على نار هادئة ، يواصل المحققون الأتراك تعذيب القاتل والتحكم بقصة الإغتيال التي نفذها قتلة محترفون ( هم غير محترفين أبدا بل أضحوكة في عالم المخابرات والعصابات ) ضد الكاتب المعارض جمال خاشقجي " سواء اتفقنا معه أم لم نتفق ".
وهذا يذكرنا بعملية الاغتيال الغبية التي نفذها الموساد الاسرائيلي عام 2010 ضد المناضل محمود المبحوح أحد قادة كتائب عز الدين القسام في أحد فنادق دبي ، حين فضحت الكاميرات صور القتلة من جهاز الموساد ونشرت صحافة العالم صورهم وصور جوازات سفرهم على الملأ .
حتى روسيا الشهيرة بقدرتها على تأليف قصص إغتيال خيالية ، تورطت في شبهة إغتيال معارض روسي من خلال وجبة مطعّمة بالنووي في لندن . ولا تزال الأزمة حتى الآن تثبت أن زمن قيام الحكومات والدول باغتيال معارضين قد ولّى ، وان وسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي وضعت حدا لمراهقة الحكام الحقودين وغلّ إنتقامهم الغبي ممن يتجرأ على انتقادهم .
دون أن ننسى اغتيال ياسر عرفات وكيف تورطت إسرائيل أمام العالم بتسميم الزعيم الفلسطيني ، واغتيال القائد كمال جنبلاط عام 1976 في لبنان وحسين مروة ومهدي عامل والمحاولة الفاشلة لاغتيال خالد مشعل ومئات عمليات الاغتيال الاخرى .
ليس أسوأ من صحفي يؤيد قتل واغتيال صحفي اّخر ، سوى صحفي يبرر ما حدث بأنه كان محاولة إختطاف !!!! وكأن الاختطاف مسموح !!! وكأن الاختطاف أقل جريمة من القتل!!! وكأنه يجوز !! وكأن كاتب مأجور أو صحفي تافه قد حصل على حفنة دولارات يستطيع أن يقنع العالم بغير الحقيقة . قنوات وصحفيون سقطوا أمام عين الجمهور كما تسقط البعرة من البعير .
ما حدث في اسطنبول يعطينا الكثير من العبر :
- أن صناعة الصمت لم تعد تجدي نفعا ، ولو دفع صاحب المصلحة مليارات . لان الحقيقة ستظهر . ودائما هناك صحفي او صحيفة ستفضح الحقيقية وتدافع عن الضحية .
- إن عصر الاغتيالات بات مفضوحا ، وأن الحكومات التي تملك الأموال والجيوش والطائرات والسفارات ووثائق السفر لا يحق لها أن تطارد أي معارض بحجة أنهم الأكثر حرصا على مصلحة الوطن .
- ان القوة نسبية وأن الضعف نسبي . والذي يعتقد نفسه انه الجنرال رومل او مونتغمري ، سيأتي يوم عليه يحبو فيه على الارض ويطلب الرحمة . وأن الضعيف الذي يعتقد الناس أنه واهن وهش سيقوم من قبره ذات يوم ويلوي عنق السلطان بسيف الحقيقة .
- لا يوجد جريمة كاملة ، وعلى جميع الحكومات وأجهزة الامن ان تعرف أنها مهما امتلكت من أموال ومن صولجان ستقع يوما تحت الكاميرات ولن يرحمها احد .
- وبإنتظار ان نعرف من هو المجرم الذي فعلها ، لا يزال أردوغان يلوي عنق القاتل ويعذّبه تعذيبا ويقطّعة قطعة تلو اخرى من خلال تسريبات بطيئة ومدروسة جيدا .
د. ناصر اللحام