أمريكا تُهدّد سوريّة ونتنياهو يتوعّد مصانع الأسلحة بلبنان: تل أبيب تُقّر بعدم جهوزية الجبهة الداخليّة وحزب الله سيُطلِق 4 آلاف صاروخ يوميًا

اثنين, 2018-05-28 09:18

بات واضحًا وجليًا أنّ واشنطن وتل أبيب تسيران بخطىً سريعةٍ وحثيثةٍ نحو التصعيد على الجبهة الشماليّة، وكلّ الأحاديث التي كانت نُشرت سابقًا عن انسحاب الولايات المُتحدّة من منطقة الشرق الأوسط، لمُواجة الصين، ما هي إلّا ذرٌ للرماد في العيون.
علاوةً على ذلك، فإنّ التنسيق التكتيكيّ والإستراتيجيّ بين أمريكا وربيبتها-حبيبتها إسرائيل، وصل إلى أعلى الحدود في هذه الفترة، في حين أنّ الدول العربيّة والإسلاميّة، المُصنفّة إمبرياليًا وصهيونيًا بالدول العربيّة السُنيّة المُعتدلة، تُعبّر علنًا عن تأييدها لإسرائيل في مُواجهة إيران، وأكبر دليلٍ على ذلك، تصريح وزير خارجيّة البحرين، ففي الحادي عشر من شهر أيّار (مايو) الجاري، وصف وزير الاتصالات الإسرائيليّ أيوب قرا، تعليق وزير الخارجية البحرينيّ الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة على الضربات التي أعلنت إسرائيل شنّها على مواقع عسكريّةٍ إيرانيّةٍ في سوريّة بأنّه “دعم تاريخي”.
وكان الشيخ خالد بن أحمد قال، في تغريدة عبر حسابه على تويتر: طالما أنّ إيران أخلّت بالوضع القائم في المنطقة واستباحت الدول بقواتها وصواريخها، فإنّه يحق لأي دولة في المنطقة ومنها إسرائيل أنْ تُدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر، على حدّ تعبيرها.
أمريكا تُهدّد الجيش العربيّ السوريّ باستهدافه إذا فتح معركة تحرير جنوب سوريّة من رجس الإرهابيين، لأنّ الحفاظ على أمن كيان الاحتلال يحتّل الموقع الأوّل في أجندتها، وفي موازاة ذلك، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيليّ نتنياهو صباح أمس في بداية جلسة الحكومة تصريحاتٍ جديدةٍ تؤكّد على أنّ تغيير كيان الاحتلال، حيث قال للمرّة الأولى، منذ العام 2006، بأنّ بلاده ستقوم بتوجيه ضرباتٍ عسكريّةٍ في لبنان لمنع حزب الله من تطوير أسلحةٍ غيرُ تقليديّةٍ بدعمٍ من إيران.
الموقفان الأمريكيّ والإسرائيليّ يقطعان الشكّ باليقين أنّ الشرق الأوسط بات أكثر من أيّ وقتٍ مضى على صفيحٍ ساخنٍ، وأنّ التصعيد من قبل واشنطن وتل أبيب قد يقود المنطقة إلى حربٍ شاملةٍ، مع أنّ إسرائيل ليست مُستعدّةً لها، وتحديدًا فيما يتعلّق بجبهتها الداخليّة.
فمنذ أنْ وضعت حرب لبنان الثانية أوزارها في آب (أغسطس) من العام 2006، لم تتجرّا دولة الاحتلال على تنفيذ ضرباتٍ عسكريّةٍ ضدّ حزب الله في بلاد الأرز. بكلماتٍ أخرى، 12 عامًا لم يُنفّذ “الجيش الأقوى في الشرق الأوسط” أيّ عمليةٍ في الأراضي اللبنانيّة، هذا المُعطى يؤكّد المؤكّد: حزب الله انتصر في الحرب المذكورة، وفرض على الدولة المارقة بامتياز قواعد جديدة للعبة، وعوامل لم تكُن قائمة في أسس الاشتباك بين الطرفين، ومن الأهمية بمكانٍ، الإشارة في هذه العُجالة إلى أنّ الاتفاق غير المكتوب بين حزب الله من جهة وبين دولة الاحتلال من الجهة الأخرى، هو باعترافٍ إسرائيليٍّ رسميٍّ.
وفي السياق عينه، قال أمس رئيس اللجنة الفرعيّة في لجنة الخارجيّة والأمن، التابعة للكنيست، النائب عمير بيريتس، الذي كان وزير الحرب إبّان العدوان على لبنان، قال في حديثٍ للقناة العاشرة في التلفزيون العبريّ، إنّ الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة ليست جاهزةً بالمرّة لحربٍ جديدةٍ وغيرُ مُستعدّةٍ لمُواجهة مئات آلاف الصواريخ التي يمتلكها حزب الله اللبناني، والذي وصفه وزير الأمن الحاليّ، أفيغدور ليبرمان، بأنّه الجيش الثاني من حيث القوّة في المنطقة، طبعًا بعد جيش الاحتلال.
بيرتس، أكّد في معرض حديثه على أنّه منذ إصدار مُراقب الدولة العبريّة تقريره قبل عام ونصف العام عن عدم تحصين الجبهة الداخليّة لم تفعل حكومة بنيامين نتنياهو شيئًا للدفاع عن مواطنيها في حالة اندلاع حربٍ على الجبهة الشماليّة، مؤكّدًا في الوقت عينه على أنّ الحديث لا يجري عن منطقة الشمال فقط، بل على كامل الأراضي الإسرائيليّة، مُوضحًا أنّ مدينة بني براك، قرب تل أبيب، هي المدينة الأكثر عرضةً للاستهداف والإصابة، إذْ أنّ أكثر من ثمانين بالمائة من سكّانها لا يملكون الملاجئ. وأقّر بيريتس، أنّ صواريخ حزب الله باتت تُصيب كلّ منطقةٍ في إسرائيل، أيْ أنّ كلّ الدولة العبريّة أصبحت في مرمى صواريخ المُقاومة، مُشدّدًا على أنّ هناك حاجةً ماسّةً لتخصيص مئات ملايين الشواقل (دولار أمريكيّ يُعادل 3.5 شيكل إسرائيليّ)، لبناء الملاجئ والتحصينات الأخرى، على حدّ تعبيره.
وغنيٌ عن القول إنّ هذا الحديث التلفزيونيّ مع بيريتس، وهو من أقطاب حزب (المعسكر الصهيونيّ)، جاء على خلفية تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيليّ حول التغيير في سياسة إسرائيل بالنسبة للخطوط الحمراء التي وضعتها حكومة بنيامين نتنياهو فيما يتعلّق بتعاظم قوّة حزب الله العسكريّة، كمًا ونوعًا.
وكان محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة، أليكس فيشمان، قد أكّد، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، إنّه في الحرب المقبلة سيُطلق من لبنان باتجاه إسرائيل ما بين 3000 إلى 4000 صاروخ يوميًا، لافتًا إلى أنّ كمية صواريخ كهذه أطلقت طوال 33 يومًا في حرب لبنان الثانية، عام 2006، وطوال 51 يوما من العدوان على غزة، عام 2014.
وتابع المُحلّل أنّ هذه الصواريخ ستكون أكثر دقّةً وفتكًا ومدّةٍ، وستُغطي كلّ بقعة بإسرائيل، وستطلق الرشقات الصاروخية الأولى من منصات ثابتة ومخفية وموجهة نحو أهداف معينة في الأراضي الإسرائيلية، وفقط بعد أيام، عندما ينفذ سلاح الجو إبادة فعالة لأهداف، وتبدأ القوات البرية بالتوغل في لبنان، ستنخفض كمية الصواريخ ونوعيتها، على حدّ تعبيره.
"رأي اليوم"