اسقاط دفاعات التحالف الحوثي الصالحي “البدائية” لطائرة مغربية يشكل احراجا للسعودية والسلطات المغربية معا

اثنين, 2015-05-11 16:49
(حوثيون يقفون بجانب حطام الطائرة المغربية)

تبدو صورة المشهد اليمني شديدة الغموض خاصة على صعيد جبهة القتال قبل ساعات من تطبيق الهدنة الانسانية المقترحة لمدة خمسة ايام، لايصال المساعدات الانسانية الى ما يقرب من خمسة وعشرين مليون يمني، يعيشون حصارا خانقا برا وبحرا وجوا منذ ستة اسابيع، بسبب قصف طائرات “عاصفة الحزم”.

طيران التحالف السعودي يواصل قصفه المكثف لمحافظتي صعدة وعمران، معقل الحوثيين الاساسي، ومواقع اخرى لقواتهم في شبوة وعدن، بينما تتقدم القوة السعودية الضاربة للقوات البرية السعودية، المدعومة بدبابات ومدرعات وآليات عسكرية نحو الحدود السعودية مع اليمن، بعد تزايد قصف صواريخ الكاتيوشا لمدينة نجران، وتواصل عمليات سقوط قتلى وجرحى من السعوديين.

ما زال من الصعب التكهن بما اذا كان اتفاق الهدنة هذا سيصمد على الارض وسيحظى بالتزام الطرفين به، فرغم ان الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح قد اعلنوا استعدادهم للتعاطي بايجابية مع جهود رفع المعاناة عن الشعب اليمني، فانهم يجدون انفسهم في وضع “مريح نسبيا”، لاحساسهم بأن “عاصفة الحزم” لم تحقق اي من اهدافها، مثلما قال مصدر قريب منهم لـ”راي اليوم”، ولان منظمات الاغاثة الدولية بدأت تحمل دول التحالف العربي مسؤولية الدمار وارتفاع اعداد القتلى والجرحى اليمنيين، بسبب غاراتها التي اقتربت من ثلاثة آلاف غارة.

الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لا تبدو عليه علامات الارتباك والتأثر بعد قصف منزله ثلاث مرات من قبل طائرات التحالف يوم الاحد الماضي، فقد وقف فوق انقاض هذا المنزل حاملا ميكرفونا لقناته التلفزيونية، ويتحدث متحديا قوات التحالف بالنزول على الارض لكي يختبروا شجاعة اليمنيين، وكان منظره مماثلا لمنظر مراسلي الفضائيات التلفزيونية الاخرى مثل “العربية” و”الميادين”.

ولعل نجاح الدفاعات الارضية “شبه البدائية” لقوات الحوثيين والرئيس صالح في اسقاط طائرة مغربية من طائرات قوات التحالف، وهي من طراز (اف 16) الامريكية الصنع، سيرفع من معنوياتهم، وسيحرج قيادة التحالف والحكومة المغربية في الوقت نفسه خاصة اذا عرفنا ان قطاعا عريضا من الشعب المغربي ضد الحرب على اليمن، وضد تدخل طائرات بلاده فيها.

الهدنة المقترحة في حال صمودها على الارض، والتزام الاطراف المتحاربة بها، ربما لن تمر دون مشاكل، فاعلان ايران عن ارسالها سفينة اغاثة الى ميناء الحديدة اليمني، الذي يسيطر عليه الحوثيون، ومحملة بحوالي 2500 طن من الاغذية والادوية والبطانيات، قد يشكل تحديا للتحالف السعودي، وقد يشعل فتيل مواجهة اذا ما حاولت السفن والبوارج الامريكية والسعودية، التي تفرض حصارا بحريا على الموانيء اليمنية، منعها من انزال حمولتها، او الاصرار على تفتيشها، مثلما حصل مع سفينة اخرى ترفع علم دولة بنما في بداية الازمة،، فمصدر ايراني قال لهذه الصحيفة “راي اليوم”، ان قرارا سياسيا وعسكريا قد اتخذ بالرد بقوة على اي مساس بالسفينة، وقال مسؤول ايراني “ان اليد التي ستمنع السفينة ستقطع″.

مجلس الوزراء السعودي اكد في اجتماعه الذي انعقد امس في الرياض على اهمية الالتزام بالهدنة الانسانية، لضمان تكثيف الاعمال الاغاثية، وتقديم المساعدات للشعب اليمني، ومن غير المستبعد ان يتم اعتبار سفينة الاغاثة الايرانية هذه التي تضم ايضا نشطاء عرب واجانب وايرانيين على متنها الى جانب مواد الاغاثة، نوعا من الاعمال الاغاثية الانسانية تفاديا لاي صدام مباشر مع ايران، لان ايران لن تسكت على اي اعتراض لسفنها، وسترد بالمثل، واتضح ذلك بجلاء عندما اعترضت سفينة امريكية في مضيق هرمز واقتادتها الى ميناء بندر عباس بالقوة، ردا على اعتراض وتفتيش سفن حربية امريكية سفينة بنمية تحمل بضائع ايرانية في البحر الاحمر.

نجاح هذه الهدنة وصمودها ربما يؤدي، اذا ما التزم به طرفا الازمة، الى فتح الباب بقوة امام مفاوضات من اجل التوصل الى حل سياسي تطبيقا لقرار مجلس الامن الدولي الاخير الذي صدر بشأن اليمن.

صحيح ان مدة هذه الهدنة، اي خمسة ايام، لا تكفي لايصال المساعدات ومواد الاغاثة الضرورية لليمنيين، ولكنها تشكل بداية جيدة، خاصة ان جون كيري وزير الخارجية الامريكي الذي “ضغط” على الطرف السعودي من اجل التوصل اليها، اكد انها قابلة لـ”التمديد”.

هذه الهدنة ربما تشكل سلمّا لانزال جميع اطراف الازمة من الشجرة العالية التي صعدوا اليها، والتحالف العربي الذي تتزعمه السعودية بالذات، ولذلك فان نجاحها من مصلحة الجميع، وعلى رأسهم الشعب اليمني الذي فاقت معاناته كل التصورات، حيث لا ماء ولا كهرباء، ولا وقود، ولا مستشفيات، ولا ادوية، ولا بنى تحتية وحصار خانق، وهذا وضع غير مقبول، بل ومرفوض وفق كل القوانين الالهية والوضعية معا.

“راي اليوم”