بدون محكمة وبدون حكم وأمام العالم اجمع نفذت قوات الصهاينة قرارها بتصفية الشهيد الكبير زياد ابو عين بالخنق والضرب هذه المرة، لانه بقي وفيا لقيمه ويقينه وطبقها على الارض عمليا بالمقاومة وزراعة الزيتون، الى ان استشهد في سبيل اشرف وانبل قضية وطنية وانسانية في التاريخ البشري.
ولان الشهيد مشهود له بالشجاعة والاقدام.. منذ ان كان هدفا مشتركا للصهاينة والامريكان قبل عشرات السنوات، ولبشاعة عملية القتل ثارت ثائرة البشر وطالبت بالثار والانتقام لدم الشهيد والشهداء الذين سبقوه في القدس وغزة وغيرهما، وبينما كان الدم الفلسطيني يغلي عقب تنفيذ حكم الاعدام الصهيوني، اضطرت وتداعت، القيادة الفلسطينية، للاجتماع، واعلنت النفير العام ، ووصف زعيمها ابو مازن، اعدام ابو عين بالجريمة والعمل البربري، وقال بان كل الخيارات مفتوحة، وسيتم اتخاذ عدة إجراءات مصيرية ردا على الجريمة، (لاحظ تعبير الاجراآت المصيرية)، فتفائل الناس واستبشروا خيرا وباتوا يترقبون ساعة بساعة اجتماعات وقرارات القيادة، ليتبين فيما بعد بانها كانت مسرحية وزوبعة في فنجان، لامتصاص النقمة الشعبية بعد مسلسل القتل الصهيوني بالخنق اليدوي للكبار، وبالحرق للصغار وهم احياء، وبالتصفيات شبه اليومية في كل مكان …
وللامعان في التضليل ولتهدئة الخواطر ولتبريد الدم الثائر، اعلنوا بانهم في حالة اجتماع دائم وانهم اتخذوا القرارات ، بما فيها وقف التنسيق الامني مع العدو، ولكن ،سيتم تاجيل الاعلان الرسمي للقرارات يومين ، وهنا وضعت الجماهير ايديها على قلوبهم وبدات الوساوس والشكوك تتسرب للنفوس ، ثم عادوا واعلنوا تاجيل الاجتماع مرة اخرى، استجابة للضغوط والأوامر الامريكية الصهيونية ،فلا احد في العالم يأمر غيرهما، وهذا ما كشفه لاحقا، قيادي، فلسطيني لصحيفة هاآرتس، اذ ذكرت ان، إعلان جهات في السلطة الفلسطينية عن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، جاء لأهداف داخلية وغايته امتصاص الغضب داخل حركة فتح وأن السلطة لا تعتزم وقف هذا التنسيق ، واضاف ، إن طلب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بهذا الخصوص جعلت القيادة الفلسطينية ترجئ البحث في الرد على استشهاد أبو عين مرتين، رغم أنه منذ البداية لم تكن هناك نية في تنفيذ التهديدات.
من يعرف السياسة والسياسيين الفلسطينيين، يعلم علم اليقين انها كانت همروجه ليس الا، وإلا لاتخذت القرارات في وقتها بدون تسويف أو تاجيل. وقام بتفيذ هذه الهمروجة 45 شخصا ثلثهم فقط يحمل صفة القيادة الرسمية تحت مسمى أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والباقون هم جوقة ومجموعة من المتنفذين والأمنيين ومنظمي توزيع الامتيازات والمراتب ومن المرافقين برتبة قائد، يحضرون لارهاب المترددين ورشوتهم . ولخلق الاجواء لتمرير القرار المراد تمريره، بخديعة ان هناك شيء ما تخفيه القيادة يتم بحثه وتداوله تحت الطاولة، ويتم كل هذا تحت شعار كاذب ومخادع، توسيع دائرة المشاركة في اتخاذ القرار، والعدو الصهيوني اول وخير من يعرف السياسيين الفلسطينيين ، إذ اعلن وزير حربهم موشيه يعالون ان تهديدات القيادة الفلسطينية بالغاء التنسيق الامني لا تخيف احدا، وأكد بأنّ السلطة الفلسطينيّة لا يُمكنها وقف التنسيق الأمنيّ مع إسرائيل بسبب المصالح الاقتصادية والشخصيّة، وليس فقط الأمنيّة. وقالوا صراحة وبالنص الحرفي، إنّ عددًا من الأشخاص الذين تحدّثوا لوسائل الإعلام عن وقف التنسيق الأمنيّ مع إسرائيل، تكلّموا في الجلسات المُغلقة بصورة مغايرة تمامًا، وطالبوا بانتهاج سياسة ضبط النفس وبالحذر، مشيرًا إلى أنّ الإسرائيليين يعرفون ذلك،
كان واضحا من البداية لعبة القيادة ، بانها تحاول من جهة استغلال الغضب الشعبي لانتزاع مكان لها في احدى زوايا ومزاريب السياسة الخارجية اﻻمريكية، وتحاول من جهة اخرى امتصاص النقمة الفتحاوية والشعبية العارمة، خاصة ان الشهيد احد ابرز كوادر فتح المخلصين والاوفياء.
وهذا ما حصل فعلا في المحصلة النهائية، اذ قررت ما يسمى بالقيادة في اجتماعها الذي كانت تترقبه الجماهير بامل وبفارغ الصبر الاستمرار في ذات السياسة والنهج …سياسة الاستجداء والتسول، واعادت علينا نفس الشعارات والقرارات التي طالما تغنت بها منذ ان توقفت المفاوضات قبل اكثر من نصف عام، وعادت لتفرد عضلاتها، وتدعي البطولة بانها ستذهب الى مجلس الامن لتعلن حرب التحرير من هناك!!، واذا لم تنجح في مجلس الامن فانها ستستخدم السلاح النووي بالذهاب الى الموؤسسات الدولية للانضمام اليها وبعدها، موت يا حمار،.
طار وسقط قرار وقف التنسيق الذي يشكل المطلب الشعبي الوحيد للشعب الفلسطيني كافة في هذه المرحلة، لانه لم يجلب لنا سوى الانقسام وتدمير النسيج المجتمعي، والذل والعار أمام العالم باعتبارنا نعمل ومن خلال هذا التنسيق لخدمة وحماية الاحتلال ووكلاء عنه في قمع شعبنا، وقتل كل روح وطنية فيه، ومنتهى العار والاستهتار ما قاله احد المرافقين برتبة قائد محمود الهباش فور انتهاء الاجتماع من ان “: التنسيق الامني هو جزء من تثبيت الولاية الفلسطينية على اقليم الدولة الفلسطينية، والنهج السائد الان هو حماية مصالح الفلسطينيين باستمرار التنسيق الامني مع اسرائيل ما دام لا يضر بمصالحنا “. اليس هذا عجب العجاب.. فاين هي الدولة يا هباش ؟ ! يا مرافق برتبة قائد !! (( والله يا زمن )). وكيف يخدم ويحمي التنسيق الامني المصالح الفلسطينية ؟! . وكيف لا يضر بمصالحنا ،؟! ..فعلا انه زمن الرويبضه .
وهكذا وبعد كل هذه الثورة والضجيج الذي وصل بامين سر المجلس الثوري لحركة فتح للتهديد بالغاء اتفاقية اوسلو . وبعد ان أرغت وازبدت تلك القيادة وهددت بالويل والثبور ، وناورت واجلت وسوفت بناء على الاوامر الامريكية ، قررت التوجه لمجلس الامن بالتنسيق مع فرنسا وما ادراك ما فرنسا !! وفي الحقيقة انها قررت التوجه مجددا للبحث عن مفاوضات جديدة تلهث وتجري ورائها القيادة والسلطة معا . وهذا ما كشفه اليوم ،امين عام الامم المتحدة بان كي مون عندما اعرب عن أمله باعتماد مجلس الأمن قرارا يحدد الفترة الزمنية للاعتراف بدولة فلسطين، ما يسهم في استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
انتهت الامور وطوي الملف بالعودة لذات المواقف ، وحال كهذا لا ينطبق عليه سوى مقولة ،، تمخض الجبل فولد فأرا ،، التي تقال لمن يتوقع منه الكثير لكنه يأتي بالشئ القليل والحقير الذي لا يتناسب مع حجمه الحقيقي أو المتوهم .نعم جيء بالشئ القليل والحقير ، ومع ذلك سنسمع الكثير من المديح بالواقعية والعقلانية وبالحرص على حماية الشعب من بطش الاحتلال !!! ، وبانفاق السياسة والدبلوماسية الاشد والاكثر خطرا من الانفاق العسكرية ، واذا كان من المؤكد بان حملات كهذه ستنجح والى حين في الضحك علي الناس وامتصاص النقمة الشعبية ، تحت عنوان فلنعطهم فرصة وقد تكون هناك صفقة وحلول لمصلحتنا ، فلماذا العدمية والمغامرة وتعريض الشعب والقضية لمخاطر جديدة ، وكأن نصف قرن من الاوهام والكذب والتضليل ﻻ تكفي لنتعلم !! تضليل في تضليل…خداع في خداع …اوهام في اوهام …الخ
الا انها لن تنجح ابدا في حجز اي مكان لها في السياسة الامريكية والدولية ، لان السياسة الدولية لاتقوم الا على المصالح وبناء على موازين القوى. وكم كان بينيامين نتنياهو ريئس وزراء العدو واضحا وحازما عندما قال وهو في طريقه للمفاوضات مع وزير الخارجية الامريكي ، انه سيوضح للوزير كيري أن هذه الحملة ستأتي بتنظيمات الاسلام المتطرف الى ضواحي تل ابيب والى قلب القدس، الامر الذي لا يمكن لاسرائيل ان تسمح به . ولم يسمح به فعلا وانتهى اجتماعه مع كيري بلا بيان صحفي مشترك كما كان مقررا وبلا نتائج .
انني على يقين اننا امام مرحلة جديدة من بيع الاوهام وقد يكون عنوانها في احسن الاحوال واعظمها ، بيان او قرار يصدر عن مجلس الامن خال من اي مضمون او اي محتوى ولا يساوي قيمة الحبر الذي سيكتب فيه ، ما لم يكن تحت البند السابع ،وهذا من سابع المستحيلات ،، عفوا وآسف لجهلي ، فلم تعد الكتابة بالحبر ،، .
ولنتذكر قرار مجلس الامن رقم 242 الصادر عام 1967 م قبل ان تخلقوا انتم غالبية القراء الاعزاء .
وما زال الحمار لم يمت ….ولم يتعلم .
رأي اليوم:صابر عارف