فرنسا تتخذ خطوات عملية لـ”تطبيع″ العلاقات مع النظام السوري بعد هجوم “شارلي ابدو”.. وزيارة الوفد البرلماني الفرنسي لدمشق “اول الغيث”.. والمعارضة السورية قد تفقد “حاضنتها” الاكثر دفئا

أربعاء, 2015-02-25 19:26

للغربيين اساليبهم الخاصة في التمهيد لتطبيع العلاقات مع الدول او المنظمات المقاطعين لها، ابرزها ارسال مسؤولين سابقين اولا، وبعد ذلك عدد من النواب، ثم ارسال مسؤولين ثانويين تحت ذرائع متعددة.

زيارة وفد برلماني فرنسي الى سورية برئاسة عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جان بيير فيال رئيس لجنة الصداقة الفرنسية السورية على رأس وفد يضم اربعة اشخاص الى دمشق ولقائه بالرئيس بشار الاسد يأتي في هذا الاطار.

وزارة الخارجية الفرنسية نأت بنفسها عن هذه الزيارة، وقال المتحدث باسمها الكسندر جورجين “ان البرلمانيين المعنيين لا يحملون اي رسالة رسمية، انها مبادرة لبرلمانيين لم يتخذ قرار بشأنها بالتشاور مع الوزارة عملا بمبدأ الفصل بين السلطات”.

كلام المتحدت باسم وزارة الخارجية الفرنسية “غير مقنع″ علاوة على كونه ينطوي على الكثير من المغالطات جرى تغليفها بمبدأ الفصل بين السلطات، فزيارة الوفد الى دمشق في حد ذاتها هي اهم رسالة رسمية، ولو كانت الحكومة الفرنسية لا تريدها لوجدت الف طريقة دبلوماسية وغير دبلوماسية لمنعها، ولا نستبعد ان تكون قد اوعزت بها، فمن المعروف ان القوانين الغربية تمنع في معظمها اللقاء بمسؤولين في دول “معادية”، ناهيك عن روؤساء هذه الدول ووزراء خارجيتها.

فاذا كان الوفد يمثل السلطة التشريعية الفرنسية الى البرلمان بمجلسيه فلماذا يضم الوفد اشخاص محسوبين على السلطة التنفيذية الرسمية مثل باتريك باركاند المفتش في وزارة الدفاع الفرنسية، وكذلك ستيفان رافيون الامين العام للبعثة الحكومية للاتحاد من اجل المتوسط، واخيرا جيروم توسان المستشار الامني في السفارة الفرنسية في بيروت؟

فرنسا التي كانت حكومتها من اكثر الحكومات تطرفا في ضرورة اطاحة النظام في سورية، ورحيل الرئيس بشار الاسد، وافتتحت سفارة للمعارضة السورية في عاصمتها باريس، واستضافت مؤتمرات اصدقاء سورية، تتطلع الآن للتراجع عن مواقفها هذه، وتطبيع العلاقات مع دمشق، وفتح صفحة جديدة معها، بعد ان تغيرت اولوياتها اسوة بدول غربية اخرى، وادركت ان بقاء النظام مسألة ضرورية للنجاح في الحرب ضد الدولة الاسلامية.

فلم يكن من قبيل الصدفة ان يخاطب الرئيس الاسد الوفد الفرنسي الزائر بالتركيز على “الارهاب” وان يؤكد “ان محاربة الارهاب تتطلب ارادة سياسية حقيقة وايمانا فعليا بان الفائدة ستعود بالمنفعة على الجميع تماما كما ان الاخطار ستهدد الجميع″ ورد اعضاء الوفد بالتعبير “عن ايمانهم بضرورة العمل معا في مختلف المجالات بما يعود بالمنفعة على الشعبين السوري والفرنسي، وان مصلحة فرنسا في ارساء الامن والاستقرار في المنطقة والتعاون مع سورية للحد من الارهاب الذي لم يعد خطرا على شعوب الشرق الاوسط بل على اوروبا ايضا”.

العلاقات الاستخبارية بين النظامين السوري والفرنسي لم تتوقف على الاطلاق، بل ازدادت متانة في العامين الماضيين، ومعلومات “راي اليوم” تؤكد ان مسؤولين استخباريين فرنسيين كبارا قاموا بزيارات عديدة الى العاصمة السورية والتقوا نظراءهم فيها، ولعبت السفارة الفرنسية في بيروت دورا كبيرا في تنظيم هذه الزيارات.

ولذا لم يكن من قبيل الصدفة ان تخف حدة تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند التي كان يتطرف فيها في مطالبته باطاحة النظام السوري، ولا نبالغ اذا قلنا انها اختفت كليا في الاسابيع الاخيرة خاصة بعد الهجوم على مجلة “تشارلي ابدو” التي نشرت الرسومات المعادية للرسول صلى الله عليه وسلم، حيث بدأت الحكومة الفرنسية تعطي مسألة محاربة “الارهاب” الذي وصل الى قلب عاصمتها اولوية مطلقة.

عملية “التطبيع″ بين فرنسا وسورية تسير على قدم وساق، وربما تأخذ شكلا متسارعا في الايام او الاسابيع المقبلة من حيث ارتفاع مستوى الوفود الزائرة واهميتها، وسبحان مغير الاحوال.

 

“راي اليوم”