في الذكرى الخامسة عشرة لاحتلال العراق وسقوط بغداد نطالب بمحاكمة كل الذين تعاونوا مع المحتلين وساهموا في تدمير بلدهم ونهب مئات المليارات من ثرواته

اثنين, 2018-04-09 17:17

الذكرى الخامسة عشرة لسقوط بغداد التي تصادف اليوم الاثنين هي الأكثر ايلاما بالنسبة الى أي انسان عربي ومسلم شريف، لانها تذّكر بعدوان امريكي غربي على هذا البلد العربي الأصيل واحتلاله، واغراق المنطقة بالفوضى والارهاب وحروب القتل والدمار.
أمريكا غزت العراق واحتلته بتحريض إسرائيلي، وتواطؤ عربي، لانها تدرك أهمية هذا البلد ودوره الطليعي، والخطورة التي كان يشكلها على المخططات الغربية في الهيمنة على المنطقة، وتفكيك دولها، ونهب ثرواتها.
الاحتلال الأمريكي الذي بني على أكاذيب أسلحة الدمار الشامل، جاء بنظام عراقي طائفي عنصري فاسد، عنوانه مجموعة من الانتهازيين الطائفيين الحاقدين، الذين سرقوا اكثر من تريليون دولار، وخلقوا فراغا سياسيا ملأه تنظيم “الدولة الإسلامية” او “داعش”.
سياسات التهميش، والاقصاء، والنزعات الطائفية قضت على تجربة عراقية في التعايش، او الحد الأدنى منه، وفككت نظاما، رغم كل التحفظات عليه وبعض ممارساته الديكتاتورية، حقق هيبة للدولة العراقية، وجعل من البلاد دولة إقليمية عظمى، مهابة الجانب ترتكز على قاعدتين عسكرية وعلمية لا يوجد لها مثيل في المنطقة.
اكثر من مليوني عراقي استشهدوا بسبب هذا الغزو الأمريكي، وما سبقه من حصار تجويعي ظالم استمر لأكثر من 12 عاما، لكسر كرامة العراقيين وشموخهم الوطني، ومئات الآلاف أصيبوا بأمراض السرطان من جراء اليورانيوم المنضب الذي سيظل خطره مستمرا لأكثر من أربعة مليار عام، حسب تقديرات العلماء.
سكوت ريترر، المفتش الأمريكي الذي كان يعمل في وكالة المخابرات الامريكية، وانشق عنها نتيجة صحوة ضمير، وفضح الأهداف الحقيقية للمفتشين الدوليين، لخص المأساة هذه بقوله “غزونا العراق لتدمير أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة أصلا، واستخدمنا أسلحة تسببت بمقتل الآلاف بالإشعاعات النووية”.
قطاع عريض من الشعب العراقي بات يترحم على أيام الرئيس الراحل صدام حسين، وحكمه، بعد ان شاهدوا ما حل ببلدهم من فساد وقتل ودمار على ايدي من عادوا الى بغداد على ظهور الدبابات الامريكية، ووعدوا العراقيين بالامن والاستقرار والرخاء الاقتصادي، وكان على رأس هؤلاء المترحمين الدكتور اياد علاوي الذي تعامل بإعترافه مع اكثر من 13 جهاز مخابرات عالمي من اجل الإطاحة بهذا النظام، ويخوض الانتخابات العراقية المقبلة كمخّلص للعراق من ازماته.
العراقيون رفضوا هذا الاحتلال وقاوموه برجوله وشجاعة، وكبدوا المحتل الأمريكي خسائر مادية تصل الى ترليوني دولار، واكثر من 5000 قتيل، وما يزيد عن 40 الف جريح، واجبروا الإدارة الامريكية على سحب قواتها، والخروج من العراق مهزومة مطأطأة الرأس، وهذا ليس غريبا على هذا الشعب العظيم الذي تجري في عروقه جينات حضارية تعود جذورها الى ثمانية آلاف عام، والعديد من الامبراطوريات.
العراقي الذي تفاخر بتحطيم تمثال الرئيس صدام حسين في ميدان الفردوس وسط بغداد في مثل هذا اليوم، يعض أصابعه ندما، والآخر الذي قدم شهادة مزورة عن عمله في المعامل العراقية المتحركة لانتاج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، مقابل حق اللجوء في المانيا وحفنة من الدولارات، انتهى عاملا يغسل الصحون في مطعم “لبيرغر كنغ” للوجبات السريعة في المانيا، اما الدكتور موفق الربيعي التي يتباهى باحتفاظه بالحبل الذي التف حول عنق الرئيس صدام حسين ساعة إعدامه، فغير شهادته الكاذبة، واعترف ان الرئيس صدام تقدم الى المقصله شجاعا مرفوع الرأس مرددا الشهادتين، وهاتفا باسم الامة وعروبة فلسطين، مثل الغالبية الساحقة من ابناء العراق البررة.
العراق كان ضحية مؤامرة إسرائيلية، ونتيجة توصل حكماء اليهود الى قناعة راسخة بأن الامة العربية لا يمكن اغراقها بالفوضى الخلاقة التي بشرت بها السيدة كونداليزا رايس، مستشارة الامن القومي، وتأمين دولة إسرائيل لعقود قادمة، الا بتدمير العراق وتفكيكه وتمزيقه على أسس طائفية، وجرى استخدام هجمات الحادي عشر من سبتمبر كنقطة انطلاق للغزو والاحتلال، واسلحة الدمار الشامل كذريعة.
بعد 15 عاما من الحروب والسيارات الإرهابية المفخخة، بدأ العراق يقف الآن على ابواب انتخابات برلمانية جديدة، تشارك فيها تكتلات معظمها طائفية الطابع والمنطلق للأسف، وبدون هوية وطنية جامعة، الامر الذي يدفعنا للحذر في الإغراق بالتفاؤل، رغم وجود بعض مؤشرات على التعافي البطيء، ورغبة، لو ضعيفة للعودة الى نهج التعايش.
لا بديل للعراق غير التسامح ونبذ الطائفية، وطرد كل بقايا الاحتلال الأمريكي وقواته وعملائه، والعودة الى الهوية الموحدة الجامعة، والتعايش على أسس المساواة وقبول الآخر، وانهاء ممارسات التهميش والاقصاء التي بذر بذورها الاحتلال الأمريكي والقوى التي جاء بها، ووضعها في سدة الحكم لاضفاء شيء من الشرعية العراقية على جرائمه.
كل الذين تآمروا على العراق، وتعاونوا مع الاحتلال الأمريكي لتدمير بلادهم يجب ان يحاكموا امام قضاء عراقي وطني عادل، وهم معروفون واحدا واحدا، فلا يمكن ان يتقدم العراق وهؤلاء يواصلون التضليل والخداع ويدعون حرصا كاذبا على العراق وشعبه العظيم، ويتصدر معظمهم العملية السياسية، ويخوضون الانتخابات القادمة.
“راي اليوم”