطبه .
و في الختام لكم مني التقدير و الاحترام ايها الأستاذين المحترمين فرجائي المعذرة فيما ذكرت من ملاحظات حول البرنامجين المذكورين اعلاه وما تطرقت له من ملاحظات هو مساهمة بسيطة في تقويم ما يعرض من نصوص ادبية تتعلق بماض هذا الشعب الذي قد كان يوما ما طيبا و الذي أتمنى ان يعود كذلك في ما سياتي في قادم الايام .
ذ/ اسلم ولد محمد المختارولد مانا