نصت المادة التاسعة من التعديلات الدستورية المعتمدة عام 2017 على إعادة التشكيل الكلي للمجلس الدستوري -بصرف النظر عن عدم انصرام مأمورية بعض أعضائه- ثَلاَثَةَ أشهرٍ ًعلى الأكثر بعد تنظيم الانتخابات التشريعية الأولى اللاحقة على إصدار التعديلات الدستورية و هو ما يعنى أن تشكلة جديدة للمجلس الدستوري يجب أن يتم الإعلان عنها قبل منتصف دجمبر القادم كآخر أجل.
و تُبَوِبُ فقرة أخرى من المادة المذكورةأعلاه على جواز إعادة تعيين الأعضاء المنتسبين للتشكلة الحالية للمجلس -و الذين منهم من يستحق استحقاقا مؤكدا تجديد الثقة-دون احتساب ما سلف من مأموريتهم ضمن التشكلة الدستورية المرتقبة و التى أضحت تضم تسعة أعضاء بدل ستة أعضاء منهم ثلاثة أعضاء تختارهم المعارضة الديمقراطية و يتم توزيع اختيارهم و اقتراح تعيينهم بالتساوي بين زعيم المعارضة و الحزبين المعارضين الحائزين على الترتيب الثانى و الثالث فى التمثيل البرلماني و بعبارة أخرى يتم توزيع ثلاثة أعضاء بالتساوي (عضو لكل حزب) بين الأحزاب المعارضة الثلاثة الأكثر تمثيلا بالبرلمان.!!
و تأسيسا على الفهم القائل بأن التعديلات الدستورية الأخيرة كان محرُكُها الزيادةُ من مقروئية و عقلانية و جدوائية المؤسسات الدستورية و تقديرا للأهمية القصوى للمجلس الدستوري و استخلاصا لتجربة ما يزيد على ربع قرن من أداء المجالس الدستورية ببلادنا أحسب أن الاقتراحات التالية من شأنها مزيدُ توطيدِ ثقة الرأي العام بالمجلس الدستوري و فائق ُ الاطمئنان على جودة أدائه و صرامة استقلاله:
أولا- التفاهمُ -و لو غير المكتوب- بين "الرباعي" المخوّلِ دستوريا اقتراح أو تعيين أعضاء المجلس (رئيس الجمهورية،رئيس البرلمان ،الوزير الأول و ثلاثة من رؤساء أحزاب المعارضة) على "السقف الأدنى المشترك "للأهلية العلمية للانتساب للمجلس الدستوري والتى يجب أن لا يقل عن الحصول على باكلوريا+4فى القانون أو التشريع الإسلامي أو ما كافأهما و عادلهما؛
ثانيا-اشتراطُ حيازة المقترَحِ انتسابُهم للمجلس الدستوري على تجربة مهنية لا تقل عن مجموع عشرين (20)سنة متصلة أو متقطعة فى مجالات ذات صلة بالقانون صياغة أو تفسيرا أو تطبيقا،...
ثالثا-استحسانُ أن تضم التشكلة المقبلة للمجلس الدستوري واحدا أو إثنين -على الأقل- من أكفإ القضاة و أساتذة الجامعة خبرة و أقدمهم تجربة و أنظفهم "صحيفة مهنية" و لئن قال قائلٌ إن الذين تجتمع فيهم هذه الصفات بإجماع الناس قليلون لم أختلف معه و إن بينتُ له أنهم- رغم قلة العدد- موجودون و معروفون و من يظفر باقتراح إثراء و ترفيع المجلس بانتسابهم له فهو ذو حظ عظيم و أجر عميم؛
رابعا-وجوب الخُلُوِ من "خوارم المروءة المهنية" بالنسبة للمقترحين للانتساب إلى المجلس الدستوري و المقصود بخوارم المروءة المهنية:"البعد - كامل و كل البعد-عن شبهات ارتكاب المقترَحِ انتسابُهم للمجلس الدستوري للصغائر -من باب أولى الكبائر- من مذهبات الدين والأخلاق و العقل و الذوق العام و مفسدات تسيير المال العام و إدارة الشأن العام و نحو ذلك."؛
خامسا:الانتباهُ إلى ضرورة "تنوع"تشكلة المجلس الدستوري: ذلك أنه من المستحسَنِ أن تعكس التشكلة المقبلة للمجلس الدستوري -بعد استيفاء شروط الكفاءة و الأهلية-كافة ألوان الطيف الوطني أعراقًا و فئات و "ألسنة" و رجالا و نساء،..
سادسا-تغييرُ مقر المجلس الدستوري: لا أحسب أن أحدا من أهل هذه البلاد يقدر سُمُوّ مأمورية المجلس الدستوري -حق قدرها-خصوصا بعد التعديلات الدستورية الأخيرة التى
زادت المجلسَ صَلاَحِيّاتٍ و مَقَامَاتٍ يرضى بأن يبقى فى "المقر-المنزل" المؤجر حاليا ضمن حي سكني.
و اقتراحى أن يُمنح للمجلس الدستوري مقر إداري لائق غير بعيد من القصر الرئاسي كالمقر الذى كان مخصصا لمجلس الشيوخ أو كجزء يعاد تأهيله و ترميمه من المقر السابق لوزارة الشؤون الخارجية أو يُشَيّدُ له -على السريع -مقرٌ لائق ٌ موقعا و عمرانا و تجهيزا،..