الحماية الدولية لمبادئ التناوب الديمقراطي على السلطة
بالإضافة إلى الحماية الداخلية عن طريق الدستور لمبدأ التناوب الديمقراطي على السلطة والمبادئ الملازمة له وهي مدة المأمورية الرئاسية وعدد مرات تجديدها كما جاء في الفقرة 4 من المادة 99 جديدة، تم بسط حماية دولية لهذه المبادئ بموجب الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم المعتمد من طرف الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا بتاريخ 30 يناير 2007، والذي دخل حيز التنفيذ وأصبح ملزما لكافة الأعضاء اعتبارا من 15 فبراير 2012.
لقد اعتبرت المادة 23 من الميثاق بأن أي تعديل لدستور دولة عضو يطال مبادئ التناوب الديمقراطي على السلطة بمثابة تغيير غير دستوري لا يتميز في طبيعته عن انقلاب عسكري ضد حكومة منتخبة ديمقراطيا ويعرض الدولة المعنية لمنظومة متشددة من العقوبات تم النص عليها في الميثاق. فقد ورد في المادة 25 منه بأنه في حالة تغيير غير دستوري تتعرض الدولة المخالفة والقائمين عليها لعقوبات تتمثل أساسا في تعليق عضوية الدولة المخالفة في الاتحاد الإفريقي وعدم الاعتراف بمشاركة مقترفي التغييرات في الانتخابات التي تفرزها تلك التغييرات وكذلك محاكمة مقترفي التغييرات أمام الهيئة القضائية المختصة للاتحاد الإفريقي.
كما نص الميثاق على أنه يحظر على الدول الأطراف أن تستقبل أو تمنح حق اللجوء لمقترفي التغييرات وأن تلتزم بتقديمهم للمحاكمة أو باتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليمهم. هذا بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية والعقوبات الأخرى التي يرى الاتحاد الإفريقي مناسبة تسليطها على الدولة العضو المخالفة.
وتجدر الإشارة إلى أن المادة 23 سالفة الذكر تصف انتهاك مبادئ التناوب الديمقراطي على السلطة بالتغيير غير الدستوري ليس لأنه تم خرقا لدستور الدولة المعنية، وإنما، كما جاء في مقدمة المادة، لأنه سيسمح بالبقاء في السلطة أكثر مما كان مقررا أصلا، حتى وإن كانت مسطرة التعديل سليمة من الناحية الدستورية.
لقد كانت موريتانيا أول دولة في الاتحاد الإفريقي تصادق على الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم. وقد تم ذلك بموجب القانون رقم 2008-016 الصادر بتاريخ 29 أبريل 2008 المنشور في الجريدة الرسمية عدد 1169 بتاريخ 15 يونيو 2008، الصفحة 540 وأودعت يوم 28 يوليو 2008 وثائق الانضمام لدى مفوضية الاتحاد الإفريقي. وفور أخذ المجلس الأعلى للدولة لمقاليد الحكم بتاريخ 6 أغسطس تعهد باحترام موريتانيا لكافة الالتزامات الدولية المبرمة باسمها.
إذن ألقى القانون الدولي على عاتق الدولة تعهدات بضرورة احترام مبادئ التناوب الديمقراطي على السلطة تحت طائلة إعمال مسؤوليتها الدولية. وغني عن البيان ما استقر في القضاء الدولي بأنه لا يمكن لأية دولة الاحتجاج بدستورها أو بقوانينها الداخلية للتنصل من التزاماتها الدولية الناشئة عن الاتفاقيات الدولية أو القرارات الملزمة للمنظمات الدولية، حيث نتعقد مسؤولية الدولة المخالفة حتى وأن كان الإخلال بالالتزامات الدولية ناتج عن إجراءات صحيحة ونصوص سليمة من منظور القانون الداخلي.