إرتفع سعر قطعة السلاح ذاتي الصنع في الضفة الغربية في العام 2019 عن العام الماضي من 1500 شيكل ( نحو 400 دولار أمريكي للقطعة ) إلى 3000 شيكل وغالبا 4000 شيكل ( نحو الف دولار أمريكي للقطعة الواحدة ) .
يدور الحديث عن أرقام اسرائيلية نشرتها الصفحات الأمنية الرسمية في اسرائيل قبل أيام وجاء فيها أن الضفة تواصل تصنيع السلاح ، وهو أمر تأخر كثيرا لأن الضفة الغربية كانت ولا تزال تعتقد بوجود حل سياسي على المدى المنظور .
وفي الأرقام التي نشرها الاحتلال أن إسرائيل باتت مضطرة لإستخدام تكنولوجيا متقدمة للعثور على السلاح ( ويبقى السؤال اذا كان الاحتلال يستخدم المسح النووي على الحواجز وفي دوريات التفتيش ) . وتعتمد اسرائيل على استراتيجية تحطيم البيضة قبل أن تفقس . على حد وصفهم .
ومنذ بداية العام 2019 صادر الاحتلال 270 قطعة مصنّعة من انحاء مختلفة في الضفة الغربية مقابل 400 قطعة مصنعة صادرها الاحتلال طوال العام الماضي 2018 . كما تشير الارقام أن الاحتلال اعتقل 1000 فلسطيني بتهمة حيازة أو تصنيع سلاح ذاتي التصنيع كما صادر الاحتلال 450 الف شيكل من الاسرى الذين اعتقلهم .
ويدّعي الاحتلال ان سبب إرتفاع سعر السلاح المصنّع في الضفة الغربية هو حملات المصادر والاعتقالات المستمرة ، حيث بات سعر القطعة مضاعفا أو أكثر بثلاث مرات . وترى اسرائيل ان 98% من سكان الضفة لا يشاركون بتضنيع السلاح ولا بأية عمليات ولكن المئات ممن يرغبون في ذلك قادرون على قلب المعادلة في أي وقت . لذلك تواصل اسرائيل الليل بالنهار لملاحقتهم ومنعهم من التصنيع .
من جهة ثانية لا تزال السلطة الفلسطينية تملك عشرات قطع السلاح ( صادر الاحتلال خلال اجتياح الضفة الغربية 2002 من مخازن اجهزة أمن السلطة ومن منازل المواطنين عشرات الاف قطع السلاح ومخازن الذخيرة . كما خسرت السلطة لصالح حركة حماس وكتائب القسام مخازن كاملة تقدّر بنحو نحو 60 الف قطعة سلاح بينها صواريخ "لاو" وأسلحة متوسطة كان أدخلها ياسر عرفات الى غزة بطرق مختلفة .
قطع السلاح التي بقيت مع أجهزة أمن السلطة لا يتجاوز عددها 26 الف قطعة معظمها مسدسات أو بنادق كلاشينكوف قديمة لا يوجد لها ذخيرة كافية ما يحولها الى سلاح شرطة ولا تصلح لتكون سلاح مقاومة سرية ولا علنية فهي مسجلة بالأرقام عند الأمن الاسرائيلي ويجري معرفة إنطلاق كل رصاصة منها ومحاسبة الضباط والجنود عليها بالسجن المؤبد أو العقوبات التي تكشف ظهر أي مجنّد يريد استخدام هذا السلاح ضد الاحتلال .
من جهة ثالثة هناك سلاح العشائر وهو سلاح سرّي غالبا ما لا يراه أحد سوى في الثأر أو المناسبات الاجتماعية للفخر والمباهاة .
من جهة رابعة سلاح العالم السفلي والعصابات وهو سلاح يفوق عدده سلاح السلطة وسلاح العشائر ، ومصدره المافيا الاسرائيلية وعالم الاجرام ويستخدم للقتل والانتقام والاحتلال لا يحارب هذا النوع من السلاح ولا يطارده ولا يسعى لضبطه أبدا . وهو ينتشر غالبا بعشرات الاف القطع في المدن العربية داخل الخط الاخضر .
من جهة رابعة سلاح المقاومة وهو مطارد وملاحق بكل الطرق والوسائل ويجري مصادرة المئات منه سنويا . سعره مرتفع وثمن القطعة الواحدة يصل الى 15 الف دولار امريكي سواء بنادق ام 16 او غيرها .
التصريحات الاخيرة لمسؤول ايراني حول رغبة الجمهورية الاسلامية بتسليح الضفة ، يتزامن مع اعتراض عدة شحنات أسلحة يجري تهريبها عبر البحر الميت من جهة الاردن ، ومحاولات حماس والجهاد الاسلامي المتواصلة لنقل السلاح للضفة . لكن تحقيقاتنا تشير الى أن معظم عمليات التهريب تجري لاسباب اقتصادية وطلبا للربح خصوصا وان العاطلين عن العمل في الضفة الغربية صاروا أقوى من أي جيش وأكثر انتشارا من اي جهاز امني او فصيل .
ورغم الجدار والحواجز العسكرية والاجتياح اليومي وحملات الاعتقال اليومية لا يزال السلاح الاسرائيلي وسلاح العصابات والمافيا هو المصدر الاسهل للتسلح . وهو أمر يقلق اجهزة أمن السلطة أكثر ، لكنها لا تبوح عن هذه المخاوف . مخاوف ثارت من جديد ولم يعد من السهل اخفاءها ،
أجهزة أمن السلطة تعرّضت عدة ضربات قاتلة منذ العام حصار الزعيم عرفات و حتى الاّن . ومن هذه الضريات :
- قيام الاحتلال بإعتقال معظم مقاتلي فتح والحكم عليهم بالسجن المؤبد .
- اعتقال متواصل لضباط وجنود الاجهزة الأمنية على يد الاحتلال دون أن تتمكن السلطة من حمايتهم او استرجاعهم .
- عرقلة صفقة تبادل الاسرى ورفض اطلاق سراح الدفعة الرابعة من المؤبدات .
- الأزمة المالية الهائلة التي تعيشها السلطة وتصريحات رئيس الوزراء ان الامر قد يتشسبب في إنهيار الامن .
- تهديدات حكومة نتانياهو بضم الضفة وتصريحات السفير الامريكي فريدمان حول الامر .
- الدعوة الاجبارية لمؤتمر البحرين والازمة السياسية التي تعيشها السلطة .
- توقف السلطة عن التوظيف والتجنيد منذ سنوات طويلة ما جعل أجهزة امن السلطة جيش من الضباط بلا جنود . حسب تصريح اللواء عدنان الضميري لوكالة معا قبل عام .
وسواء ساهمت ايران في تسليح الضفة ام لا . فان الوضع السياسي والامني لأجهزة السلطة بات في مهب الريح \ وفي حال عدم انبثاق افق سياسي وعودة الاموال بأسرع وقت للسلطة . فان السلاح الأقوى والاخطر في الضفة الغربية سيكون هو سلاح اليأس والفقر والعاطلين عن العمل و"الفاقدين الامل" .
د. ناصر اللحام