الاعتماد على موقف مسبق من الأحداث يمنع التوصل لأي حل. لأن الانسان حينها يصبح تلقائيا تحت سيطرة المواقف النمطية التي تبدأ عند نقطة معينة وتنتهي عند نقطة معينة.
وبعد ١٢ عاما من دخول حركة حماس لمؤسسات السلطة (المجلس التشريعي) يعرف القاصي والداني أن تجربة الشراكة السياسية بين منظمة التحرير وحماس كانت قاسية ومؤلمة وتسببت في خسائر لا يمكن إصلاحها.
- هل كان يمكن أن تنجح تجربة الشراكة البرلمانية والسياسية؟
- الاجابة حتما نعم.
- هل يمكن الآن إصلاح الموقف؟
- بالتأكيد يمكن. بشرط التنازل عن المواقف النمطية السلبية وقبول مبدأ الشراكة.
والحقيقة أن القيادات من جميع التيارات استطابت الانقسام "من دون قصد". واستلذت القسمة عن سبق اصرار. ورغم مسحة الخجل رضيت القوى وباستمراء شديد بقاء الوضع الراهن.
وقد كتب المحللون مئات الاف المقالات والدراسات حول الامر، وفي النهاية يمكن تلخيصها بسطر واحد (أنشأت حماس سلطة منفصلة لها في قطاع غزة رغم أنف منظمة التحرير).
صدق كيسنجر حين قال: "في الشرق الأوسط كل شئ مؤقت يصبح حقيقة ثابتة"، جدار شارون صار حقيقة، ومناطق جيم ليست مؤقتة، واغلاق بيت الشرق في القدس ليس أمرا احترازيا عاجلا بل يستمر منذ 16 عاما.. والضمان الإجتماعي صار قانونا رغم صراخ من لا يعجبهم، وهكذا.
لو ننتظر لثلاثين عاما قادمة لن يتغير شئ من تلقاء نفسه، ولو بكينا لثلاثين عاما قادمة لن تكفي الدموع لتحمل زورقا صغيرا. ولا بد من حل يعيد الهيبة لفلسطين وشرف قضيتها مهما كان صادما أو عاصفا او غريبا.
عند الشعوب التي تحررت عقولها يوجد حل لكل مشكلة. وعند الشعوب التي أجّرت عقولها يوجد مشكلة لكل حل.
ليس المهم حل المجلس التشريعي أو بقاء المجلس التشريعي، كما ليس المهم تشكيل حكومة جديدة ومن الذي سيترأسها، بل ان المهم وجود خطة عمل علنية يعرفها الجمهور ويوافق عليها!!
فما هي خطة عمل منظمة التحرير للعام 2019؟ والأهم ما هي الخطة السياسية لحماس في العام 2019؟ والأهم من الأهم هل قام أحد يوما باستشارة الناس؟ أم أن كل فصيل صار يقرر لوحده أن مصلحة الشعب الفلسطيني تتمثّل في بقائه هو وكما يريد هو وبالأدوات التي يريد!!!!
الوسطاء فتحوا بطن القضية الفلسطينية أكثر من مرة ليعرفوا سبب الألم الفظيع. ولكنهم عجزوا ولم يعرفوا سبب الألم ولم ينجحوا في وقف المعاناة.
ولكنهم ومن باب الإحتياط شالوا الزايدة.
د. ناصر اللحام