‎هذه قصتي مع الثورة السورية ورجالها: الانفجار المرتقب.. ونصيحتي حول الاخوان التي لم يستمع اليها الاتراك

خميس, 2016-03-03 23:23

تعيش منطقة الشرق الاوسط ارهاصات حرب واسعة وربما تتطور الى اكثر من ذلك بكثير، فالثورة السورية كشفت المستور تماماً عارياً وامام مجتمع الشرق الاوسط برمته، فلم يعد بالامكان باي حال من الاحوال ارجاع عقارب الساعة الى الوراء، لكن ما اود قوله هنا ما سيفاجىء قرائي واصدقائي تماماً.

من بداية انشقاقي ودخولي معسكر الضباط بمخيم الاعتقال بتركيا، فوجئت بل وصعقت لهول الواقع الذي يتم الدفع به باتجاه الاسلمة، وكان على راس هؤلاء هم الاخوان المسلمين الذين وفق رؤيتهم انهم البديل عن نظام الاسد الشرعي وفق تسارع الاحداث بتونس ومصر واليمن، وكانت قناعتهم ان الولايات المتحدة تريد ان تزيل احتقان الشعوب العربية بتسليم الاخوان المسلمين السلطة بسوريا وبقية الدول العربية، وما عزز هذا الاستنتاج لديهم وصول الاخوان بتونس ومصر الى السلطة بعد وعود منهم كما تعلمون ابان سقوط مبارك بعدم الترشح لرئاسة الجمهورية وهذا الاستناتج خاطىء ونبهت اليه.

القضية ليست هنا انما القضية بانني لاكثر من مرة بل وعشرات المرات نصحت الاتراك بأن هذا الطريق الذي ترسمونه مع الاخوان طريق نهايته محتومة وهي تمزق سوريا وتركيا وسيتم استدراجكم لانهاء تركيا وذلك في اول لقاء بتاريخ 19/12 / 2011 ، وبذلت قصارى جهدي وكل هذا موثق باجتماعات رسمية ومنها كان عن طريق الامن ومسؤولين من النسق الاول، وما يؤسف انهم شكلوا قناعة خاطئة عني بانني ضد تركيا كدولة داعمة للثورة والشعب السوري وانا ربما اقرب الى النظام منه الى الثورة الى ان استدعيت لانقرة لاسمع اخر رسالة شديدة اللهجة ومبطنة لكنها غاية في القوة والانزعاج فهمت منها علي ان اغادر تركيا.

وما يؤسف اكثر بان احياناً كثيرة كان الوسيط الامني يلعب دورا سلبيا في نقل قناعاته للقيادة من خلال رشا يتلقونها من بعض زملائي الضباط املاً في اسقاطي كوني الرتبة الاعلى فيهم، ولم ادرك ان هناك رشوة الا بعد ان خرجت من تركيا ولم اتوقع يومها ان ضابطاً منشقاً وكانوا اثنين وعشرين يقدم على خيانة زميله ترك النظام، في موقف افقدني رشدي وحفر اخاديد بقلبي واعتمدوا حثالة الضباط والواقع امامكم، وبالتالي كان قسم كبير من التقييمات غير صحيح بل وكاذب تماماً ومغاير لما انا فيه من قناعة، بل كنت حريصا وجميع السوريين يعلمون ان انأى بالثورة بعيدا عن الاسلمة السياسية وحتى كنت ضد تسليح الثوار الا بمعرفة ثلاث امور وهي النوع والكمية والية التوزيع ورفضوا وانا رفضت وشهود خمس ضباط معي وهم احياء يرزقون واعتمدوا اللصوص وشبيحة الثورة، لعلمي بتدمير سوريا بحجة تزويد الثوار بابخث انواع الاسلحة وهذا ما حصل، وحاولت المستحيل لاقناع الضباط والداخل السوري ان الدعم الذي يقدم ليس المقصود منه اسقاط النظام انما هو سياسة الاحتواء والتفريغ والسيطرة والتحكم وهذا ما حصل، وكل ما اقوله يعرفه جل السوريين.

لم اشارك بتسليح الثورة ولو برصاصة واحدة ولم احصل على دعم مادي الا نثرات وفتات ليست من دول والسبب طبعاً ما الصقوه الاخوان ظلماً انني كافر علماني مرتد، وكنت قد بعثت برسالة للمراقب العام للاخوان المسلمين رياض الشقفة وهي موثقة لدي رجوته فيها ان يتراجعوا كرمة للدماء بخطوتين الى الخلف فكان جوابه على التلفاز في اول هجوم علني علي بانني فقاعة وستزول ، والكثير يتهمني زوراً وظلماً وهذا ما حصل للامانة والتاريخ، وما يجري اليوم كنت قد اشرت اليه للاتراك والسوريين والاخوان المسلمين وليس هذا من فراغ ابداً انما من فهمي لطبيعة النظام المجرم اولاً والسياسة الاقليمية والدولية.

واليوم نحن بالشمال السوري كل هذه الاخفاقات التي حصلت وهذا القصف الروسي العنيف المقصود فيه تركيا اولاً، وتركيا يؤسفني ان اقول (ما عرفت تلعبها) كما اتمنى ان يصل كلامي هذا للاتراك ذاتهم لاني ادرك ان الخطر محدق بالاتراك كما هو محدق بالشعب السوري، وهذا ما لا نتمناه ابداً، ان المنطقة منذ ان مات عبد الناصر والى اليوم حملت مشروعين ونصف، المشروع الاول هو ما طرحه عبد الناصر وتم وأده، ونصف مشروع طرحه صدام حسين والمشروع الجديد هو مشروع اردوغان، هذه المنطقة ومن وجهة نظر اعدائها لا تحتمل هكذا مشاريع فهي حكماً متناقضة مع النظام الدولي وبدون تردد او نقاش، نعم اقر ان اردوغان منذ وصول حزب العدالة للسلطة نجح ونجاحه مذهل لكنه مرصود وبدقة متناهية على امل ان يكون ضد ايران في عملية احتواء المنطقة من قبل المتحكم الدولي وليس الخروج عن مآلاته ورغباته.

فالاتراك اليوم لديهم اخوتهم الاتراك بدول عدة تطوق روسيا من طرف ايران وهذا خطر شديد على روسيا، وهذا الذي استدعى نشوء تحالف روسي ايراني وكذلك محور المقاومة الذي انشىء بالاساس لهكذا قضايا تحديداً، فالعراق دمر ومصر خرجت بالمطلق عن دورها واصبح دورها اقل من هامشي ولم يبق حالياً الا مشروع واحد وهو المشروع التركي الذي سيواجه التحدي مكره اخاك لا بطل، ومن ثم السعودية لاحقاً ان لم تكن معها بنفس التوقيت، هذه العقد في المنطقة بالاضافة الى وجود اسرائيل وما ادراك من هي اسرائيل، وهذا ما اشار اليه بشار الاسد منذ بداية الثورة، والسبب انه يعرف هذا السر الخطير هو اللاعب الاساس بحكم الموقع والدور، وهذا ما لم تدركه تركيا رغم نصحي المتكرر بعدم دعم الاخوان الذين هم بالاساس لا يشكلون سوى 3-7./. من النسيج العربي السني فقط وهذه وفق احصائية الاتراك ذاتهم في عام 2013 وهذا ما قالوه لي شخصياً في اجتماع رسمي.

فتركيا اليوم والسعودية امام مفصل وجودي اكثر منه تاريخي، وجميعنا سمع اردوغان بمعاتبة امريكا على انهم بمعنى ليسوا شركاء ثقة لهم والثقة هم حزب العمال الكردستاني وكثير الكثير من هذه التصريحات وكذلك السعودية التي عجزت عن انتزاع ولو موقف خلبي من الامريكان للوقوف معها، الامر الذي ينذر بعواقب الامور، ولدي قناعة بان تركيا والسعودية فيما لو اعتمدت قيادة من الضباط ومجموعة من المستقلين واوقفت الدعم عن الاسلاميين بالاتفاق مع الروس والامريكان لحققت نتائج افضل بكثير، على الاقل تنزع قضية الاسلمة من ذهن العالم الذي يهول ويطبل ان سقوط الاسد يعني سقوط اوربا وهذا ما اشتغل عليه النظام ودفع لاجله مئات المليارات وبات معروفاً ذلك ، لكن يؤسفني ويجرح وجداني ان لا حياة لمن تنادي، وهذا ما نصحته مراراً وتكراراً حتى بدأ يشاع عني انني علماني كافر ههههههههه، ويا اسفي وحزني الذي ما انفك يمزق ذاتي ووطني المكلوم الذي اصبح مسرحا للجريمة ، لكن للاسف دون جدوى ، الامر الذي استدعاني الى الخروج من المنطقة لانني بت مستهدفاً من الجميع.
رئيس المجلس العسكري للجيش السوري الحر
العميد الركن مصطفى الشيخ