اكتب لكم هذه السطور بعد يومين من مغادرتي دمشق واذكركم انني قلت وعلى صفحات راي اليوم ان مرحلة جديدة بدات بالتشكل وان مرحلة السنوات الثلاث في افول. كان ذلك في شهر حزيران يونيو وكنت اغطي الانتخابات الرئاسية السورية بدانا نتلمس الان طريق التغيير وبتنا فعلا امام تغييرات كبيرة في العالم العربي ازاحت ما كان سائدا بعد ماسمي بالربيع العربي سواء كان هذا ثورة مضادة كما يسميها البعض او تقنيين لحركة المجتمع باتجاه الماسسة والعودة لمنطق الدولة بعد كل ما شهدناه من غرائز القتل بين الخصوم.
لعلي هنا اسوق دليلا واحدا من مجموعة ادلة لو اجرى القارئ مقارنة بين ما كان وما صار للمس التغيير الغير بسيط في مسارات الاحداث وادوار الاعبين.
دليلي عنوانه (ديمستورا) وهو مثال قريب لما كان وما صار … بين مواقف ومقترحات سلفه الاخضر الابراهيمي الذي جاء ليقنع الاسد بالتنحي عن الحكم كحل لسوريا حسب ما قال مقربون من الرئيس السوري وقت ذاك وهذا كان جوهر كل الزيارات التي قام بها الابراهيمي الى سوريا وهذا ليس تحليل او تقييم من قبلي هذه وقائع كشفها مسؤولون سوريون بعد استقالة الابراهيمي مباشرة.
هذا ما كان… والان؟؟ ماجاء به ستيفان ديمستورا وهو تبني المصالحات المحلية والتعاون مع الاسد كرئيس لسوريا دون ان يتم طرح اي شيء له علاقة براس السلطة بل اكثر من ذلك المبعوث الدولي يثني على الجهود السورية في ايصال المساعدات حتى لمناطق يسيطر عليها مسلحون وهذا ما قاله لي في دمشق محافظ حمص السيد طلال برازي وكشف المحافظ لي ان البمعوث الدولي تفاجا عندما التقى وفد من وجهاء منطقة الوعر في حمص وهي المنطقة التي يسيطر عليها المسلحون بالكامل ان الوجهاء يعرفون المحافظ بل اخذوه بالعناق فسال عندها ديمستورا هل يمكن ان نعطيهم الامان ليعودوا الى الوعر فقال المحافظ هم ياتون الي دائما في مكتبي لبحث موضوع المصالحة ويعودون بل اكثر من ذلك اكتشف ديمستورا ان عدد المدارس في الوعر زاد من 12 مدرسة الى 16 خلال هذا العالم اي ان الدولة بشقها الخدمي موجودة . زار ديمستورا كنيسة ام الزنار في حمص واثنى على عمليات الترميم التي تجريها الدولة فيها وزار ايضا جامع خالد بن الوليد واثنى ايضا على عملية ترميمه بعد ان تعرض والكنيسة للدمار اثناء المعارك التي جرت في حمص.
هنا لا بد من طرج السؤوال .. هل الابراهيمي وديمستورا يتصرفان وفق اراء شخصية تتبع للحالة المزاجية لكل منهما ؟؟؟ الجواب هو لا بكل تاكيد .الابراهيمي كان يمثل مرحلة وارادة دولية او بالادق غربية عربية ويريد ان يطبقها ويعمل ضمن محدداتها وديمستورا جاء ايضا وفق عملية تغيير في المقاربة الدولية لما يجري في سوريا، وهنا ساسوق ايضا دليلا على كلامي وهو ما جرى بين ديمستورا والاسد في الاجتماع بينهما في دمشق.
(قال الاسد لديمستورا بلغنا ان طرح المناطق المجمدة هو طرح امريكي وان الافكار التي جئت بها هي امريكية … اجاب ديمستورا بل هي ابعد من ذلك ايضا ….)
هذا الحوار البسيط هو دليل على ان الرجل لم يات بكل هذا التعاون والايجابية برغبة شخصية انما هناك وحي يوحى حمل ديمستورا ابتسامته العريضة وافكاره ايضا .
ومن هنا نبدا الحديث عن اسرار المرحلة المقبلة التي ندرجها هنا من باب التوقع وتقدير الموقف والاستدلال.
هناك تاريخ يجب حفظه جيدا وهو السادس والعشرين من هذا الشهر وهو موعد زيارة وزير الخارجية السورية الى موسكو.. الزيارة بين الحلفاء واجبة خاصة ان التنسيق بين دمشق وموسكو في اعلى درجاته ولكن لابد من تسجيل ملاحظات على الزيارة في الشكل تجعلها غير تقليدية.
اولا: يسبق الزيارة السورية زيارة لوزير الخارجية السعودية سعود الفيصل ويغادر الفيصل موسكو قبل يومين من وصول المعلم.
ثانيا: يرافق المعلم وفد سوري يضم مستشارين بالاضافة الى نائب وزير الخارجية د فيصل مقداد ومستشارة الرئيس للشوؤن السياسية الدكتوربثينة شعبان وهذا يعني ان الروس يريدون طرح ما هو مصيري ويحتاج الى نقاش ودراسة من قبل الجانب السوري.
ثالثا: لقاء الوفد السوري سيكون مع الرئيس فلاديمر بوتين وهذا يعني ان طرحا في غاية الاهمية سيوضع على طاولة الاجتماع وهذا الطرح باعتقادنا يتجاوز عنوان الزيارة الغير المعلن حتى الان وهو الحوار مع المعارضة.
اسجل هذه الملاحظات للقول ان تاريخا فاصلا ستحمل هذه الزيارة بين مرحلتين وان المرحلة الجديدة تحتاج الى تتويج خاصة ان المعلومات ومن مصادر دبلوماسية روسية خاصة قالت لنا حصريا ان روسيا خلال ما سيطرح في هذه الزيارة تتحرك وفق ضوء اخضر امريكي انها لا تتصرف منفردة وهذا يقود الذاكرة فوريا الى الاتفاق على الكيماوي السوري الذي كانت موسكو عرابته والذي كان فاصلا بين مرحلتين حيث ازاح نهائيا فكرة التدخل العسكري الامريكي للاطاحة بالنظام … سبق ذاك الاتفاق زيارة لوزير الخارجية السورية وليد المعلم الى روسيا ومعه ذات الوفد الذي ذكرناه انفا والذي سيرافقه ايضا في هذه الزيارة.
مؤشرات المرحلة المقبلة كثيرة لا تتسع لها مقالا او قراءة في عجالة لكنها قادمة لا محالة
كمال خلف من اسرة راي اليوم