هذا بالضبط ما يريده نتنياهو من سورية

أربعاء, 2024-09-11 00:42

على مدى السنوات الماضية، ومنذ التحاق سورية بركب  ما يسمى بـ “الربيع العربي” عام 2011، لم تتوقف إسرائيل عن استهداف مواقع سورية ، مستهدفة بشكل أساسي مواقع للجيش العربي السوري والتي كان أخرها قصف محيط مدينة مصياف بمحافظة حماة وسط سورية وتجاوزت جميع الخطوط الحمر هناك، حيث يعد هذا الهجوم هو الأقوى خلال الأشهر الفائتة، ولم تكن هذه المرة هي الأولى، إن حادثٍ كهذا يفتح آفاق كبيرة للتفكير في ماهيته، ويفتح عدداً من القضايا الشائكة أيضاً، فتل أبيب تضغن خصومة خاصة لسورية وتريد الإنتقام منها فهي تمثل للإسرائيليين أكثر من تحدٍ، فهي الحليف الأهم والأقرب لحزب الله وإيران.

أن تقصف الصواريخ الإسرائيلية أهدافاً متعددة في العمق السوري، وفي مثل هذا التوقيت الحساس، فهذا يعني،  إنها تشكل خطراً حقيقياً ووجودياً على الكيان الصهيوني في الوقت الحاضر وفي المستقبل، فالذي يتابع أخبار الكيان الصهيوني وتحليلات منظريه يعرف حجم التخبط والجنون الذي أصابه هذه الفترة.

فإذا تأملنا نظرة متآنية لما تقوم به إسرائيل يتضح بما لا يقبل الشك أن هناك أهداف تسعى إليها وتعمل على تحقيقها بمعاونة أطراف دولية وداخلية من أجل تأزيم الوضع السوري، وبالتالي تمرير أهدافها الخبيثة، لذلك هناك رغبة عارمة لإسرائيل في تدمير كافة الأسلحة وخصوصاَ الصواريخ السورية، والتي تفيد معلوماتها الاستخبارية أنها ستصل لحزب الله اللبناني والذي يستخدمها لضرب مواقع  إسرائيلية، بالإضافة الى أن  إسرائيل  تود الحفاظ على المعادلة العسكرية القائمة، ضعف الجميع أمام قوة إسرائيل، فهي تحاول إضعاف الدولة السورية، لتظل الصراعات القائمة بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة في سورية  دون حل، ولولا الضوء الأخضر من واشنطن لما تجرأ الكيان الصهيوني على قصف مواقع في سورية بدعوى أن هناك مستودعات للأسلحة والصواريخ الإيرانية تهدد أمن إسرائيل.

بالتالي إن تكثيف إسرائيل لهجماتها على سورية تأتي بسبب عدة عوامل، منها محاولة تثبيت موقفها واستغلال فرصة المرحلة الحالية قبل تسلم الرئيس الأمريكي الجديد الرئاسة الأمريكية، ومحاولة إسرائيل تثبيت حالتها في المنطقة من خلال عدم السماح لسورية بالتعافي داخلياً، وخلق حالة من الوهن لدى الشارع السوري بأنه غير قادر على ردع أي عدوان من أجل التأثير على حالته النفسية، فالكيان الإسرائيلي يعتبر سورية الجسر الواصل بين إيران وحزب الله، ويريد دائماً ضرب هذا الجسر لقطع وعدم السماح بالاتصال المباشر ما بين إيران والعراق وسورية ولبنان، ومن جهة أخرى تأتي الغارات الإسرائيلية الجديدة في إطار محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” صرف الأنظار عن التظاهرات المندلعة ضده.

على خط مواز، ان الاعتداء الاسرائيلي على سورية دليل واضح علي فشل السياسة الاسرائيلية في الشرق الاوسط و خاصة فشلها في غزة والذي وضعها أمام سيناريو مرعب والذي سيؤدي إلى رد فعل عنيف داخل الدولة العبرية وخارجها، وفي الوقت نفسه أثارت انزعاج المسؤولين الأمريكيين الذين أعربوا عن قلقهم من افتقار إسرائيل إلى أهداف عسكرية قابلة للتحقيق في قطاع غزة، وبالتالي أن هذا الاعتداء يكشف عن واقع إسرائيل المأزوم، والتي تخوض حرب استنزاف طويلة مع رجال المقاومة.

من المؤكد أن مراجعة سريعة لوقائع القتال في سورية ، تشير إلى فروق واضحة المعالم بين قدرات الجماعات المسلحة التي اهتزت وضعفت كثيراً، مقابل قدرة الجيش السوري على تكبيد هذه التنظيمات خسائر كبيرة، وقد بات أكثر جاهزية في البحث عن أهداف عسكرية لضربها عن طريق عمليات الاقتحام، لذلك فأن مشروع الإرهاب سيسقط لا محالة فيما ستبقى سورية  صامدة رغم التآمرالأمريكي والإسرائيلي على سورية، وستبقى دمشق صخرة تنكسر فيها نبال الغزاة، لذلك يجب على نتنياهو أن يحترس من التورط في شن حرب أخرى على سورية كونه لا يستطيع تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة على كامل المنطقة متى إشتعلت.

الدكتور خيام الزعبي– جامعة الفرات

 [email protected]